ملخص
قررت إسرائيل العمل على تقليص العلاقات الاقتصادية التركية مع السلطة الفلسطينية وغزة، حيث تعتبر أنقرة أكبر مورد لهما بنحو 18 في المئة من إجمالي الواردات إلى القطاع والضفة الغربية.
في وقت اتخذ وزير الخارجية الإسرائيلية يسرائيل كاتس، إجراءات في مواجهة قرار تركيا بوقف العلاقات التجارية مع إسرائيل ومنع وصول السفن إليها، كشف مسؤولون إسرائيليون أن نقل النفط إلى إسرائيل عبر ميناء جيهان التركي ما زال مستمراً.
وتعتبر أذربيجان المورد الرئيس للنفط إلى إسرائيل، ويتم نقله من خلال خط أنانيب إلى إسرائيل عبر تركيا على رغم قرار وقف العلاقات.
شرط إنهاء المقاطعة
وأكد مسؤولون إسرائيليون لصحيفة "غلوبوس"، أن ناقلات النفط التي تمر عبر تركيا تواصل نشاطها في نقله إلى ميناء حيفا، وأن عدم قطع هذا الجانب الأكثر ربحاً من الناحية الاقتصادية يعود فقط إلى المصلحة بين تركيا وأذربيجان.
وأمام الشرط الذي وضعته تركيا لإنهاء المقاطعة وهو ضمان التدفق غير المحدود للمساعدات الإنسانية إلى غزة، اعتبرت تل أبيب هذا الشرط ذريعة لا أساس لها حيث تصل المساعدات بشكل يومي إلى قطاع غزة.
ونقل المحلل السياسي إيتمار ايخنر عن مسؤولين في وزارة المالية أن الوزير بتسلئيل سموتريتش يدير صراعاً مع الوزراء حول مجمل العلاقات مع تركيا، وأنه في أحد اللقاءات أكد أن أنقرة تلعب دوراً في الوساطة في مفاوضات صفقة الأسرى.
وأضاف المحلل السياسي أنه في رسالة بعث بها سموتريتش إلى رئيس الحكومة، اعتبر السماح لتركيا بالمشاركة في الوساطة "إذلالاً وطنياً".
من جهة أخرى اعتبر الإسرائيليون القرار التركي استمراراً لتوتير العلاقات بين البلدين منذ اندلاع حرب "طوفان الأقصى"، لكن وبحسب وزير الخارجية يسرائيل كاتس، يتطلب القرار هذه المرة رداً سياسياً حاسماً.
فريق تركيا
وكان كاتس عقد اجتماعاً طارئاً لوزارته قرر خلاله إقامة طاقم أطلق عليه اسم "فريق تركيا" الذي قرر القيام بنشاطات دولية بالتعاون بين الوزارات، كما سيتوجه الطاقم الخاص إلى المحافل الاقتصادية الدولية لفحص العقوبات ضد أنقرة.
وفي قرار انتقامي قررت الوزارة العمل على تقليص العلاقات الاقتصادية التركية مع السلطة الفلسطينية وقطاع غزة، حيث تعتبر تركيا أكبر دولة موردة للسلطة الفلسطينية، ويبلغ إجمالي وارداتها نحو 18 في المئة.
وفي أعقاب الأضرار الاقتصادية البالغة المتمخضة عن قرار تركيا اتخذت إسرائيل إجراءات محلية لتقديم المساعدة لقطاعات التصدير الإسرائيلية المتضررة، وطلب وزير الخارجية من بتسلئيل سموتريتش الترويج لحزمة مساعدات لقطاعات التصدير في إسرائيل التي ستتضرر من القرار التركي.
في المقابل أوعز كاتس للقسم الاقتصادي في وزارته بإعداد قائمة من المنتجات التي ستمنع إسرائيل استيرادها من تركيا واعتبر، في بيان أصدرته الخارجية، أن "تركيا تنتهك من جانب واحد الاتفاقات التجارية مع إسرائيل، وستأخذ تل أبيب كل التدابير اللازمة ضدها، بما في ذلك الضغط على دول ومنظمات أميركية داعمة لإسرائيل لوقف الاستثمارات في أنقرة ومنع استيراد منتجاتها".
وقال كاتس، إن وزارته "ستحث أصدقاء إسرائيل في الكونغرس على النظر في الانتهاك التركي لقوانين مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات على أنقرة بناءً على ذلك". أضاف أنه "أوعز بالتوجه لدول ومنظمات أميركية لحثها على وقف الاستثمارات في تركيا ومنع استيراد المنتجات منها، وكذلك إلى الأصدقاء في الكونغرس الأميركي لفحص انتهاك قوانين المقاطعة وفرض عقوبات على أنقرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وضمن القرارات التي اتخذها "فريق تركيا" في وزارة الخارجية الإسرائيلية، العمل على تقليص أي علاقات اقتصادية بين تركيا والسلطة الفلسطينية وقطاع غزة، ومناشدة المحافل الاقتصادية الدولية لفحص العقوبات المفروضة على تركيا لانتهاكها الاتفاقيات التجارية، وكذلك بناء بنك واسع من البدائل، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، من أجل إيجاد بدائل للاقتصاد الإسرائيلي في مجالات ومنتجات متنوعة في المستقبل القريب، ومساعدة قطاعات التصدير الإسرائيلية المتضررة.
حظر 54 سلعة تجارية
وتعتبر تركيا خامس أكبر مصدر للواردات في إسرائيل، التي طوَّرت اعتماداً كبيراً بشكل خاص على منتجات الأسمنت، وبحسب تقرير إسرائيلي فإن صادرات البضائع من تل أبيب إلى أنقرة تشكل 2.5 في المئة و5.8 في المئة في واردات السلع، مما يعكس الأضرار البالغة التي قد تلحق إسرائيل نتيجة هذا القرار.
ويظهر فحص أجرته نقابة المصنعين أن إسرائيل تعتمد بشكل خاص على منتجات الأسمنت، حيث شكلت الواردات التركية 29 في المئة من جميع الواردات في العام الماضي.
وفي مجال المنتجات البلاستيكية والمطاطية، تصل حصة الأتراك في الواردات إلى نحو 11 في المئة، وفي المنتجات النسيجية نحو 10 في المئة.
وفي تقرير أرسله "جي بي مورغان" وهو أكبر بنك استثماري في العالم، لوكلائه في أعقاب قرار تركيا تجميد التجارة مع إسرائيل تبين أن أنقرة أعلنت حظراً تجارياً على 54 سلعة فردية قبل بضعة أسابيع، الأمر الذي من شأنه أن يجعل التعديلات في التدفقات التجارية أكثر تدرجاً وأقل تعطيلاً.
وأشار تقرير "جي بي مورغان" إلى عنصر آخر قد يخفف من تأثير القرار التركي وهو أن الواردات من تركيا منحازة نحو المنتجات ذات القيمة المضافة المنخفضة مثل الصلب (17 في المئة) والأسمنت (10 في المئة) ومواد البناء الأخرى، وهي المنتجات التي يجب أن يكون من السهل نسبياً العثور على مصدر بديل للإمداد لها، وإن كان ذلك بكلفة أعلى".
وبحسب وزارة التجارة الإسرائيلية يبلغ حجم الواردات من المواد الخام والبضائع من تركيا نحو خمسة مليارات دولار سنوياً.
مزيج الواردات
وإلى جانب الحظر المعلن على صادرات المواد الخام للبناء من تركيا، يتعلق الأمر الآن أيضاً بوقف واردات المعادن والآلات والسيارات ومنتجات الطاقة والمطاط والبلاستيك والمنتجات الصحية والزراعية، في الوقت نفسه، من المتوقع أن توقف عشرات المصانع الإسرائيلية الصادرات إلى تركيا التي يبلغ مجموعها 1.5 مليار دولار.
ونقل ايخنير عن مصدر اقتصادي حكومي أن تركيا تعتبر واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل، ووفقاً للمصدر "سيكون من الضروري إيجاد شركات ومصانع في أقرب وقت ممكن لتصدير البضائع والمواد الخام التي ستكون مفقودة إلى إسرائيل".
وفي تقرير تداوله الإسرائيليون نقلاً عن مكتب الإحصاء التركي، بلغت التجارة بين البلدين 6.8 مليار دولار في 2023، منها 76 في المئة واردات من تركيا.
وشمل مزيج الواردات، وفقاً لبيانات الإدارة الاقتصادية لرابطة الغرف التجارية، المعادن (27 في المئة)، والآلات والمعدات الكهربائية (13 في المئة)، والبلاستيك والمطاط بنحو تسعة في المئة، والحجر والجبس والزجاج والأسمنت بنحو ثمانية في المئة، وكذلك الأدوات العريضة وقطع غيار السيارات (سبعة في المئة).
في المقابل، شمل مزيج الصادرات المنتجات الكيماوية (44 في المئة) والمعادن (14 في المئة) والبلاستيك والمطاط (13 في المئة) والآلات والمعدات الكهربائية ((10 في المئة.
في هذه الأثناء تبحث إسرائيل عن دول بديلة لاستيراد بعض المواد التي شملتها المقاطعة مثل ألمانيا وبريطانيا، وكذلك جمهورية التشيك والمجر واليونان.