ملخص
يشير الخبير العسكري الروسي فلاديسلاف شوريغين إلى أن "وضع زيلينسكي على قائمة المطلوبين في قضية جنائية يجعله هدفاً مشروعاً للقضاء عليه من قبل أجهزتنا الخاصة والقوات المسلحة"
أدرجت وزارة الداخلية الروسية الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، السبت الماضي، على لائحة المطلوبين في قاعدة بياناتها. ويظهر في قاعدة بيانات البحث الخاصة بالوزارة، أن زيلينسكي، المولود عام 1978، وهو مواطن من مدينة كريفوي روج، التابعة لمنطقة دنيبروبيتروفسك في أوكرانيا، مطلوب بموجب مادة من القانون الجنائي للاتحاد الروسي.
ولم تقدم الوزارة أي تفاصيل أخرى.
وإلى جانب زيلينسكي، وضعت وزارة الداخلية الروسية على قائمة المطلوبين الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو، إضافة إلى قائد القوات البرية للقوات المسلحة الأوكرانية، ألكسندر بافليوك، والقائم بأعمال وزير الدفاع الأوكراني السابق - رئيس جامعة الدفاع الوطني ميخائيل كوفال.
وسبق للسلطات الروسية أن وضعت مسؤولين وسياسيين أوكرانيين على قائمة المطلوبين. ففي ديسمبر (كانون الأول) 2023، وضعت وزارة الداخلية الروسية رئيس مديرية الاستخبارات الرئيسة في وزارة الدفاع الأوكرانية، الفريق كيريل بودانوف، على قائمة المطلوبين.
وفي الربيع الماضي، حكمت محكمة في موسكو بالقبض غيابياً على بودانوف بتهمة "إنشاء مجتمع إرهابي وحيازة أسلحة ومتفجرات".
والغريب أن قاعدة بيانات الداخلية الروسية تشير إلى أن فلاديمير زيلينسكي مطلوب بموجب مادة من القانون الجنائي الروسي، من دون أن تذكر رقم هذه المادة ومندرجاتها، وطبيعة الجرم المتهم به والملاحق بموجبه، الذي يجعله من بين المطلوبين للعدالة.
ويبدو أن إدراج الرئيس الأوكراني الحالي في هذا التوقيت بالذات على لائحة المطلوبين، أي بعد عامين ونيف على بدء شرارة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، متلازمة بشكل تناسبي مع قرب انتهاء صلاحيات زيلينسكي كرئيس شرعي للبلاد، إذ إن ولايته الرئاسية بموجب الدستور الأوكراني الساري المفعول تنتهي ليل 21 مايو (أيار)، وبعدها سيصبح بنظر روسيا وحلفائها رئيساً فاقداً للشرعية، ولا توجد طريقة مشروعة لتمديد ولايته.
في روسيا، كان رد الفعل على قرار عدم إجراء انتخابات في أوكرانيا هو الرأي القائل إنه في هذه الحالة، بعد 21 مايو (تاريخ انتهاء صلاحياته بموجب القانون)، سيفقد زيلينسكي شرعيته كرئيس. وفي الوقت نفسه، صرح وزير الخارجية سيرغي لافروف بأنه قد لا يكون من الضروري الاعتراف بزيلينسكي رئيساً لأوكرانيا بعد 20 مايو.
وكان من المفترض إجراء الانتخابات الرئاسية الأوكرانية في مارس (آذار) ولكنها لم تجر.
وتم انتخاب زيلينسكي رئيساً لأوكرانيا عام 2019 وتولى منصبه في مايو من ذلك العام. ويتم انتخاب رئيس الدولة لمدة خمسة أعوام، وكان من المقرر إجراء الانتخابات في مارس (آذار) 2024. ووصف زيلينسكي الانتخابات خلال نزاع مسلح بأنها غير مقبولة، لأن "جميع قوات الدفاع تعيش مشاعر مختلفة تماماً"، بحسب قوله.
وأوضح أن الوقت الراهن "ليس مناسباً للانتخابات". وبحسب الرئيس، فإن "أغلبية الأوكرانيين" يعتبرون الانتخابات "خطرة ولا معنى لها". وفي شرحه للرفض، أكد زيلينسكي أيضاً أن اهتمام المجتمع وموارد البلاد يجب أن يتم توجيهاً بالكامل إلى الجبهة، وذلك رغم أن هذا السياسي واثق في الوقت نفسه من أنه سيفوز بسهولة بالتصويت إذا تم إجراؤه، بحسب ناشطين وإحصاءات أوكرانية.
ويعتقد عديد من المحللين والباحثين السياسيين في أوكرانيا والغرب أن زيلينسكي غير متحمس لإجراء انتخابات رئاسية جديدة في ظل الحرب، خوفاً من فقدانه السلطة، بعد فقدان قواته كثيراً من الأراضي في الأشهر الماضية، وفرض قانون جديد غير شعبي للتعبئة العسكرية والتجنيد.
تبادل لوائح المطلوبين
وفي الأشهر الأخيرة، تم وضع عديد من الممثلين الحاليين والسابقين للحكومة الأوكرانية على قائمة المطلوبين في روسيا، على سبيل المثال، في اليوم السابق لإدراج زيلينسكي على لوائح المطلوبين، ظهر على البطاقة رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع، ألكسندر ليتفينينكو، والمطلوبون قبله هم رئيس مديرية الاستخبارات الرئيسة في وزارة الدفاع الأوكرانية كيريل بودانوف، ورئيس جهاز أمن الدولة فاسيلي ماليوك، الذي اعتقل غيابياً في روسيا، ورئيسا الجهاز السابقان فالنتين ناليفايتشينكو وفاسيلي غريتساك .
إضافة إلى ذلك، تبحث وزارة الداخلية عن وزير العدل الأوكراني السابق بافيل بيترينكو، والرؤساء السابقين لوزارة المالية والبنك الوطني ألكسندر شلاباك وستيبان كوبيف وعديد من نواب البرلمان الأوكراني.
وفي يناير (كانون الثاني)، اعترف رئيس لجنة الدوما المعنية بالأمن ومكافحة الفساد، فاسيلي بيسكاريف، بأن مرسوم زيلينسكي في شأن الأراضي الروسية "التي يسكنها الأوكرانيون تاريخياً" يندرج تحت أحكام مادة في القانون الجنائي. وفي ربيع عام 2022، ألقى رئيس لجنة التحقيق، ألكسندر باستريكين، الضوء على تصريح زيلينسكي بأن أوكرانيا تستعد لنزاع مسلح مع روسيا وتتفاوض في شأن الدعم مع دول أخرى، وقرر التحقق مما إذا كان من الممكن اعتباره "تخطيطاً" و"الاستعداد لحرب عدوانية".
كما وضعت أوكرانيا مسؤولين روساً على قائمة المطلوبين. ومن بينهم نائب رئيس مجلس الأمن دميتري ميدفيديف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيسا دوما الدولة ومجلس الاتحاد، فياتشيسلاف فولودين، وفالنتينا ماتفيينكو، وأمين مجلس الأمن نيكولاي باتروشيف، ورئيس جهاز الأمن الفيدرالي ألكسندر بورتنيكوف وآخرين.
تفسيرات روسية لملاحقة زيلينسكي
منذ بداية الحرب الروسية-الأوكرانية في 22 فبراير (شباط) 2022، تبادل البلدان إعلان لوائح المطلوبين، مع ذكر أسباب الملاحقة والمواد القانونية في قانون الجنايات التي تنطبق على أفعال الملاحقين. غير أن هذه اللوائح بأسماء المطلوبين، وإن كانت قد تضمنت أسماء كبار المسؤولين في روسيا وأوكرانيا، إلا أنها خلت حتى الأمس القريب من اسمي رئيسي الدولتين، إلى أن أعلنت روسيا وضع الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين إلى جانب عدد غير قليل من الرؤساء ورؤساء الوزراء والمسؤولين في دول مناهضة لروسيا، لا سيما في دول البلطيق التي خرجت من العباءة السوفياتية لتلتحق بحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي فوراً ومن دون إبطاء.
غريغوري كاراسين رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي (مجلس الشيوخ)، أوضح سبب ملاحقة بلاده لرئيس الدولة الأوكرانية، قائلاً، "أعتقد أن القرارات التي اتخذها زعيم القيادة الحالية في كييف، والتي تهدف إلى تدمير شعبنا والروس والأوكرانيين القريبين منا في دونباس، وما يحدث الآن حول أراضينا الموحدة، كل هذا يدعو إلى الحاجة لنوع من الرد القانوني الدولي المناسب".
ووصف رئيس لجنة حماية سيادة الدولة ومنع التدخل في الشؤون الداخلية لروسيا في مجلس الاتحاد، أندريه كليموف، إعلان الزعيم الأوكراني على قائمة المطلوبين بأنه نبأ جيد لعيد الفصح الذي احتفلت به الطوائف المسيحية الشرقية، الأحد الخامس من مايو الجاري. وأشار السيناتور إلى أنه دعا إلى اتخاذ إجراءات ضد زيلينسكي وبوروشينكو في عام 2022.
وكتب على "تيليغرام"، "آمل في أن تكون هذه مجرد العلامات الأولى، لأنه يوجد في كييف وضواحيها عدد كاف من الأشخاص الذين طال انتظارهم للتعرف العملي على العدالة الروسية - هناك سبب لذلك!
واعتبر عضو مجلس الشيوخ عن شبه جزيرة القرم، سيرغي تسيكوف، أن زيلينسكي مطلوب "بسبب أوامر بقصف مدن مسالمة مثل دونيتسك وبيلغورود"، "بموجب المادة المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية والحرب بين الأشقاء التي أطلقها بالتعاون مع الناتو".
ورأى عالم السياسة سيرغي ماركوف، أن وضع زيلينسكي على قائمة المطلوبين هو رد على الاستعدادات لمؤتمر السلام في سويسرا. ووصف في قناته على "تيليغرام" الأخبار المتعلقة بالبحث عن رئيس أوكرانيا بأنها "غريبة".
وقام المراسل العسكري ألكسندر كوتس بتقييم إشعار زيلينسكي المطلوب باعتباره إشارة إلى أن "احتمال التوصل إلى اتفاق معه (تم شطبه) وأصبح أمامه الآن فقط الاستسلام والمحكمة". ووفقاً له، كان ينبغي وضع بوروشينكو على قائمة المطلوبين قبل 10 أعوام، في عام 2014، بعد إسقاط طائرة "بوينغ" الماليزية.
ويصف كوتس بوروشينكو بأنه "المحرض على إلغاء الشيوعية" في أوكرانيا، والمذنب في الانقسام العميق بين المسيحيين الأرثوذكس، وازدهار "آلة قمعية ضد غير المرغوب فيهم"، وظهور السجون السرية والانهيار الكامل للروابط السياسية والاقتصادية والإنسانية بين سكان أوكرانيا وروسيا.
وعلق المراسل العسكري يفغيني بودوبني على قرار وزارة الداخلية، معتبراً أن "فتح قضية جنائية ضد زيلينسكي حتى قبل انتهاء فترة ولايته الرئاسية، سيسهم في عزله، فلن يتحدث أحد مع زعيم نظام كييف بعد الآن، وإذا كانت هناك مفاوضات فستكون بحضور محقق".
ووصف المراسل العسكري يوري كوتينوك إعلان زيلينسكي وبوروشينكو على قائمة المطلوبين، بأنه "إجراء شكلي، لكنه صحيح" مثل جميع الإجراءات من أجل "التجميد والمصالحة" مع السلطات الأوكرانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير قناة "تيليغرام" الـ"رايبار"، التي أنشأها الموظف السابق في الخدمة الصحافية بوزارة الدفاع الروسية ميخائيل زفينشوك، إلى أن وضع زيلينسكي على قائمة المطلوبين قد تكون له "عواقب قانونية خاصة".
"الشيء الرئيس هو ألا ننسى أنه من المستحيل الاستغناء عن التدابير الجسدية للعقاب الحقيقي للمجرمين الأوكرانيين، سواء أكان ذلك من خلال مهاجمة أماكن إقامتهم أو حتى القبض عليهم في خاركوف أو كييف المحاصرة. ليست هناك من خيارات أخرى. ومع ذلك، فإن الامتثال للإجراءات القانونية اللازمة في هذه الحالة (إذا أخذوا الأمر على محمل الجد حقاً) من غير المرجح أن يجبر روسيا على التدخل بشكل كبير".
ويؤكد رئيس حركة "نحن مع روسيا" فلاديمير روغوف، أن "الشيء الرئيس الآن ليس فقط إدراجه على قائمة المطلوبين، بل اعتقال ومعاقبة" زيلينسكي. وفي تعليقه على مذكرة اعتقال بوروشينكو، كتب روغوف: "لقد سارت الأمور بشكل خطأ، هذا يجعلني سعيداً! إن شاء الله بعد تنصيب رئيسنا سيبدأ تنفيذ الاعتقالات!".
ويعتقد المراسل العسكري سيرغي كولياسنيكوف أن وضع زيلينسكي وبوروشينكو على قائمة المطلوبين دليل على أن "المغازلة انتهت". لا أحد يريد اللعب في هذا الجانب، إنهم يريدون تدميرنا. وأشار إلى أنهم "لا يخفون ذلك".
ردود الفعل في أوكرانيا
قالت وزارة الخارجية الأوكرانية، إن وضع زيلينسكي على قائمة المطلوبين يظهر "يأس آلة الدولة الروسية والدعاية التي لا تعرف ما هي الأسباب الإخبارية الأخرى التي يجب تقديمها لجذب الانتباه".
ونصح السكرتير الصحافي لمكتب رئيس أوكرانيا، في تعليق له على هذا الخبر، وزارة الداخلية الروسية بـ"البحث أولاً عن الضمير والفطرة السليمة".
ورأى أنه بعد إدراج زيلينسكي على قائمة المطلوبين، سيتم اعتبار القيادة السياسية بأكملها في أوكرانيا غير شرعية، وستصبح المفاوضات معها مستحيلة.
وكتب في قناته على "تيليغرام": "حسناً، يبدو أن الاختيار قد تم، هذا يعني أنه يجب اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتحقيق النصر، وأهمها التغلب على الانقسام الاجتماعي في المجتمع الروسي".
وأكد النائب السابق في البرلمان الأوكراني، سبيريدون كيلينكاروف، أن إدراج رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي على قائمة المطلوبين من قبل وزارة الداخلية الروسية يأتي في وقت مناسب جداً.
وقال، " يتعلق بزيلينسكي، في السابق لم يكن (لإدراجه على قائمة المطلوبين) أي معنى، لكن بعد 21 مايو، سصبح شخصاً ذا شرعية مشكوك فيها، وهذا صحيح تماماً".
المغزى السياسي لملاحقة زيلينسكي
بإدراجها الرئيس الأوكراني الحالي على لائحة المطلوبين لديها، تظهر روسيا بهذه الطريقة أنها غير مستعدة للمفاوضات مع زيلينسكي، الذي كان هو نفسه قد وقع قبل أكثر من عام قانوناً يحظر التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهكذا تكون دائرة التفاوض المباشر قد أغلقت نهائياً من كلا الجانبين، وأصبحت الحلول العسكرية هي وحدها الأداة الفاعلة لوضع حد لمأساة الحرب بين الشعبين الجارين.
وتقول قناة "PUL Telegram"، التي لها روابط مع مصادرها في واشنطن وبروكسل، إنه بالنسبة لـ"الغرب الجماعي"، فإن إشعار زيلينسكي المطلوب "جاء بمثابة مفاجأة طفيفة... ولا ينبغي توقع تغييرات كبيرة في هذا الصدد".
في الواقع، لا توجد اليوم دولة واحدة في العالم، بما في ذلك بين الدول الصديقة لروسيا، مثل الصين وقيرغيزستان وصربيا مستعدة لتنفيذ عمليات ضد رئيس الدولة الأوكرانية. وينطبق هذا أيضاً على مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ضد فلاديمير بوتين. أما بالنسبة لعالم السياسة بأكمله، فإن مثل هذه التصرفات يمكن أن تصبح كارثية وتقليداً ينبئ بانتهاء عصر الدبلوماسية.
ظهور بطاقة إدراج زيلينسكي على لوائح المطلوبين يشير إلى أنه بالنسبة لروسيا لم يعد على قائمة المفاوضين المحتملين من أوكرانيا. حتى وإن كان الغرب الجماعي هو الذي يملك القرار النهائي في مثل هذه العمليات.
يتساءل الكاتب الصحافي الروسي، إيفان بانكين، عن سبب عدم إدراج زيلينسكي حتى الآن على قوائم العملاء الأجانب والمتطرفين والإرهابيين.
واقترح عالم السياسة مارات بشيروف في قناته على "تيليغرام" الإعلان عن مكافأة قدرها 100 مليون دولار للقبض على زيلينسكي، حتى "يقوم الأوكرانيون أنفسهم بتسليمه". ووفقاً له، فإن وضع الرئيس الأوكراني على قائمة المطلوبين يشير إلى أن زيلينسكي فقد وضعه كمفاوض محتمل مع روسيا، ولم يعد رئيساً شرعياً لها.
ويتابع "يمكننا أن نتهم كل من يساعد زيلينسكي وجماعته بالمساعدة والتحريض. إن المبادرة مهمة كدليل على القوة والثقة في صحة الفرد".
ويشير الخبير العسكري الروسي فلاديسلاف شوريغين، إلى أن وضع زيلينسكي على قائمة المطلوبين في قضية جنائية يجعله "هدفاً مشروعاً للقضاء عليه من قبل أجهزتنا الخاصة والقوات المسلحة، لأنه لا يتمتع بالحصانة غير المعلنة للزعيم المنتخب للبلاد".
ولفت المتطوع العسكري أليكسي جيفوف الانتباه إلى حقيقة وضع زيلينسكي وبوروشينكو على قائمة المطلوبين "مباشرة بعد التقاء النار المقدسة في القدس". ويتوقع أن "هناك شيئاً ما قادم".
وتشير قناة "ليغيتيمني" على "تيليغرام" إلى أن وضع زيلينسكي على قائمة المطلوبين هو "تحرك نحو فقدان شرعيته بعد 20 مايو، وتلميح إلى أن دول الجنوب العالمي يجب ألا تكون لها أعمال تجارية" مع الزعيم الأوكراني. وأن "أحداً لن يتفاوض معه بعد الآن".
واعتبرت قناة "المحامي في الجنوب" على "تيليغرام" ضم قائمة المطلوبين لزيلينسكي دليلاً على أن "المفاوضات معه ممكنة فقط حول شيء واحد: هو استسلامه".
ويختتم مالك القناة قائلاً، "في الواقع، اعتباراً من اليوم تم إعلان أوكرانيا كياناً غير قانوني، وقيادتها عرضة للاعتقال والمحاكمة".
عصفوران بحجر واحد
أصبح البحث عن الزعيمين الحالي والسابق لأوكرانيا معروفاً السبت الماضي. لاحظ الصحافيون ظهور البطاقات معهم في قاعدة بيانات البحث الخاصة بالإدارة.
هناك تم وضع أسمائهم وتواريخ وأماكن ميلادهم، التي تتوافق تماماً مع الأسماء الحقيقية، إضافة إلى جنسيتهم (يشار إليهم على أنهم أوكرانيون). إضافة إلى ذلك، هناك صور للرؤساء، التي تم التقاطها بوضوح قبل أعوام عدة. "أسباب البحث: مطلوب بموجب مادة من القانون الجنائي"، بحسب ما هو مذكور في قاعدة البيانات.
وإلحاق بترو بوروشينكو الذي تم انتخابه رئيساً لأوكرانيا في انتخابات 2014، التي جرت بعد الانقلاب في البلاد وفرار رئيس أوكرانيا الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، جاء لقطع الطريق على بوروشينكو للعودة إلى سدة الرئاسة في أي انتخابات رئاسية قادمة، بعد أن خسر الانتخابات أمام زيلينسكي في مايو 2019.
وبعد فترة وجيزة من خسارته الانتخابات، بدأ التحقيق ضده في روسيا بتهمة أنه استخدم في 2014-2015 السلطات الرئاسية لفسخ عقود شراء الفحم من جنوب البلاد، بعد أن قام بناءً على طلب موسكو، بإبرام عقود الإمدادات مع جمهوريات دونباس المتمردة. ومع ذلك، بعد بدء العملية الخاصة الروسية، تم تعليق التحقيق فعلياً. واليوم، لا يزال بوروشينكو زعيماً لحزب التضامن الأوروبي.
وفي أوائل أبريل (نسيان) الماضي، أعلن بوروشينكو أنه يعتزم المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ووفقاً له، لإجراء الانتخابات، يجب على كييف تحقيق بعض النجاح في ساحة المعركة، كما أعلن بوروشينكو عن نيته الترشح للبرلمان الأوروبي إذا انضمت أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، انتقده مستشار رئيس مكتب زيلينسكي، ميخائيل بودولياك، على هذه النية بقوله: "لدينا حرب، ولديه بالفعل انتخابات".
وبحسب مسؤول روسي رفيع، فإن إشعار بوروشينكو بأنه مطلوب للتحقيق في روسيا "يضع حداً لأي طموحات سياسية لهذا العاشق اللطيف، لأن موسكو بهذه الخطوة أظهرت أنها لن تقيم أي اتصالات معه".
ووفق المسؤول السياسي، فإن إعلان بوروشينكو بأنه مطلوب بمثابة إشارة إلى أن السلطات الروسية تعتبره قد وصل إلى السلطة نتيجة انقلاب، وأن آخر رئيس شرعي لأوكرانيا هو فيكتور يانوكوفيتش.
وأصبح بترو بوروشينكو رئيساً لأوكرانيا في انتخابات مبكرة عام 2014 بعد فرار سلفه فيكتور يانوكوفيتش. وتولى بوروشينكو منصبه حتى عام 2019، وبعد ذلك خسر الانتخابات الرئاسية أمام الزعيم الحالي للبلاد، فلاديمير زيلينسكي. وفي الوقت نفسه، لم يكن زيلينسكي منخرطاً في السياسة من قبل، وأعلن عن خططه للترشح لرئاسة أوكرانيا عام 2018.
وتم فتح قضايا عدة ضد بوروشينكو في وطنه، إحداها للاشتباه في ارتكابه جرم الخيانة العظمى في شأن إمدادات الفحم من دونباس عامي 2014-2015. وتتعلق القضية بالنائب السابق لحزب المعارضة المصفاة - من أجل الحياة، فيكتور ميدفيدتشوك. وفي فبراير (شباط) الماضي، أكمل مكتب التحقيقات الحكومي في أوكرانيا تحقيقاً أولياً في هذا الشأن.
إذا حكمنا من خلال البطاقات الموجودة في قاعدة بيانات المطلوبين التابعة لوزارة الداخلية الروسية، فإن زيلينسكي وبوروشينكو مطلوبان في قضايا جنائية، ولكن لم يتم الإشارة إلى مواد القانون الجنائي الروسي التي تم بموجبها رفع هذه القضايا. ويقترح الإعلان الإبلاغ عن مكان وجود الأشخاص المطلوبين إلى إدارة مدينة دونيتسك التابعة لوزارة الشؤون الداخلية لجمهورية دونيتسك الديمقراطية الشعبية.
وفقاً للجزء الرابع من القانون الجنائي الروسي، يتم حل مسألة المسؤولية الجنائية للمواطنين الأجانب الذين يتمتعون بالحصانة إذا ارتكبوا جريمة على الأراضي الروسية، وفقاً للقانون الدولي. وبحسب قاموس القانون الإنساني على موقع منظمة "أطباء بلا حدود"، فإن الحصانة من الملاحقة والمحاكمة يتمتع بها الدبلوماسيون، وموظفو الأمم المتحدة، وأعضاء البرلمان، وكذلك الوزراء ورؤساء الدول والحكومات، كما أن الحصانة من الإجراءات القانونية منصوص عليها في القانون الدولي العرفي وعديد من الاتفاقات الدولية.
زيلينسكي ليس أول المطلوبين في روسيا
قبل إدراج روسيا اسم الرئيس الأوكراني الحالي فلاديمير زيلينسكي على لائحة المطلوبين للعدالة، وضعت وزارة الداخلية الروسية رئيسة الوزراء الإستونية كاغا كالاس، ووزير الخارجية الإستوني تيمار بيتركوب، ووزير الثقافة الليتواني سيموناس كايريس، على قائمة المطلوبين. وتوضح وكالات إنفاذ القانون في روسيا أن المسؤولين رفيعي المستوى مطلوبون لانتهاكهم القانون الجنائي للاتحاد الروسي بجرم تدمير الآثار التي تخلد ذكرى الذين قتلوا دفاعاً عن الوطن في الحرب العالمية الثانية.
وكتبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن "هذه مجرد البداية"، بالتالي فإن عدد المطلوبين قد يرتفع.
ويعد إدراج رئيس وزراء دولة أجنبية على قائمة المطلوبين حدثاً فريداً بالنسبة لروسيا، رغم إدراج سياسيين أجانب بالفعل على قوائم المطلوبين. وهكذا، بعد أن يزيد قليلاً على شهرين من إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرة اعتقال بحق فلاديمير بوتين في 17 مارس 2023، وضعت وزارة الداخلية الروسية السيناتور الجمهوري الأميركي ليندسي غراهام على قائمة المطلوبين.
إن علاقات روسيا مع الولايات المتحدة مجمدة فعلياً، وينطبق الشيء نفسه على دول البلطيق. ولذلك فإن وضع رئيس وزراء دولة مجاورة وسيناتور من دولة أخرى على قائمة المطلوبين لن يغير من طبيعة هذه العلاقات. من الواضح أنه في مثل هذه الحالات، يتم استدعاء السفراء، ولكن في هذه الحالة لا يهم، فقد تم استدعاء كبار الدبلوماسيين الروس منذ فترة طويلة في دول البلطيق الثلاث.
وبعد ذلك تم وضع وزير الداخلية الإستوني، لوري لانيميتس، على قائمة المطلوبين في روسيا. وفتحت النيابة العامة الروسية قضية ضده بتهمة تدمير أو إتلاف آثار للجنود السوفيات.
المفاعيل القانونية للوائح المطلوبين
وهناك جدل حول تصريح زيلينسكي حول ما يسميه "الهزيمة النهائية لروسيا"، فمنهم من يعتبر أن الرئيس يمارس الإيحاء الذاتي وآخرون يرجحون أنه ترجمة لوعود أوروبية بمزيد من الأسلحة، لا سيما أن الجيش الروسي كان دمر أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" الأميركية وأسقط صواريخ "ستورم شادو" "Storm Shadow" البريطانية.
يقول عالم السياسة الروسي أليكسي ماكاركين، إن العدد المتزايد من القضايا الجنائية ضد السياسيين الأجانب قد يكون بسبب رغبة روسيا في إظهار أنها لاعب عالمي يمكن مقارنته بالولايات المتحدة، التي سعت مراراً وتكراراً إلى اعتقال قادة الدول الأخرى. تقرر إظهار التكتيكات الجديدة باستخدام مثال دول البلطيق وأوكرانيا، التي تم تجميد العلاقات معها بالفعل في موسكو.
بغض النظر عن المفاعيل القانونية والجزائية والإجرائية التي تطاول أسماء المسؤولين الأجانب على لوائح المطلوبين والملاحقين في روسيا، فإنه من الواضح أن هذا الإجراء له دوافع وأهداف سياسية قبل أن تكون قانونية أو جزائية أو شرعية، فموسكو التي تحاول تبرير الحرب التي شنتها في أوكرانيا، تصف خصومها في كييف بأنهم ركيزة "نظام إجرامي" وتحاول بكل الطرق الممكنة إقناع المواطنين الروس بذلك.