Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تشكل السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة تهديدا أمنيا حقيقيا؟

بالتزامن مع تفوق الصينيين على شركة "تيسلا" في مبيعات السيارات الكهربائية، تحذر الحكومات الغربية من وجود تهديدات أخرى تتجاوز الجانب التجاري. لكن هل يجب أن نكون قلقين لهذه الدرجة؟

كشفت شركة "بي واي دي" النقاب عن أحدث طراز لها من السيارات الكهربائية الذي يحمل اسم "سيل" والمتوافر الآن في المملكة المتحدة (كيستون/ سيريل زينغارو)

ملخص

هل ستكون السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة فعلاً عبارة عن أجهزة تجسس للحزب الشيوعي على الغرب؟ ليس هناك جواب واحد

إذا كنت تفكر في شراء سيارة كهربائية قريباً، فمن الممكن أن تبتعد من منتجات العلامات التجارية المعروفة مثل فورد وفوكسهول وفولكسفاغن، بفضل إغراء واحدة من إحدى العلامات التجارية الأرخص وغير المعروفة من بين مئات شركات السيارات الكهربائية الناشئة في الصين. ربما سيكون من الجيد شراء سيارات مثل "هيدجهوغ إي 400" Hedgehog E400 التي تتميز بحجمها الصغير وأناقتها وكفاءتها، أو "زوتي آي أكروس" Zotye i-across أو حتى "أورا فانكي كات" Ora Funky Cat.

وتتجه السيارات الكهربائية الصينية بقوة نحو الأسواق، فالشركات المعروفة منذ أعوام في الصين - مثل زيكر Zeekr وسايك SAIC وجيلي Geely وغريت وول Great Wall وفينغون Fengon وفوتون Foton - ستصبح قريباً مناظر مألوفة على طرقاتنا.

ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها سوق السيارات تنافساً من آسيا الشرقية. في الستينيات، عندما كانت السيارات تحمل أسماء بريطانية بالكامل مثل ترايمف هيرالد Triumph Herald وهيلمان أفينجر Hillman Avenger، بدأت السيارات المستوردة تصل من اليابان، حاملة أسماء تبدو غريبة بالنسبة إلينا أيضاً. جاءت أولاً دايهاتسو، ثم داتسون ومازدا وهوندا، وأخيراً ذات الاسم الأكثر طرافة على الإطلاق، تويوتا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في 1969، قام والدي الذي كان دائماً متحمساً للأجهزة وكذلك للصفقات الجيدة، بتبديل سيارته فوكسهول فيكتور بسيارة تويوتا كراون إستيت Toyota Crown Estate، المليئة بتجهيزات لم نكُن رأيناها من قبل. حاول رئيس فريق الصيانة الودود في وكالة السيارات في منطقة هاكني في شرق لندن، إقناعه بالتراجع عن قراره مستنكراً الميزات التي تحملها هذه السيارة. قفل مركزي! نوافذ كهربائية!، "إنها نسخ من السيارات البريطانية بنوعية سيئة ومصنوعة من الصفيح ومواد أرخص. والدليل على ذلك في اسمها ’توي [لعبة] – أوتا".

غني عن القول إنها كانت سيارة رائعة وموثوقة وسريعة ونادرة جداً حتى إن الناس كانوا يتجمعون حولها أينما ذهبنا. بعد مرور 25 عاماً فقط على معسكرات الأسِر اليابانية، وهيروشيما وناغازاكي، كان جزء من الجمهور البريطاني غير متحمس للسيارات اليابانية، كما أنهم كانوا ينظرون إليها - وكانت وجهة نظرهم صحيحة - على أنها تشكل تهديداً لصناعة السيارات البريطانية التي كانت لا تزال كبيرة في ذلك الوقت.

بفضل مظهرها الجذاب وامتلاكها تكنولوجيا متعددة، من الواضح أن مبيعات السيارات الكهربائية الصينية تتجه نحو التفوق على العلامات التجارية الغربية بسبب السعر – فقد تكون كلفة بعضها أقل من 10 آلاف جنيه استرليني. لقد تفوقت شركة "بي واي دي" BYD، أكبر علامة تجارية صينية للسيارات الكهربائية من حيث المبيعات في العالم، على مبيعات "تيسلا" بالفعل وتقوم أيضاً بصناعة الحافلات. هناك بالفعل حافلات بطابقين من "بي واي دي" تسير في لندن ومناطق أخرى، وإن كان يجري تجميعها في فالكيرك.

لكن مهما كانت جودة السيارات الحالية التي تنتجها "بي واي دي" و"جيلي" وحتى "إم جي" التي أعيد تصميمها بصورة ذكية، فإن هناك مشكلة ضخمة أخرى تحوم حول السيارات الكهربائية الآتية من الصين: هل هي أحصنة طروادة مجهزة بإلكترونيات تجسس على مختلف جوانب الحياة في الغرب؟.

أثار الرئيس بايدن قضية السيارات والشاحنات الصينية بالتحديد كتهديد للأمن القومي في فبراير (شباط) الماضي، وأشار وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع الحكومة الصينية الأسبوع الماضي إلى مسألة التصدير الصيني الكبير للسيارات الكهربائية الرخيصة إلى الغرب.

"المشكلة" الأمنية المتوقعة نابعة من أن السيارة الكهربائية متصلة دائماً بالإنترنت، وتعمل مثل هاتف محمول عملاق يلتهم البيانات. أحد الأشخاص المولودين في هونغ كونغ قرأ مقالة حديثة في صحيفة "نيويورك تايمز"، وعبّر بصورة مقنعة عن الاعتراضات الأمنية على الواردات الجديدة.

جادل القارئ بأن الناس يشترون سيارة رخيصة مقابل التضحية بالأمن القومي على الإنترنت، وكتب: "ألا يتذكر أي منكم لماذا حظرنا معدات الاتصالات المصممة من قبل الصين مثل ’هواوي‘ و’زي تي إي‘ من أن تصبح جزءاً من هواتفنا وبنية الشبكة لدينا؟.... الآن تخيلوا آلاف أجهزة الكمبيوتر المتصلة بالإنترنت والمبرمجة في الصين تتحكم بسياراتكم صينية الصنع تجوب البلاد، تتجسس، وتنشر فيروسات الحواسيب، وترسل تاريخ تنقلاتكم، وربما حتى كل ما تقولونه، بأسلوب أليكسا [الأسطوانة الصوتية الذكية من أمازون]، إلى الصين... أعلم أن إدخال السيارات المبرمجة الصينية لن يقلب ديمقراطية الولايات المتحدة لوحده... لكن لماذا نضع سلاحاً آخر في يد قوة معروفة بعدائيتها؟".

فكرة أن سيارتك الـ"هيدجهوغ" الجديدة ذات الثمن المنخفض التي تشكل في الوقت عينه وسيلة رخيصة وصديقة للبيئة للوصول إلى متجرك المحلي وتهديداً للحرية، تعتبر إنذاراً حقيقياً. لكن، بصفتي شخصاً عمل مع شركات صينية، أتساءل إن كان هذا التهديد حقيقياً - أم مجرد ذعر أخلاقي ضخمه البيت الأبيض كوسيلة لتعبير جو بايدن عن قلقه تجاه صناع السيارات الأميركية وعمالهم الميالين إلى ترمب؟ .

أعتقد بأن أحد الأشياء التي سيسعى الحزب الشيوعي إليها ويطالب بها هو أن تكون السيارات المتصلة بالإنترنت في دول الخارج قابلة للاختراق عند الطلب. حتى التهديد، لنفترض بأن تكون بكين قادرة على التحكم بنصف السيارات والحافلات في الغرب كما تشاء، يمكن اعتباره سلاحاً. سون تزو، الشهير بكتابه "فن الحرب"، دعا إلى الفوز في الحرب قبل بدء المعركة.

لكن تجربتي تشير إلى أنه على المستوى الفردي ربما يعتبر كثر من الشعب الصيني والشركات الصينية، وربما معظمهم، الحزب الشيوعي وجهازه البيروقراطي الذي يتولى السياسات عائقاً مزعجاً، عليك إرضاؤهم وإبقاؤهم بعيدين من شؤونك بأقل جهد ممكن.

لا يعني هذا أنهم ليسوا وطنيين - فهم يتحلون بدرجة عالية من الوطنية. كما أن الثقافة اليومية والموقف الاجتماعي اشتراكيان أكثر مما تتخيل ربما في مجتمع متحمس للرأسمالية بهذه الدرجة في جمهورية الصين الشعبية. لكن بالنسبة إلى شعب تلك الجمهورية، كثيراً ما وجدتُ أن الرغبة في كسب المال، يليها بفارق بسيط البقاء مع العائلة والحصول على التعليم والاستمتاع بالمرح والدخول في علاقات عاطفية وتناول الطعام والجدل والتمتع بالمتع البشرية الطبيعية تأتي في مراحل متقدمة جداً قبل سعي الصين إلى تحقيق هيمنة عالمية.

لذا، وعلى رغم أنه قد يكون من الضروري إقناع المسؤولين في الحزب بأن سيارات "هيدجهوغ" الأحدث المخصصة للتصدير إلى بريطانيا يمكن أن تتوقف فجأة على إحدى الطرقات السريعة بنقرة واحدة من حاسوب في بكين، فإن البرمجة التفصيلية التي تمكّن من تحقيق ذلك قد تُنجز من دون اهتمام كبير أو حماسة. وهل القدرة على ذلك متوافرة حقاً؟.

نشر موقع "وايرد" Wired مقالة مثيرة للاهتمام هذا الأسبوع تتحدث عن مدى عدم فاعلية محاولات الصين نشر معلومات مضللة عن الغرب عبر الإنترنت مقارنة بالروس. من خلال ما رأيته من الناس العاملين هناك، تحديداً في القطاع الخاص، يبدو أنهم ليسوا مهتمين بتخريب الغرب.

لا يعني هذا أن رواد الأعمال والمهندسين الصينيين في مجال السيارات الكهربائية، سواء كانوا في القطاع الحكومي أو الخاص، ليسوا متحمسين للسيارات الكهربائية. على العكس، فإنهم على مدى 20 عاماً أو أكثر كانوا يعتبرون تقدمنا في مجال النقل المستدام مثيراً للشفقة.

ويمكننا العثور على إحدى علامات الحماسة الصينية للنقل الصديق للبيئة في الردهة الرئيسة لمقر شركة "بي واي دي" في محيط منقطة شنجن، حيث تعرض شاشة عملاقة السؤال التالي، "أين سفينة نوح التي أنقذت البشرية؟". إضافة إلى أنها صديقة للكوكب، وهي مسألة تحظى بأهمية كبيرة لدى الشباب الصيني، فإن العمل في صناعة السيارات الكهربائية مثير للاهتمام أكثر من معظم الخيارات المهنية الأخرى. اسم الشركة "بي واي دي" هو اختصار لـ"إصنع أحلامك" Build Your Dreams وبالنسبة إلى الخريجين الصينيين الطموحين الذين يهتمون بالبيئة، فهذا هو هدفهم.

لكن هل يوافق خبير حقيقي في الشأن الصيني على نظريتي التي تقول إن العاملين في الخطوط الأمامية الذين يقومون بتصميم وتصنيع السيارات الكهربائية، وبرمجة تكنولوجياتها الهادفة إلى التجسس على الغرب والإضرار به، هي فكرة تستحق الاستهزاء بها لا أكثر؟.

تواصلت مع الدكتورة إيلاريا مازوكو التي تتحدث الصينية- الماندرينية، وهي زميلة رفيعة في قسم الأعمال والاقتصاد الصيني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، وكنت أتوقع بالأساس أن تختلف معي، لكنها لم تفعل إلى حد كبير.

قالت الدكتورة مازوكو: "ذهبت إلى مركز جمع البيانات العامة ومراقبتها والبحث في مجال السيارات الكهربائية في شنغهاي قبل بضعة أعوام. عرضوا أمامي على شاشة كبيرة الأماكن التي كانوا يتعقبون فيها كل سيارة كهربائية مسجلة في شنغهاي وكانوا يعرفون أماكنها بالضبط... وهكذا كانوا يقولون: ’أوه، انظري، شخص ما ذهب إلى شينجيانغ‘. كانوا يستخدمون هذه البيانات لمعرفة كيف كان الناس يشحنون السيارات وكيفية جعل عملية الشحن أكثر كفاءة. لكن، نعم، يمكنك تخيل كيف أن هذه البيانات قد تستخدم لأغراض مختلفة تماماً... من الواضح أن لدى ’بي واي دي‘ استراتيجية للهيمنة العالمية... ما ليس واضحاً هو ما إذا كانت هذه الاستراتيجية مصاغة في بكين. من المحتمل أنها آتية من مقر ’بي واي دي‘. بالتأكيد، يبدو أنها تتماشى مع ما ترغب فيه بكين أيضاً".

"ومع ذلك، فإن طبيعة التنظيم الموجودة في الصين التي توسع سلطة الحزب الحاكم لا تساعد شركات التكنولوجيا في محاولتها لتصبح شركات متعددة الجنسيات وإقناع بقية العالم بأنها مجرد شركات طبيعية تسعى إلى الربح ... لذا، من حيث القدرات الخلفية، ومدى حماسة الشركات الصينية المحتملة لها، فأنا أشك في أنها شديدة الحماسة لأن ذلك قد يكلفها كثيراً من حصتها في السوق إذا ما انكشف الأمر. لكن السؤال الحقيقي هو، هل ستفعل ذلك؟، وأعتقد بأن الجواب، كما نعرف جميعنا، ربما يكون نعم".

على كل حال، هناك عامل بسيط، في رأيي على الأقل، قد يجعل مناقشة السيارات الكهربائية الصينية غير مجدية خلال أعوام قليلة. إنه التطور التكنولوجي الأفضل، ربما يكون الهيدروجين الذي لا يعتمد على المعادن المستخرجة مثل الليثيوم، ويسمح بسيارات أقل شبهاً بهواتف ذكية تتحرك على عجلات.

علينا الانتظار لمعرفة ما إذا كانت الصين ستتضرر من مثل هذا التطور أو ستكون مخترعة له.

© The Independent

المزيد من تقارير