Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أحزاب جزائرية تطالب بضمانات من أجل انتخابات رئاسية نزيهة

الحياد الإداري ومنع المال "الوسخ" وتكافؤ الفرص والانفتاح الإعلامي من أهم انشغالات السياسيين في تحقيق شفافية هذا الاستحقاق

الرئيس تبون يعلن تقديم الرئاسيات إلى السابع من سبتمبر والطبقة السياسية تطالب بضمانات (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

الطبقة السياسية تبحث عن تحقيق مصالحها والحديث عن توفير بيئة مواتية مجرد عنوان للضغط، والمشاركة في الانتخابات ممارسة ديمقراطية ظاهرياً وغالب الاستحقاقات محسومة مسبقاً بتواطؤ الجميع.

والسؤال: هل تشهد رئاسيات الجزائر تنافساً شفافاً بين المترشحين؟

تتصاعد حمى الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل بالجزائر، بعد أن باتت تسيطر على النقاشات السياسية، لكن مواضيع توفير الضمانات وفتح المجال الإعلامي وإضفاء تعديلات على قانون الانتخابات شغلت حيزاً واسعاً من اهتمام الأحزاب، مما فتح المجال أمام التشكيك في نوعية المترشحين المرتقبين وكذلك نسبة المشاركة.

تحرك حزبي من أجل بيئة أفضل

وتتحرك الطبقة السياسية في الجزائر بصورة لافتة منذ إعلان الرئيس عبدالمجيد تبون تقديم الرئاسيات إلى السابع من سبتمبر 2024، بعد أن كانت الساحة السياسية "متوقفة" عند النشاط الرئاسي والحكومي، وفي حين فصلت جميع الأطراف تقريباً في مسألة المشاركة من عدمها، إذ اتفقت غالبيتها على دخول المعترك الانتخابي، انتقل الأمر إلى مواضيع الضمانات التي يجب توفرها من أجل الاستمرار في قرار المشاركة أو الانسحاب.

 

وأثارت أحزاب سياسية عدة مسألة الظروف المرتبطة بالبيئة الانتخابية، على صعيد الحريات وضرورة توفير مناخ من الشفافية، واتخاذ إجراءات تهدئة ورفع الضغوط عن الممارسة السياسية، وأن تتخذ السلطة مزيداً من خطوات الانفتاح تسمح بإجراء انتخابات رئاسية في ظروف أفضل، وهو ما شملته مختلف بيانات الطبقة السياسية التي ترغب في أن يكون الاستحقاق فرصة للسماح لكل الأطراف والقوى السياسية بالتعبير عن مواقفها.

ضمانات متوفرة قانوناً ومخاوف من عدم التطبيق

وفي سياق معرفة الضمانات المطلوبة، قالت مسؤولة لجنة الإعلام بحزب "جبهة الجزائر الجديدة" وداد قادري إن "الضمانات التي تنقص العملية الانتخابية من أجل مشاركة قوية سواء من جهة المرشحين أو الناخبين، هي إعادة النظر في السلطة الوطنية للانتخابات من حيث صلاحياتها وإمكاناتها وتركيبتها البشرية وعدد أفرادها"، مشيرة إلى أهمية الحياد الإداري، ومنع المال "الوسخ"، والمساواة بين المرشحين مع تكافؤ الفرص في تحقيق الشفافية الانتخابية والنزاهة، ولفتت إلى أن الانفتاح الإعلامي أهم شيء، من خلال عدم انحياز القنوات العمومية أو الخاصة لصالح مترشح على حساب آخر، إضافة إلى توفير التغطية الإعلامية والأمنية لكل المترشحين على حد سواء، مع تمكين ممثلي المترشحين من تسلم المحاضر.

من جانبه، رأى القيادي في حزب "اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية" حليم بن بعيبش أن الضمانة الأساسية هي الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص من جهة التمويل والإمكانات اللوجيستية، مبرزاً أن الضمانات قانونياً متوفرة لكن عدم التطبيق هو ما يثير مخاوف بعض الطبقة السياسية التي ما زالت تخشى التلاعب أثناء سير العملية الانتخابية، وأكد أن السلطة تملك كل الإمكانات لتوفير البيئة المثلى لسير العملية الانتخابية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انشغال سياسي واسع

وعرفت الساحة السياسية نقاشات واسعة حول ضرورة توفير مزيد من الضمانات، إذ سجل حزب "جيل جديد" أن وسائل الإعلام العامة والخاصة غير مفعلة تماماً، والمجتمع السياسي لا يزال في حالة سبات، معبراً، في بيان، عن قلقه من الوضع العام للحريات على مقربة من الرئاسيات، مشدداً على ضرورة أن يكون موعد السابع من سبتمبر البداية الفعلية لنقاش سياسي حقيقي، حر وجاد، يحمل وعياً حقيقياً بالتحديات، مشيراً إلى أن مصير الجزائر لا يستطيع أن يكون مرهوناً بأي حال من الأحوال بالحسابات السياسية أو المصالح الشخصية.

وورد في بيان حزب "جبهة العدالة والتنمية" أن أي انتخابات لا يمكنها النجاح إلا بتوفر جملة من الشروط، أبرزها الضمانات اللازمة لبناء ديمقراطي حقيقي وترسيخ ثقافة المشاركة في إدارة الشأن العام والتداول السلمي على السلطة، وكذلك مراجعة القوانين المرتبطة بالانتخابات بما فيها عمل السلطة المستقلة للانتخابات، مع تأكيد ضرورة استقلال القضاء والنأي به عن المناكفات السياسية وعن كل شبهة توظيف تمس بصدقيته واستقلاليته، ورفع التضييق عن حرية نشاط الأحزاب السياسية والعمل النقابي والمجتمع المدني الجاد، ورفع القيود المفروضة على حرية التعبير وحرية الإعلام والصحافة.

وأشار حزب "حركة مجتمع السلم"، أكبر حزب إسلامي في البلاد، إلى الحاجة الملحة إلى وجود أرضية مشتركة لتنظيم انتخابات رئاسية ديمقراطية، تعتمد على مبادئ الشفافية والتنافس الحر، مطالباً بتوفير الضمانات القانونية والسياسية لجعل العملية الانتخابية فرصة للتنافس السياسي النزيه، وضمان استقلالية الهيئات الضامنة للتنافس الانتخابي، ومعالجة صدقية العملية الانتخابية، من خلال إنهاء فكرة الحسم المسبق للانتخابات لصالح مرشح معين.

الانتخاب الإلكتروني

وفي خضم الجدل الحاصل والانشغال المسجل، أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي أن التصويت الإلكتروني لن يكون مطروحاً في الانتخابات المقبلة، موضحاً أن هذا النوع من التصويت فيه سلبيات تتعارض والدستور الجزائري وحتى دساتير دول أخرى في العالم، وأضاف أن التصويت الإلكتروني أثبت عدم نجاعته، بدليل تخلي بعض الدول المتطورة عنه بعدما أثبت فشله.

لكن المترشح للرئاسيات عن "تكتل أحزاب الاستقرار والإصلاح" بلقاسم ساحلي كان له رأي في ما يتعلق بالانتخاب الإلكتروني، وقال في تصريحات صحافية، إن حزبه طالب في عديد من المناسبات بضرورة إجراء تعديل توافقي لقانون الانتخابات، وهو يدعو في ما يخص الرئاسيات، إلى رقمنة عملية جمع التوقيعات من أجل توفير الموارد المالية والمادية للدولة وتسهيل العملية على المواطنين وتفادي العراقيل أو التزوير المحتمل، وكذلك تفادي ظاهرة التوقيعات المكررة، إضافة إلى تمكين المرشحين ووسائل الإعلام من الاطلاع الدائم على نتيجة كل مرشح ومدى تقدمه في هذه العملية، مشدداً على أن ذلك كله يدعو إلى ضرورة التفكير في التوجه نحو الانتخاب الإلكتروني مستقبلاً.

سياسة خذ وطالب

إلى ذلك، اعتبر الإعلامي المهتم بالشؤون السياسية كريم بن زيتوني أن الحديث عن الضمانات عادة ما يتمحور حول حياد الإدارة وهي المخولة بتنظيم الانتخابات والإشراف عليها، وكذلك حياد القضاء وهو المخول بتأكيد النتائج وترسيمها والتعامل مع كل ما يشوب العملية الانتخابية، ثم تأتي توابع لا تخرج عن الشقين السياسي والقضائي كالإعلام والتمويل، موضحاً أن مطالبة البعض بمزيد من الضمانات يعود إلى تبنيها سياسة خذ وطالب، فالطبقة السياسية تعمل على رفع سقف مطالبها عند كل موعد انتخابي بناءً على ما تحققه من تجارب في تعاملها مع السلطة وأعوانها.

وتابع بن زيتوني أن السلطة تحاول إبداء حسن نيتها لكن بعض السلوكات المعزولة لأعوانها يجعل المطالب الضامنة للشفافية أمراً منطقياً ومشروعاً، مبرزاً أن العمل السياسي والفعل الانتخابي يبنيان على الفعل لا على النقاش والحوار والبرامج، وهو ما يجعل الانتخابات فرصة لاستنزاف الأحزاب والعبث بصوتها بعد إلهائها وإدخالها معارك الإجراءات، منتقداً، في الوقت عينه استمرار الأحزاب في مربع المطالب بعيداً من رحاب الطرح البديل والبرنامج المغاير والنمط الأكاديمي، الأمر الذي يجعل الساحة السياسية تعزف على وتر التكتيكات لا الاستراتيجيات.

الاختلالات

في المقابل، أشار الأستاذ والباحث في كلية العلوم الاجتماعية دحو بن مصطفى إلى أن مسألة الضمانات مفصول فيها دستورياً، ولفت إلى أن المؤسسات التي يجب أن تشرف على الانتخابات قائمة بما فيها السلطة الوطنية للانتخابات، وإثارة هذه المسألة ليست أمراً جديداً إذ تزامنت مع كل المسارات الانتخابية، موضحاً أن إثارتها كشرط للمشاركة في الانتخابات الرئاسية هي من باب إما التشكيك المسبق في نزاهة الاستحقاق من أجل تبرير الهزيمة المحتملة أو من باب الضغط على السلطة بغية تعزيز فرص التفاوض أو تبرير المشاركة بدعوى استجابة السلطة لمطالب الطبقة السياسية.

وختم بن مصطفى أن العملية الانتخابية قد يشوبها بعض الاختلالات غير أنها في صورتها الكلية ستكون ناجحة.

المزيد من تقارير