ملخص
كثفت موسكو وكييف الهجمات الجوية المتبادلة على مناطقهما الحدودية في الأسابيع الأخيرة.
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، أن الهجوم البري الذي بدأته قواته في شمال شرقي أوكرانيا هو رد على هجمات تطاول الأراضي الروسية، مؤكداً أن جيشه لا يعتزم "في الوقت الحالي" غزو مدينة خاركيف.
وقال خلال مؤتمر صحافي في مدينة هاربين بشمال شرقي الصين التي يزورها منذ أمس الخميس "لقد قلت علناً إنه في حال استمرار ذلك (الهجمات الأوكرانية)، سنضطر إلى إقامة منطقة أمنية، منطقة عازلة. هذا هو ما نقوم به".
في المقابل، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن القوات الروسية تقدمت لمسافة 10 كيلومترات داخل منطقة خاركيف لكن الوضع "استقر" اعتباراً من اليوم.
ونقل موقع "آر بي سي – أوكرانيا" عن زيلينسكي قوله للصحافيين "اليوم أوقفت قواتنا الدفاعية الروس حيث هم الآن. أعمق نقطة في تقدمهم هي 10 كيلومترات".
وقال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي اليوم، إن القوات الروسية وسعت منطقة القتال المحتدم بنحو 70 كيلومتراً حين شنت هجوماً في منطقة خاركيف.
وذكر أن روسيا شنت الهجوم لإجبار أوكرانيا على إرسال كتائب إضافية من جنود الاحتياط إلى القتال. وأضاف أنه يتوقع احتدام القتال في وقت تستعد القوات الأوكرانية أيضاً للدفاع عن منطقة سومي بشمال البلاد.
إدارة الأزمات
في الأثناء، نقلت وكالة "تاس" للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، قوله اليوم إن دبلوماسية بلاده مع الغرب منصبة حالياً على إدارة الأزمات ومحاولة ضمان عدم تحول التوتر إلى صراع واسع النطاق.
وأضاف ريابكوف في مقابلة أن الضمانات الأمنية التي سعت لها روسيا وناقشتها مع الغرب في 2021 لم تعد مناسبة لمقتضى التطورات وأن موسكو لا تثق في حلف شمال الأطلسي.
وتابع قائلاً للوكالة "أولويات روسيا تغيرت تماماً (منذ 2021) بما في ذلك مسألة ضمان أمنها الخاص وتشكيل إطار أكثر استقراراً لهذه الجهود".
وأضاف "ما يحدث في الغرب هو قبل كل شيء مهمة الجيش حالياً... والدبلوماسية في هذا الاتجاه تعمل في وضع إدارة الأزمات وفي... منع الانزلاق إلى صراع واسع النطاق".
استهداف قاعدة روسية في القرم
ميدانياً، قالت شركة "ماكسار" الأميركية للأقمار الاصطناعية التجارية، إن ضربة أوكرانية بعيدة المدى على قاعدة بيلبك الجوية التي تسيطر عليها روسيا في شبه جزيرة القرم دمرت ثلاث طائرات حربية روسية ومنشأة للوقود قرب مدرجها الرئيس.
واستندت الشركة إلى صور أقمار اصطناعية التقطت أمس الخميس وأظهرت تدمير طائرتين مقاتلتين من طراز "ميغ-31" ومقاتلة من طراز "سو-27". وأضافت أن الهجوم أسفر أيضاً في ما يبدو عن إلحاق أضرار بمقاتلة من طراز "ميغ-29".
ولم تعلن أوكرانيا صراحة مسؤوليتها عن ضرب القاعدة الجوية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية أمس الخميس إن أوكرانيا شنت هجوماً خلال الليل على القرم وإن دفاعاتها الجوية اعترضت خمسة صواريخ طويلة المدى تعرف باسم "أتاكمز".
وقالت أول من أمس الأربعاء إن روسيا اعترضت 10 صواريخ "أتاكمز" بعيدة المدى أطلقت أيضاً على القرم. ولم تفصح الوزارة عما إذا لحقت أضرار بالمنشآت العسكرية في أي من الهجومين.
وزاد اعتماد أوكرانيا على الطائرات المسيرة طويلة المدى والصواريخ لضرب أهداف استراتيجية بعيداً من جبهة القتال بما في ذلك في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي استولت عليها القوات الروسية وضمتها في 2014.
حرب المسيرات
وقال الجيش الأوكراني، اليوم الجمعة، إن قواته أسقطت جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها روسيا في هجوم خلال ليلا الخميس - الجمعة وعددها 20. وأسقط الجيش الطائرات المسيرة فوق مناطق خاركيف وبولتافا وفينيتسا وأوديسا وميكولايف.
وقال إيهور تيريخوف رئيس بلدية مدينة خاركيف إن أربعة انفجارات وقعت خلال الهجوم وكتب على "تيليغرام" أن إحدى الضربات تسببت في نشوب حريق.
وذكر أوليه سينيهوبوف حاكم منطقة خاركيف على "تيليغرام" أن الهجوم ألحق أضراراً بخمس بنايات إحداها تابعة لإدارة المنطقة.
وأشار فيليب برونين حاكم منطقة بولتافا إلى أن ثلاث طائرات مسيرة تم إسقاطها هناك من دون وقوع إصابات أو أضرار بالبنية التحتية.
وقال فيتالي كيم حاكم منطقة ميكولايف على "تيليغرام" أيضاً إن المنطقة لم تقع بها إصابات بعد الهجمات التي وقعت خلال الليل.
حريق
وقال مسؤولون في منطقة كراسنودار، في المقابل، إن السلطات تمكنت من احتواء حريق في مصفاة توابسي الروسية لتكرير النفط كان اندلع بعد هجوم أوكراني بطائرات مسيرة، وأضافوا أنه لا خسائر بشرية بحسب المعلومات الأولية.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية صباح اليوم الجمعة أن الدفاع الجوي الروسي وأسطول البحر الأسود دمرا 102 طائرة مسيرة أوكرانية وستة زوارق مسيرة الليلة الماضية.
وقال حاكم منطقة سيفاستوبول ميخائيل رازفوغاييف على "تيليغرام" إن الهجوم ألحق أضراراً بمحطة كهرباء فرعية، وأضاف "سيكون هناك انقطاع محدود للكهرباء"، وتابع "في ضوء هذا الوضع، اتخذت قراراً بإلغاء الدراسة في جميع المدارس ومؤسسات التعليم الثانوي المهني ورياض الأطفال".
اختراق
في الأثناء قال القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا إن روسيا ليس لديها ما يكفي من القوات على الأرض لتحقيق اختراق كبير في أوكرانيا بعد إطلاقها هجوماً في منطقة خاركيف.
وصرح الجنرال الأميركي كريستوفر كافولي خلال مؤتمر صحافي في مقر الحلف في بروكسل "الروس ليست لديهم الأعداد اللازمة لتحقيق اختراق استراتيجي، وبشكل أكثر دقة، ليست لديهم المهارات ولا القدرة على القيام بذلك".
وأضاف "أنا على اتصال وثيق للغاية مع زملائنا الأوكرانيين وأنا واثق من قدرتهم على الصمود".
وأعلنت أوكرانيا الخميس أنها تحاول "تثبيت" خط المواجهة في منطقة خاركيف بشمال شرقي البلاد حيث حققت موسكو أكبر مكاسبها الإقليمية منذ 18 شهراً بعد أن شنت هجوماً مباغتاً الأسبوع الماضي.
وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن كييف ترسل مزيداً من التعزيزات إلى المنطقة، وأعلن الجيش الأوكراني أنه تمكن من وقف التقدم الروسي جزئياً.
وسيطرت روسيا على 278 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الأوكرانية بين التاسع والـ15 من مايو (أيار)، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات معهد دراسة الحرب (آي سي دبليو)، وهو أكبر مكسب إقليمي في عملية واحدة منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2022.
وأكد كافولي أن حلفاء أوكرانيا يسرعون عمليات تسليمها شحنات أسلحة كبيرة بعد أن أقرت واشنطن حزمة مساعدات كبيرة إثر أشهر من التأخير.
وتابع العسكري الأميركي "يجري حالياً شحن كميات كبيرة من الذخيرة، وكميات كبيرة من أنظمة الدفاع الجوي القصيرة المدى وكميات كبيرة من المدرعات".
هجوم بمسيرة أوكرانية
وأدى هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية أصاب سيارة تقلها عائلة في قرية حدودية روسية إلى مقتل امرأة وطفلها البالغ أربع سنوات، وفق ما أفاد به حاكم منطقة بيلغورود في وقت مبكر الجمعة.
وقال فياتشيسلاف غلادكوف "نتيجة الانفجار توفيت المرأة على الفور"، وأضاف أن "الطفل كان في حال حرجة، وبذل الأطباء قصارى جهدهم لإنقاذه"، مشيراً إلى أنه توفي متأثراً بجراحه في المستشفى.
وقال غلادكوف إن والد الطفل الذي كان في السيارة "في حالة صدمة"، وعلى رغم إصابته رفض تلقي مساعدة طبية، بينما خضع سائق السيارة للعلاج من جروح بسبب شظايا في يديه.
وتسبب هجوم آخر بطائرة مسيرة في نشوب حريق بمحطة وقود في قرية بيسونوفكا، لكن أخمدت النيران بسرعة، بحسب الحاكم.
وكثفت موسكو وكييف الهجمات الجوية المتبادلة على مناطقهما الحدودية في الأسابيع الأخيرة.
موسكو تعلن طرد الملحق العسكري البريطاني
قررت روسيا طرد الملحق العسكري البريطاني رداً على إجراء مماثل من السلطات البريطانية الأسبوع الماضي، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الروسية الخميس.
وقالت الوزارة "تم اعتبار الملحق العسكري في السفارة البريطانية في موسكو أي تي كوغهيل شخصاً غير مرغوب فيه، عليه مغادرة أراضي روسيا الاتحادية في غضون أسبوع".
وحذرت الوزارة من أنها ستتخذ إجراءات إضافية رداً على القرار البريطاني، واصفة إياه بأنه "معاد لروسيا" وله دوافع سياسية.
في الثامن من مايو نددت بريطانيا بما وصفته بـ"الأنشطة المسيئة" التي تنسب إلى روسيا، وأعلنت أنها ستطرد الملحق العسكري الروسي مكسيم إلوفيك الذي وصفته لندن بأنه "ضابط استخبارات عسكري غير معلن".
والملحق العسكري هو عنصر في القوات المسلحة يخدم في سفارة ويمثل قطاع الدفاع لبلاده في الخارج.
ولا تزال العلاقات متوترة بين روسيا وبريطانيا، الداعم القوي لأوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقدمت لقوات كييف دعماً عسكرياً كبيراً.