ملخص
ينصح صندوق النقد بتعزيز العمل المناخي يحقق عدة فوائد للقارة الأوروبية في مجال أمن الطاقة
كشف تقرير حديث، أن الحرب الروسية في أوكرانيا كانت سبباً في اندلاع أسوأ أزمة طاقة في أوروبا منذ سبعينيات القرن الـ20، وأعادت أمن الطاقة إلى قمة أجندة السياسات. في المقابل، كان رد فعل صناع السياسات سريعاً من خلال تأمين إمدادات الغاز الطبيعي البديلة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتوسيع مصادر الطاقة المتجددة.
وقال "صندوق النقد الدولي" في الدراسة التي أعدها كل من جيفري دولفين، ورومان دوفال، وجالين شير، وهوغو روخاس روماغوسا، إن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة لن يخفف من تغير المناخ فقط، بل سيعزز أيضاً من أمن الطاقة، ولكن المتشككين ردوا بأن هذا النهج من شأنه أن يزيد من كلفة الطاقة، والتخلص التدريجي من الفحم المحلي الآمن بسرعة أكبر، وفي نهاية المطاف يضعف أمن الطاقة في القارة.
وأشار "صندوق النقد الدولي" إلى أن تعزيز العمل المناخي في أوروبا يحقق فوائد كبيرة في مجال أمن الطاقة أيضاً، ولفت إلى أنه يعمل على تقييم آثار العمل المناخي على أمن الطاقة في نموذج اقتصادي عالمي مع عدد من البلدان والقطاعات، ويحاكي تأثيرات سياسات تقليل الانبعاثات على اثنين من التدابير الأمنية الأساس.
المقياس الأول، أمن الإمدادات، والذي يقيم خطر انقطاع إمدادات الطاقة من خلال الجمع بين مدى اعتماد الدولة على الواردات لاستهلاكها من الطاقة ومدى تنوع واردات الطاقة تلك، والثاني هو مرونة اقتصادها في مواجهة انقطاع الطاقة، وهو ما تمثله حصة الناتج المحلي الإجمالي التي تنفقها على الطاقة.
أمن الطاقة في أوروبا يتدهور منذ عقود
وكشف "الصندوق" أن أمن الطاقة في أوروبا تدهور في العقود التي سبقت الحرب الروسية في أوكرانيا، مع اعتماد البلدان بصورة متزايدة على الواردات من موردين، أقل من أي وقت مضى، إذ تظهر عمليات المحاكاة أن ارتفاع أسعار الكربون، ولوائح تنظيمية أقوى لكفاءة الطاقة في قطاعات معينة، وتسريع السماح بمصادر الطاقة المتجددة، من شأنها أن تعمل جميعاً على تحسين أمن الطاقة في أوروبا وفقاً لهذين المقياسين الرئيسين، ومع ذلك، قد تختلف التأثيرات عبر السياسات.
ويعمل تسعير الكربون على خفض الانبعاثات بأقل كلفة يتحملها الاقتصاد، ولكنه قد يستغرق بعض الوقت لتحسين أمن الطاقة في بعض الاقتصادات كثيفة الاستهلاك للطاقة والانبعاثات في أوروبا الوسطى والشرقية، إذا استخدم كأداة وحيدة لخفض الانبعاثات، ويرجع هذا جزئياً إلى أن هذه البلدان ستضطر إلى التخلص التدريجي من الفحم المحلي في وقت أقرب من أي وقت مضى.
وتعتبر التنظيمات الأقوى المتعلقة بكفاءة استخدام الطاقة في مجال النقل والمباني أقل كفاءة من تسعير الكربون في خفض الانبعاثات، ولكنها تحقق فوائد مشتركة أكبر في مجال أمن الطاقة، وتعمل مثل هذه التنظيمات على خفض استهلاك الطاقة، تماماً كما يفعل تسعير الكربون، ولكنها تميل إلى خفض أسعار الطاقة، وبالتالي الإنفاق الإجمالي على الطاقة بصورة أكبر.
وبحسب "الصندوق"، يعمل التصريح المتسارع لمصادر الطاقة المتجددة على تحسين أمن الطاقة على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا من خلال توسيع إمدادات الطاقة المحلية.
3 إجراءات لتحسين أمن الطاقة في دول أوروبا
ويضيف "صندوق النقد"، "تشكل حزمة السياسات المناخية التي تتضمن كل هذه الأدوات السبيل الأكثر تبشيراً للمضي قدماً، لأنها تجمع بين الكفاءة الاقتصادية لتسعير الكربون والفوائد التنظيمية الأكبر حجماً والأكثر تقاسماً في مجال أمن الطاقة، وعلى وجه التحديد، تعمل مجموعة من التدابير على تحسين أمن الطاقة بثلاث طرق، أولاً، تعمل على تقليل الاعتماد على الواردات من خلال الاستعاضة عن الوقود الأحفوري المستورد بالكهرباء المتجددة المنتجة محلياً".
وتابعت الدراسة "ثانياً، العمل على تنويع واردات الطاقة في الاقتصادات الفردية بعيداً من الموردين غير الأوروبيين ونحو الموردين الأوروبيين من خلال تعزيز تغلغل مصادر الطاقة المتجددة وكهربة الاستخدامات النهائية مثل المركبات وأنظمة التدفئة المنزلية، على وجه الخصوص، بالنظر إلى أن البلدان الأوروبية تتاجر في الغالب بالكهرباء مع نظيراتها الأوروبية".
وبحسب ما يشير "الصندوق"، فإن الإجراء الثالث يتمثل في العمل على خفض نفقات الطاقة لأن الاستثمارات في كفاءة الطاقة تقلل الطلب، إذ يؤدي تسارع نشر مصادر الطاقة المتجددة إلى زيادة إمدادات الطاقة، وبالتالي انخفاض أسعار الطاقة، وهذا يعوض الكلفة المرتفعة الناجمة عن ارتفاع أسعار الكربون.
ويلفت "صندوق النقد" إلى أن حزمة السياسات التوضيحية التي تعمل على خفض الانبعاثات بـ55 في المئة مقارنة بمستويات عام 1990 من شأنها أن تعمل على تحسين مقياسي أمن الطاقة، بما يقارب ثمانية في المئة بحلول عام 2030 بالنسبة لأوروبا ككل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالنسبة لـ"الاتحاد الأوروبي"، فإن هذه الحزمة، قادرة على عكس اتجاه 13 عاماً من التدهور في القدرة الاقتصادية على الصمود في مواجهة انقطاعات الطاقة، وثمانية أعوام من الانخفاض في أمن إمدادات الطاقة، كما يقول، ومع استمرار أوروبا في تكثيف إجراءاتها المتعلقة بسياسة المناخ بعد عام 2030، فإن هذه المكاسب ستتزايد.
وتدعم عمليات المحاكاة أيضاً قضية التعاون القوي كثير الأطراف داخل أوروبا، نظراً لاختلاف البلدان في مكاسبها في مجال أمن الطاقة وكلفة خفض الانبعاثات (التي بدورها تعكس عوامل مثل كثافة الطاقة الحالية، ومزيج الطاقة، وإمكانات توليد الطاقة المتجددة)، ومن الممكن أن يؤدي إنشاء مرفق مشترك يعمل على تجميع الموارد وتنسيق الاستثمارات الخضراء على مستوى الاتحاد الأوروبي إلى التعجيل بالتحول الأخضر بكلفة منخفضة في حين يوزع مكاسبه بصورة أكثر توازناً، من خلال استغلال خيارات الخفض الرخيصة في البلدان الأعضاء الناشئة في "الاتحاد الأوروبي"، بحسب "الصندوق".
ويعد استكمال استراتيجية اتحاد الطاقة في الاتحاد الأوروبي مثالاً واضحاً على ذلك، فربط الشبكات الوطنية بصورة أفضل من شأنه أن يخفض الكلفة ويساعد البلدان الفردية على استيراد الكهرباء من البلدان الأعضاء الأخرى حال حدوث اضطرابات محلية، وتحسين أمن الطاقة للجميع.
وفي وقت أصبح الزخم وراء العمل المناخي معرضاً لخطر التلاشي، ينصح "صندوق النقد الدولي" صناع السياسات الأوروبيين أن يفكروا في فوائده الكاملة، فمن خلال تكثيف سياساتها الفردية لخفض الانبعاثات كما هو مخطط لها وتعزيز تعاونها لن تظل هذه الدول رائدة عالمياً على الطريق نحو صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050 فحسب، بل ستؤمن أيضاً إمدادات طاقة وفيرة وآمنة لتشغيل اقتصاداتها في المستقبل.