Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من قصص الحرب العالمية الثانية... جنود أميركيون اعتدوا على فرنسيات

تروي مؤرخة أميركية أنه لتحفيز العساكر وتشجيعهم على القتال خارج وطنهم "وعدهم الجيش بفرنسا مليئة بنساء سهلات المنال"

تعرض ماري سالون صوراً لوالدتها (يسار) وأقاربها في لو درينيك، شمال غرب فرنسا، في 14 مارس 2024، في المنزل الذي تعرضت فيه والدتها، كاترين تورنيليك، للاغتصاب وقُتل والدها، يوجين تورنيليك، في 20 أغسطس 1944 على يد جندي أميركي (أ ف ب)

ملخص

بعد عقود من الصمت، إثر إنزال الحلفاء في النورماندي لطرد القوات النازية من فرنسا، الذي أذن ببدء حسم الحرب العالمية الثانية لمصلحة الحلفاء، طفت على السطح قصص عن حالات اغتصاب ارتكبها الجنود المحررون بقيت طي الكتمان لعقود.

اختارت إيميه دوبري التزام الصمت طيلة 80 عاماً في شأن اغتصاب والدتها عام 1944. ولكن مع اقتراب الاحتفالات بذكرى إنزال قوات الحلفاء في فرنسا، كشفت عن ارتكاب جنديين أميركيين جريمة الاغتصاب.

وصول المحررين

في السادس من يونيو (حزيران) 1944، حصل إنزال الحلفاء على شاطئ النورماندي في فرنسا، وشارك فيه 156 ألف جندي أميركي وبريطاني وفرنسي. وكانت إيميه حينها تبلغ من العمر 19 عاماً، وتعيش في قريتها الصغيرة في مونتور، في منطقة بروتانيي. وعلى غرار جميع جيرانها، عبرت يومها عن ابتهاجها بوصول هؤلاء "المحررين" لإعلان نهاية الاحتلال النازي.
ولكنها سرعان ما أصيبت بخيبة أمل. ففي مساء العاشر من أغسطس (آب)، دخل جنديان أميركيان مزرعة العائلة. وتروي إيميه (99 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية "كانوا في حالة سكر، ويرغبون في امرأة".
وتسحب رسالة من قطعة أثاث قديمة، كانت كتبتها والدتها إيميه إيلوديس أونوريه لها، وتقرأ "لكي لا ننسى أي شيء".
وكتبت الأم المزارعة بخط متقن كيف أطلق الجنديان النار على زوجها، واخترق الرصاص قبعته، ثم توجها مهددين صوب ابنتهما "خرجت لحمايتها، فأخذاني إلى الحقول وقاما باغتصابي، كل واحد منهما أربع مرات، مداورة".
تقرأ الابنة سطور الرسالة متأثرة، على رغم مرور 80 عاماً على ما حصل. وتهمس "أمي، لقد عانيت، وأنا أفكر في ذلك كل يوم". وتتابع "لقد ضحت أمي بنفسها لحمايتي. وبينما كانا يغتصبانها، كنا ننتظر في الليل من دون أن نعرف ما إذا كانت ستعود على قيد الحياة أم سيطلقان عليها النار".


محاكمات عسكرية

وحاكمت السلطات العسكرية الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) 1944، في نهاية معركة النورماندي الحاسمة، 152 جندياً بتهمة اغتصاب نساء فرنسيات.
وتقول ماري لويز روبرتس، وهي واحدة من المؤرخين النادرين الذين بحثوا في هذا الموضوع "المحظور بصورة كبيرة في الحرب العالمية الثانية" إنه رقم "أقل بكثير من الواقع".
وتوضح "فضلت نساء كثيرات التزام الصمت. فإضافة إلى العار المرتبط بالاغتصاب، كان الجو مليئاً بالفرح والاحتفال بالمحررين".


وعد للتشجيع على القتال

وتقول المؤرخة الأميركية إنه لتحفيز الجنود وتشجيعهم على القتال خارج وطنهم "وعدهم الجيش بفرنسا مليئة بنساء سهلات المنال".
ونشرت صحيفة "ستارز أند سترايز"، التي كانت تصدرها القوات المسلحة الأميركية، ويطالعها بشغف آلاف الجنود المنتشرين في أوروبا، صوراً لنساء فرنسيات يقبلن الجنود المحررين.
وعنونت الصحيفة بتاريخ التاسع من سبتمبر (أيلول) 1944 "الفرنسيات مهووسات باليانكيز (تسمية تطلق على الأميركيين)... وهذا ما نقاتل من أجله".
وتوضح المؤرخة "لقد حفزت ممارسة الجنس الجنود الأميركيين على القتال. وكان ذلك خصوصاً من خلال الدعارة والاغتصاب، وسيلة للسيطرة على فرنسا، والسيطرة على الرجال الفرنسيين، الذين لم يتمكنوا من حماية بلادهم ونسائهم من الألمان". وتضيف "يمكن تقدير أنه لم يتم الإبلاغ عن مئات، إن لم نقل الآلاف، من حالات الاغتصاب الأخرى، التي ارتكبها جنود أميركيون في الفترة الممتدة بين عام 1944 وحتى مغادرة الجيش الأميركي في أبريل (نيسان) 1946".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


السر المسموم

قرب بلابينيك، في منطقة بريست أقصى غرب بروتانيي، تتذكر جان بينغام (89 سنة) "كما لو كان ذلك بالأمس" عملية اغتصاب أختها الكبرى كاترين ومقتل والدها على يد جنود أميركيين.
وتقول "أراد أميركي اغتصاب أختي الكبرى. وتدخل والدي فأطلق الجندي النار عليه. وتمكن الرجل من تهشيم الباب ودخول المنزل".
وركضت جان البالغة حينها تسعة أعوام لإعلام فرقة عسكرية أميركية متمركزة على بعد بضعة كيلومترات، بالأمر. وتروي "قلت إنه ألماني، وكنت مخطئة آنذاك، وعندما رأوا الرصاص في اليوم التالي، فهموا على الفور أنه أميركي".
وتقول جانين بلاسار، وهي إحدى بنات كاترين، إن والدتها احتفظت لنفسها "بهذا السر الذي سمم حياتها" حتى أيامها الأخيرة. وتتابع "قالت لي وهي على سريرها في المستشفى: لقد اغتصبت أثناء الحرب، أثناء التحرير. فسألتها: هل تمكنت من إخبار أحد؟ وقالت لي: أخبر أحداً؟ كان التحرير وكان الجميع سعداء، لم أكن أريد أن أقول شيئاً كهذا، لم يكن من الممكن أن أقول شيئاً، لم يكن أحد ليصدق".

محاكمات وإعدامات

ويسرد الكاتب لوي غييو في كتابه "أوكي. جو!" الصادر عام 1976 تجربته عندما كان يعمل مترجماً ضمن القوات الأميركية بعد عملية الإنزال.
ويوضح فيليب بارون، وهو مؤلف فيلم وثائقي عن هذه الرواية، وعن كتاب آخر بعنوان "الجانب المظلم من التحرير"، أنه تم تكليف غييو بمهمة الترجمة خلال محاكمات الاغتصاب في المحاكم العسكرية الأميركية، وأشار إلى أن "المحكوم عليهم بالإعدام جميعهم تقريباً من السود".
وبعد صدور الأحكام، شنق هؤلاء الجنود في الساحات العامة بالقرى الفرنسية، وبينهم مغتصبا إيميه إيلوديس وكاترين تورنوليك.
ويرى بارون أن "وراء موضوع الاغتصاب من جانب المحررين المحرم، سر مخز يتمثل في وجود جيش أميركي عنصري... مدعوم أحياناً من سلطات محلية عنصرية". ويضيف أنه "بعد أن يمثل أمام محكمة عسكرية، كانت حظوظ جندي أميركي بالتبرئة شبه معدومة. ولا يزال هذا الموضوع آنياً بصورة مروعة، لأنه لا يزال ينظر إلى الرجال السود اليوم على أنهم مذنبون حال مثولهم أمام القضاء".


عنصرية في الجيش

وتقول روبرتس إنه عندما أدرك الجيش الأميركي أن "الوضع صار خارجاً عن السيطرة"، "اختار الجنود السود ككبش محرقة من أجل تحويل الاغتصاب إلى جريمة سوداء وحماية سمعة الأميركيين البيض".
وكشفت إحصاءات أنه بين 29 جندياً حكم عليهم بالإعدام بتهمة الاغتصاب بين عامي 1944 و1945، 25 جندياً من السود.
وتكمل روبرتس "غالباً ما كان يتم تعيين الجنود السود في الوحدات اللوجستية المتمركزة بصورة دائمة في المكان نفسه، مما يعزز تواصلهم المباشر مع السكان المحليين بما في ذلك النساء". أما "الجنود البيض، فكانوا في وحدات متحركة. وكان في إمكانهم اغتصاب فرنسية في المساء، والمغادرة في الصباح، من دون أن يتم توقيفهم، مما كان أيضاً يسهم في التشكيك بشهادة الضحية"، إن حصلت.
ووضعت روبرتس تحت الرقابة الأمنية عام 2013، رداً على نشر كتابها "نساء وجنود أميركيون". وتعتقد اليوم أنه وبعد مرور 80 عاماً على عملية الإنزال "لا تزال أسطورة الجنود الأميركيين قائمة".
وتقول "كانت الحرب العالمية الثانية، الحرب من أجل هدف سام، لأن كل الحروب التي قادتها حكومتنا منذ ذلك الحين كانت هزائم أخلاقية، مثل حرب فيتنام أو حرب أفغانستان". وتضيف "لا أحد يريد أن يخسر هذا البطل الأميركي الذي يجعلنا فخورين: الجندي الأميركي الشجاع والشريف، حامي المرأة... حتى لو كان ذلك يعني استمرار الكذبة إلى ما لا نهاية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير