Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تعني قرارات "أوبك+" الأحد الماضي؟

"تتطلب مصلحة الدول المنتجة مواءمة الإنتاج للطلب العالمي على النفط، حتى لا تُهدَر الموارد الوطنية، وتتطلب مصلحتها أيضاً إدارة السوق، وفي الأقل خفض الذبذبات الكبيرة فيه"

مجموعة من وزراء الطاقة الذين شاركوا في اجتماع الرياض، الأحد 2 يونيو الحالي (أ ف ب)

ملخص

عُقدت ثلاثة اجتماعات نفطية غالبيتها عبر الفيديو الأحد الماضي، اجتماع سريع لـ "أوبك" لمناقشة بعض الأمور الإدارية، واجتماع "أوبك+" الذي تم فيه تمديد اتفاق خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً حتى نهاية 2025، ثم اجتماع للدول الثماني التي خفضت طوعاً.

من أكثر الأخطاء شيوعاً، حتى ضمن محللي أسواق النفط، قولهم إن عدم ارتفاع أسعار النفط بعد قرارات "أوبك+" خفض الإنتاج أو تمديد خفض الإنتاج، دليل على فشل سياسات "أوبك". وعلى رغم أن مسؤولي "أوبك+" لا يتكلمون عن مستويات أسعار النفط، ويركزون على توازن السوق وتخفيف الذبذبات فيه.  فإن الواقع يشير إلى أن خفض الإنتاج منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022 هدفه منع الأسعار من الانخفاض إلى مستويات غير مقبولة. هذا يعني أن خفض الإنتاج لا يهدف إلى رفع الأسعار وإنما إلى تخفيف الذبذبة في الأسعار والحفاظ على الأسعار الحالية (مع التركيز هنا على أن الوزراء لا يتكلمون عن الأسعار).

ومن الأخطاء الشائعة أيضاً، أن تجار النفط والمضاربين والإعلاميين وبعض المحللين يركزون على المدى القصير، ويحكمون على قرارات "أوبك+" من هذا المنظور، بينما أفق قرارات "أوبك" أبعد وأوسع. هذا يؤدي إلى انتقاد قرارات أوبك واتهامها بالفشل في الوصول إلى أهدافها، مع أن الخطأ هو الخلط بين المنظور الخاص بالتجار والإعلاميين وبعض المحللين، القصير المدى، برؤية "أوبك" الأطول مدى.

ومن الأخطاء الشائعة، تجاهل كثير من الإعلاميين والمحللين المصلحة الوطنية لأعضاء "أوبك+"، إذ يحكمون على القرارات من منظور الأسعار والتغيرات في السوق، كما يربطون بينها وبين المواقف السياسية للدول المنتجة.

تتطلب مصلحة الدول المنتجة مواءمة الإنتاج للطلب العالمي على النفط، حتى لا تُهدَر الموارد الوطنية، وتتطلب مصلحتها أيضاً إدارة السوق، وفي الأقل خفض الذبذبات الكبيرة فيه.

وأسهم صندوق النقد الدولي في تعزيز إشاعة تربط بين خفض الإنتاج وسعر النفط اللازم لتحقيق التوزان في موازنات الدول المنتجة للنفط، وهذا خطأ شائع أيضاً. ليس هناك علاقة بين السعر اللازم لتوزان الموازنة والسياسات النفطية، وليس هناك علاقة بينه وأسعار النفط في السوق. إذا كان هناك أية علاقة بين الإنفاق الحكومي والسياسات النفطية فهو السعر الذي تُقدّر عليه الإيرادات، وليس السعر اللازم لتوزان الموازنة. وحتى في هذه الحال، فإن التحليلات الإحصائية تشير إلى عدم وجود علاقة بين السعر اللازم لتحقيق هذه الإيرادات والسياسة النفطية.

باختصار، إذا قالوا إن السعر اللازم لتحقيق التوزان في موازنة السعودية هو 120 دولاراً للبرميل، ومن ثم فإن السعودية ستخفض الإنتاج للوصول إلى هذا السعر، فاعلم أنهم جهلة!

اجتماعات الأحد

عُقدت ثلاثة اجتماعات غالبيتها عبر الفيديو الأحد الماضي اجتماع سريع لـ "أوبك" لمناقشة بعض الأمور الإدارية، واجتماع "أوبك+" الذي تم فيه تمديد اتفاق خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً حتى نهاية 2025، ثم اجتماع للدول الثماني التي خفضت طوعاً، إذ مددت الخفض الطوعي الأول (1.65 مليون برميل يومياً) إلى نهاية 2025، ومددت الخفض الطوعي الثاني (2.2 مليون برميل يومياً) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)

على أن تبدأ إعادة هذه الكميات إلى السوق تدرجاً ابتداءً من أكتوبر حتى نهاية سبتمبر 2025 وفق كميات محددة بجدول زمني معين. هذا الاجتماع كان حضورياً وفي الرياض.

وتم رفع الحصة الإنتاجية للإمارات بمقدار 300 ألف برميل يومياً تدرجاً على أن تبدأ في يناير (كانون الثاني) 2025 وتنتهي بنهاية سبتمبر 2025، إذ تصل إلى 3.375 مليون برميل يومياً ويبقى في هذا المستوى حتى نهاية 2025.

وجددت كل من روسيا، والعراق، وكازاخستان خططهم للتعويض عن الزيادات التي أقروها فوق الحصص المقررة منذ بداية العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


آثار هذه القرارات

ويعتقد بعض، بما في ذلك المحللون في بنك "غولدمان ساكس"، أن قرارات "أوبك" قد تخفض أسعار النفط إلى مستويات أقل مما كان متوقعاً سابقاً. وسوغوا هذه الرؤية بأن زيادة الإنتاج بعد انتهاء الخفض الطوعي في نهاية سبتمبر ستؤدي إلى خفض الأسعار، كما ركزوا على الزيادة التي حصلت عليها الإمارات. ويرى كاتب هذا المقال أن هذا الخفض سيضمن استمرار أسعار النفط ضمن النطاق السعري الذي تذبذبت فيه أسعار النفط في الأشهر الأخيرة، إذ تجاهل محللو "غولدمان ساكس" ومن حذا حذوهم أمرين. الأول أن الزيادة تدرجية، بما في ذلك الزيادة التي حصلت عليها الإمارات. كما أن هناك شرطاً مكتوباً في النص، حسب متطلبات السوق. هذا يعني أنه يمكن وقف هذه الزيادات أو تعديلها وفقاً لمعطيات السوق وقتها.

وأيضا تجاهلوا أموراً أخرى، إذ عادة يزيد الطلب على النفط في النصف الثاني من العام، وبخاصة خلال أشهر الصيف، وإذا كان الجو حاراً، فإن استهلاك النفط في الدول النفطية يزيد، مما يخفض الصادرات، وهذا الانخفاض يخفض المخزون في الدول المستهلكة، ويدعم أسعار النفط.

خلاصة القول إن دول "أوبك+" أظهرت مرونة كبيرة في التعامل مع الأسواق في الأعوام الأخيرة، وافتراض أن "أوبك+" ستفقد هذه المرونة فقط لأنها نشرت جدولاً فيه برنامج الحصص الإنتاجية هو ضرب من البساطة غير المقبولة في الأوساط المالية. ففي وقت ستستمر فيه الأسعار ضمن نطاق التغيرات في الأشهر الأخيرة، فإن احتمال انخفاضها سيجعل دول "أوبك+" تمدد الخفض الطوعي حتى نهاية العام، بدلاً من زيادة الإنتاج. 

نقطة جانبية

إذا بلغ إنتاج النفط الأميركي ذروته وانخفضت صادرات النفط الأميركي الخفيف كما يتوقع عدد من المحللين، فإن الزيادة الإماراتية ستعوض عنها لأنها من خام مربان الخفيف. بعبارة أخرى، ستنخفض صادرات الولايات المتحدة إلى آسيا وأوروبا، ومن ثم فإن الزيادة الإماراتية هي مجرد تعويض وليس إضافة إلى الأسواق. وسنرى قبل نهاية العام إذا ما سيصبح هذا السيناريو حقيقة أم لا. 

اقرأ المزيد

المزيد من آراء