Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المبادرات الطوعية لا تكفي لإنقاذ أطفال السودان من الجوع والمرض

وضعت الحرب مستقبل جيل كامل على المحك مع التهديد بانتشار المجاعة وسوء التغذية

في فترة وجيزة منذ اندلاع الحرب في السودان أعلن عن مئات الوفيات وسط الأطفال بسبب الجوع والمرض (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

يشكل الأطفال الفئة الأكثر ضعفاً وهشاشة في أي مجتمع عادة، وفي السودان يعاني الرضع الذين ولدوا منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023 من خطر الموت جوعاً في ظل غياب التغذية اللازمة وخروج مراكز العناية الصحية عن الخدمة.

"سيدة حامد" امرأة سودانية تحمل ابنتها التي أنجبتها في مدينة أم درمان خلال فترة الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 بحثاً عن رعاية طبية عاجلة لها، إذ تعاني ضيقاً في التنفس وتحتاج إلى تدخل طبي، إلا أن خروج المستشفيات عن الخدمة حال دون علاجها. وظلت الأم مكتوفة الأيدي وفاقدة الأمل.
وقالت سيدة حامد لـ"اندبندنت عربية"، إن ابنتها "يمنى" ذات الأشهر الثمانية، "تحتاج إلى جلسات تنفس اصطناعي مستمرة، وأصبحنا ننتظر المتطوعين لجلب الأوكسجين لها من مناطق بعيدة، وأحياناً من ولايات مجاورة، ولكن انقطع الأمر منذ أكثر من شهر ونصف الشهر مع تردي الأوضاع في مناطق النزاع بمدينة أم درمان، حيث لا وجود للكهرباء ولا الماء ولا الغذاء ولا الدواء، إذ نقوم بفتح الإنترنت ساعة في اليوم بمبالغ طائلة للتواصل مع أهلنا في مناطق مختلفة".
ليست يمنى وحدها، بل هو حال المئات، بل الآلاف من الأطفال الذين يعانون سوء الرعاية الطبية وعدم توفر الأغذية المناسبة لهم. فمنذ اندلاع الحرب بين طرفي الصراع، بات أطفال السودان يواجهون خطر الموت والجوع والمرض، وشكلت هذه الثلاثية شبحاً في وجه الأهالي وسط مصير مجهول لأبنائهن.
وعلى رغم المناشدات المستمرة في شأن وضع الأطفال في السودان منذ اندلاع الحرب، فإنه وصل إلى أدنى مستوياته وفي فترة وجيزة أعلن عن مئات الوفيات وسط الأطفال بسبب الجوع والمرض، مع خطر انتشار المجاعة وسوء التغذية في المناطق التي تشهد الصراع حالياً.
وأكدت المنظمات الإنسانية وفاة المئات من الأطفال بسبب الجوع والمرض، بينما تهدد الحرب 230 ألف طفل وامرأة، وتحصرهم في دائرة الموت جوعاً. ووسط الأخطار المحيطة، جاء بيان مشترك الأسبوع الماضي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، ليؤكد أن "أرواح أطفال السودان باتت في خطر جسيم، ولا بد من عمل عاجل لحماية جيل كامل من سوء التغذية والأمراض والموت".
وأجرت الوكالات الثلاث تحليلاً أثبت أن "الاقتتال الراهن يفاقم العوامل المحركة لسوء التغذية بين الأطفال، ومن بين هذه العوامل نقص إمكانية الحصول على الأغذية، ومياه الشرب المأمونة، وخدمات الصرف الصحي، وازدياد خطر الإصابة بالأمراض، كما يفاقم هذا الوضع التهجير الهائل للسكان، إذ فر عدد كبير منهم من مناطق النزاع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


جهود محلية
وشكلت الجهود المحلية أمراً أساساً لدرء الجوع والمرض عن أطفال السودان، إذ أطلق ناشطون منذ اندلاع الحرب مبادرات طوعية لتقديم وجبات غذائية للمرضى والمتأثرين بالحرب في مختلف مناطق العاصمة الخرطوم. وعملت غرف طوارئ في منطقتي الكلاكلة وجنوب الخرطوم، إذ تقدم الأولى 2500 وجبة يومياً لسكان المنطقة.
ولكن بحسب الناشط الميداني في أم درمان سليمان الخالدي فإن، "الجهود الذاتية في مناطق النزاع في بداية اندلاع الحرب كانت جيدة ولقينا دعماً من السودانيين في الخارج، ولكن مع طول أمد الحرب فقدنا القدرة على مواصلة نشاطنا، إذ قلت المساهمات المالية وذلك بسبب تدهور أحوال غالبية السودانيين في العالم، مع تراخي الجهود وفقدان الأمل والحالة النفسية التي يمر بها الجميع". وأضاف الخالدي أن "غرف الطوارئ بمنطقة أم درمان أصبحت توفر وجبة واحدة في الأقل بعد أن كانت توفر وجبتين في اليوم، ويأتي ذلك بعد بذل جهود مضاعفة وتكافل مضاعف عكس السابق، وهذا ينذر بخطر الأوضاع وقتامتها في الفترة المقبلة في حال عدم توقف الحرب واستمرار عودة النازحين إلى منازلهم بمناطق النزاع بعد نزوحهم إلى ولايات آمنة أثناء الحرب".
وحول إمكانية إنقاذ المبادرات الطوعية السودانية الأطفال من الجوع والمرض والموت قال الخالدي إن "الجهود المحلية لا يمكنها إنقاذ الأطفال في السودان وفي مناطق النزاع تحديداً من خطر الموت بمختلف الأمراض أبرزها الملاريا وسوء التغذية، وذلك بسبب عدم توفر المواد الغذائية الكافية، وخروج المستشفيات عن الخدمة، وتردي الأوضاع، وعدم وجود مسارات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية كالأدوية والأغذية وغيرها، إذ تعمل المبادرات الطوعية في السودان على توفير الحد الأدنى من حاجة الناس، والحفاظ على ما تبقى من الأرواح، وتوفير القليل من الحاجات مع فشل القدرة على توفير الأدوية المنقذة للحياة والتي تتطلب جهوداً خارجية".


أمر صعب
من جهتها، أكدت الناشطة الحقوقية نسرين المصطفى أن "الجهود المحلية لن تستطيع حل الأزمة التي يمر بها الأطفال في السودان الآن، لأن ما يحدث أكبر من قدرة المبادرات المحلية التي تعمل على توفير الحد الأدنى من الخدمات، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأمراض الخطرة كسوء التغذية الذي يؤدي إلى الموت ومشكلات أخرى، فإنها تستوجب تدخل المجتمع الدولي، الذي لا بد أن يقيم مستشفيات ميدانية بأسرع فرصة لأن كل المستشفيات في مناطق النزاع خرجت عن الخدمة وأصبحت لا تعمل، مع عدم وجود مسارات آمنة لتوصيل الأغذية وغيرها من الحاجات، لذلك لا بد من التخطيط لوضع خطة بواسطة المنظمات الدولية لإنقاذ الأطفال المتضررين".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات