Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نبوغ المهاجرين... من رحم المعاناة يولد التميز

آلاف الرياضيين في أوروبا وأميركا يضافون إلى أينشتاين ومؤسس "غوغل" وملك "الجينز الأزرق"

في الولايات المتحدة غالباً ما يستعان بالمهاجرين الذين جذبهم الحلم الأميركي وتمكنوا من تحقيقه (أ ف ب)

ملخص

وفقاً لتقرير صادر عن الأكاديمية الوطنية للعلوم والهندسة والطب عام 2017، فإن "الجيل الثاني من المهاجرين من بين أقوى المساهمين الماليين والاقتصاديين في الولايات المتحدة".

حين يتصاعد الخطاب الشعبوي ضد المهاجرين في بلد مكون من المهاجرين فقط على مر تاريخه، مثل الولايات المتحدة الأميركية أو في دول الاتحاد الأوروبي التي استقبلت أعداداً هائلة من مهاجري جنوب الكرة الأرضية خلال الأعوام الماضية، يبدأ الحديث عن أهمية المهاجرين في مد المجتمعات بدم جديد وثقافات مختلفة وأيدي عاملة.

ودائماً ما يكون للمتنافسين في الانتخابات الرئاسية الأميركية رأيهم في الهجرة والمهاجرين وقد تكون آراء مضادة، واليوم ترتفع أصوات أحزاب اليمين الأوروبي في مواجهة الهجرة غير الشرعية التي بدأت تؤثر في تركيبة المجتمعات المحلية سواء ديموغرافياً أو ثقافياً أو في الانقسام الطبقي والعرقي.

وكل النتائج التي تؤدي إليها الهجرة تجد من يدافع عنها ومن ينافح ضدها، ولكل فريق حججه الواضحة، ولكن أكثرها قوة تلك التي تضرب على الوتر الشعبوي أي الذي يتناول تهديد وجود السكان الأصليين، على رغم أن تحديد من هم السكان الأصليين في دول ككندا وأستراليا والولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية بات أمراً عسيراً.

ومع ذلك لا يزال التخويف من المستقبل المرتبط بتزايد أعداد المهاجرين يلقى رواجاً ككل خطاب تهديدي ترويجي شعبوي، إلى درجة يمكن فيها لرئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترمب أن يقنع الشعب الأميركي ببناء جدار على طول الحدود الأميركية - المكسيكية لمنع المهاجرين من أميركا الجنوبية.

أبناء المهاجرين ودوافع التطور

للمدافعين عن الهجرة حجج كثيرة تجعل المهاجرين جزءاً ولا يتجزأ من المجتمع وتحديداً في الولايات المتحدة، والحجة الأوضح هي أن أبناء المهاجرين الذين يتمكنون من الحصول على التعليم الجيد والفرص الاجتماعية المتكافئة يمكنهم تحقيق إنجازات كبرى للبلد المضيف الذي يصبح بلدهم في النهاية.

في الولايات المتحدة غالباً ما يستعان بالمهاجرين الذين جذبهم الحلم الأميركي وتمكنوا من تحقيقه، أو الذين وصولوا إلى البلاد فقراء معدمين ثم ارتقوا في السلم الاجتماعي درجة درجة، للدلالة على كفاءتهم وإصرارهم وقدرتهم على الإندماج، فتدرج مجموعة كبيرة من الأسماء لأشخاص ظهروا من عوالم الهجرة ومجتمعاتها ليصبحوا نجوماً في سمائها.

ومن أشهر هؤلاء المهاجرين ألبرت أينشتاين، والد الفيزياء الحديثة وصاحب النظرية النسبية الخاصة، والشخصية الثانية من المهاجرين التي غيرت الولايات المتحدة هو سيرجي برين الذي هاجر من روسيا ليؤسس شركة "غوغل" ويصبح من رواد "وادي السيليكون" الأشهر وأكثرهم ثراء.

وهناك مهاجرون أكثر شهرة لأن اسمهم يعرفه الجميع، منهم ليفي شتراوس المهاجر الألماني الذي أسس عام 1873 أول شركة تبيع الجينز الأزرق قبل أن يصبح اسمه على سراويل معظم مرتدي الجينز حول العالم.

 

 

جائزة "بوليتزر" للصحافة سميت على اسم جوزيف بوليتزر، المهاجر المجري إلى الولايات المتحدة، أما وزيرة الخارجية الأميركية الراحلة والتي تركت أثراً واضحاً في العالم، مادلين أولبرايت، فهي بدورها مهاجرة تشيكلوسلوفاكية وكانت أول امرأة تشغل منصب وزيرة الخارجية الأميركية، وقبل ذلك كانت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة.

لكن الرجل الذي عمل كعامل نظافة منذ وصوله من الاتحاد السوفياتي إلى الولايات المتحدة، فهو من بين المهاجرين المثيرين للإعجاب بعد اختراعه تطبيق "واتساب" الذي استحوذت عليه شركة "فيسبوك" عام 2014 في مقابل 19 مليار دولار، مما جعل يان كوم رجلاً ثرياً ليؤسس مجموعة أخرى من الشركات الناجحة حتى اليوم في أميركا.

أرنولد شوارزنيجر، لاعب كمال الأجسام والممثل ثم السياسي حاكم ولاية كاليفورنيا، كان بدوره مهاجراً من النمسا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في أوروبا يبدو من السهل على الجميع فهم أهمية المهاجرين من خلال أعضاء المنتخبات الوطنية لكرة القدم، وقد اشتهر منهم العشرات بل المئات والذين لم يعد بالإمكان تمييز جنسياتهم الأصلية عن جنسيتهم الجديدة، ومنهم زين الدين زيدان في فرنسا، وكثير من أقرانه الذين لا يسع المقام لتعدادهم هنا، وهذا ما سمي أوروبياً "مساهمة الهجرة" من بلدان الجنوب أو من البلدان السابقة التي استعمرتها الإمبراطوريات السابقة، في كرة القدم الأوروبية.

وفي نظرة سريعة اليوم على صور فرق كرة القدم في بلجيكا وفرنسا وهولندا نجد أنها تضم عدداً كبيراً من اللاعبين من الجزائر والكونغو وساحل العاج وغينيا، وكذلك مالي والسنغال وسورينام، وغيرها من الدول التي كانت مستعمرات أوروبية سابقاً، وفرق كرة القدم هي بمثابة مختبر مرئي وملموس للتمازج والاندماج والتكثيف الاجتماعي بين المهاجرين والسكان الأصليين، والذي يمكنه تشكيل فريق من 11 لاعباً.

وهناك أوروبيون كثر بهذا المزيج من السكان يعملون في معظم البلدان الأوروبية على مدى الـ50 عاماً الماضية، والذي يظهر في تكوين المنتخبات الوطنية لكرة القدم الأوروبية.

لماذا يصل كثير من المهاجرين إلى القمة؟

هذه العينة من المهاجرين إلى الولايات المتحدة من الواصلين إلى القمة ليست إلا قمة جبل الجليد، لأن أصحابها تمكنوا من تحقيق شهرة إعلامية وباتوا معروفين لدى الناس، ولكن هناك مهاجرين يعملون في أعمال علمية بحتة في الفيزياء والطب والتعليم والتجارة في معظم دول العالم الأول، لا يعرفهم الناس كثيراً.

نشر البروفيسوران أبراميتسكي من "جامعة ستانفورد" وبستان من "جامعة برينستون" كتاباً بعنوان "شوارع الذهب: قصة أميركا غير المروية عن نجاح المهاجرين"، وقد حاولا في هذا الكتاب الاعتماد على سجلات التعداد الهائلة للمهاجرين لقراءة أوضاعهم ومدى الفائدة أو الضرر الذي شكلوه أو قد يشكلونه على المجتمعات المستضيفة.

 

 

وفي استعراض سريع للبيانات التي توصل إليها الباحثان فقد وجدا أن دخل أبناء المهاجرين أكبر، مقارنة بالأولاد الذين ولد آباؤهم في الولايات المتحدة، وأن هؤلاء الأبناء يشقون طريقهم بشكل سريع نحو تحسين أوضاعهم الاجتماعية، ويضيف البحث أن احتمالات تحول أبناء المهاجرين إلى أثرياء ترتفع بمقدار الضعف تقريباً عن المولودين في الولايات المتحدة.

ووفقاً لتقرير عام 2017 صادر عن "الأكاديمية الوطنية للعلوم والهندسة والطب"، فإن "الجيل الثاني من المهاجرين، أي الذين هاجر أهلهم إلى الولايات المتحدة، هم من بين أقوى المساهمين الماليين والاقتصاديين في البلاد".

ولاحظ البروفيسور أبراميتسكي أن "في أميركا شوارع ذهبية بالفعل تسمح للمهاجرين بجني المال بسرعة أكثر مما كانوا ليكسبوه في بلدهم الأصلي، ولكن الارتقاء في السلم الاقتصادي في أميركا واللحاق بمولود في الولايات المتحدة يستغرق وقتاً".

أما عن سبب هذا الأداء المميز لأبناء المهاجرين الجدد فأرجع لسببين رئيسين، الأول لأنه كان لدى الأطفال وقت أكبر للتفوق على الآباء الذين أعيقت حياتهم المهنية بسبب ضعف المهارات اللغوية أو نقص المؤهلات المهنية، والمثال الكلاسيكي على هذا الأمر هو عمل طبيب مهاجر في قيادة سيارة أجرة، ولكنه يدفع أبناءه إلى تحقيق ما لم يحققه بعد انضمامهم منذ الولادة في المجتمع الجديد.

أما السبب الثاني فهو استقرار المهاجرين في أجزاء من البلاد تشهد نمواً قوياً في الوظائف، مما يميزهم عن الأميركيين المولودين في الولايات المتحدة والمتجذرين بقوة في الأماكن التي ولدوا فيها، ولو أصابها الضعف الاقتصادي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير