Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يستفيد الإرهابيون من الذكاء الاصطناعي؟

التنظيمات أصبحت قادرة على أتمتة أنشطتها المتطرفة في جمع المعلومات والدعاية والتجنيد وتطوير تكتيكاتها الهجومية

تستخدم الجماعات الإرهابية تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لإنشاء ونشر الأفكار والمفاهيم التي تعزز أيديولوجيتها وأهدافها (أ ف ب)

ملخص

يخلق استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض إرهابية تأثيراً كبيراً على طريقة تجنيد المنظمات الإرهابية وتخطيطها وتنفيذها للهجمات، مما يزيد من كفاءتها ويسبب أخطاراً وتهديدات كبيرة للأمن العالمي، كما أن استخدامه لأغراض إرهابية يمكن أن يولد تهديدات جديدة من المهم استكشافها وفهمها.

تنوعت أشكال الإرهاب مع تطور الزمن، فانتقلت من أبسط الهجمات بالأسلحة البيضاء أو الأجهزة المتفجرة المصنوعة يدوياً إلى الهجمات السيبرانية المتطورة التي يتم تشغيلها من خلال مرافق الذكاء الاصطناعي الذي يتمتع بإمكانات استثنائية لتغيير وتحويل الطريقة التي تعمل بها المنظمات الإرهابية.

وهكذا بات يمكن للإرهابيين استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة مهام محددة مثل جمع المعلومات والدعاية والتجنيد، وكذلك لتطوير أدوات أكثر تطوراً وتمويل طرائق أو تكتيكات تشغيلية.

من هنا يخلق استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض إرهابية تأثيراً كبيراً على طريقة تجنيد المنظمات الإرهابية وتخطيطها وتنفيذها للهجمات، مما يزيد من كفاءتها ويسبب أخطاراً وتهديدات كبيرة للأمن العالمي، كما أن استخدامه لأغراض إرهابية يمكن أن يولد تهديدات جديدة من المهم استكشافها وفهمها من أجل توفير مجموعة من البيانات تدعم تطوير السياسات والحلول المناسبة لمنع ومكافحة الإرهاب من قبل المؤسسات المتخصصة.

نشر الأفكار

من حيث الدعاية تستخدم الجماعات الإرهابية تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لإنشاء ونشر الأفكار والمفاهيم التي تعزز أيديولوجيتها وأهدافها، إحدى هذه الطرق تتجسد باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي أو تحديد الأهداف المحتملة، وتتمتع هذه الخوارزميات بالقدرة على إنشاء محتوى شخصي جذاب ويتماشى مع أهدافها من أجل التلاعب بالناس وإقناعهم بالتزام أيديولوجية معينة.

ويمكن استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لمعالجة الصور ومقاطع الفيديو وإنشاء محتوى يبدو أصلياً ولكنه ينشر معلومات كاذبة أو مبالغ فيها، وفي السنوات الأخيرة اجتاح عالم الإنترنت مقاطع فيديو "شديدة التزييف" سهلت إمكانية التلاعب بالمستخدمين من قبل كيانات مختلفة ذات نيات خطرة، لذلك أطلق الخبراء على ظاهرة مقاطع الفيديو التزييفية العميقة اسم "أخطر تهديد خلقته تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي"، إذ يمكن أن تنتشر هذه الظاهرة بسهولة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي.

وكان لافتاً لجوء تنظيم "داعش" منذ مارس (آذار) الماضي لنشر مقاطع فيديو شبه أسبوعية حول عملياته في أنحاء العالم، يظهر فيها مذيع مزيف تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي عبر برنامج يسمى "نيوز هارفست" لكسب أكبر تعاطف ممكن، ويسمح استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي هذه للتنظيم بإنتاج دعاية عالية الجودة بموازنة ضئيلة، مما يجعل من الصعب على شركات التكنولوجيا التحكم في هذا المحتوى.

 وسبق ذلك في السابع من أغسطس (آب) 2023، ادعاء أحد الموالين للتنظيم أنه قام بنسخ رسالة دعائية باللغة العربية باستخدام نظام التعرف التلقائي على الكلام (ASR) القائم على الذكاء الاصطناعي، ليتم بعدها نشر المادة على منصة أرشفة تحظى بشعبية لدى مستخدمي "داعش" لاستضافة ومشاركة الدعاية.

وتمكن العام الماضي عدد من الخبراء الأمنيين من اكتشاف أربع حالات يقوم فيها تنظيم "القاعدة" باستخدام الذكاء اصطناعي لإنتاج الدعاية، ونشر هذه المنشورات على إحدى منصات التواصل الاجتماعي التي تحظى بشعبية كبيرة لدى المتشددين، وكان فيها مؤشرات مشتركة تشير إلى إنشائها بواسطة الذكاء الاصطناعي، مثل التناقضات في أنظمة الأسلحة الموضحة والتشوهات الشاذة في المعدات والملابس.

 

 

واستطاع بعض المتخصصين الأوروبيين في جرائم المعلوماتية العام الماضي من تحديد قناة على تطبيق مراسلة مخصص لمشاركة صور النازيين الجدد التي يزعم أنها أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي، وبحسب ما كشفته التحقيقات تحوي القناة 360 رسالة، الغالبية العظمى منها عبارة عن صور تمجد شخصيات نازية تاريخية، مثل أدولف هتلر وجوزيف غوبلز، إلى جانب صورة تصور نابليون بونابرت وهو يطلق النار على حشد من حركة "حياة السود مهمة".

التجنيد

وتستخدم الجماعات الإرهابية أيضاً تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتجنيد أعضاء جدد من المناطق الجغرافية الأكثر تنوعاً في العالم، فبدأت باستخدام روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي للمشاركة في حوارات مختلفة مع المجندين المحتملين والإجابة عن أسئلتهم، والتأثير في سلوكهم.

ويمكن لروبوتات الدردشة تحليل محتوى المحادثات لتحديد العوامل التحفيزية المحتملة للأشخاص الذين من المحتمل أن ينضموا إلى المجموعة، كما يمكن استخدام خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي لاختيار الأشخاص الذين أعربوا عن اهتمامهم بموضوعات تتعلق بأيديولوجية المجموعة واستهدافهم برسائل مخصصة.

توازياً، تستخدم الجماعات الإرهابية منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ذات التشفير الشامل، مما يسمح لها بالتواصل بطريقة خاصة وآمنة، من دون أن تعترضها السلطات، وفي دراسة حديثة تحلل نشاط تنظيم "داعش" على "تيليغرام"، تبين أنه في الفترة ما بين الأول من فبراير (شباط) و30 سبتمبر (أيلول) 2021، كان لدى التنظيم روبوتات دردشة تنشر في المتوسط 176 رسالة كل يوم، وتحدد ثلاث وظائف أساسية ألا وهي توزيع المحتوى وإدارة المجموعات (حظر مرسلي البريد العشوائي وحذف الرسائل) وحراسة البوابة، أي السماح للمستخدمين بالانضمام أو مشاركة الروابط المختلفة.

من ناحية ثانية، يمكن للمنظمات الإرهابية استغلال المزايا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في التعرف على الوجه لتحديد الضحية المحتملة، بصرف النظر عن الموقع أو السياق، ومن ثم تجنيدها لأغراض إرهابية، ومن خلال استخدام الخوارزميات، تمكن تقنية التعرف على الوجه من تحديد الصور واختيارها وتنظيمها، فضلاً عن تحديد الأنماط السلوكية للأشخاص الخاضعين للمراقبة، وهذا ما يسهم بصورة كبيرة في كفاءة عملية توظيف الأعضاء الجدد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبذلك نلاحظ أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي توفر للجماعات الإرهابية مجموعة قوية من الأدوات التي يمكنهم من خلالها إنشاء ونشر الدعاية، لا وبل تجنيد مجندين جدد بطريقة أسهل بكثير ولا تنطوي على استثمارات كبيرة.

التخطيط والتنفيذ

إلى ذلك، تستخدم المنظمات الإرهابية تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المدمجة مع الأنظمة التجارية لتخطيط وتنفيذ الهجمات بطريقة أكثر كفاءة وتعقيداً، مما يشكل تهديداً خطراً للأمن العالمي خصوصاً أن الخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لديها القدرة على تحليل كميات كبيرة من البيانات من مصادر مختلفة حتى تتمكن من تحديد الأهداف المحتملة، وتنفيذ الهجمات من دون أي تدخل بشري وبمعدل نجاح مرتفع.

ومن ناحية أخرى، يمكن للإرهابيين أن يتلاعبوا عمداً بهذه التكنولوجيا لتحديد الأهداف أو تعيين هويات زائفة، ومن خلال تحليل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن للمنظمات الإرهابية تحديد الأنماط والمعلومات الأخرى ذات الصلة، التي قد تتضمن تفاصيل مهمة حول البنية التحتية الحيوية أو المناسبات المهمة أو الأماكن العامة التي قد تصبح أهدافاً محتملة للهجمات الإرهابية.

وتتمتع الخوارزميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بالقدرة على تقييم خطر الهجوم المحتمل وتطوير استراتيجيات لنشر الهجمات المحتملة، مما يسمح للإرهابيين بتفعيل مثل هذه الإجراءات الدقيقة والمنسقة، بالتالي تعظيم الضرر وتقليل خسائرهم، ومن خلال أتمتة الهجمات الإرهابية، يمكن للجناة الاستفادة من خوارزميات التعلم الآلي التي تسمح لهم بتحديد الأفراد الضعفاء أو الأهداف المحتملة للهجمات الإرهابية.

والأخطر من ذلك مواكبة الجماعات الإرهابية للتقنيات الجديدة، إذ يمكن للإرهابيين استخدام الذكاء الاصطناعي للتنسيق والتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار أو الأجهزة الأخرى ضمن تفعيل الهجمات المتزامنة، ومن أبرزها التسهيلات التي توفرها خوارزميات "ذكاء السرب" والتي تسمح بالتنسيق المستقل لعدد كبير من الوحدات الفردية.

التمويل

وبما أن التخطيط للهجمات الإرهابية وتنفيذها يحتاج إلى تمويل، فإن المصادر الأكثر شيوعاً لتمويل الإرهاب هي من خلال التبرعات الخيرية والأنشطة غير القانونية (التهريب والابتزاز والاحتيال)، وكذلك من خلال الأنشطة القانونية (القروض الشخصية أو الائتمانية).

وبدأت المنظمات الإرهابية في الأعوام الأخيرة استخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على التمويل من خلال استخدام العملات المشفرة، وهي طريقة دفع لا مركزية عبر سلسلة يصعب تتبعها، ومعظمها مصمم للقضاء على الرقابة والرسوم المرتبطة بمعاملات العملات الورقية التقليدية، ومن الأمثلة التي يمكن أن نوردها كشف سلطات مكافحة الإرهاب الأميركية في 2020، عن سلسلة من حملات جمع الأموال التي قامت بها جماعات إرهابية مثل تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، والتي تمكنت من خلالها من الحصول على تمويل كبير مرتكز على العملات المشفرة.

 

 

ويؤدي إدخال خوارزميات الذكاء الاصطناعي في نظام تشغيل العملات المشفرة، كما هي الحال مع شبكات "بلوكتشين"، إلى تحسين أداء ووظائف العملات المشفرة التقليدية، مع القدرة على إجراء معاملات أسرع بكثير، ولا يزال الافتقار إلى التنظيم المناسب وآليات المراقبة والرقابة الفعالة على صناعة العملات المشفرة يسمح للمنظمات الإرهابية باستخدام هذه الطريقة لتمويل أنشطتها.

الهجمات السيبرانية

ولا تنحصر أخطار اعتماد المنظمات الإرهابية على الذكاء الاصطناعي في النقاط التي ذكرناها آنفاً، إذ يشكل استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل المنظمات الإرهابية في عمليات الهجمات السيبرانية مصدر قلق دائم للحكومات وتهديداً أمنياً عالمياً كبيراً.

واليوم تتمتع هذه المجموعات بالقدرة على تطوير البرمجيات الخبيثة وغيرها من أدوات القرصنة المتقدمة التي أصبح من الصعب على أنظمة الأمن السيبراني اكتشافها ومواجهتها، ناهيك أن البنى التحتية الحيوية الأكثر ضعفاً في قطاع الطاقة والنقل وخدمات القطاع العام والاتصالات السلكية واللاسلكية والصناعات التحويلية، أضحت جميعها أهدافاً رئيسة لها.

وفوق هذا وذاك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن للجماعات الإرهابية تنفيذ هجمات إلكترونية على أنظمة المعلومات الخاصة بالمنظمات والمؤسسات العامة، بما في ذلك الحكومات والهيئات الدولية، مما يسمح لها بالوصول إلى البيانات السرية التي يمكن أن تزعزع استقرار عمل المؤسسات المعنية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير