Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن على خطى جدار ترمب فهل ينجح؟

ربما يكسب الرئيس الأميركي بضع نقاط في استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات لكن القرار لن يقلص أعداد المهاجرين

إذا أدى الحظر للتشكيك في مؤهلات بايدن كديمقراطي، قد يخسر من الأصوات بقدر ما يكسب منها (أسوشيتد برس) 

ملخص

"الأمر التنفيذي" قد يعزز موقع بايدن في استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات، لكنه من غير المرجح أن يجدي نفعاً في الحد من الهجرة غير المشروعة

ما نراه في المملكة المتحدة بصورة واضحة وصريحة للغاية هو أن الحملات الانتخابية قد تخلق شراكات غريبة وغير متوقعة في مجال السياسات - وها هي الولايات المتحدة تقدم لنا فجأة مثالاً نموذجياً على هذا الواقع. قبل 5 أشهر من موعد الانتخابات الفعلية أعلن جو بايدن الرئيس الديمقراطي الذي يشهد سجله في المواضيع الاجتماعية إجمالاً ميولاً ليبرالية، اتخاذ إجراء شبيه بصورة لافتة بإحدى أبرز السياسات التي اتبعها دونالد ترمب في 2016.

أتذكرون الوعد الرنان الذي قطعه ترمب ولم يمل من ترديده في تجمعاته الانتخابية بأن يبني جداراً يمنع المهاجرين المحتملين القادمين من المكسيك من عبور الحدود ودخول أراضي الولايات المتحدة؟ حسناً، يمكن اعتبار إعلان بايدن ثاني أسوأ القرارات بعد ذلك الوعد، فيما لا يرتب أية حاجة إلى أعمال بناء مكلفة.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فقد صدر هذا الأسبوع أمراً تنفيذياً يقول إن أي شخص - وعندما تقول الولايات المتحدة أي شخص، فهذا ما تعنيه عادة - يعبر الحدود بطريقة غير شرعية قد يرحل قبل أن يتم النظر في طلب لجوئه. يحدد برنامج يعمل به حالياً عتبة يومية لعدد العابرين، لكن فور تخطي هذه العتبة، ينتهي الموضوع.

وفي حقيقة الأمر، ألغت الولايات المتحدة من جانب واحد الحق الدولي بالتماس اللجوء. وتفيد التقارير بأن عمليات الترحيل بدأت بعد ساعات فقط من دخول الأمر حيز التنفيذ على رغم عدم الإعلان عن أية أرقام رسمية. وفي هذه الأثناء، تباينت ردود الفعل السياسية في الولايات المتحدة على القرار، وهو أمر متوقع، إذ بدأت مجموعات مناصرة الحريات المدنية تحضر دعوى طعن قضائية في هذا القرار بينما استخف الجمهوريون ومن بينهم ترمب به، معتبرين إياه غير كاف إطلاقاً.

لا شك في أن السجال سيستمر طوال الحملة الانتخابية الأميركية، لكن لجوء بايدن إلى ما وصفه أحد المعلقين الأميركيين بأنه أشد السياسات الحدودية تقييداً من جانب رئيس ديمقراطي في التاريخ الحديث يحمل دلالات كثيرة عن الولايات المتحدة وما الذي يمكنها أن تفعله أو لا يمكنها أن تفعله. وهو يبين بداية أن الديمقراطيات الأوروبية ليست الدول الوحيدة التي أصبح فيها ما يسمى الهجرة غير النظامية قضية محورية في الانتخابات.

وهي قضية يتوقع مثلاً أن تزيد الأصوات لصالح اليمين المتطرف في عدة بلدان خلال الانتخابات الأوروبية هذا الأسبوع، فتغير بالتالي تشكيلة البرلمان الأوروبي. ربما قبلت الولايات المتحدة في تاريخها استقبال معدلات كبيرة من المهاجرين - فهي تفخر أساساً بكونها دولة مهاجرين - لكن تسامحها ليس لا متناهياً فيما توازيه حدود قاسية في المجال القانوني.  

عكس اقتراح ترمب ببناء جدار القلق المتزايد في شأن الهجرة في الولايات الحدودية الجنوبية، لكن أعداد الوافدين التي بلغت أرقاماً قياسية خلال السنتين الماضيتين تعني أن أكثر من 3 ملايين طلب هجرة ينتظر البت فيها، فيما يبدو أن التأخير في هذه الإجراءات يشجع الآخرين على القدوم. أصبح ذلك عبئاً بالنسبة إلى بايدن وحملته الانتخابية، وهذا ما يفسر قراره بالتحرك، لكن طريقة تصرفه تبرز اختلافاً هائلاً بين الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية. تخيلوا أن يقول أي زعيم أوروبي ما قاله بايدن - "إن اختار أحدهم عدم اللجوء إلى طرقنا القانونية، وإن اختار المجيء من دون إذن وضد القانون، سيمنع من الحصول على حق اللجوء والبقاء في الولايات المتحدة" - وليس ذلك فقط، بل أيضاً أن يتمكن من تطبيق هذا الأمر في غضون ساعات.

ومن جهة أخرى، يمنح الأمر التنفيذي الرئيس الأميركي سلطة حاسمة في بعض المجالات. يمكن الطعن في هذا النوع من الأوامر في المحاكم - ألغت المحاكم محاولة ترمب منع الأفراد من دول ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة - إنما في ما عدا ذلك، يظل القرار ساري المفعول، لكن الرئيس الأميركي ليس مقيداً كثيراً لأنه أميركي بكل بساطة.

في المقابل تحد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من سلطات المملكة المتحدة وغيرها من الحكومات الأوروبية في موضوع الهجرة وغيرها من المواضيع المتعلقة بالحقوق - وهي المحكمة التي انضمت إليها كل هذه البلدان. وهذا يؤثر في قرارات المحاكم الوطنية ويشكل أعلى مستوى للاستئناف. وقد أعربت عدة حكومات عن شعورها بالإحباط من الضمانات على الحقوق الفردية التي تبدو أحياناً إما بالية أو متهاونة جداً - فيما قد يظهر بأن هذه الحقوق تتعارض مع مصالح مواطني البلاد.

ويبلغ نفوذ المحكمة في تكريس القيم التي تعد قيماً أوروبية درجة تجعل أية عمليات طعن في قراراتها قليلة، وعلى رغم تلويحها بذلك، لم تنفصل أي حكومة بريطانية فعلياً عنها. وهذه المشكلة تحديداً غير موجودة بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لكن في موضوع حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء، يجب أن تشعر بشيء من وخز الضمير لأنها أحد الموقعين على اتفاقيات جنيف المبرمة بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تحمي هذه الحقوق تحديداً. ومن الصعب ألا يكون لدى المرء انطباع بأن الولايات المتحدة لا تتحلى فعلياً بروح العمل الجماعي في القضايا القانونية على النطاق العالمي، كما تدعي في بياناتها الدورية الطنانة حول الحقوق والحريات الفردية، إذ شكل استخدام الترحيل الاستثنائي والاعتقال من دون محاكمة في خليج غوانتانامو انتهاكاً سافراً لكل أدوات الحماية الدولية تقريباً. وحتى لو اعتبرنا هذا المثال استثناءً، فالولايات المتحدة تشذ عن كافة القواعد بطرق متعددة كذلك. فهي مثلاً، ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، فيما وقعت على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية لعام 1996 دون أن تصدق عليها، وبدر عنها ردود فعل متباينة تجاه اتفاقات تغير المناخ الدولية، ولم تنضم أبداً إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهي القادرة لسخرية القدر على تعزيز موقفها من حيث تسيير الدوريات في البحر الأسود والأحمر والصيني الجنوبي.

ربما يتمتع الرئيس الأميركي بسلطات استثنائية، وقد تعتبر الولايات المتحدة نفسها فوق المعايير القانونية الدولية لكن هذه الميزات - مقارنة بالحكومات الأوروبية - لا تعني بأن أمر بايدن سيخلف الآثار المأمولة منه.

حتى لو لم ينجح الطعن القانوني في القرار وهذا احتمال كبير، فليست مستويات الهجرة انعكاساً لجاذبية الوجهة فحسب، بل هي أيضاً انعكاس للوضع في الدول التي يغادرها المهاجرون. وما عادت هذه الدول الآن محصورة بالمكسيك وحدها، وهي ليست حتى المصدر الأساس للمهاجرين الذين يأتون من دول أقل استقراراً في مناطق أبعد من الجنوب والغرب.

تحاول الولايات المتحدة أن تفاوض على إبرام اتفاقات لإعادة المهاجرين غير النظاميين إلى المكسيك وأيضاً إلى دول أخرى مباشرة، لكن هذا الإجراء سيتطلب وقتاً وقد يتعقد بسبب وجود رئيس جديد في المكسيك. كما يشكل فشل دونالد ترمب تحذيراً في هذا المجال، إذ يعود سبب إحباط مخططاته في شأن الجدار إلى مسألة الحقوق في الولايات الفردية وبصورة رئيسة إلى تلكك الكونغرس في التصويت على تخصيص المبالغ اللازمة لذلك.

ربما يحرز الرئيس الأميركي بضع نقاط في استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات بفضل قراره التنفيذي - إنما لا يمكن حسم تأثير هذا القرار بعد لجهة تقليص أعداد المهاجرين المستقبليين أو تخفيف استقطاب ترمب للناخبين باعتباره رجل الدفاع عن الحدود.

وهناك خطر إضافي: إذا أدى الحظر على طلبات اللجوء إلى التشكيك في مؤهلات بايدن كديمقراطي، قد يخسر من الأصوات بقدر ما يكسب منها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل