Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"النقد الدولي": النشاط الاقتصادي في السعودية لا يزال قويا

الصندوق يرى أن الجهود الرامية إلى تنويع الأنشطة الاستثمارية بدأت تؤتي ثمارها في الرياض ومعدل البطالة سجل انخفاضات تاريخية

النقد الدولي": اقتصاد السعودية تمكن من تجاوز التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط بصورة جيدة (اندبندنت عربية)"

ملخص

وحول معدلات البطالة في الرياض قال الصندوق الدولي إن "معدل البطالة سجل انخفاضات تاريخية، فخلال عام 2023 أضاف الاقتصاد السعودي أكثر من مليون وظيفة جديدة في القطاع الخاص بصفة أساس

"يحرز التحول الاقتصادي غير المسبوق الذي تشهده السعودية تقدماً كبيراً في الوقت الحالي بعد أن ساعدت السياسات الاقتصادية الكلية الاحترازية، والتغيرات التي أحدثت تحولات إضافة إلى قوة الطلب المحلي على إعطاء دفعة للنمو غير النفطي"، هكذا استهل صندوق النقد الدولي بيانه الختامي لمشاورات "المادة الرابعة" لعام 2024.

وقال الصندوق الدولي إن "التضخم قيد الاحتواء ولا تزال عملية إعادة ترتيب أولويات الإنفاق وتعديل برامج الإنفاق الكبرى جارية"، مشيراً إلى أن الجهود الرامية إلى تنويع الأنشطة الاقتصادية بدأت تؤتي ثمارها في الرياض.

وتابع صندوق النقد الدولي أنه "بناء على هذه النجاحات سيكون من المهم الحفاظ على زخم النمو غير النفطي واستقرار القطاع المالي، ومواصلة التخفيف من حدة أخطار فورة النشاط الاقتصادي، وعكس مسار تراجع الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج وضمان العدالة بين الأجيال".

التطورات الاقتصادية الأخيرة

ولفت الصندوق إلى أن النشاط الاقتصادي لا يزال قوياً على رغم أن النمو غير النفطي الحقيقي تباطأ من 5.3 في المئة عام 2022 إلى 3.8 في المئة عام 2023، موضحاً "تلك النسبة لا تزال قوية إذ إن الاقتصاد السعودي مدعوم غالباً بالاستهلاك الخاص والاستثمارات غير النفطية، مع تراجع هذا النوع من الاستثمارات إلى 11.5 في المئة (هبوطاً من نمو استثنائي بلغ 32 في المئة عام 2022).

وأضاف أن "إجمال الناتج المحلي النفطي سجل انكماشاً بتسعة في المئة في 2023"، مرجعاً ذلك بصفة أساس إلى التزامات الرياض بمقتضى اتفاق "أوبك+" والخفض الطوعي لإنتاج النفط، مما أدى إلى انكماش إجمال الناتج المحلي الكلي 0.8 في المئة.

وأشار الصندوق الدولي إلى أنه "في حين يشير النمو غير النفطي في الربع الأول من عام 2024 إلى بعض التراجع في النشاط الاقتصادي، إذ يقدر محللو الصندوق أن فجوة الناتج تظل في معدلات موجبة بما يقارب من اثنين في المئة من إجمال الناتج المحلي غير النفطي المحتمل".

وأكد أن اقتصاد السعودية تمكن من تجاوز التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط بصورة جيدة، وذلك بفضل محدودية انكشاف الأنشطة التجارية والمالية للأخطار المتأتية من المناطق المتأثرة بهذه التوترات وعدم انقطاع عمليات الشحن.

معدل البطالة سجل انخفاضات تاريخية

وحول معدلات البطالة في الرياض قال الصندوق الدولي إن "معدل البطالة سجل انخفاضات تاريخية، فخلال عام 2023 أضاف الاقتصاد السعودي أكثر من مليون وظيفة جديدة في القطاع الخاص بصفة أساس.

وانخفض معدل البطالة الكلي بين السعوديين إلى 7.7 في المئة في الربع الأخير من عام 2023، مقترباً من بلوغ هدف السبعة في المئة المحدد في "رؤية السعودية 2030"، مؤكداً أن معدلات المشاركة في سوق العمل ظلت في مستويات مرتفعة تاريخياً وإن كانت ثابتة نسبياً خلال العام الماضي لكل من الرجال والنساء، على رغم أن معدل مشاركة المرأة لا يزال يتجاوز المستهدف في "رؤية السعودية 2030" الذي يبلغ 30 في المئة بصورة مريحة.

وأشار الصندوق إلى أن التضخم الكلي تباطأ بسرعة على رغم وجود بعض مواطن الضغط، فبعد أن بلغ التضخم على أساس سنوي ذروته بنسبة 3.4 في المئة في يناير (كانون الثاني) 2023 تراجع إلى 1.6 في المئة في أبريل (نيسان) 2024، مدفوعاً بارتفاع سعر الصرف الفعلي الاسمي، إلا أن أسعار الإيجارات آخذة في التزايد بمعدل سريع يبلغ نحو 10 في المئة في ظل تدفقات العمال الأجانب إلى البلاد والخطط الكبيرة لإعادة التطوير في الرياض وجدة، وارتفعت أيضاً أسعار الجملة في الآونة الأخيرة في انعكاس لزيادة كلف المدخلات، وحتى يومنا هذا لوحظت بعض الزيادة في أجور العمالة الماهرة.

ومن جهة أخرى سجل فائض الحساب الجاري تراجعاً كبيراً وبصفة أساس جاء تراجع فائض الحساب الجاري من 13.7 في المئة من إجمال الناتج المحلي عام 2022 إلى 3.2 في المئة عام 2023، انعكاساً لانخفاض الصادرات النفطية وللنمو القوي في الواردات ذات الصلة بالاستثمار، إذ خفف وجود فائض قياسي في ميزان الخدمات بما في ذلك زيادة بـ38 في المئة في صافي دخل السياحة من حدة هذا التراجع إلى حد ما.

وقال "صندوق النقد" إن حيازة البنك المركزي السعودي "ساما" من صافي الأصول الأجنبية بلغت 423.7 مليار دولار في أبريل 2024، وهو رقم أعلى قليلاً من مستواه في نهاية عام 2023، مشيراً إلى أن الاحتياطات لا تزال كبيرة إذ تمثل 15.6 شهر من الواردات و208 في المئة على مقياس صندوق النقد الدولي لكفاية الاحتياطات في نهاية عام 2023. 

الآفاق والأخطار الاقتصادية

ورحب محللو صندوق النقد الدولي بالعملية الأخيرة لتعديل متطلبات التمويل المتعلقة بأهداف "رؤية السعودية 2030"، مشيراً إلى أنه أدى تطبيق التعديل إلى إعادة ترتيب أولويات الإنفاق من طريق زيادة وتيرة تنفيذ بعض المشروعات والاستراتيجيات القطاعية وتمديد الجدول الزمني لمشروعات أخرى، إذ إن هذه العملية ستساعد على ضمان التسلسل المناسب للإنفاق الموجه إلى الحد من أخطار فورة النشاط الاقتصادي والحفاظ على استدامة المالية العامة والمركز الخارجي.

ويرى محللو الصندوق ضرورة الإعلان عن الانعكاسات الأساس لهذه العملية، خصوصاً على الإنفاق والأولويات القطاعية حتى عام 2030 للمساعدة في توضيح أولويات الحكومة للمستثمرين والجمهور.

ومن المتوقع أن يظل الطلب المحلي الدافع الرئيس للنشاط الاقتصادي ويتوقع أن يبلغ النمو غير النفطي نحو 3.5 في المئة عام 2024، مع تراجع نمو الاستثمار قبل أن يرتفع خلال عام 2025 وما بعده بفضل صندوق الثروة السيادي (صندوق الاستثمارات العامة) وفي الفترة السابقة على بطولة كأس آسيا 2027، والألعاب الشتوية الآسيوية 2029 ومعرض "إكسبو" العالمي 2030 من بين عوامل أخرى.

ويتوقع الصندوق أيضاً انكماش الناتج النفطي بـ4.6 في المئة خلال عام 2024، وارتفاعه بـ5.1 في المئة خلال عام 2025 نتيجة تمديد خفض إنتاج النفط خلال عام 2024 وتعافى الإنتاج تدريجاً إلى 10 ملايين برميل يومياً خلال عام 2025.

وفي ظل هذه الافتراضات ستزيد وتيرة نمو إجمال الناتج المحلي الكلي ليبلغ نحو 4.5 في المئة خلال عام 2025 قبل أن يستقر عند 3.5 في المئة سنوياً على المدى المتوسط.

وإضافة إلى ذلك من الممكن أن يظل معدل التضخم ثابتاً عند 1.9 في المئة عام 2024 مدعوماً بربط العملة بالدولار الأميركي، إذ إن الدولار الأميركي قوي في الواقع على نحو يتسم بالصدقية وسياسات محلية داعمة.

ومن المتوقع أيضاً احتواء الضغوط التضخمية من طريق الدعم المحلي ومرونة عرض العمالة الوافدة، على رغم التوقعات بوجود فجوة موجبة في الناتج على المدى المتوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتظل هوامش الأمان الخارجية كبيرة على رغم تراجع ميزان الحساب الجاري، ومن المتوقع أن يسجل الحساب الجاري عجزاً خلال عام 2024 يبلغ في المتوسط نحو 2.3 في المئة من إجمال الناتج المحلي ما بين عامي 2026 و2029، بسبب انخفاض عائدات صادرات النفط وزيادة الواردات ذات الصلة بالاستثمار، وستظل الاحتياطات الدولية كبيرة بمتوسط 13 شهراً من تغطية الواردات على المدى المتوسط.

وتابع صندوق النقد أن الأصول الأجنبية في حيازة صندوق الثروة السيادي والكيانات الأخرى المرتبطة بالحكومة توفر مزيداً من هوامش الأمان القوية.

وتتسم الأخطار المحيطة بآفاق النمو بأنها متوازنة بوجه عام في ظل ارتفاع درجة عدم اليقين، فعلى الجانب الإيجابي يمكن للتنفيذ السريع للإصلاحات والاستثمارات أن يحقق مكاسب نمو أقوى أو في وقت أقرب من المتوقع، وعلى العكس من ذلك يمكن أن تؤدي الضغوط الرامية إلى تسريع وتيرة الاستثمارات إلى زيادة أخطار فورة النشاط الاقتصادي.

وأما على الجانب السلبي فإن الخروج عن مسار جدول أعمال الإصلاح وتباطؤ النشاط العالمي وتقلبات الأسواق المالية والأحداث الجيوسياسية ونمو العرض من البلدان غير الأعضاء في "أوبك+"، تمثل جميعاً أخطاراً رئيسة على المدى المتوسط إلى المدى الطويل، ويمكن لتحول أسرع في الطلب عن الوقود الأحفوري أن يعرقل النمو.

سياسة المالية العامة

ويرى صندوق النقد الدولي في بيانه الختامي حول مشاورات المادة الرابعة الصادر اليوم الجمعة أنه "بعد تحقيق فائض للمرة الأولى خلال تسعة أعوام عام 2022، تأرجح رصيد المالية العامة ليسجل عجزاً خلال عام 2023، وتفاقم العجز الأولي غير النفطي إلى 33 في المئة من إجمال الناتج المحلي غير النفطي عام 2023، وذلك من 32.2 في المئة عام 2022، انعكاساً بصفة أساس لتركيز بعض الإنفاق الرأسمالي وتسارعه.

وتحول رصيد المالية العامة الكلي إلى عجز بسبب تراجع الإيرادات النفطية 12 في المئة على رغم قيام شركة "أرامكو" بتوزيع جديد للأرباح، مرتبط بالأداء بما يقارب من اثنين في المئة من إجمال الناتج المحلي.

ويظل الدين العام بنسبة 26.2 في المئة من إجمال الناتج المحلي (منذ نهاية عام 2023) منخفضاً وفي حدود يمكن الاستمرار في تحملها.

ومن المتوقع أن يزداد اتساع عجز المالية العامة الكلي هذا العام، وفي حين تتوقع موازنة عام 2024 أن يستقر العجز الكلي عند أقل قليلاً من اثنين في المئة من إجمال الناتج المحلي فإن انخفاض الإيرادات المقدر بسبب مد فترة خفض إنتاج النفط مقترناً بتجاوز حدود الإنفاق، مشيراً إلى ما ظهر من خلال زيادة كبيرة في الإنفاق في الربع الأول من العام، إذ يمكن أن يدفع العجز الكلي إلى نحو ثلاثة في المئة من إجمال الناتج المحلي عام 2024.