ملخص
رفض كير ستارمر دعم وقف إطلاق نار غير مشروط في غزة، مما أثار انقساماً بين الناخبين المسلمين الذين يدعمون تقليدياً وبصورة كبيرة حزب يسار الوسط.
على رغم البعد الجغرافي بين غزة والوديان الخضراء في يوركشاير فإن الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر تؤثر في الانتخابات التشريعية في شمال إنجلترا، حيث يشعر كثير من المسلمين بالغضب إزاء موقف حزب "العمال" من القتال الذي أحدث دماراً هائلاً في القطاع الفلسطيني.
وعلى رغم أن الترجيحات تفيد بأن الفوز سيكون حليفاً لهذا الحزب في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، فإن رفض زعيمه كير ستارمر دعم وقف إطلاق نار غير مشروط في غزة أثار انقساماً بين الناخبين المسلمين الذين يدعمون تقليدياً وبصورة كبيرة حزب يسار الوسط.
وفي عام 2019 صوت نحو أربعة من كل خمسة مسلمين بريطانيين لمصلحة "العمال" في تجسيد لإرث من الروابط التاريخية بين الحزب والعمال القادمين من باكستان أو من بنغلاديش في الخمسينيات والستينيات.
غير أن استطلاعاً حديثاً أفاد بأن واحداً من كل خمسة من هؤلاء الناخبين سيصوت لحزب "العمال" في الانتخابات المقبلة مما يحمل تأثيراً مهماً على النتائج في بعض الدوائر الانتخابية التي تضم جالية مسلمة كبيرة، مثل كيغلي وإيلكي في يوركشاير.
أصوات الناخبين المسلمين
ويقول مرشح حزب "العمال" جون غروغان الذي التقته وكالة الصحافة الفرنسية بمكتبه في كيغلي حيث كان محاطاً بملصقات ومنشورات تحمل عبارة "صوتوا لحزب العمال"، "من المؤكد أن هذه مشكلة ولكنني آمل أنه مع تقدم الحملة الانتخابية سأتمكن من الاحتفاظ بحزء كبير من أصوات الناخبين المسلمين الذين يشعرون بقلق إزاء هذه القضية".
وأضاف بينما كان يشرع بالقيام بجولة انتخابية "هنا تتخذ المساجد موقفاً محايداً في حين تقول مساجد في بعض بلدات شمال إنجلترا ’لا تصوتوا لأي من الأحزاب الرئيسة‘".
وخلال جولته أوقفه أحد الناخبين وسأله في شأن موقف حزبه من الحرب في غزة فأجاب أن حزب "العمال" سيحترم سلطة المحكمة الدولية، وسيعترف بالدولة الفلسطينية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غير أن الناخب رد قائلاً "كير ستارمر سيكون قائدكم ومهما قال ستتبعونه". وأضاف "جورج غالاواي هو الوحيد الذي يتحدث عن الأمر" في إشارة إلى النائب اليساري المتطرف الذي كان عضواً في حزب "العمال"، والذي بات نائباً مستقلاً خلال انتخابات فرعية بعدما أدرج حرب غزة في صلب حملته الانتخابية.
واندلعت الحرب في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أسفر عن مقتل 1194 شخصاً غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لتعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
ورداً على ذلك شن الجيش الإسرائيلي هجوماً واسع النطاق في غزة خلف 37296 قتيلاً معظمهم من المدنيين، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في حكومة غزة التي تقودها "حماس".
وكان كير ستارمر جعل من مكافحة معاداة السامية أولوية عندما تولى رئاسة حزب "العمال" عام 2020، وتبنى موقفاً ثابتاً في دعم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023، مما مثل تقارباً مع موقف حكومة المحافظين.
نتائج "المحافظين" الكارثية
وبينما جرت تظاهرات ضخمة دعماً للفلسطينيين في المملكة المتحدة استهدفت بعض التحركات الاحتجاجية حزب "العمال" بصورة منتظمة أيضاً.
وخلال الانتخابات المحلية في مايو (أيار) الماضي اضطر المخططون الاستراتيجيون لحزب "العمال" إلى الاعتراف بأن موقفهم في شأن الحرب في غزة كلفهم أصواتاً. وبينما يأملون في الاحتفاظ بدائرة كيغلي وإلكي الانتخابية في الرابع من يوليو (تموز) المقبل فإن الانقسام الجديد يثير تساؤلات أعمق في شأن اتجاه الحزب.
وتظهر استطلاعات الرأي نتائج كارثية بالنسبة إلى حزب "المحافظين" في المملكة المتحدة عموماً، ويبدو من المنطقي أن يحتفظ حزب "العمال" بمقعدي كيغلي وإلكي، غير أن مشاركة مرشحين مستقلين مثل فاسيم شابير الذي ركز حملته الانتخابية على غزة تؤدي إلى زعزعة قواعد اللعبة.
ويقول شابير أمام متجر رفع علم حملته إن "غزة حفزت عدداً من الناخبين الذين كانوا لا مبالين سياسياً أو صامتين". ويضيف "نريد أن نغير مسار هذه الانتخابات" موضحاً أن هدفه هو منع فوز حزب "العمال".
ووفق المحامي شايد إقبال وهو من الشخصيات المعروفة ضمن الجالية المسلمة في المدينة فإن الاستياء قوي بين الناخبين، ويقول "إنهم غاضبون من كلا الحزبين لكنهم غاضبون أكثر من حزب العمال لأنهم اعتقدوا أنه سيدافع عن حقوق الإنسان ويدين الفظائع".
ومن جهته يحذر شابير من أن "الشبان الباكستانيين والبنغاليين المولودين في بريطانيا في هذه الدائرة الانتخابية لا يريدون التصويت لمصلحة حزب العمال"، مضيفاً "أعتقد أنهم سيخسرون أصوات جيل المستقبل".