Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"وادي سيدنا"... قاعدة السودان الحصينة

باتت بمثابة القوة الضاربة للجيش ومكنته من فرض الهيمنة الجوية والتحكم في مسار المواجهات الميدانية

نظراً إلى موقعها المتميز تمثل القاعدة التي يسيطر عليها الجيش السوداني أهمية استراتيجية في الحرب الجارية (مواقع التواصل)

ملخص

كيف ينظر المراقبون العسكريون إلى هذه القاعدة ومهامها وما تتميز به عسكرياً وإمكان إسهامها في حسم هذه الحرب لمصلحة الجيش، ولماذا أخفقت محاولات قوات "الدعم السريع" في السيطرة عليها مرات عدة؟

لعبت قاعدة "وادي سيدنا" العسكرية بأم درمان، التي تعد المنصة الرئيسة لانطلاق الطائرات المقاتلة للجيش السوداني لضرب مواقع وارتكازات قوات "الدعم السريع"، دوراً مهماً وفاعلاً في الحرب المندلعة بين القوتين المتحاربتين منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، حيث باتت بمثابة القوة الضاربة للجيش الذي سيطر عليها بشكل كامل.

ونظراً إلى موقعها المتميز، تمثل القاعدة أهمية استراتيجية في الاشتباكات الحالية بالبلاد، وهو ما مكن الجيش صاحب النفوذ عليها من فرض هيمنة جوية، والتحكم في مسار المواجهات الميدانية، وتوجيه ضربات عسكرية موجعة ومتتالية.

لكن كيف ينظر المراقبون العسكريون إلى هذه القاعدة ومهامها وما تتميز به عسكرياً وإمكان إسهامها في حسم هذه الحرب لمصلحة الجيش، ولماذا أخفقت محاولات قوات "الدعم السريع" في السيطرة عليها مرات عدة؟

غطاء جوي

يقول المتخصص في الشؤون العسكرية العميد طيار ركن علي أحمد خالد، "من المعلوم أنه من الناحية الجغرافية لا يوجد أي شكل من أشكال التواجد لقوات الدعم السريع في هذه القاعدة وما حولها، كما لا توجد لهذه القوات حواضن اجتماعية في هذه المنطقة ما عدا معسكر (سكراب) الذي كان يضم قوة تقارب الـ4 آلاف جندي، لكن تم استهدافه من قبل طيران الجيش في أول يوم للحرب مما أدى إلى مقتل عدد كبير من تلك القوة، فضلاً عن أن هذه المنطقة تتميز بأنها مسطحة ومكشوفة، بالتالي من الصعب قيام قوات الدعم السريع بأي هجوم باتجاه القاعدة لأنها ستكون محل استهداف، إضافة إلى أن قيادة القاعدة تضم ضباطاً على قدر عال من الكفاءة والخبرات التراكمية مما جعلهم يديرون المعارك بتفوق من دون حدوث أي نوع من الاختراق من تلك القوات المعتدية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف خالد، "الشيء المهم أن هناك مبدأ أساسياً في عملية الطيران الحربي هو مركزية القيادة بينما يكون التنفيذ لا مركزياً، بالتالي فإن الجهد الجوي لا ينطلق من وادي سيدنا فقط، بل من مواقع عدة أخرى، والآن بعد خروج الدعم السريع من مناطق عدة بأم درمان أصبحت هذه القاعدة أكثر فعالية، وبإمكان الطائرات الحربية الإقلاع والهبوط بكل يسر وأمان".

وأردف، "من الحقائق الثابتة أن أية قوة برية من دون غطاء جوي يكون مصيرها الفناء، بالتالي لا يمكن للدعم السريع الصمود في هذه المعركة بلا غطاء جوي مهما بلغت قوته البرية لأنها ستتعرض للإنهاك جوياً، كذلك الحال بالنسبة للجيش، فإذا لم تكن لديه قوة برية بجانب الطيران الحربي فلن يحسم هذه الحرب، صحيح أن بإمكان القوات البرية احتلال الأرض لكن في النهاية سيرهقها الطيران، وهذا ما يحدث للدعم السريع حالياً في دارفور، وبخاصة في الجنينة وزالنجي والضعين ونيالا، إذ يقوم طيران الجيش بإلحاق خسائر كبيرة بقواته ومخازن أسلحته".

وختم المتخصص في الشؤون العسكرية، "لكن بشكل عام أية دولة لا تمتلك سلاح جو لن تقوم لها قائمة، لذلك دائماً ما تلجأ الجيوش في حال الحرب إلى ضربات استباقية للقواعد الجوية بتدميرها حتى تسيطر على المجال الجوي، وبالتالي تصبح لها سيادة جوية كاملة تمكنها من السيطرة على العدو".

تأمين محكم

أما عضو القيادة المركزية العليا للضباط والجنود السودانيين المتقاعدين (تضامن) اللواء معتصم العجب فيقول، "إن من المعلوم أنه منذ بداية الحرب اعتمد الجيش على سلاحي الجو والمدرعات في العمليات القتالية، بيد أن قوات الدعم السريع تمكنت من تحييد الأخيرة (المدرعات) بفرض حصار عليها، بالتالي كان تأثيرها بسيطاً جداً في هذه الحرب، لكنها فشلت في السيطرة على قاعدة وادي سيدنا على رغم محاولاتها العديدة والمكثفة من خلال الهجوم عليها من محور أم درمان القديمة الذي كانت تسيطر عليه لفترة طويلة، وذلك نظراً إلى التأمين المحكم أو ما يسمى بـ "التأمين الحولي" على هذه القاعدة، فضلاً عن إحاطتها بسلسلة جبال في الناحية الغربية والنيل شرقاً، وهو أمر من الصعب اختراقه بواسطة مركبات الدفع الرباعي التي تستخدمها قوات الدعم السريع في القتال".

ويلفت العجب إلى أن أهمية قاعدة "وادي سيدنا" تتمثل في أنه يوجد بها كل ما يتعلق بعمليات الدعم الفني واللوجستي وأعمال الصيانة للطيران الحربي، وهو أمر غير متوافر في بقية المطارات والقواعد الجوية الأخرى في البلاد، مؤكداً أن احتفاظ الجيش بهذه القاعدة جعله يلحق خسائر كبيرة بالأرواح لقوات "الدعم السريع" وقطع الإمداد عنها سواء في المؤن أو الأسلحة الآتية لها من حدود السودان الغربية بخاصة من إقليم دارفور وولاية شمال كردفان.

قلعة حصينة

استخدمت قاعدة "وادي سيدنا"، التي تقع شمال أم درمان على الجانب الغربي من نهر النيل، وتبعد 22 كيلومتراً من مركز العاصمة السودانية الخرطوم، كمحطة عسكرية للقوات البريطانية منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك أثناء نقل الطائرات من غرب أفريقيا إلى مصر، ثم توقف استخدامها بحلول عام 1946. في حين أنشأت بريطانيا وحدة صيانة في هذه القاعدة عام 1943.

وخلال نكسة 1967، نقلت الطائرات الحربية المصرية إلى "وادي سيدنا" لحمايتها على إثر استهداف الغارات الجوية الإسرائيلية القواعد الجوية المصرية كافة، وتيمناً بالرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر سُميت هذه القاعدة بـ "قاعدة ناصر الجوية"، ثم تطورت وتوسعت، وأنشئت فيها كلية حربية في عهد الرئيس السوداني السابق جعفر النميري، ومنذ تلك الفترة بدأت القاعدة تحمل اسم "وادي سيدنا".

وتعد هذه القاعدة الجوية الأكبر في السودان فهي بمثابة قلعة حصينة، إذ تحتل موقعاً استراتيجياً يوفر لها حاجزاً طبيعياً من جهة الشرق هو نهر النيل، ومن ناحية أخرى هناك جسر "الحلفايا" الذي يقع إلى الجنوب من المنطقة العسكرية بوادي سيدنا الأقرب إلى القاعدة، وهو خاضع من الجهة الغربية لسيطرة الجيش، مما يحد من قدرة أية قوة عسكرية أخرى على اختراقه للوصول لهذه القاعدة.

وتضم هذه القاعدة مطاراً مدنياً، وبالمحاذاة منها تقع الكلية الحربية بمعاهدها المتخصصة مثل المشاة والمظلات، وأيضاً مجمع "الصافات" للتصنيع العسكري المتخصص في صناعة مختلف أشكال الطائرات المدنية والعسكرية وصيانتها وتطويرها وتحديثها. وقد أسهمت بعد اندلاع المعارك بين الجيش وقوات "الدعم السريع" بدور بارز في إجلاء آلاف الدبلوماسيين والرعايا الأجانب من نحو 40 جنسية، وذلك بعد إغلاق مطار الخرطوم الدولي وتعطل قاعدة هبوط المروحيات بجبل أولياء على إثر هجمات قوات "الدعم السريع"، كما شاركت في عملية الإجلاء طائرات عسكرية من دول مختلفة مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير