ملخص
الثوب البجاوي المميز هو أبرز ملابس النساء لدى قبائل البجا وعبارة عن جزء خارجي يتم ارتداؤه فوق جلباب من قماش الدامور الخفيف بأكمام طويلة أو ثلاثة أرباع كم، وترتديه المرأة المتزوجة لتتميز عن الفتيات
أثارت مذيعة تلفزيوينة أزمة داخل مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوداني بمدينة بورتسودان العاصمة الإدارية البديلة للبلاد، بعدما ظهرت وهي ترتدي الزي التقليدي لشرق السودان (الثوب البجاوي) وملحقاته.
واقتحمت مجموعات ينتمون إلى المجلس الأعلى للبجا بشرق السودان، أمس الخميس مقر استديوهات الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، للمطالبة بإقالة المدير العام للهيئة إبراهيم البزعي، احتجاجاً على ما وصفوه بمنع المذيعة زينب إيرا من الظهور على الشاشة بالزي البجاوي، معتبرين أن ما حدث يمثل إهانة وإقصاء لشرق السودان وثقافته.
مهلة اليوم الواحد
وكان المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة وتنسيقية مكونات شرق، أمهل وزير الإعلام جراهام عبدالقادر مدة 24 ساعة لإقالة المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
ووعد والي البحر الأحمر مصطفي محمد نور، بفتح مجلس تحقيق ومحاسبة حول هذه الواقعة من قبل الجهات المختصة، والعمل على حل المشكلة وطمأن الجميع بحلها بما يحفظ حقوق جميع الأطراف.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة مجموعات من شباب قومية البجا الغاضبين وهم داخل مباني واستديوهات مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بمدينة بورتسودان.
تمسك ومطالبة
بدورها، طالبت المذيعة زينب إيرا، ببيان باعتذار من مدير التلفزيون متهمة البيان الذي صدر من الهيئة بأنه مجاف للحقيقة ويظهرها على أنها كاذبة. وأوضحت في منشور لها، أن المدير العام بدا غاضباً من ظهورها بالزي البجاوي وهدد بطردها، مؤكدة على تمسكها بالزي البجاوي، مشددة على أن "هويتي ليست عيباً".
وأضافت "أثناء وجودي باستديوهات تلفزيون السودان، والذي يفترض أن يعبر عن كافة أطياف المجتمع السوداني بتعدّدنا المميز، دار بيني وبين مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، حديثٌ أعرب فيه عن غضبه من ارتدائي الزّي (البجاوي) بالقناة، وتحدث بأسلوب تفاجأت به وهدّد بطردي، وحاول بعض الزملاء احتواء المواقف".
جدل وانتقادات
وأثارت قضية المذيعة إيرا جدلاً وانتقادات وسط رواد وسائل التواصل الاجتماعي، ما بين منتقد لسلوك المذيعة في الاستنصار بقوميتها العرقية وإقحامها في قضية ذات طابع إداري بيروقراطي كان يمكن حلها في إطار المؤسسة، واستنكر البعض استخدامها الرافعة القبلية من أجل ممارسة ضغوط لتثبيت وضعها الوظيفي.
وهاجم كثيرون من رواد وسائل التواصل الأسلوب الذي تعاطى به المدير العام مع زي المذيعة، وعدم اتفاقهم مع طريقة التعامل التي تفتقر الحكمة والمرونة المطلوبة، ولم يكن المسؤول لحظتها يقدر حساسية الموضوع وخصوصية التعامل معه.
وأشار آخرون، إلى أنه في حال رضوخ السلطات بإعفاء المدير العام فإن ذلك من شأنه أن يفتح الباب أمام الاقتحامات كوسيلة ذات قيمة تمثل نوعاً من الضغوط على المزيد من المرافق والمؤسسات للمطالبة بإعفاء مسؤولين آخرين بذات النهج.
مؤسسياً يتم تعيين المدير العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون بواسطة رئيس مجلس الوزراء لكن بتوصية من وزير الثقافة والإعلام، على أن يتم الإعفاء مروراً بذات القنوات.
إقالة المدير
وفيما أكد مصدر مسؤول بالهيئة احتواء الموقف وعودة الأوضاع إلى طبيعتها، لكن عبدالله أوبشار، مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، الذي كان ضمن المحتجين الذين وصلوا إلى مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، شدد على ضرورة إقالة المدير العام للهيئة، وتغيير ما وصفه بالسياسات النخبوية المركزية التي لا تعترف بثقافات الشعب السوداني المتعددة.
وأوضح أوبشار في حديثه لـ "اندبندنت عربية" أن المحتجين رفضوا قطع البث من أجل المصلحة العامة، ووصف أوبشار البيان الذي أصدرته الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، بأنه كان أشبه بالعذر الأقبح من الذنب بشأن الوقائع والإجراءات والتهديدات في حق المذيعة زينب إيرا.
اعتذار ولكن!
وأصدر المكتب الصحافي بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بياناً نفى فيه "كل ما نسب إلى المدير العام للهيئة إبراهيم البزعي، من حديث مسيء للمكون القبلي المشار إليه، أو أن يكون أبدى ملاحظات سلبية تجاه الزي الذي ترتديه إحدى المذيعات المنتمية لإحدى مكونات شرق السودان وما فسر على أنه رفض لهوية وثقافة المكون القبلي لهذه المذيعة".
وأكدت إدارة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أن "ما دار من حديث بين المذيعة والمدير العام جرى قبل أربعة أشهر ولم ترد فيه أي إساءة لأي مكون قبلي بل بات من المستغرب إثارته الآن".
وأضاف البيان "أبدى المدير العام ملاحظة حول التحية باللغة البجاوية في الأخبار ونصح المذيعة، وبدورها تقبلت ذلك ثم بدأت تتطور مهنياً، وقد أشاد بها قبل أسبوع وأشار إلى تطور أدائها".
وأكدت الهيئة احترامها وتقديرها لكافة المكونات القبلية في شرق السودان، وتدعو لعدم الالتفات لكل ما يصرفنا عن معركة الوطن معركة الكرامة التي تتطلب تكاتف الجميع لتحقيق النصر الكامل على أعداء الوطن.
ملابسات سابقة
وكان تجمع العاملين بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أصدر بياناً رفض فيه قراراً بتعيين عمار شيلا، مديراً للهيئة بديلاً لإبراهيم البزعي، ما أدى إلى تدخل الفريق عبدالفتاح البرهان بتعديل القرار والإبقاء على المدير الحالي.
وثمن بيان التجمع، قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي بتصحيح الوضع والإبقاء على البزعي مديراً عاماً للهيئة.
ولاحقاً أصدر وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني المكلف، عثمان حسين، قراراً قضى بتعيين عمار شيلا مديراً لقطاع التلفزيون الحكومي أحد شقي الهيئة التي تضم قطاعي الإذاعة التلفزيون، غير أن تجمع العاملين أشار في البيان ذاته، إلى تحفظه حتى على تعيين شيلا مديراً (لقطاع التلفزيون).
وتابع البيان "مع تقديرنا لتدخل قيادة الدولة وتعديل القرار في ما يتصل بموقع المدير العام إلا أننا في الوقت ذاته نعلن عن تحفظنا على قرار تعيين شيلا مديراً لقطاع التلفزيون لعدة أسباب تتعلق بالدرجة الوظيفية والخبرة التراكمية وما وصفته بتضارب المصالح، مطالبين بمراجعة القرار للمرة الثانية بما يحقق المصلحة العامة ويحفظ خصوصية الهيئة ومصالح العاملين فيها.
من هم البجا؟
تتكون قبيلة البجا من مجموعة من النظارات والعمد والمشايخ من نظارة البجا (الهدندوة) في كسلا، و(الأمرار) في البحر الأحمر بورتسودان، ونظارة العبابدة والبشاريين على الحدود السودانية المصرية.
أما العموديات المستقلة فهي الأشراف والكميلاب والأرتيقة، وتتحدث كل هذه المكونات المجتمعية لغة واحدة، ويتداخلون مع الحدود الإرتيرية والإثيوبية والمصرية بكثافة، وهذه القبائل هي الناطقة بلغة البجا (البداويت)، أما البني عامر والحباب فتسمى بقبائل التقراي وهي الناطقة بلغة التقراييت، وهي من القبائل الحدودية بين السودان وإريتريا.
قدسية المرأة
وبحسب باحثين في تراث البجا فإن للمرأة عندهم قدراً كبيراً من التقدير والقدسية، فمن ضمن العادات المرتبطة بذلك هي أنه في حال تفاقم الحرب بين قبيلتين، فإن تدخل المرأة وكشفها عن رأسها (حاسراً) كفيل بوقف الحرب على الفور.
ويتخذ البجا من مجالس كبارهم مكاناً لحل مشكلاتهم، ولهذه المجالس أهمية خاصة وفعالية كبيرة في فض المنازعات وحل المشكلات.
والثوب البجاوي المميز هو أبرز ملابس النساء لدى قبائل البجا وعبارة عن جزء خارجي يتم ارتداؤه فوق جلباب من قماش الدامور الخفيف بأكمام طويلة أو ثلاثة أرباع كم، وترتديه المرأة المتزوجة لتتميز عن الفتيات.