Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تعيد إسرائيل استراتيجيتها مع لبنان إلى ما قبل 2000؟

مخاوف من عملية برية في الجنوب لإعادة المنطقة العازلة قبل الانسحاب

حشود عسكرية إسرائيلية على الحدود اللبنانية (أرشيفية - رويترز)

ملخص

ثلاث سيناريوهات للحرب تشمل احتمال عملية برية إسرائيلية في جنوب لبنان لإعادة المنطقة العازلة، أو العمل على تدمير هيكليته العسكرية، أو شن هجمات مكثفة تشل قدراته العسكرية.

لا أحد يستطيع أن يقدر متى تنفجر الحرب النفسية واللفظية بين "حزب الله" وإسرائيل، إلى معارك ميدانية مدمرة، لا سيما أن الطرفين يبديان جهوزيتهما واستعدادهما للمواجهة والمنازلة الكبرى، تزامناً مع تسريبات بانهيار الحل الدبلوماسي الذي حمله موفد الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين إلى الشرق الأوسط.

ورفعت المعلومات المتداولة عن تغير بموقف واشنطن تجاه الحرب مع "حزب الله" من مؤشرات وقوعها، إذ أشار عدد من المتحدثين باسم الإدارة الأميركية إلى أن "الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل في حالة نشوب حرب في جنوب لبنان"، وذلك تزامناً مع الإعلان أن حاملة الطائرات "أيزنهاور" تتجه إلى البحر الأبيض المتوسط.

ثلاثة سيناريوهات

ومع الحديث عن إمكانية انزلاق الأوضاع بين "حزب الله" وإسرائيل إلى حرب وشيكة وغموض الخطط العسكرية، زاد النقاش حول السيناريوهات المتوقعة، إذ يعتقد بعض المحللين الاستراتيجيين أن النية الحقيقية لإسرائيل هي القيام بعملية برية في جنوب لبنان للعودة إلى خريطة المنطقة العازلة التي كانت قائمة قبل انسحابها عام 2000، مشيرين إلى أن التدمير الممنهج الذي تعتمده إسرائيل منذ بداية الحرب للقرى والبنى التحتية العسكرية يأتي في سياق تحقيق هذا الهدف.

في حين يذهب آخرون لاعتبار أن إسرائيل تسعى إلى أن تسجل نصراً كبيراً على الحزب وتدمير هيكليته العسكرية أسوة بالحرب التي اعتمدتها في قطاع غزة. ويستند هؤلاء على الاغتيالات الممنهجة التي تطاول قياديين ميدانيين في مواقع حساسة، ومن ثم فأي توسيع للحرب سيؤدي إلى تكثيف لتلك العمليات وإلحاق أضرار كبيرة في الجناح العسكري له، معتبرين أن ذلك قد يحتاج إلى عمليات برية يمكن أن تنفذ من خلال توغل محدود عبر الحدود البرية أو البحرية أو ربما إنزال قوة مظليين في أماكن محددة.

 

 

في المقابل يرى البعض الآخر أن إسرائيل تملك بنكاً كبيراً من الأهداف الاستراتيجية، لذا قد تلجأ إلى شن هجمات كثيفة تطاول أكثر من 100 إلى 200 هدف عسكري في اليوم الواحد، مما سيشل قدرات الحزب العسكرية خلال أيام، يرغم إيران على إجراء تسوية دبلوماسية لحمايته.

حرب إقليمية

إلا أن الصحافي والكاتب السياسي قاسم قصير (مقرب من "حزب الله")، اعتبر أن شن حرب واسعة على لبنان سيستدرج منطقة الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية كبيرة، لافتاً إلى أن قرار الحرب بيد إسرائيل وأميركا، وأن فصائل "المقاومة" في المنطقة جاهزة لكل الاحتمالات.

وأكد أن الأمور تتجه نحو مرحلة خطرة من التصعيد ولا سيما بعد زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الذي نقل "معلومات حساسة وخطرة مفادها أن إسرائيل قد تشن عملية عسكرية"، معتبراً أن إعلان أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله أن أي حرب إسرائيلية على لبنان ستتحول إلى حرب مفتوحة هو بناءً على المعلومات التي تلقتها بيروت من تل أبيب عبر الوسيط الأميركي.

ثلاثة قيود

إلى ذلك، يرى العميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني والمحلل العسكري يوسف الجدم، أن احتمالات توسع الحرب قائمة بسبب إصرار "حزب الله" على متابعة مهاجمة إسرائيل مما يشكل استفزازاً وتحدياً دائماً لها، وهو يكبد تل أبيب خسائر فادحة معنوية ومادية لم تعتد على تحملها في أية مرحلة من تاريخها من دون رد فوري وعنيف وساحق.

واعتبر أن إسرائيل تتردد في شن حرب شاملة على لبنان لأنها لا تزال غارقة في وحول غزة، وتهيباً للخسائر التي يمكن أن يوقعه بها "حزب الله" الذي لا يخشى الحرب الشاملة بقدر ما تخشاها تل أبيب لأنه ميليشيات تتلقى أوامرها من إيران البعيدة من أضرار أي حرب وهو أيضاً ليس مسؤولاً عن أي خراب يطاول الدولة اللبنانية مهما كان عظيماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال إنه في حال وقوع هذه الحرب ستكون النتيجة كارثية ومدمرة للبنان من دون انتصار واضح لإسرائيل ومن دون هزيمة واضحة لـ"حزب الله"، لافتاً إلى أن لبنان كبلد لا خيار له حول إمكانية تحمل الحرب لأنه ليس هو من يقرر ويحارب إنما "حزب الله" ومن ورائه إيران. ولفت إلى أن لبنان بات ساحة صراع تستخدمها إيران لمصالحها الإقليمية والدولية.

وكشف عن ثلاثة قيود قد تواجه إسرائيل إذا قررت شن حرب شاملة، الأولى تكمن في قدرات "حزب الله" وداعميه على إلحاق الأذى بها وبشكل قد لا تستطيع تحمله لمدة طويلة، الثانية ردود الفعل وضغوط المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية، أما القيد الثالث فمرتبط بتعب واستنزاف القدرات العسكرية الإسرائيلية بسبب طول مدة الصراع.

مشروعية القتال

بدوره، أشار المحلل الاستراتيجي العميد ناجي ملاعب إلى أنه ومنذ بداية حرب غزة وفتح "حزب الله" جبهة الجنوب في الثامن من أكتوبر (تشرين الثاني) 2023 بعد شنه الهجوم الأول على مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بدأ الجيش الإسرائيلي إعداد خطته للهجوم على لبنان، معتبراً أن الجبهة اللبنانية على عكس مناطق الجليل في شمال إسرائيل ليست جبهة عادية لناحية وجود خطوط دفاع وثكنات عسكرية ومواقع.

وفي رأيه فإن "حزب الله" يستطيع التعامل مع الخطط الإسرائيلية كونه يستطيع رصد المواقع العسكرية في شمال إسرائيل وكذلك الأماكن المستحدثة، مما يصعب العملية على الجيش الإسرائيلي وبخاصة أن الحزب ليس لديه مراكز أو ثكنات ومواقع واضحة.

وذهب إلى أنه عندما قرر "حزب الله" فتح هذه الجبهة كان هدفه اكتساب مشروعية في قتاله في أراض لبنانية تسيطر عليها إسرائيل (تلال كفرشوبا ومزارع شبعا) وأعلن حينها استراتيجيته في هذا الصدد ورسم الحدود في هذا الشأن لكن الصراع توسع وخرج عن نطاق قواعد الاشتباك التي كانت سائدة، فباتت احتمالات توسيع الحرب كبيرة لكن القرار بيد حكومة بنيامين نتنياهو في حين القرار من جانب "حزب الله" هو عدم توسيع الجبهة والاستمرار بالوتيرة نفسها حتى وقف إطلاق النار في غزة.

مصلحة السنوار

من ناحيته، قال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات في بيروت العميد المتقاعد هشام جابر، إن فتح جبهة لبنان سيكون لمصلحة "حماس" وقائدها يحيى السنوار لأنها ستخفف الضغط عليهما، مؤكداً أن "حزب الله" لا يريد الانجرار إلى الحرب وإن كانت تصريحات قيادييه لا تعكس ذلك، لا سيما أن حسن نصرالله يخشى تحميله مسؤولية تدمير لبنان.

 

 

وأكد أن مصلحة إيران تقضي بعدم توسيع الحرب في هذه المرحلة خوفاً من تحولها إلى حرب إقليمية واسعة، معتبراً أن من يبدأ الرصاصة الأولى ستكون خسائره كبيرة داخلياً ودولياً، لافتاً إلى أن إسرائيل في أزمة حالياً وتريد أن تحقق انتصاراً، بدلاً من حرب الاستنزاف الحالية في الشمال.

أميركا وإيران

ما بين هذا وذاك، قال المتخصص في العلاقات الدولية في واشنطن نبيل مخائيل، إنه على رغم الموقف المبدئي لأميركا برفض توسيع الحرب، فإنه في حال اندلاعها ستكون "داعماً سخياً لحليفتها إسرائيل وقد تكون طرفاً مباشراً".

وتوقع انضمام فصائل مسلحة في محاور القتال في سوريا والعراق الداعمة لإيران باستهداف قواعد للقوات الأميركية، لافتاً إلى أن الحرب في لبنان لن تكون في صالح الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي لم ينجح حتى الآن في وقف إطلاق النار في غزة.

المزيد من متابعات