Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حقيقة حاجتنا لشرب 8 أكواب من الماء يوميا؟

مع ارتفاع درجات الحرارة في مختلف أنحاء العالم ترتفع أيضاً الحالات المرضية التي يسببها القيظ. ولكن هل تعرف الكمية المناسبة من الماء التي تحتاج إليها حقاً كي تتمتع بصحة مثالية؟

تنصح الإرشادات بشرب ثمانية أكواب من الماء يومياً للتمتع بصحة جيدة ولكن الخبراء يقولون إن هذه الحقيقة العلمية مغلوطة (غيتي)

ملخص

كثيراً ما قيل لنا عن ضرورة التنبه إلى شرب كميات محددة من الماء لتفادي جفاف الجسم. أهي معلومات دقيقة؟

كان 2023 العام الأكثر قيظاً على الإطلاق، وتشير الدلائل كافة إلى أن 2024 الحالي أيضاً سيتخطى العام الماضي لجهة درجات الحرارة التي سيسجلها. وتواجه مساحات شاسعة من جنوب أوروبا درجات حرارة مرتفعة بصورة غير معتادة، ويشهد الغرب الأوسط والساحل الشرقي لأميركا ارتفاعاً في درجات الحرارة يصل إلى ما يزيد على 37 درجة مئوية.

ويأتي ارتفاع الحرارة هذا مصحوباً بمخاوف صحية جديدة. للأسف، في وقت سابق من الشهر الجاري توفي مقدم البرامج التلفزيونية الشهير والمؤلف البريطاني مايكل موسلي متأثراً بالقيظ أثناء عودته إلى مكان إقامته في جزيرة سيمي اليونانية. وفقد أربعة آخرون من السياح حياتهم في ظروف مماثلة في اليونان في الأسابيع الأخيرة، وتحدثت تقارير عن اختفاء كثيرين آخرين أثناء تسلق المرتفعات أو ممارسة رياضة المشي، وهذا الأسبوع أبعدت صقلية السياح بسبب موجة الحر القاسية التي تعانيها الجزيرة.

وتحدثت في هذا الإطار أليكس رواني علماً أنها باحثة في علوم التغذية في "كلية لندن الجامعية" (UCL) وكبيرة مدرسي العلوم في أكاديمية العلوم الصحية، فقالت إنه "بصورة عامة، يفارق البشر الحياة في حال مرت عليهم بضعة أيام من دون تناول السوائل. ولكن في أيام القيظ الشديد حينما يكون فقدان السوائل وما يسمى "الكهارل" أو "الإلكتروليت" أكبر (أي المعادن الأساس، مثل الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم، والتي تعد حيوية لعمل كثير من الوظائف الرئيسة في الجسم كموازنة ضغط الدم، وتنظيم وظائف الأعصاب والعضلات، وترطيب الجسم) يأتي الموت بسبب الجفاف في وقت أسرع كثيراً".

 

وفي الحالات الأقل وطأة تقول رواني إن الجفاف المزمن أو الشديد يقود إلى التهابات في المسالك البولية وظهور حصوات في الكلى، علاوة على تراجع الأداء الجسدي والعقلي. أضف إلى ذلك الإمساك والهذيان ونوبات الصرع وانخفاض ضغط الدم (يؤدي فقدان السوائل إلى انخفاض ضغط الدم، ما يتسبب بالدوار والإغماء)، ويمكنك أن ترى لماذا لا تقتصر أهمية الحفاظ على رطوبة الجسم على تجنب الإجهاد الحراري وضربة الحرارة فحسب، بل أيضاً تعد مفتاح البقاء في صحة جيدة.

إذاً ما الكمية المناسبة من المياه التي ينبغي علينا أن نشربها؟ معلوم أن جسمنا في معظمه يتكون من الماء (نحو 50 إلى 70 في المئة منه)، ويشمل ذلك خلايانا التي تحتاج إلى الماء كي تتمكن من العمل بصورة صحيحة. ولكن مع ذلك وجدت دراسة تعود إلى العام الماضي 2023 نهضت بها العلامة التجارية لزجاجات المياه "آير أب" AirUp، أن 45 في المئة من سكان بريطانيا يشربون ما يعادل كوباً واحداً فقط من الماء يومياً، على رغم أن الإرشادات الرسمية الصادرة عن هيئة الخدمات الصحية البريطانية تنصح بشرب ستة إلى ثمانية أكواب يومياً. وفي المناخات الحارة علينا أن نشرب كمية أكبر أثناء ممارسة التمارين الرياضية، أو في حالتي الحمل أو الرضاعة.

"تشمل فوائد الحفاظ على رطوبة الجسم بالطريقة الصحيحة تمكين عقلك من العمل بصورة صائبة، وتنظيم درجة حرارة الجسم، والحفاظ على إفراز الهرمونات بصورة ثابتة ومنتظمة، إضافة إلى إطالة عمر الخلايا والمساعدة على الهضم السليم والإسهام في التخلص من السموم"، كما تذكر رواني، التي توضح أنه لا بد من إعطاء الترطيب المناسب للجسم الأولوية نفسها شأنه شأن عادات النوم الجيدة وممارسة التمارين الرياضية.

سيخبرك جسمك إذا كنت في حاجة إلى شرب كمية إضافية من الماء ومتى عليك ذلك

البروفيسور تيم نواكس

 

كذلك وجدت دراسة تعود إلى عام 2023 أن الأشخاص الذين يشربون كمية أكبر من الماء يعيشون لفترة أطول ويصابون بأمراض مزمنة أقل مقارنة مع من يشربون كمية أقل. والبحث الذي نهضت به "المعاهد الوطنية للصحة" البريطانية، درس حالة 11 ألفاً و225 شخصاً بالغاً، ووجد أن البالغين الذين أخذوا أقل كمية من السوائل كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة وظهور علامات الشيخوخة البيولوجية المتقدمة لديهم مقارنة مع من تناولوا كمية صحية من السوائل.

و"تشير نتائج البحث إلى أن الترطيب المناسب للجسم ربما يبطئ الشيخوخة ويطيل سنوات العمر الصحية الخالية من الأمراض"، قالت ناتاليا ديميترييفا، علماً أنها الباحثة التي تولت الدراسة في "مختبر الطب التجديدي للقلب والأوعية الدموية" في "المعهد الوطني للقلب والرئة والدم"، الذي يشكل جزءاً من "المعاهد الوطنية للصحة".

وتقول رواني إن كثيرين منا لا يشربون ما يكفي من المياه على مدار اليوم لتجديد الماء الذي نفقده من طريق عمليتي التبول والتعرق (ما يقارب 2.5 ليتر إلى 3 ليترات يومياً بالنسبة إلى شخص بالغ يتمتع بصحة جيدة). "لا نفكر عادة في شرب الماء، أو لا نشعر حتى بالعطش، إلى أن نصاب بجفاف خفيف". وبحلول وقت تشعر فيه بالعطش، تذكر رواني، ربما نكون فعلاً قد أصبنا بجفاف تراوح نسبته بين 1 و2 في المئة.

 

وفي حين من السهل علاج حالة الجفاف الخفيفة بمجرد شرب كمية أكبر من الماء، كما ذكرت عناوين الأخبار الخاصة بموجة القيظ الأوروبية، غير أن الجفاف المزمن أو الشديد يمكن أن يهدد الحياة، تضيف رواني. عندما يتعرض شخص ما لضربة شمس، يتوقف الجسم عن التعرق وربما يعاني نوبات أو هلوسة. وفي هذه الحالات القصوى من الضروري أن يحصل المرء على الحقن الوريدي كي يعيد ترطيب جسمه. أما العلامات التي تشير إلى إصابتك بالجفاف المزمن فتتلخص في الشعور بالضعف والإصابة بصداع متكرر، تقول مضيفة "ولكن بدلاً من شرب كمية كبيرة من الماء دفعة واحدة، من الأفضل استهلاك الماء على مدار ساعات اليوم".

وتوضح أنه على رغم أنه نادر الحدوث ولكن من الوارد أيضاً المغالاة في شرب كمية كبيرة جداً من الماء، بيد أن "استهلاك قدر كبير من الماء يؤدي إلى تمييع الدم، بينما يتسبب في انخفاض مستويات الصوديوم والبوتاسيوم و"الكهارل" الأخرى. وتسمى هذه الحالة نقص صوديوم الدم أو التسمم المائي، وتطرأ عندما تشرب كثيراً في فترة زمنية قصيرة، أو عند وجود حالة طبية كامنة أصلاً تحول دون تصريف الماء كله من الكلى" [فيتراكم البول فيها].

وتتدخل عوامل عدة من بينها وزنك ومستويات نشاطك وحرارة الطقس في تقدير كمية الماء التي تعد زائدة، ولكن في إحدى إرشاداتها أشارت دراسة أجريت عام 2021 ونشرت في المجلة الطبية البريطانية" إلى أن شرب 5.3 ليتر من الماء على مدار أربع ساعات من شأنه أن يؤدي إلى التسمم المائي.

وبالنسبة إلى كمية المياه التي نحتاج إليها للحفاظ على صحة جيدة تعد ثمانية أكواب أي ما يقرب ليترين، المعيار المعتمد. ولكن مع ذلك وجدت دراسة اضطلعت بها "جامعة ويسكونسن ماديسون" في الولايات المتحدة عام 2022 أن هذا الاعتقاد ربما ينطوي على مغالطة. فقد قاس العلماء كمية استهلاك المياه لدى أكثر من خمسة آلاف شخص توزعوا على 26 دولة، وتراوحت أعمارهم من سن الطفولة حتى 96 عاماً، فوجدوا في النهاية أن كمية المياه اللازمة للبقاء في صحة جيدة تختلف بصورة كبيرة بين شخص وآخر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال ديل شولر وهو أستاذ فخري في علوم التغذية شارك في الإشراف على الدراسة إن "العلم لم يدعم قط مسألة الأكواب الثمانية، لأنها تخلط بين إجمال استبدال ماء الجسم المفقود في فترة زمنية معينة وبين المياه المأخوذة من المشروبات، علماً أن كثيراً من الماء الذي يدخل إلى أجسامنا مصدره الطعام الذي تتناوله".

وفي الحقيقة تعتمد كمية المياه التي نحتاج إليها على عوامل كثيرة، ولكن البروفيسور تيم نواكس وهو أستاذ فخري في قسم علوم التمارين والطب الرياضي في "جامعة كيب تاون" ومؤلف كتاب Waterlogged (مشبع بالماء)، فيشير إلى قاعدة واحدة فقط في ما يتعلق بتناول السوائل، إذا شعرت بالعطش اشرب الماء.

ويقول "سيخبرك جسمك إذا كنت في حاجة إلى شرب مزيد من الماء ومتى عليك أن تشرب. الرجال عموماً أكبر حجماً من النساء، لذا سيحتاجون يومياً إلى شرب كمية أكبر من السوائل للتعويض عن المياه المفقودة، مقارنة مع النساء الأصغر حجماً. وأي سبب لفقدان السوائل من الجسم بما في ذلك الحيض أو الطمث سيزيد من متطلبات السوائل. ولكن الجسم سيدلك إلى حاجته".

ومع ذلك ربما تكون آلية العطش لدى بعض كبار السن ضعيفة، فيحتاجون حينها إلى حثهم على شرب كمية أكبر من الماء مما يخبرهم به جسمهم.

وتضيف أليكس رواني أننا "كلما تقدمنا في السن يتراجع إحساسنا بالعطش، مما يجعلنا أكثر عرضة لخطر الجفاف. ومن المحتمل أيضاً أن يتناول بعض كبار السن أدوية تزيد من كمية البول لذا الأجدر بهم أن يكونوا أكثر حذراً".

سام رايس، خبير في التغذية ومؤلف كتاب "اشحن نظامك الغذائي: 10 طرائق سهلة للحصول على كل ما تحتاج إليه من طعامك"Supercharge Your Diet: Ten Easy Ways to Get Everything You Need From Your Food، يقول إنه من المهم أن نتذكر أن "الشاي والقهوة والحليب جميعها مشروبات مهمة"، ولكنه يضيف أن علينا أن نتجنب المشروبات الغازية التي نشتريها من المتاجر لأنها تحوي عادة على نسبة عالية جداً من السكر، ما يتسبب بفرط صوديوم الدم، "بمعنى أنها تسحب الماء من أنسجتك، ومن ثم تستنزف جسمك من السوائل".

أما بالنسبة إلى القهوة، ففي حين يعتقد غالباً أنها مدرة للبول، وجدت دراسة تعود إلى عام 2016 أن التأثيرات المرطبة للماء والقهوة والشاي كانت متطابقة تقريباً. ومع ذلك، تبقى تحوي الكافيين، لذا من الضروري أن نشربها باعتدال. ويقول رايس إن الماء الموجود في الطعام مهم أيضاً، خصوصاً الفاكهة والخضراوات التي تحوي نسبة عالية منه، مثل أنواع البطيخ المختلفة (خصوصاً البطيخ الأحمر) والفراولة والخيار والخس والكرفس.

"في الحقيقة، تكمن القاعدة البسيطة للتأكد من أنك تحصل على كفايتك من الماء في شرب كوب من الماء مع كل وجبة، إضافة إلى كمية الماء التي تشربها عادة". أما المقياس الآخر فيعتمد على عدد مرات التبول، والذي يجب أن يراوح بين خمس وست مرات في اليوم. إذا قل عن ذلك فأنت تحتاج ربما إلى شرب المزيد من الماء"، يقول رايس.

وتشير رواني إلى ضرورة التأكد من أن بولك يبدو فاتح اللون وشفافاً، مثل لون القش الشاحب، طوال اليوم (علماً أن البول الأول في اليوم سيكون أغمق لأنك لم تشرب أي ماء أثناء الليل).

أما المؤشر الآخر، بحسب رواني فيكمن في "اختبار تورم الجلد. ربما لا تفلح هذه الخطوة مع كبار السن لأن بشرتهم أقل صلابة. ولكن إذا قرصت جزءاً من بشرتك التي تغطي ظهر يدك، فهل تلاحظ أن الجلد يعود إلى مكانه فوراً عندما تتركه، أم أنه يبقى مرتفعاً قليلاً؟ إذا صح الأخير، فمن المحتمل أن تكون هذه علامة على أنك تعاني الجفاف".

في هذه الحالة، اسكب كوباً كبيراً من الماء وارو نفسك...

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة