Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة تتهدد المجالس البلدية البريطانية وتتجاهلها الحملات الانتخابية

من غير الواضح للناخبين كيف سيتعاطى البرلمان البريطاني المقبل مع الضريبة المحلية

أعلنت مدينة برمنغهام التي يديرها حزب "العمال" إفلاسها فعلياً العام الماضي (غيتي)

ملخص

على مدى العقد الماضي تمكنت الحكومات المركزية بقيادة "المحافظين" من الإفلات من العواقب الانتخابية على التخفيضات العميقة في الخدمات العامة من خلال إرغام المجالس المحلية على تنفيذها وتحمل اللوم

حذر "معهد الدراسات المالية" Institute for Fiscal Studies (IFS) (وهو مؤسسة أبحاث اقتصادية متخصصة في الضرائب والسياسات العامة في المملكة المتحدة) من أزمة تلوح في الأفق بالنسبة إلى السلطات المحلية، مشيراً إلى الصمت المثير للقلق في شأن هذه القضية خلال الحملة الانتخابية الجارية.

مع إفلاس مجالس بلدية مثل ثوروك وبرمنغهام فعلياً فإن قلقاً يسود حيال عدد من المجالس الأخرى التي ستواجه صعوبات مالية حادة. ووفقاً لـ"جمعية الحكم المحلي"Local Government Association  (وهي هيئة العضوية الوطنية للسلطات المحلية في كل من إنجلترا وويلز)، تجد جميع المجالس نفسها أمام "هوة" بين الطلب المتزايد على الخدمات والإيرادات الحقيقية التي تشهد ركوداً أو تراجعاً ملحوظاً.

وقال "معهد الدراسات المالية" إن "التخفيضات في بعض خدمات المجالس هو أمر محتمل ما لم يتم التخفيف من ضغوط الإنفاق حتى مع الزيادات الكبيرة في ضرائب المجالس، ولا سيما في المناطق الأكثر حرماناً. ومن المرجح أن تواجه المجالس في المناطق الأكثر حرماناً - والتي غالباً ما تخضع لسيطرة حزب ’العمال‘ - أصعب الأوضاع لجهة التمويل".

هل ستنحسر ضغوط الإنفاق عن المجالس المحلية؟

الجواب هو لا. فالضغوط الأكثر حدة تأتي من شيخوخة السكان التي تتطلب رعاية اجتماعية للبالغين، إضافة إلى ارتفاع عدد الأطفال ذوي "الحاجات التعليمية الخاصة" Special Educational Needs (Send). والسلطات المحلية هي المسؤولة عن تمويل أماكن الرعاية الاجتماعية للأطفال والكبار ودعم ذوي الحاجات التعليمية الخاصة والإقامة الموقتة للمشردين. وبما أنه يجب تلبية هذه المطالب الأساس فإن الأموال المتبقية لخدمات أخرى مثل إصلاح الحفر والحدائق والمكتبات تظل غير كافية، مما يضعها تحت ضغوط شديدة وغير مستدامة. وبغض النظر عن الحزب الحاكم فإن الحكومة المركزية كثيراً ما تجاهلت هذه القضية أو أسهمت في تفاقمها من خلال حرمان المجالس المحلية من الأموال اللازمة، مما أدى إلى زيادة الضغوط المالية عليها.

كيف ستكون عليه مدفوعات ضريبة المجالس المحلية؟

يتوقع "معهد الدراسات المالية" أنه إذا زادت ضريبة المجالس المحلية بنسبة 5 في المئة سنوياً خلال فترة البرلمان المقبل - بما يتماشى مع الحد الأقصى المسموح به للزيادة خلال العامين الماضيين من دون الحاجة لاستفتاء محلي - فإن مدفوعات ضريبة المجلس البلدي للمنازل المصنفة ضمن "النطاق د" Band D المتوسط، ستكون تقريباً أعلى بنحو 600 جنيه استرليني (762 دولاراً أميركياً) في أبريل (نيسان) من عام 2029 عما هي عليه اليوم.

هذا الرقم يوازي في القيمة الحقيقية (بعد احتساب التضخم) زيادة في المتوسط تربو بقليل على 3 في المئة كل سنة، على افتراض أن التضخم سيبقى عند مستوى اثنين في المئة. وهذا من شأنه أن يمثل أكبر ارتفاع في مدفوعات ضرائب المجالس منذ برلمان عام 2001 – 2005، عندما زادت بمعدل 6 في المئة سنوياً.

كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟     

لسنوات عديدة عانى النظام الإهمال المتعمد، وعلى مدى العقد الماضي تمكنت الحكومات المركزية بقيادة "المحافظين" من الإفلات من العواقب الانتخابية على التخفيضات العميقة في الخدمات العامة من خلال إرغام المجالس المحلية على تنفيذها وتحمل اللوم. يضاف إلى ذلك أن معظم السلطات المحلية تفتقر لقاعدة ضريبية محلية كافية لدعم الخدمات الأساسية، وقد اعتمدت تاريخياً على دعم الحكومية المركزية، مما يكشف عن خلل منهجي. أما نظام الأسعار السابق الذي كان يعتمد على "قيمة قابلة للتقييم" على المستوى الوطني، فقد تقادم وأصبح غير عادل. وتبين أن "ضريبة الفرد" Poll Tax أو ما عرفت بـ"الرسم المجتمعي" Community Charge، والتي حلت مكان ذاك النظام، كانت أكثر إشكالية.

وفي الوقت الراهن تعد ضريبة المجالس المحلية بمثابة حل وسط غير مرض. وبسبب التخفيضات في التمويل المركزي تمثل ضريبة المجالس الآن نحو 57 في المئة من إيرادات السلطة المحلية فيما تحصل على ما نسبته 15 في المئة من المنح الحكومية. كما أن المجالس تحتفظ فقط بما يصل إلى نصف إيرادات معدلات الأعمال من الشركات المحلية، بينما يتم جمع الباقي مركزياً من جانب الحكومة، ويعاد توزيعه من خلال تمويل المنح للسلطات المحلية.

ماذا سيحدث في ظل الحكومة المقبلة؟

كما يذكرنا "معهد الدراسات المالية" فإن أياً من الأحزاب السياسية الرئيسة لم يتناول في حملاته الانتخابية القضية الحاسمة المتمثلة في تمويل المجالس المحلية، ولذلك فإن الأمر الوحيد الذي لا جدال فيه هو أن الحكومة المقبلة في بريطانيا ستكون ملزمة على الأرجح بالإشراف على زيادة ضريبة المجالس وبعض التدهور في الخدمات، بما في ذلك المجالات الحيوية مثل الإسكان والتعليم والرعاية الاجتماعية. ويشير استطلاع المعهد أيضاً إلى أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة المقبلة ستعطي الأولوية لتمويل المجالس كما كانت الحال عليه منذ عام 2019، أو ستفرض تخفيضات أكبر، في انعكاس للاتجاه الذي شهدناه في العقد الأول من القرن الـ21.

البيان الانتخابي لحزب "المحافظين" ظل متكتماً في شأن قضية تمويل المجالس المحلية، كما أن الحكومة لم تقدم سوى تأكيدات غامضة في شأن "القضاء على الهدر" كوسيلة لتحقيق التوازن في الحسابات. وكان حزب العمال أكثر وضوحاً بعض الشيء، إذ رفض استبعاد زيادة ضريبة المجالس، إذ أشارت نائبة زعيم الحزب أنجيلا راينر إلى أن الحزب ليس لديه خطط للقيام بذلك "في الوقت الحالي". ومن المشجع أن حزب "العمال" يلتزم "تسويات تمويل ممتدة على سنوات عدة"، ويهدف إلى إنهاء عملية "المناقصات التنافسية المسرفة". ويؤكد تحسين تقديم الخدمات من خلال اعتماد ممارسات توظيف أفضل، وتعزيز قدرة المجالس ودعمها، وإصلاح نظام التدقيق المحلي لضمان حصول دافعي الضرائب على قيمة أفضل مقابل المال. مع ذلك فإن التفاصيل المتعلقة بحجم سخاء تسويات التمويل هذه تظل غير واضحة. ونظراً إلى تبني حزب "العمال" فعلياً خطط الإنفاق العام التي أقرها وزير الخزانة جيريمي هانت إلى جانب تعهده عدم زيادة ضريبة الدخل، أو التأمين الوطني أو ضريبة القيمة المضافة، فإن الدعم المالي الإضافي الكبير من جانب الحكومة المركزية يبدو غير مرجح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكما يقول "معهد الدراسات المالية" لم يكن هناك سوى قليل من النقاشات حول طريقة تعامل كير ستارمر زعيم حزب "العمال" وريتشل ريفز وزيرة الخزانة في حكومة الظل مع موجة محتملة من إفلاس السلطات المحلية في السنوات المقبلة. ويترك هذا النقص في الاستكشاف فجوة كبيرة في فهم نهجهما تجاه قضية حرجة. وتنطبق حال عدم اليقين على الضغوط المالية المتزايدة التي تواجهها الجامعات، التي تتعرض هي الأخرى لضغوط متزايدة.

هل يمكن أن تساعد إعادة تقييم العقارات وتعديل نطاقات ضريبة المجالس؟

أجريت آخر مراجعة للضريبة على نطاق واسع في عام 1990، ومنذ ذلك الحين، تغيرت أسعار العقارات النسبية داخل مناطق السلطات المحلية وفي ما بينها بصورة كبيرة. لذا فإن عملية إعادة التقييم من شأنها أن تجعل الأمور أكثر عدالة بعض الشيء، على رغم أن ضريبة المجلس المحلي لا ترتبط بطبيعة الحال بدخل الأسرة. وفي حين أن إعادة التقييم قد تولد بعض الإيرادات الإضافية فإن مجرد تعديل العقارات بين نطاقات الأسعار من غير المرجح أن يؤدي إلى تحول مالي كبير.

الجانب السلبي هنا هو أن أي تغيير قد يطرأ من شأنه أن يؤدي حتماً إلى أن يكون هناك خاسرون غاضبون وصاخبون وساخطون، ومن المرجح أن يعاقبوا من خلال صناديق الاقتراع أية حكومة تحاول القيام بذلك في حين يظل المستفيدون غير ممتنين كالعادة. إن التجربة المؤلمة المتمثلة في ضريبة الفرد في عام 1990، والتي أدت إلى وقوع أعمال شغب، وأسهمت في سقوط رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر كانت سبباً في ردع جميع الأحزاب عن إجراء تغييرات جذرية. والواقع أن آخر سياسي فكر جدياً لفترة وجيزة في إصلاح نظام ضرائب المجالس، هو ديفيد ميليباند، الذي كان آنذاك وزيراً في حكومة بلير، لكنه تأخر في معالجة هذه القضية إلى حد نسيانها فعلياً. وعندما تولت الحكومة الائتلافية السلطة عام 2010، اختفت فكرة إصلاح ضريبة المجالس تماماً ولم تتم إعادة النظر فيها.

© The Independent

المزيد من تحلیل