Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتجه العالم نحو حروب الغذاء وسط ارتفاع الطلب؟

الدول الغنية تخزن فائضاً من المواد يزيد الأسعار ويضر الدول الفقيرة

هناك اتهام لشركات تجارة السلع الزراعية بأنها استغلت حرب أوكرانيا والعقوبات على روسيا لتدفع أسعار الغذاء في العالم نحو الارتفاع الصاروخي (أ ف ب)

ملخص

لا يختلف الحال في غالب دول العالم التي ما زالت تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية بصورة عامة بنسبة كبيرة تزيد على نسب ارتفاع معدل التضخم

على رغم تراجع ارتفاع معدلات التضخم في غالب الاقتصادات حول العالم فإن أسعار السلع الاستهلاكية ما زالت تواصل الزيادة. ومن بين تلك السلع أهم ما تحتاج إليه الأسر في كل مكان وهو الغذاء. فعلى سبيل المثال تراجعت الزيادة في معدل التضخم في بريطانيا إلى النسبة المستهدفة من قبل بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" عند اثنتين في المئة لشهر مايو (أيار) الماضي، حسب أرقام مكتب الإحصاء الوطني الصادرة قبل أيام.

إلا أن أسعار الغذاء في بريطانيا ما زالت ترتفع بنسبة تزيد على ستة في المئة وكل ما حدث أن معدل الزيادة أصبح أقل، وذلك ضمن انخفاض وتيرة ارتفاع معدل التضخم التي تراجعت لأكثر من 11 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022 إلى مستواها الشهر الماضي. ومع ذلك تظل أسعار الغذاء في بريطانيا الآن أعلى بمقدار الربع (بـ25 في المئة) عما كانت عليه مطلع عام 2022.

كذلك الحال في الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم، إذ نشر اتحاد مكتب المزارع الأميركي أمس الأربعاء مسح مكونات الطبخ السنوي الذي أظهر ارتفاعاً في غالب المواد الغذائية. وحسب الاستطلاع فإن وجبة مطبوخة لنحو 10 أشخاص تكلف 71.22 دولار، أي إن كلفة نصيب الفرد هي 7.12 دولار وهي زيادة بخمسة في المئة على العام الماضي وزيادة بـ30 في المئة على خمسة أعوام مضت.

حروب غذائية

ولا يختلف الحال في غالب دول العالم التي ما زالت تشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية بصورة عامة بنسبة كبيرة تزيد على نسب ارتفاع معدل التضخم. وهذا الأسبوع بررت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في مقابلة صحافية ارتفاع أسعار الغذاء بهذه الصورة بأنه نتيجة ارتفاع كلفة الإنتاج. لكنها اعترفت أيضاً أن الشركات "ربما تزيد من الأرباح برفع الأسعار"، لكنها استبعدت أي تدخل حكومي.

وبغض النظر عن الظروف القطرية في كل بلد ووضع اقتصادها فإن العالم يبدو مقبلاً على "حروب غذاء" نتيجة التوترات الجيوسياسية في أكثر من منطقة وأيضاً بسبب التغيرات المناخية كما تقول واحدة من كبرى شركات تجارة السلع الزراعية في العالم. وترى شركة "أولام أغري" ومقرها في سنغافورة "زيادة محتملة في الصراعات بين الدول حول الموارد الآخذة في التناقص" كما جاء في تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي كلمة له أمام مؤتمر المستهلكين "رد بيرد أتلانتيك أند روتشيلد" الأسبوع الماضي قال الرئيس التنفيذي لشركة "أولام أغري" صني فيرغيس "لقد دخلنا حروباً كثيرة بسبب النفط إلا أننا سندخل حروباً أكبر وأوسع حول الغذاء والمياه"، محذراً من أن القيود التجارية التي تفرضها بعض الحكومات بهدف زيادة مخزوناتها المحلية من المواد الغذائية تفاقم معدلات التضخم في السلع الغذائية.

وبدأت أسعار الغذاء في الارتفاع بمعدلات كبيرة وبوتيرة سريعة منذ أزمة وباء كورونا، وزادت أكثر مع الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا التي أدت إلى توقف بعض صادرات الحبوب والأسمدة من البلدين. وزادت مشكلة انعدام الأمن الغذائي في كثير من الدول الفقيرة حول العالم وارتفعت كلفة المعيشة للأسر في العالم كله تقريباً.

الشركات أم الحكومات

وهناك اتهام لشركات تجارة السلع الزراعية التي حققت أرباحاً طائلة عام 2022 بأنها استغلت حرب أوكرانيا والعقوبات على روسيا لتدفع أسعار الغذاء في العالم نحو الارتفاع الصاروخي. إلا أن فيرغيس يرى أن ارتفاع أسعار الغذاء يعود في قدر كبير منه إلى تدخل الحكومات، وأن وضع حواجز وقيود نتيجة الحرب في أوكرانيا أدى إلى "اختلال مبالغ فيه في معادلة العرض والطلب".

وأضاف أن الدول الغنية أخذت في زيادة فائض التخزين من السلع الاستراتيجية مما جعل الطلب يرتفع بصورة هائلة، وبالتالي ارتفعت الأسعار مع ثبات المعروض. وقال رئيس شركة التجارة الزراعية الكبرى "عملت الهند والصين وغيرهما على زيادة مخزوناتها... مما أدى إلى تفاقم مشكلة عالمية".

ومع تلك الزيادة والأضرار التي تسببها التغيرات المناخية للإنتاج الزراعي تتحول الحكومات باستمرار نحو اتخاذ إجراءات حمائية تعقد مشكلة الأمن الغذائي العالمي أكثر فأكثر. ففي عام 2022 أعلنت إندونيسيا حظراً على تصدير زيت النخيل من أجل حماية السوق المحلي، وفي 2023 فرضت الهند حظراً على تصدير بعض أنواع الرز لتفادي ارتفاع الأسعار في السوق المحلية قبل الانتخابات العامة.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "أولام آغري" صني فيرغيس عن تلك الجراءات "هذا بالضبط هو التصرف الخاطئ... وسنشهد مزيداً ومزيداً من تلك الإجراءات". وشركة "أولام آغري" تابعة لمجموعة "أولام غروب" التجارية التي يغطي نشاطها الواسع آسيا وأفريقيا وما وراءهما، وتورد المجموعة التي تعمل في مجال المنتجات الزراعية والأغذية المكونات لكبرى الشركات في العالم مثل "نسله" و"يونيليفر" وغيرهما.

وهناك عدد من الاقتصاديين يتفق مع رأي فيرغيس بتوقع صراعات عالمية حول الموارد الغذائية في ظل تأثر المحاصيل بالتغير المناخي في مناطق مختلفة حول العالم. وذلك فضلاً عن لجوء بعض الدول المنتجة لحظر التصدير من ناحية وزيادة الطلب من الدول الغنية التي تخزن الغذاء للطوارئ من ناحية أخرى. إضافة طبعاً إلى استغلال الشركات الكبرى لتلك الظروف لتحقيق أرباح طائلة بزيادة هامش الربح مما يرفع الأسعار.

اقرأ المزيد