Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أوبك" تطرح خيارات أوسع لمسارات الطاقة المستقبلية

أمين عام المنظمة هيثم الغيص يؤكد أن الاعتماد الكثيف على المعادن النادرة غير مستدام

من المرتقب ارتفاع  الطلب على النحاس بنسبة 50 في المئة (رويترز)

ملخص

ترى وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على المعادن المهمة والنادرة سيتضاعف 4 مرات بحلول عام 2040

مع زيادة الدعوات إلى التحول في مجال الطاقة يزيد الاهتمام بأنواع المعادن المهمة والنادرة التي تعد مدخلاً أساسياً في صناعات الطاقة الجديدة، ومع زيادة الطلب على تلك المعادن يحتاج العالم إلى استثمارات هائلة لتوفيرها، لكن المسار الحالي الذي يتجاهل الاستثمار في مصادر الطاقة التقليدية من الوقود الأحفوري يجعل إمدادات تلك المعادن غير مستدامة.

تتبنى وكالة الطاقة الدولية منذ أكثر من عامين ما يوصف بأنه سيناريو "صفر كربون"، أي التحول الكامل عن النفط والغاز واستبدال الطاقة من الوقود الأحفوري بالطاقة من المصادر الخضراء مثل الشمس والرياح وغيرها والتحول في مجال النقل مثلاً إلى استخدام السيارات الكهربائية، وعلى رغم أن ذلك مهم في إطار مكافحة التغيرات المناخية التي تهدد كوكب الأرض بارتفاع درجات الحرارة فإن اعتماد مسار واحد بالاستثمار فقط في مصادر الطاقة الجديدة وإهمال المصادر التقليدية يشكل خطراً على مستقبل الطاقة اللازمة لاستمرار النشاط الاقتصادي والبشري عموماً.

في مقال على موقع منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) يطرح الأمين العام للمنظمة هيثم الغيص مساراً مختلفاً في إطار "صورة كلية" للطاقة في العالم وليس فقط ما تتبناه وكالة الطاقة الدولية من الدعوة إلى مسار واحد للاستثمار. ويلاحظ أن التوجه العالمي في شأن التحول في مجال الطاقة لم يعد بالزخم الذي كان عليه قبل عامين، على رغم برامج الطاقة الخضراء والاستثمارات المخصصة للطاقة المستدامة.

أهمية المعادن

في أحدث إصداراتها حول سيناريو "صفر انبعاثات" ترى وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على المعادن المهمة والنادرة سيتضاعف أربع مرات بحلول عام 2040، وهو معدل زيادة في الطلب على تلك المعادن غير مسبوق تاريخياً، وتشمل تلك المعادن النحاس والكوبالت والسيليكون والنيكل والليثيوم والغرافيت إلى جانب معادن نادرة أخرى.

يشير أمين عام "أوبك" في مقاله بداية إلى أن الاهتمام بالتعليق على موضوع المعادن المهمة والنادرة لا يعني على الإطلاق التقليل من اهتمام "أوبك" بالطاقة المتجددة وأهميتها في مستقبل الطاقة العالمي، ويؤكد أن "الدول الأعضاء في المنظمة تستثمر بكثافة في مصادر الطاقة المتجددة، وفي كل مراحل سلاسل التوريد لها، وتسهم أيضاً في تطوير السيارات الكهربائية".

لكن، مثلما تردد "أوبك" دائماً بأن مستقبل الطاقة لا يجب أن يعتمد على مسار واحد لما في ذلك من أخطار، فإن التوسع في الطلب على المعادن المهمة والنادرة يستحق المناقشة. ويطرح هيثم الغيص أسئلة مثل "هل مثل هذا التوسع الهائل ممكن فعلاً، وما هي تداعياته عملياً، وإلى أي مدى هو أمر مستدام، وما أهمية النفط والغاز في سياق التوسع في شأن المعادن المهمة والنادرة وكذلك في مجال الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية وشبكات الكهرباء".

بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية في سيناريو "صفر انبعاثات" بحلول عام 2040 فإن الطلب على النحاس سيرتفع بنسبة 50 في المئة، وسيتضاعف الطلب على المعادن النادرة وسيزيد الطلب على الكوبالت بأكثر من الضعف ويقترب على الطلب على النيكل من ثلاثة أضعاف، أما الزيادات الأكبر فستكون في الطلب على الغرافيت مثلاً الذي سيتضاعف أربع مرات أما الطلب على الليثيوم فسيرتفع تسعة أضعاف بسبب أهميته في صناعة البطاريات للمركبات الكهربائية، وبالطبع هذا الطلب الهائل في حاجة إلى عدد كبير من المناجم الجديدة ومشروعات التعدين الهائلة.

كانت وكالة الطاقة الدولية ذكرت عام 2022 أنه بحلول عام 2030 سيحتاج العالم إلى 50 منجماً جديداً لإنتاج الليثيوم و60 منجماً جديداً لإنتاج النيكل و17 منجماً إضافياً لإنتاج الكوبالت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مقارنات مهمة

من التجارب التاريخية، تحتاج مشروعات سلاسل الإمداد والتوريد إلى وقت قد يطول من مراحل الاستكشاف وحتى مرحلة الإنتاج النهائي، وهنا تصبح أسئلة الأمين العام مهمة، "هل مثل هذا النمو واقعي، وما تبعات عدم كفاية النمو لتلبية الحاجات، بل وماذا تكون النتيجة إذا اتبع أصحاب القرار مسار عدم الاستثمار في النفط والغاز؟".

يتطلب استخراج وتنقية المعادن المهمة والنادرة عمليات كثيفة الاستهلاك للطاقة، وفي سياق المقارنة يقول الغيض إن "المركبات الكهربائية وتوربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية إضافة إلى شبكات الكهرباء الجديدة تحتاج بشدة لتلك المعادن".

على سبيل المثال تحوي المركبة الكهربائية على 200 كيلوغرام من تلك المعادن، في المقابل لا تحوي السيارة التقليدية التي تعمل بالوقود سوى على 34 كيلوغراماً من تلك المعادن، أيضاً يحتاج إنتاج واحد ميغاواط كهرباء من توربينات الرياح إلى نحو 15 طناً من المعادن، ومن ألواح طاقة شمسية إلى سبعة أطنان من المعادن، في المقابل فإن إنتاج ميغاواط كهرباء واحدة باستخدام الغاز الطبيعي لا يحتاج أكثر من طن واحد.

يشير الأمين العام إلى حقيقة في غاية الأهمية وهي أن عمليات المناجم والتعدين كثيفة الاستهلاك للطاقة وتعتمد في الأساس على الطاقة من الوقود الأحفوري ولا يمكنها العمل من دونه، ويضيف أن "استخدام الغاز والفحم ضروري لتنقية المعادن من خلال عمليات حرارية وكيماوية. على سبيل المثال، لفصلها عن معادن أخرى وتسخينها إلى درجات حرارة عالية لإنتاجها بشكل نقي. كما تستخدم مشتقات البترول أيضاً في عمليات التنقيب والتعدين في الحفارات والبلدوزرات وغيرها من المركبات للتخلص من النفايات ونقل المعادن إلى مواقع الطلب".

أهمية النفط والغاز

يخلص الأمين العام لـ"أوبك" في مقاله إلى أن مصادر الطاقة المختلفة ليست منفصلة، بالتالي يتعين النظر لأمن الطاقة العالمي بصورة كلية من دون استبعاد أي من مكونات القطاع. وفي هذا السياق يشير إلى ما ورد في منتدى "بلومبيرغ" للطاقة الجديدة من أن سيناريو "صفر انبعاثات" سيعني أن تمتد شبكة الكهرباء عالمياً بطول من الأرض إلى الشمس، أي مسافة نحو 152 مليون كيلومتر.

ويتساءل الغيص "هل من الواقعي أن نعتقد أن مصادر الطاقة المتجددة وحدها يمكن أن تلبي هذا التوسع في إنتاج الكهرباء، بخاصة أن العالم استثمر أكثر من 9.5 تريليون دولار في العقدين الأخيرين في مجال تحول الطاقة وما زالت الطاقة من الرياح والشمس لا تلبي أربعة في المئة من الطلب العالمي بينما نطاق انتشار المركبات الكهربائية لا يتجاوز ثلاثة في المئة عالمياً". يذكر أن منتدى "بلومبيرغ" للطاقة الجديدة ذكر في تقريره الأخير عن مستقبل الطاقة الجديدة أن سيناريو "صفر انبعاثات" سيكلف العالم استثمارات بنحو 250 تريليون دولار بحلول عام 2050.

يلاحظ أن توجه صناع القرار لم يعد بذلك الحماس السابق، لذا نجد أن الاستثمارات في إنتاج المعادن اللازمة للتحول في مجال الطاقة تراجع العام الماضي 2023 عما كان عليه في عام 2022، ومن هنا يؤكد الأمين العام لـ"أوبك" أهمية عدم إغفال الاستثمار في النفط والغاز والنظر إلى مستقبل الطاقة العالمي بصورة كلية وبمسارات مختلفة.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز