Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي سيناريو صحي ينتظر لبنان حال اندلاع الحرب؟

الوزير الأبيض لـ"اندبندنت عربية": من الصعب التحضير لمثل نوعية الاعتداءات الوحشية على غزة

ملخص

منذ بدء الضربات العسكرية بين "حزب الله" وإسرائيل أطلقت وزارة الصحة العامة اللبنانية خطة شاملة لتهيئة القطاع الطبي تضمنت إطلاق غرفة طوارئ صحية وإعداد كوادر بشرية وتأمين وتوزيع المستلزمات الطبية.

في ظل التوترات المتصاعدة بين "حزب الله" وإسرائيل يواجه القطاع الصحي اللبناني تحديات كبيرة تتطلب استعدادات مكثفة لمواجهة أي طارئ، ومع احتمال اندلاع الحرب تُبرز جهود وزارة الصحة ولجنة الصحة في البرلمان أهمية تعزيز الجاهزية الطبية وتأمين الموارد اللازمة للتعامل مع الأزمات المتوقعة.

وتصاعد القتال بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" بعد أن اندلعت حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتزايد تلويح حكومة بنيامين نتنياهو بشن حرب واسعة ضد الجماعة اللبنانية، وهنا يطرح كثيرون سؤالاً حول إلى أي مدى يستعد القطاع الصحي اللبناني لمواجهة تلك المعارك المحتملة؟

واقع القطاع الصحي

وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض قال في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إن "الاعتداءات على غزة تتسم بوحشية لا يمكن تصورها، وإنه من الصعب التحضير لنوعية هذه الضربات"، معتبراً أن "النظام الصحي في لبنان بدأ يتعافى من أزمته الأخيرة وأصبح قادراً على التعامل بفعالية"، ومشيراً إلى "استقبال 6 آلاف جريح ليلة انفجار مرفأ بيروت كدليل على قدرته على التصرف في أصعب الظروف".

بدوره أكد رئيس لجنة الصحة في البرلمان اللبناني بلال عبدالله في تصريح خاص أن "القطاع الصحي في البلاد لا يزال يخرج من أزمته العميقة التي بدأت مع الانهيار الاقتصادي عام 2019، وليس في وضع جاهزية كاملة لمواجهة حرب محتملة ضد إسرائيل، إذ يعاني نقصاً في المستلزمات الطبية والأدوية الضرورية".

 

 

وأشار عبدالله إلى أن "تجربة حرب غزة أثبتت أن المراكز الصحية تكون أهدافاً رئيسة للعدو الإسرائيلي مما يؤثر في معنويات المقاتلين وصحة المدنيين".

وعن دور لجنة الصحة النيابية نبه إلى أنها "عقدت اجتماعات مطولة مع وزير الصحة وزارت غرفة الطوارئ، وتواصلت مع المستشفيات لتأمين الحد الأدنى من الجاهزية"، مؤكداً أن "الجهود مستمرة لمقاومة أي عدوان بقدرات القطاع الطبي المتاحة على رغم أنها لا تكفي".

خطة "الصحة" للطوارئ

ومنذ بدء الضربات العسكرية بين "حزب الله" وإسرائيل أطلقت وزارة الصحة العامة اللبنانية خطة شاملة لتهيئة القطاع الطبي، تضمنت إطلاق غرفة طوارئ صحية وإعداد كوادر بشرية وتأمين وتوزيع المستلزمات الطبية، والتنسيق بين الأجهزة الإسعافية ووضع خطة لمعالجة آثار النزوح وتوفير الأدوية اللازمة للأمراض المزمنة.

وأما تمويل الخطة فكشف الوزير الأبيض عن أن "ذلك يعود لمجلس الوزراء، إذ خصص 10 تريليونات ليرة لبنانية لتغطية كلفة علاج الجرحى، إضافة إلى جزء من قرض البنك الدولي وبرنامج الرعاية الصحية الأولية لدعم النازحين".

التتبع والترصد

وعن المبادرات والإجراءات التي تهدف إلى تحسين البنية التحتية الصحية وتوفير الرعاية اللازمة في الظروف الطارئة، أوضحت مديرة برنامج الترصد الوبائي في وزارة الصحة اللبنانية الدكتورة ندى غصن أن "الوزارة ستعتمد على نظامين للتتبع والترصد لضمان الجاهزية الصحية، وهما نظام معلومات غرفة الطوارئ الصحية لمتابعة الضحايا، ونظام معلومات النازحين اللبنانيين لرصد الأمراض الانتقالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنفذ وزارة الصحة اللبنانية برامج تدريبية لتعزيز الاستجابة الطارئة، إذ تشير مسؤولة غرفة الطوارئ وحيدة غلاييني إلى "تدريب 125 مستشفى و3092 شخصاً على التعامل مع الفوسفور الأبيض وإدارة حوادث الطوارئ في 118 مستشفى، وتدريب 1800 ممرضة و160 طبيباً على الصحة النفسية، إضافة إلى تأهيل خدمات الطوارئ المتنقلة مثل الصليب الأحمر ووحدات الإطفاء".

توزيع الأدوية

بدوره كشف رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحة العامة هشام فواز عن "توزيع أكثر من 50 طناً من الأدوية والمستلزمات على 22 مستشفى في الجنوب وبعلبك الهرمل، وتوزيع حقائب طبية من منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى الأدوية والمستلزمات المقدمة من 'يونيسف' و 'الصحة العالمية' و'أطباء بلا حدود' و 'أنيرا' مع تأكيد الاحتفاظ بكميات إضافية للحالات الطارئة، وتغطية علاج الجرحى 100 في المئة".

إدارة شؤون النازحين

من ناحيتها أكدت لين سبليني من دائرة الرعاية الصحية الأولية "متابعة حركة النزوح واستهلاك الخدمات الصحية، ووضع آلية لنقل الملفات الطبية بين المراكز، وتصنيف مراكز الرعاية بحسب الخطورة، وتركيب برادات تعمل على الطاقة الشمسية بالشراكة مع منظمة 'يونيسف' وتحديد 13 مركز توزيع للدواء واللقاحات، وضمان استمرار نظام المعلوماتية في حال انقطاع الإنترنت".

مستشفيات الجنوب

وعن وضع مستشفيات الجنوب اللبناني حالياً وأزمة التمويل المالي في إطار الخطة الصحية الطارئة حال اندلعت حرب كبرى بين إسرائيل و"حزب الله"، قال وزير الصحة فراس الأبيض إن "غالبية مستشفيات الجنوب تعمل بصورة طبيعية ضمن الظروف التي تحصل، بخاصة الواقعة في بلدات خلف الحدود".

 

 

وتابع، "بالنسبة إلى المستشفيات الحكومية في المناطق المتاخمة للشريط الحدودي فهناك ثلاثة منها تأثرت، وهي الجبل ومرجعيون وبنت جبيل، إلا أنها مستمرة في تقديم الخدمات ولكن بطاقم أصغر بكثير، إذ نزح جزء كبير من أهالي المناطق الحدودية هناك إلى مواقع أخرى، وبالتالي باتت الحاجة الطبية أقل من قبل".

وأضاف، "هناك مستشفيات أخرى تتحمل العبء الأكبر مثل مستشفى تبنين الذي يستقبل العدد الأكبر من الجرحى، وكذلك لدينا مستشفى النبطية الذي يضم قسماً لعلاج الحروق".

التنسيق بين الجهات الإسعافية

من جهة أخرى، وفي ظل الظروف الراهنة التي يشهدها لبنان، تواجه الفرق الإسعافية والدفاع المدني تحديات كبيرة تتطلب تنسيقاً عالياً وجهوداً مكثفة لضمان استجابة فعالة، وتبرز أهمية تحسين التنسيق بين الجهات المعنية ومعالجة التحديات اللوجيستية التي تزداد حدة نتيجة الظروف الأمنية الصعبة.

في سياق ذلك أطلق وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي مبادرة تهدف إلى تأمين الحاجات الأساس لجهة العتاد وتصليح المعدات المعطلة والمتوقفة عن العمل تلبية لطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لتمكين مراكز الدفاع المدني من الاستمرار في تلبية نداءات المواطنين.

من ناحيته أكد مدير وحدة إدارة الأخطار والكوارث في الصليب الأحمر اللبناني قاسم شعلان "أهمية المركز المشترك الذي أنشأته وزارة الصحة لدعم نشاط الهيئات الإسعافية الذي يهدف إلى تحسين التنسيق والربط عبر الأجهزة اللاسلكية بين الجهات المعنية لتحقيق استجابة فعالة".

التحديات اللوجيستية

أما في الجنوب فتحدث حسين فقيه، وهو مسؤول الدفاع المدني في محافظة النبطية التي تشمل مناطق مرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل، عن أن "هناك 21 مركز دفاع مدني و13 مركزاً على الخط الساخن في هذه المناطق"، لافتاً إلى أن أبرز التحديات كانت "منذ نهاية مارس (آذار) وحتى أبريل (نيسان) الماضيين، حين تصاعدت وتيرة الحرائق اليومية نتيجة القصف بالقنابل الفوسفورية على الأحراج والأراضي الزراعية، مما زاد صعوبة السيطرة عليها".

وتابع، "غياب نشاط البلديات في الإسهام بتنظيف جوانب الطرقات والأحراج أدى إلى زيادة الأعشاب الجافة مما يسهم في انتشار الحرائق بسرعة، إضافة إلى أن نقص المياه القريبة من الخط الأزرق والآبار الارتوازية المعطلة دفع الفرق للجوء إلى البرك الزراعية للحصول على المياه".

 

 

وقال فقيه إن "القنابل غير المنفجرة والألغام والقنابل العنقودية الباقية منذ حرب عام 2006 تعد من أكبر التحديات الأمنية التي تواجه فرق الدفاع المدني، وتستدعي عمليات إزالة طويلة ومعقدة لضمان السلامة".

الاستجابة والتدخلات

وعن مهمات فرق الدفاع المدني، أشار مسؤول الدفاع المدني في محافظة النبطية إلى أنه "منذ أكتوبر 2023 نفذت فرق الدفاع المدني نحو 1000 مهمة، تشمل الإطفاء والإسعاف والإنقاذ ورفع الأنقاض وتأمين المياه لأماكن إيواء النازحين، وعلى رغم التحديات الكبيرة عملت الفرق بجد وبإمكانات محدودة، مستفيدة من دعم 'يونيفيل' وبعض اتحادات البلديات".

وعن الحاجات والمطالب اللاحقة أكد فقيه أن "فرق الدفاع المدني تتطلب تحديثاً للمعدات وهناك حاجة إلى معدات الحماية الشخصية"، لافتاً إلى أن "عدد السيارات يبلغ في مراكز محافظة النبطية 16 سيارة إسعاف و32 سيارة إطفاء، إضافة إلى معدات أخرى مثل الجرافات".

وأضاف، "نعتمد على مساعدات محدودة من 'يونيفيل' وبعض اتحادات البلديات والمتبرعين لصيانة المعدات، وفي كل مركز توجد سيارات إطفاء وإسعاف وإنقاذ، وبعض المراكز تحوي سيارتي إطفاء".

وعن أزمة تثبيت المتطوعين والنقص في الكوادر فأكد أنها "لم تعد أزمة بفضل جهود مدير الدفاع المدني ووزير الداخلية، إذ ثُبت بعض المتطوعين الذين اجتازوا الامتحانات في الـ 24 من أغسطس (آب) 2023، مما رفع نسبتهم  داخل المراكز".

 

 

الشراكة بين القطاع الخاص والعام

وعلى هامش هذه التحضيرات يجري القطاع الخاص بالتعاون مع نظيره العام والمجتمع المدني استعداداته أيضاً، إذ نظمت جامعة الحكمة مناورة حية لإدارة الأزمات في ساحة بلدية جونية بهدف تعزيز روح التطوع لدى الشباب وتحفيزهم على الدخول إلى المؤسسات العسكرية والأمنية والإسعافية والإنسانية والإنقاذية.

وخلال هذه المناورة جرى تدريب المشاركين على كيفية التعامل مع الأزمات وتقديم المساعدة الفورية للمتضررين، مما يبرز أهمية التنسيق والتكامل بين مختلف القطاعات لضمان الجاهزية والاستجابة الفعالة في حالات الطوارئ.

المزيد من متابعات