Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف جذبت إيطاليا مليونيرات بريطانيا؟

تستعد ميلانو لسحب البساط من تحت لندن كملعب للأثرياء

سعت إيطاليا إلى جذب طبقات المليارديرات والمليونيرات من خلال فرض ضريبة ثابتة سنوية بقيمة 107.8 ألف دولار فقط على الدخل المكتسب في الخارج (غيتي)

ملخص

استعداد كير ستارمر لسلسلة من زيادات ضريبة الثروة على الأثرياء في بريطانيا وحال عدم اليقين السياسي التي تعيشها فرنسا تخدم خطط إيطاليا لجذب المليونيرات من البلدين.

عندما صعدت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى المسرح لإلقاء خطاب تاريخي عن الضرائب أمام المشرعين الإيطاليين في وقت سابق من هذا العام، أطلقت دفاعاً حماسياً عن الكيفية التي ينبغي بها معاملة الأثرياء. حينها حثت رئيسة الوزراء الإيطالية والتي كانت ترتدي سترة سوداء رصينة وتتحدث بحيوية مميزة، النخبة الحاكمة في إيطاليا على "وضع أولئك الذين يخلقون الثروة في أفضل الظروف لإنتاجها".

وقالت ميلوني "كلما زاد إنتاج الثروة تمكنت الدولة من استخدام حصتها من تلك الثروة لتوفير الحلول التي ينتظرها المواطنون... الغرض من النظام الضريبي ليس خنق المجتمع، بل مساعدته على الازدهار". وشددت الرسالة على محاولة ميلوني الشرسة لإخراج إيطاليا من أعوام الركود وإعادتها إلى ذروة اقتصادها بعد الحرب، والآن بينما يدرس زعيم حزب العمال السير كير ستارمر سلسلة من زيادات ضريبة الثروة على الأثرياء في بريطانيا، وتكافح فرنسا حالاً من عدم اليقين السياسي فإن إصلاحاتها لإعادة إيطاليا إلى الخريطة تؤتي ثمارها.

وفي الأشهر الأخيرة كانت هناك نسبة متزايدة من الأثرياء يتدفقون على إيطاليا، بسبب أجندة ميلوني الإصلاحية.

إيطاليا وجذب المليارديرات من بوابة الضريبة الثابتة

وتتفوق سوق الأوراق المالية في ميلانو وهي مقياس للثقة في إيطاليا على منافسيها الأوروبيين هذا العام، إذ ينمو الاقتصاد الإيطالي بصورة أسرع من القوة الصناعية في ألمانيا،ويمثل هذا التغيير انعكاساً مذهلاً في حظوظ الدولة، التي سخر منها النقاد ذات يوم باعتبارها حالة اقتصادية سيئة.

ولتحقيق هذا التحول سعت إيطاليا إلى جذب طبقات المليارديرات والمليونيرات من خلال فرض ضريبة ثابتة سنوية بقيمة 100 ألف يورو (107.8 ألف دولار) على الدخل المكتسب في الخارج، وأدت جاذبية هذه الضريبة الثابتة على المكاسب الأجنبية بالفعل إلى تدفق الأشخاص الذين يسعون إلى الاستفادة من المخطط أكثر مما توقعه صناع السياسات.

وأفادت "بلومبيرغ" بأن العدد الإجمالي للأشخاص الذين انتقلوا إلى إيطاليا والمؤهلين للبرنامج وصل إلى أربعة آلاف شخص خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بمقدار ألفي شخص آخرين خلال عام 2024.

العمال وضريبة الأثرياء والهجرة لإيطاليا

ومنذ أن أصبحت ميلوني رئيسة للوزراء قبل عامين سعت إلى البناء على النظام الضريبي المؤيد للأعمال الذي قدمه سلفها ماتيو رينزي، ومع ذلك حظيت سياساتها بجاذبية متجددة مع مغادرة عدد متزايد من الأثرياء بريطانيا بحثاً عن اقتصادات ذات ضرائب أقل في الخارج، وكان الدافع وراء هذا التحول هو تحرك بريطانيا لإلغاء وضع غير المقيمين، وهي السياسة التي اقترحها المحافظون للمرة الأولى لكن سرعان ما ستشدد من قبل حزب العمال.

وأدت المخاوف من فرض قيود ضريبية بالفعل إلى اختيار عدد من المستثمرين الأثرياء إنشاء صناديق استثمارية خارج بريطانيا، لحماية ثرواتهم من الضرائب في المملكة المتحدة في حين غادر آخرون البلاد تماماً.

وقال مدير خدمات الضرائب في شركة "هينلي آند بارتنرز" بيتر فيريجنو لصحيفة "تلغراف"، إن النظام الضريبي الإيطالي "يجذب كثيراً من الاهتمام" بسبب بعض التغييرات في بريطانيا.

ووفقاً للشركة التي تقدم المشورة للأفراد ذوي الثروات العالية، من المتوقع أن تجتذب إيطاليا 2200 مليونير إضافيين خلال عام 2024، مما يجعلها الوجهة الأكثر رغبة للأثرياء في أوروبا.

وقالت المحامية في الحي المالي في لندن عائشة فارداغ والتي تمثل الأثرياء في معارك الطلاق المربحة، للصحيفة، إنها شهدت بالفعل سيلاً من العملاء يغادرون بريطانيا وسط مخاوف من رفع السير كير الضرائب إضافة إلى الانتقال إلى مدن مثل دبي وموناكو، وإيطاليا برزت باعتبارها أحد المستفيدين الرئيسين.

وكانت باريس أيضاً في كثير من الأحيان هي المكان الذي يهرب إليه معظم المليارديرات عندما تستهدف بريطانيا الضرائب المفروضة عليهم، ومع ذلك فإن الفوضى السياسية التي تجتاح فرنسا حالياً بسبب شعبية التجمع الوطني اليميني المتشدد ألقت بظلالها على مدينة النور.

وفي المقابل تبدو ميلوني وإيطاليا على نحو متزايد ملاذاً آمناً، وعلى رغم المخاوف في شأن ولاءاتها الشعبوية فإنها حكمت باعتبارها يمينية معتدلة والتزمت بالخط في بروكسل، ودعمت حلف شمال الأطلسي وأبقت الأسواق سعيدة بسياساتها الاقتصادية.

وبينما لا تزال إيطاليا تتحمل أكبر كومة من الديون في أوروبا بقيمة 2.9 تريليون يورو (3.1 تريليون دولار) فإن أجندتها الداعمة للنمو أبقت المستثمرين في صفها.

ومع ذلك لا يتعلق الأمر بالاقتصاد فحسب، إذ إن هناك اعتبارات أخرى أكثر ليونة تجعل من ميلانو الوجهة الجديدة للأثرياء.

وفي حين أن لندن تفتخر بمساحات صغيرة من الفخامة في مناطق صغيرة مثل مايفير ونيو بوند ستريت، فإن ميلانو تعج بالعلامات التجارية الفاخرة في كل منعطف، مما يزيد من إغراء كبار الشخصيات بالرحيل.

وميلانو هي موطن لنخبة ماركات الأزياء مثل "بولغاري" و"غوتشي" و"فيرساتشي" و"برادا"، كما أن شركات تصنيع السيارات الرياضية بما في ذلك "لامبورغيني" و"فيراري" تسكن الشمال الصناعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومما يزيد من جاذبية المدينة حقيقة أن أسعار السلع الفاخرة والأطعمة الحائزة نجمة "ميشلان" ترتفع بصورة أبطأ في ميلانو مما هي عليه في لندن، ويتجلى ذلك من خلال الأرقام الأخيرة الصادرة عن البنك الخاص "جوليوس باير"، والتي وجدت أن أسعار المجوهرات ارتفعت بـ7.6 في المئة في ميلانو العام الماضي مقابل 11.3 في المئة في لندن، من دون الأخذ في الاعتبار سياسة التسوق الخالي من ضريبة القيمة المضافة، والتي تخلت عنها بريطانيا في الأعوام الأخيرة.

ويعمل كل هذا على تغذية محاولة ميلانو لسحب البساط من تحت أقدام لندن وتحويلها إلى ملعب للأثرياء، إذ أصبحت الإعفاءات الضريبية الإيطالية الآن مطلوبة بقدر الطلب على حقائب اليد من ماركة "غوتشي".

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة المحاسبة "بليك روثنبرج" نيمش شاه "أدت مقترحات الضرائب العمالية إلى تسريع خطط الناس للانتقال وهم يريدون التحرك بصورة أسرع... لم أحظ هذه الشعبية من قبل بين المستشارين الإيطاليين، إنهم يطرقون بابي".

اقرأ المزيد