Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا حملت زيارة أوربان لكييف الأولى منذ أكثر من 10 أعوام؟

يطرح مبادراته لتسوية الأزمة الأوكرانية في أول نشاط له كرئيس للدورة الحالية للاتحاد الأوروبي

بدأ رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي فيكتور أوربان نشاطه بزيارة للعاصمة الأوكرانية كييف (أ ف ب)

ملخص

أوربان يظل الزعيم الأوروبي الوحيد الذي يحافظ على علاقاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية كما أنه انتقد علناً المساعدات المقدمة لأوكرانيا

في مستهل نشاطه كرئيس لمجلس الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من يوليو (تموز) 2024 وحتى نهاية العام الحالي، ومن مواقع تتسم بما هو أقرب إلى رفض العقوبات المفروضة على موسكو، وبما يعكس المواقف المميزة لبلاده مع السلطات الروسية، بدأ فيكتور أوربان نشاطه بزيارة لكييف، هي الأولى منذ آخر زيارة قام بها للعاصمة الأوكرانية عام 2012. عاد أوربان رئيس الحكومة المجرية في هذه الزيارة لسابق ما دعا إليه كييف منذ بداية الأزمة الأوكرانية، قائلاً إن "هدف الرئاسة المجرية هو المساهمة في إيجاد حلول للمشكلات التي تواجه الاتحاد الأوروبي". ولم يكتف أوربان بما أعلنه من مقترحات سبق وأوفد وزير خارجيته بيتر سيارتو إلى كييف أكثر من مرة لعرضها على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بل قام بنفسه في أول زيارة للعاصمة كييف منذ 12 عاماً، في محاوله لإقناعه بضرورة الجنوح نحو المحادثات، في إطار ما حمله معه من مقترحات، يراها تطويراً لما خلصت إليه "قمة السلام" الأخيرة التي عقدت في منتصف شهر يونيو (حزيران) الماضي في منتجع "بورغنشتوك" في سويسرا.

مبادرة وقف إطلاق النار

وإذ أشار أوربان إلى أهمية القبول بفكرة النظر في "هدنة عاجلة"، قال إنه عرض على زيلينسكي وقفاً فورياً لإطلاق النار على خطوط التماس الحالية مع القوات الروسية. وأوجز رئيس الحكومة المجرية وجهة نظره تجاه التسوية المقترحة في قوله إنه ليس معارضاً لما يطرحه الرئيس الأوكراني من مقترحات، لكنه يعتبر ما يقوله زيلينسكي مسألة بعيدة المنال يصعب تنفيذها، وقال "إنه أبلغ زيلينسكي أن مبادراته يمكن أن تستغرق كثيراً من الوقت بسبب قواعد الدبلوماسية الدولية"، ولذا طلب منه "التفكير في ما إذا كان من الممكن القيام بشيء مختلف قليلاً".

وإذ أكد الزعيم المجري أنه لم يصر على مبادرته وأخذ في الاعتبار الحجج الأوكرانية، "أعرب عن شكره لزيلينسكي لرأيه الصريح في شأن هذه القضية"، ووعد بنقل ما سمعه إلى زعماء الاتحاد الأوروبي الآخرين، وهو ما كان زيلينسكي حرص على عدم الإشارة إليه في خطابه الذي ألقاه في "قمة السلام" السويسرية، وقال أوربان إن "الحرب التي تعيشونها الآن لها تأثير شديد للغاية في أمن أوروبا، نحن نقدر جميع مبادرات الرئيس زيلينسكي لتحقيق السلام". وأضاف أنه طلب من زيلينسكي التفكير في ما إذا كان من الممكن اتباع مسار مختلف قليلاً، ووقف إطلاق النار ثم مواصلة المفاوضات. وقال فيكتور أوربان أيضاً إنه يأمل في تحسين العلاقات بين بودابست وكييف، والخطوة الأولى نحو ذلك قد تكون إبرام اتفاق تعاون واسع النطاق، وأكد استعداد المجر للمشاركة في تحديث الاقتصاد الأوكراني.

وإذ كشف زيلينسكي عن تأييد المجر للبيان الختامي الذي صدر عن قمة السلام الأوكرانية في سويسرا، بما يعني استعدادها "أن تكون فعالة من أجل إعادة الأمن الحقيقي على المدى الطويل"، قال إن الجانبين خلصا إلى اتفاق حول القضايا الخلافية في العلاقات بين البلدين، وكشف عن وعد من جانب رئيس الحكومة المجرية بافتتاح وتمويل أول مدرسة أوكرانية في المجر.

العلاقات الثنائية

وتعتبر زيارة أوربان الأولى منذ آخر زيارة له لكييف عام 2012، إذ لم يقم بزيارة أوكرانيا سواء في عهد الرئيس الحالي زيلينسكي أم في عهد سلفه بترو بوروشينكو. وكانت آخر زيارة لأوربان لأوكرانيا عام 2012 أجرى خلالها مفاوضات مع الرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يانوكوفيتش، الذي جرت الإطاحة به في 2014.

ولكن وكما قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلاً عن مصادر أوكرانية إن أوربان يظل الزعيم الأوروبي الوحيد الذي يحافظ على علاقاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما إنه انتقد علناً المساعدات المقدمة لأوكرانيا وعرقل في الفترة الأخيرة قرار الاتحاد الأوروبي بتقديم حزمة إنقاذ ضخمة لكييف. وذلك فضلاً عن أن المجر لم توافق على رفع حق النقض "الفيتو"، إلا بعد أن أبلغ زعماء آخرون في الاتحاد الأوروبي أوربان في قمة خاصة بأن موقفه في هذا الصدد غير مقبول، وإضافة إلى ذلك اعترض أوربان على قرار "الناتو" بالمشاركة بصورة أكبر في تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، واعتراضه على "برنامج المساعدة" لكييف إلا بعد أن تلقت المجر ضمانات بأن ممثليها لن يشاركوا فيه، وكانت المجر تخلت عن اعتراضاتها على بدء المفاوضات في شأن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً لما تقوله الصحافة الأوكرانية، ورداً على ذلك قدمت كييف بعض التنازلات في ما يتعلق بوضع الأقليات القومية، بما في ذلك المجريون الأوكرانيون المقيمون في منطقة ما وراء الكاربات (المجرية الأصل)، التي آلت إلى أوكرانيا بموجب نتائج الحرب العالمية الثانية، فضلاً عن استجابتها لما سبق وطرحه بيتر سيارتو وزير الخارجية المجرية خلال محادثاته مع نظيره الأوكراني دميتري كوليبا، من اقتراحات تخفف من القيود التي فرضتها السلطات الأوكرانية على الأقليات القومية التي تعيش في أوكرانيا.

وتعليقاً على نتائج محادثات أوربان مع زيلينسكي، نقلت وكالة أنباء "تاس" الروسية عن الخبير السياسي غابور ستير عضو منتدى فالداي الدولي، ما قاله حول إن مبادرة رئيس الحكومة المجرية لوقف إطلاق النار في أوكرانيا تقف على طرفي نقيض من مواقف السلطات الأوكرانية. وأشار المتخصص المجري في الشؤون الدولية إلى أن "روسيا سبق وأعلنت في وقت سابق موقفها الذي يتلخص في أنها مستعدة لإجراء حوار حول السلام، وليس حول هدنة موقتة"، وهو ما لا يتفق مع مواقف السلطات الأوكرانية، على حد تعبيره.

مواقف بوتين

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استبق انعقاد "قمة السلام" في منتجع "بورغنشتوك" السويسري في منتصف يونيو (حزيران) الماضي بإعلان عن مقترحاته لتسوية الأزمة الأوكرانية في اجتماعه مع قيادات وزارة الخارجية الروسية في موسكو، وتنص هذه المقترحات على ضرورة اعتراف السلطات الأوكرانية بالوضعية الجديدة لمناطق "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك"، ومقاطعتي زابوروجيا وخيرسون، فضلاً عن "إعلان أوكرانيا منطقة محايدة خالية من الأسلحة النووية وتصفيتها من النازية، إلى جانب إلغاء العقوبات ضد روسيا". وأشار بوتين آنذاك أيضاً إلى أنه بمجرد موافقة كييف على الشروط الروسية، ستكون موسكو مستعدة لبدء المفاوضات. وأكد بوتين أن "جوهر اقتراحه ليس نوعاً من الهدنة الموقتة أو تعليق إطلاق النار كما يريد الغرب، من أجل استعادة الخسائر وإعادة تسليح نظام كييف وإعداده لهجوم جديد"، وبحسب قوله "نحن لا نتحدث عن تجميد الصراع، بل عن وقفه نهائياً".

رد الجانب الأوكراني

أما بالنسبة إلى رد الجانب الأوكراني على ما طرحه رئيس الحكومة المجرية رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي فيكتور أوربان، فلم يكشف الرئيس الأوكراني بعد عن موقفه النهائي، وإن كان نائب رئيس مكتبه إيغور جوفكفا قال في وقت لاحق "إن مثل هذه المبادرات لا يمكن النظر فيها بمعزل عن الجوانب الأخرى للتسوية". كما أعلنت السلطات الأوكرانية أكثر من مرة أن مثل هذه المقترحات ومنها "وقف إطلاق النار" لن تفيد سوى روسيا، لأنها ستمنحها الفرصة لتعزيز دفاعاتها وإعادة تجميع قواتها وشن هجوم بقوة متجددة"، على حد قول ممثليها. وفي نهاية الزيارة قال أوربان في مقابلة مع صحيفة "دي فيلتفوخه" السويسرية الأسبوعية إن زيلينسكي "لم يعجبه حقاً فكرته في شأن وقف إطلاق النار"، واختتم حديثه بقوله "كانت لديه بعض الشكوك حول هذا الأمر".

نتائج زيارة أوربان

وفي تعليقه على زيارة أوربان إلى كييف أشار الخبير السياسي المجري غابور ستير في تصريحات إلى وكالة أنباء "تاس"، إلى أنها تتناسب مع الاتجاه الحالي للسياسة المجرية التي تهدف إلى تخفيف التناقضات مع الأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي، كما أنها تعكس محاولات بودابست الرامية إلى تقليص الخلافات مع حلفائها في بداية رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي، إذ وجدت نفسها في مواجهة تزايد الضغوط عليها. وأضاف الخبير السياسي "أن بداية رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي أتاحت للمجر فرصة جيدة لتحسين العلاقات مع حلفائها، وإظهار التزامها بالسلام في أوروبا، وفي الوقت نفسه الحفاظ على ماء الوجه".

أما بالنسبة إلى أوكرانيا فإن زيارة أوربان أتاحت للسلطات الأوكرانية إظهار التزامها بالتوصل إلى اتفاق مع المجر، بما في ذلك مسألة استعادة حقوق الأقلية القومية المجرية في "ترانسكارباثيا" (مناطق ما وراء الكاربات)، على حد تعبير غابور ستير. وذلك في وقت يعارض رئيس الحكومة المجرية إمداد الجيش الأوكراني بالأسلحة، ويدعو إلى حل النزاع بالوسائل السلمية حصرياً، على عكس مواقف زعماء آخرين لبلدان الاتحاد الأوروبي، فضلاً عما تقوم به السلطات المجرية من استضافة اللاجئين الأوكرانيين، إلى جانب ما تضطلع به من مساعدات إنسانية لأوكرانيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير