Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشمال السوري و"الإرث المتناقض" للحرب

استغل المسلحون والإرهابيون ظروف النزوح والفوضى داخل المنطقة الكثيفة السكان بالبلاد

 ظهرت تناقضات اجتماعية مختلفة بين النازحين والسكان الأصليين بسبب العادات وظروف الحرب (اندبندنت عربية)

ملخص

 تحولت المنطقة إلى ساحة لتنفيذ اتفاقات تبادل المناطق وترحيل المسلحين ونزوح لرافضي المصالحات مع النظام السوري، في حين زاد عدد السكان فيها بشكل سريع مع تناقضات اجتماعية فاقمت انعدام الأمن فيها.

يبلغ عدد السكان في مناطق شمال وشمال غربي سوريا 5.1 مليون شخص، بحسب آخر إحصاء لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيما يعيش قرابة مليوني شخص من بينهم داخل المخيمات، ويحتاج أكثر 4.2 مليون من هؤلاء السكان إلى المساعدة، كما تطول قائمة التصنيفات لدى هذه الوكالة الأممية عن الأوضاع السيئة لهؤلاء الأشخاص، من الإعاقة ونقص التغذية والمشكلات الصحية والاقتصادية والسكن، وغيرها من الأزمات التي ألمت بالسوريين منذ عام 2011.

وكان عدد السكان في المناطق التي تسمى الآن الشمال والشمال الغربي السوري ما يزيد على 6 ملايين شخص مقسمين إلى 4.8 مليون في حلب و1.8 مليون في إدلب، وذلك قبل الأحداث والصراع العسكري في البلاد الذي طحن المدن والبلدات والقرى الموزعة على خريطة هذا الجزء من سوريا، فاختلفت طبيعة السيطرات العسكرية وانتقلت بين الأطراف المتحاربة ليبقى جزء واسع منها تحت سيطرة المعارضة المسلحة الممثلة في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا و"هيئة تحرير الشام".

وتعرضت هذه المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى تغيرات سكانية مختلفة، ففي البداية نزح عدد كبير من سكانها إلى الداخل السوري ولجأ آخرون إلى خارجها، لكنها أصبحت منطقة لنقل السكان والمسلحين منها وإليها، وفق اتفاقات ميدانية وأخرى إقليمية مثل "اتفاق المدن الأربع" عام 2015 و"وادي بردى" في 2017 وداريا وريف دمشق وحمص، وذلك خلال الأعوام التي تلت التدخل الإيراني والروسي و"حزب الله" إلى جانب النظام السوري، في حين أن تركيا كانت المشرفة على الاتفاقات إلى جانب المعارضة السورية المسلحة.

تغيرات ديمغرافية

جميع هذه الاتفاقات كانت تشمل المسلحين والمدنيين المحاصرين الذين لم يقبلوا المصالحات مع النظام السوري، فكانت وجهتهم مناطق الشمال والشمال الغربي للبلاد، كما أن فرض سيطرة القوات الحكومية في مناطق الغوطة بدمشق، تلتها عملية "غصن الزيتون" التركية على منطقة عفرين الواقعة شمال غربي حلب والتي أدت بدورها إلى نزوح وتهجير نحو 300 ألف كردي إلى مناطق سيطرة "وحدات حماية الشعب" و"قوات سوريا الديمقراطية"، إضافة إلى سكان من البادية السورية مثل تدمر، وآخرين من المنطقة الشرقية مثل دير الزور والحسكة، ليزيد ذلك تعقيد المشهد السكاني المتأزم جراء تغيرات ثقافية وعشائرية مختلفة مرفقة بمسلحين ينتمون إلى تلك الحواضن الاجتماعية، مما أدى إلى تغيرات ديمغرافية بفعل ظروف الحرب والتدخلات الخارجية.

كانت المنطقة ملجأ لفصائل متشددة وآخرين هاربين من معارك ضد تنظيم "داعش"، فيما استغل المسلحون الفوضى والبيئة الحاضنة فكانت من بينهم قيادات كبيرة للتنظيم صارت هدفاً لعمليات التحالف الدولي و"قوات سوريا الديمقراطية"، وأبرزهم أبو بكر البغدادي الذي قتل في قرية باريشا الحدودية مع تركيا بريف إدلب الشمالي.

 

كثافة سكانية عالية

يشكل النازحون حوالى نصف السكان الموجودين في مناطق إدلب ودرع الفرات وغصن الزيتون، والأخيرتين أسماء العمليات العسكرية التركية عامي 2016 و2018، وهما اصطلاح للمناطق الشمالية لمحافظة حلب.

 وبحسب إحصاء "فريق الاستجابة الأولية سوريا" خلال العام الماضي، فإن تعداد سكان هذه المناطق مجتمعة يزيد على 6 ملايين شخص، 49 في المئة منهم نازحون موزعون داخل 1873 مخيماً ومركز إيواء، إلى جانب توزع النازحين في القرى والبلدات والمدن، إضافة إلى منازل وعقارات مستولى عليها من قبل المسلحين وخصوصاً في منطقة عفرين التي سجلت فيها التقارير الدولية انتهاكات لحقوق الملكية من قبل مسلحي المعارضة وتركيا، كما أن هذه المناطق كانت مكاناً لعودة أكثر من 600 ألف لاجئ سوري من تركيا، في حين أن المنظمات الحقوقية تصف هذه العودة بالترحيل القسري، حيث تسفرهم الحكومة من داخل أراضيها إلى الشمال السوري.

منطقة الشمال السوري المليئة بالمسلحين الفصائليين التابعين للجيش الوطني السوري و"هيئة تحرير الشام" وآخرين خارج إطارهما، شكلت بيئة خصبة لفوضى السلاح وانعدام الأمن والاقتتالات الداخلية المستمرة على مدى الأعوام السابقة، مما أدى إلى ضعف العمل المؤسساتي الأمني فيها، بل إن المؤسسة الأمنية نفسها منقسمة بين الفصائل المتحاربة، كما أن الاقتتال بين المسلحين كثيراً ما يأخذ طابعاً فصائلياً وعشائريا ومناطقياً، وفي أحيان كثيرة يمتد إلى جميع مناطق انتشار الفصائل المتحاربة مهما كانت الأسباب، في حين أن تدخل الأتراك كان إما لمصلحة فصيل ضد آخر أو ترك الأمور لتهدأ من تلقاء نفسها، وضبط الأوضاع بما يتناسب مع مصلحتها الأمنية والعسكرية في المنطقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تناقضات اجتماعية

ويرى متابعون أن تحول المنطقة إلى مكان للجوء ونزوح الفارين من الحرب أدى إلى زيادة التناقضات والخلافات بين السكان الأصليين واللاجئين، إذ يقول المدير التنفيذي لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" بسام الأحمد، والتي تتابع أوضاع السوريين وترصد الانتهاكات الحقوقية في البلاد، إنه "منذ الأيام الأولى من وصول النازحين والمسلحين إلى هذه المناطق ظهرت خلافات بسبب مواقع نصب المخيمات داخل أملاك خاصة واختلاف العادات والتقاليد إلى جانب تعدد السلطات، وتوجد سلطة يحتكم إليها السكان والمتنازعون، لذلك تحل خلافاتهم بالسلاح أحياناً إلى جانب جهات تساعدهم في حل الخلافات، وتبين حقوق النازحين والسكان الأصليين".

ويضيف الأحمد أن "النزوح من مناطق عدة وبيئات اجتماعية وارتفاع أعداد السكان فيها بشكل سريع زاد التناقضات الاجتماعية فيها، وأن وجود السلاح المرافق والاحتكام إليه شكل منطقة أكبر من الفوضى، وأن المجموعات المسلحة والعصابات والمتشددين والإرهابيين استغلوا ظروف النزوح في المنطقة مما يجعلها غير آمنة كلياً"، على حد تعبيره.

وأخيراً وصفت "هيومن رايتس ووتش" المناطق التي تحتلها تركيا وعملت على جعلها آمنة لإعادة النازحين إليها، بما فيها منطقة نبع السلام التي تضم سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، بأنها من أخطر الأماكن في البلاد، مستندة بذلك إلى تقريرها المعنون بـ "كل شيء بقوة السلاح"، في إشارة إلى الفوضى والاقتتال المستمر في المنطقة وانعدام الأمن فيها، خصوصاً في مناطق الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، بحسب التقرير.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات