ملخص
حلت السعودية كأعلى الدول العربية إنفاقاً على الألعاب الإلكترونية في 2023، وبلغ إجمالي إنفاق المستهلكين 1.89 مليار دولار خلال العام الحالي بارتفاع بنسبة 13 في المئة عن العام السابق.
غالباً ما تكون النظرة التقليدية لهواة الألعاب الإلكترونية سلبية سواء من ناحية مستقبل الهواية أو من ناحية الاضرار الصحية والنفسية، بينما لا ينظر إلى الجانب الإيجابي.
وتشهد السعودية نمواً هائلاً في مجال الألعاب الإلكترونية، فأصبحت جزءاً مهماً من ثقافة الشباب والأطفال، بينما يشهد هذا القطاع اهتماماً متزايداً بسبب التطورات التقنية، مما جعله هواية مفضلة لكثيرين، ومع ذلك يحاول بعض الأهالي منع أطفالهم من الإفراط في هذا النشاط خشية تأثيره السلبي في الدراسة والحياة الاجتماعية.
ولكن الألعاب الإلكترونية قد تشكل فرصاً مهنية واعدة، ومثال على ذلك فيلم "غران توريزمو" الذي يتناول قصة شاب مهووس بالألعاب الإلكترونية قاده شغفه إلى تحقيق حلمه بدخول عالم سباقات السيارات، ويُظهر الفيلم كيف يمكن للإدمان على الألعاب أن يتحول إلى مسار مهني ناجح، مما يعيد التفكير في النظرة التقليدية للألعاب الإلكترونية ويبرز إمكاناتها الكبيرة في المستقبل.
مهنة واعدة
تكتسب مهنة الألعاب الإلكترونية أهمية متزايدة في عصرنا الحالي، إذ تعيد تشكيل مفاهيم العمل والنجاح، وكانت الغالبية العظمى من الأهالي وما زالت تدعم أبناءها في تحقيق طموحات مثل مهنة الطب والهندسة. وظهرت الألعاب الإلكترونية في عصرنا الحالي كمهنة جديدة ومربحة قد يغفل الأهل عن إمكاناتها لأنهم اعتادوا من أزمنتهم على أن الألعاب مجرد ترفيه ولا تؤخذ بصورة جدية.
وحققت شخصيات نجاحات من خلال هذه الهواية، سواء عبر البث المباشر على شبكات التواصل، أو في تطوير الألعاب، أو حتى المشاركات في البطولات مثل البطولة التي تقام حالياً في السعودية وهي "كأس العالم للرياضات الإلكترونية" وتصل جوائزها إلى أكثر من 60 مليون دولار أميركي.
ويقول عبدالله سعد، وهو هاوي ألعاب إلكترونية سابق، "كنت أبرع في هذا المجال وأجد نفسي فيه كما أني أصنف نفسي محترفاً في لعبة الـ’فيفا‘ ومؤمن بأن لهذه الهواية مستقبلاً، وكان والدَاي منزعجين من تعلقي بهذه اللعبة وفور تخرجي في الجامعة واجهت ضغطاً كبيراً لفك تعلقي بهذه الهواية وإقناعي بأنها بلا نفع وأكملت مشواري في مجال آخر".
أضرارها محض إشاعات
وينفي المستشار الأسري والتربوي أحمد النجار "الإشاعات التي يتداولها الناس حول أضرار الألعاب الإلكترونية مثل علاقة هذه الألعاب بالصرع وبعض الاضطرابات النفسية والعصبية وغيرها"، ويقول إن "ليس لها أساس من الصحة، ولا وُضعت حولها دراسات علمية توثقها"، واصفاً الألعاب بـ"الباب العظيم"، إذ يتعلم الأطفال من خلالها مهارات عدة لن يستطيع كائن من كان أن يعلمها لهم بنفس القوة والجودة.
ويرى النجار أن أسلوب المنع هو "أسلوب عقيم ولا يمثل علاجاً ولا حلاً أبداً، ولن ينجح هذا الحل مهما حاول الأهالي ذلك"، ويفسر ذلك بأن "كثيراً من حاجات الأبناء التعليمية والحياتية باتت تستخدم الأجهزة نفسها التي يلعبون بها هذه الألعاب، كما أن كثيراً من الوظائف المستقبلية تعتمد اعتماداً كلياً على هذه الأجهزة وتلك الألعاب بصورة مباشرة وغير مباشرة".
أما بالنسبة إلى أضرار الألعاب الإلكترونية من وجهة نظر النجار، فهي من الألعاب الإلكترونية التي تحوي أفكاراً سلبية وممارسات مؤذية مثل العنف المبالغ فيه والسرقة والجنس وكثير غيرها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتابع أن "جلوس الطفل لفترات طويلة بينما يلعب له تأثيرات ضارة كترك الصلاة والعزلة الاجتماعية الواقعية وتأخر المستوى الدراسي وغير ذلك، وهنا يأتي دور الآباء والأمهات في فتح حوار تربوي حول هذه السلوكيات الموجودة والتحذير منها، وهذا لن يتحقق إلا باطلاعهم على الألعاب التي يلعبها أولادهم، وكذلك لا بد من توفير بدائل كافية لهم تغريهم لترك هذه الألعاب موقتاً والدخول في هذه البدائل، مثل النزهات والبرامج العائلية المعدة بعناية وذكاء، فضلاً عن أن عقد اتفاقات معهم حول بعض الخطوط الحمراء كالصلاة والدراسة سيكون له أثر إيجابي كبير".
الرقابة أولاً
تؤكد الاختصاصية الاجتماعية حصة الفريح من جهتها أهمية الرقابة الأبوية بقولها "بينما يمكن للطفل أن يحقق نجاحاً وشهرة من خلال الألعاب الإلكترونية، فإن غياب الرقابة الأبوية يؤدي ربما إلى مشكلات نفسية مثل الإدمان والعزلة الاجتماعية والتوتر".
ويلفت النجار إلى أن "منع الأطفال من الألعاب الإلكترونية قد يكون نابعاً من مخاوف الأهالي حيال تأثيرها في الصحة النفسية والجسدية والأداء الأكاديمي، ولكن من المهم أن ندرك أن الألعاب الإلكترونية أصبحت مهنة مربحة ومجالاً يوفر فرصاً واسعة"، مشيراً إلى أن "التوازن هو المفتاح، هنا يمكن السماح للطفل باللعب تحت إشراف مع الالتزام بأوقات محددة، فلا يؤثر ذلك بالتالي في جوانب حياته الأخرى".
مدفوعات خيالية
بحسب إحصاء في تقرير أصدرته وزارة الاتصال وتقنية المعلومات السعودية عام 2023، من المتوقع أن تنمو سوق الألعاب الإلكترونية عالمياً إلى 113.2 مليار دولار أميركي بحلول عام 2027.
وبلغ متوسط إنفاق الشباب والأطفال شهرياً على الألعاب الرقمية 118 ريالاً (31.46 دولار) للفئة العمرية من 10 إلى 14 سنة و137 ريالاً (36.53 دولار) للفئة العمرية من 15 إلى 19 سنة و148 ريالاً (39.46 دولار) للفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة. وكانت الأجهزة الأعلى استخداماً هي، الهاتف الذكي بنسبة 97.7 في المئة، تلته الأجهزة اللوحية بنسبة 11.2 في المئة.
ولوحظ أن اللعب الفردي كان له النصيب الأكبر، إذ يمثل 88.2 في المئة مـن العينـة الإجمالية، بينما شكلت نسبة اللعب الجماعي خمسة في المئة.
وحلت السعودية كأعلى الدول العربية إنفاقاً على الألعاب الإلكترونية عام 2023، إذ بلغ إجمالي إنفاق المستهلكين 1.89 مليار دولار بارتفاع بنسبة 13 في المئة عن عام 2022 ، بحسب "ستاتيستا ماركت إنسايتس".