Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لغز أسلحة "داعش" الكيماوية في شمال شرقي سوريا

استخدمها التنظيم الإرهابي أثناء معاركه ضد الأكراد والمعارضين بالبلاد

جهزت "داعش" قذائف الهاون الثقيلة بغاز الخردل أثناء سيطرتها على مناطق شمال شرقي سوريا (اندبندنت عربية)

ملخص

تمكنت منظمة "روج" لنزع الألغام في شمال شرقي سوريا خلال سنوات عملها من إزالة عشرات القذائف المجهزة بمواد كيماوية محظورة من قبل تنظيم "داعش"، وتعمل بإمكانات محدودة على تطهير المنطقة من مخلفات الحرب.

صادف يوم الـ29 من يونيو (حزيران) الماضي مرور 10 سنوات على إعلان تنظيم "داعش" خلافته في العراق وسوريا، وتنصيب أبو بكر البغدادي نفسه زعيماً للتنظيم.

خاض التنظيم معارك كثيرة ضد القوات الكردية والعراقية والسورية واستخدم فيها أسلحة وذخائر متنوعة بما فيها الأسلحة الكيماوية المحظورة، إذ أوقع ضحايا في صفوف القوات الكردية والمعارضة السورية والمدنيين أثناء سيطرته على الأراضي والمدن في كل من سوريا والعراق، ووثقت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في تقاريرها استخدام "داعش" هذه الأسلحة.

في شمال شرقي سوريا ومنذ عام 2016 تقوم منظمة روج لنزع الألغام، وهي منظمة محلية ومعروفة اختصاراً بـRMCO، بتطهير المنطقة من الذخائر والألغام ومخلفات الحرب بما فيها أسلحة كيماوية تركها تنظيم "داعش" في الحقول والمزارع والمخابئ ومنازل المدنيين التي تحولت إلى ميادين قتال بالمنطقة.

ولعل أبرز ما تقوم المنظمة بنزعها هي أسلحة التنظيم الكيماوية المحظورة إلى جانب الألغام والذخائر المخبأة منذ عهد التنظيم التي يتسبب وجودها في تعطيل حياة السكان المحليين.

إجراءات دقيقة

وتستمر المنظمة الخاصة بنزع الألغام على رغم إمكاناتها المحدودة بإزالة الألغام والمخلفات الخطرة وفق آلية تنسيقية مع المركز الوطني لأعمال الألغام، وهو المكتب المسؤول عن قطاع إزالة الألغام والمنظمات العاملة بها سواء كانت محلية أو دولية، إذ تقوم فرقRMCO بالتعرف وتأكيد وجود التلوث الكيماوي على الذخائر والعتاد المكتشف، ومن ثم تزال المواد والأسلحة الملوثة وتعقم المنظمة المكان.

يقول المدير التنفيذي لمنظمة روج روني تيران إن انتشار الأسلحة الكيماوية في مناطق شمال شرقي سوريا بالمجمل إلى يومنا هذا وفق ما جرى التعرف إليها من قبل فرقهم محصور بفئة غاز الخردل والفوسفور الأبيض التي كانت الأكثر انتشاراً في مناطق متفرقة، لكن صادفنا عبوات مادة السيزيوم التي تعد من المواد المشعة لكن تدخل ضمن المجال الطبي في علاج السرطانات.

 

الكيماوي بالأرقام

وبحسب الإحصاءات التي حصلت عليها "اندبندنت عربية" من فريق RMCO فقد عثروا في تواريخ مختلفة حتى الآن على 23 قذيفة هاون كبيرة من عيار 220 تحوي مواد كيماوية من غاز الخردل وجدت في ريف الرقة، كذلك عثروا على أربع عبوات ناسفة مبتكرة الصنع تم تعبئتها بغاز الخردل شديد الخطورة من جنوب بلدة مرقدة في ريف الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، و11 صاروخ كاتيوشا عيار 107 تسرب من بعضها مواد كيماوية، و15 عبوة ناسفة محلية الصنع وأسطوانة غاز معبأة بمواد كيماوية معدة للتفجير، كذلك عثر الفريق على عبوتين تحويان مادة Cesium 137 المشعة الضارة التي تستخدم في علاج السرطان وهي خطرة وتحتاج إلى التعامل معها بحرص شديد.

كثافة مخلفات الحرب

خلال عملها استطاعت المنظمة العثور على نحو 20 ألف لغم وقطعة ذخيرة قابلة للتفجير في مناطق شمال وشرق سوريا، وهذه الحصيلة ليست نهائية ولا تضم نتائج العام الحالي بحسب الإجراءات الإدارية للمنظمة، وقد صادف 2022 عثور المنظمة على أكبر عدد من الألغام إذ بلغ 4600 لغم.

تزيل المنظمة الخاصة بنزع الألغام وتتلف جميع الذخائر والعتاد والعبوات الناسفة وفق طرق سليمة وآمنة تخضع لشروط دقيقة من جهة اختيار الأماكن المناسبة لإتلاف هذه الأسلحة والتخلص منها بعيداً من التجمعات السكانية وفي مناطق مفتوحة.

وأسهمت أعمال الكشف وإزالة مخلفات الحرب في مختلف مناطق شمال شرقي سوريا منذ ثمانية أعوام وحتى الآن في تنظيف آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية من الذخائر والمواد المتفجرة، إلى جانب آلاف المنازل والمواقع السكنية والخدمية، في حين تقدر المنظمة عدد السكان المستفيدين من عمليات إزالة الألغام وجعل مناطقهم آمنة بنحو 33 ألف شخص في مختلف المناطق التي خضعت للتطهير من الألغام والذخائر المتروكة جراء الحرب.

خبرات مكتسبة

وعلى رغم حداثة نشأتها اكتسبت RMCO خلال السنوات الماضية خبرات متعددة ومتراكمة في مجال نزع الألغام بأنواعها المختلفة منها ما هو معقد التجهيز وفريد من نوعه، كذلك فإنها عملت مع عدد من المنظمات الدولية غير الحكومية التي عملت في المنطقة وتلقت دعماً منها مثل MAG المجموعة الاستشارية للألغام ومنظمة HAMAP الفرنسية وشراكة مع منظمة DCA الدنماركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما تعمل حالياً بقدرة فريقين لإزالة الألغام وفريقين للتوعية والمسح غير التقني ودراسة حالات الضحايا في كل من دير الزور والحسكة والرقة، بتنسيق مباشر مع السلطات المحلية وشركاء قطاع إزالة الألغام ومنظمات المجتمع المدني لتبادل المعلومات والتخلص من الألغام التي تتم إزالتها من قبل الفرق لإتلافها حسب الأسس والمقاييس الدولية.

وشاركت المنظمة المحلية في تدريب وتأسيس مدرسة خاصة بنزع الألغام تتبع لقوى الأمن الداخلي في مناطق الإدارة الذاتية وأسهمت في تخريج 950 خبيراً من خلال برنامج تدريبي على كيفية التعامل مع الألغام والمواد المتفجرة بدعم من التحالف الدولي، وفق ما أفادنا به مدير RMCO.

دير الزور الأكثر انتشاراً بالألغام

يتابع روني تيران لـ"اندبندنت عربية" حديثه عن صعوبة تحديد جدول زمني للانتهاء من تطهير المنطقة ونزع الألغام ومخلفات الحرب من مناطق شمال شرقي سوريا بصورة كلية بسبب استمرار الصراعات العسكرية والأمنية التي تشهدها المنطقة، مما يجدد زرع الألغام ويهدد حياة السكان المحليين. ويوضح "لا نزال نصادف ألغاماً منصوبة حديثاً في مناطق الصراعات"، مؤكداً أن المنطقة التي لها النصيب الأكبر من المخلفات الحربية هي ريف دير الزور، كوننا أمضينا السنوات الأخيرة بمزاولة أنشطة إزالة الألغام فيها وقد وجدنا انتشار المستودعات والمصانع للألغام محلية الصنع فيها أكثر انتشاراً من المحافظات الأخرى، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنهم لم يتمكنوا بعد من إجراء مسح كامل للمنطقة بسبب عدم الاستقرار الأمني في بعض مناطقها.

ويعرج تيران على أهمية إطلاق مشروع منظمتهم في دير الزور بهدف التخلص من الذخائر غير المنفجرة والألغام كخطوة إنسانية لمساعدة المنظمات العاملة في مجال إعادة تأهيل البنية التحتية بالمنطقة، وذلك بإزالة الألغام من منشآت المياه والكهرباء والمرافق الأخرى ليتم إصلاحها، وتنظيف المناطق السكنية من المدن والقرى والمنشآت لتمهيد الطريق أمام المدنيين ليعودوا بسلام إلى مناطقهم، فغالبية سكان المنطقة يقيمون بالمخيمات في الوقت الحالي بسبب تلوث مدنهم وأراضيهم الزراعية بالألغام والمخلفات الحربية.

تأخر النزع بسبب نقص التمويل

ثمة سبب آخر يعوق تقدم عمل المنظمة المحلية لنزع الألغام من المنطقة التي تعمل بها وهو نقل الدعم المالي وضعف القدرة التشغيلية مقابل حجم انتشار الألغام ومخلفات الصراع العسكري فيها، فالعائق الذي تواجهه المنظمات العاملة بالمنطقة بصورة عامة ومنظمة RMCO خصوصاً هو في مجال تمويل قطاع إزالة الألغام وفق ما يقوله روني تيران، معللاً ذلك باندلاع حروب ونزاعات في دول مختلفة أدت إلى تقنين التمويل على الصعيد الدولي، وهو ما نتج منه تقليص أنشطة إزالة الألغام في مناطق شمال وشرق سوريا على صعيد المنظمات الدولية والمحلية "لذا كان التأخر في الاستجابة لإزالة المخلفات الحربية".

يتابع "مما يضع المدنيين في مواجهة الخطر خصوصاً النازحين العائدين إلى مناطقهم، على العكس من ذلك فإن توفر التمويل الكافي يزيد فرص المنظمات الدولية لتكريس مزيد من الموارد للتركيز على المخلفات الحربية بما فيها الكيماوية والتخلص منها"، على حد تعبير تيران.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير