Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطبقة الوسطى ستندثر في إيران ويبقى الأغنياء والفقراء أقلية وغالبية

أدت السياسة الاقتصادية والتقشف المالي الذي انتهجته الحكومة الـ13 إلى القضاء على الطبقة الوسطى في البلاد

في العقد الأخير تراجعت حصة المجتمع الإيراني من الدخل (رويترز)

أعلن عضو قسم البحوث الاقتصادية في غرفة تجارة طهران حسين أشرفي القضاء على الطبقة الوسطى في إيران، مؤكداً أن هناك من المواطنين الذين قد انتقلوا من الطبقة الوسطى الدنيا إلى الفئات العشرية ذات الدخل المنخفض في البلاد.

وبحسب أشرفي فإن هذه الظاهرة هي نتيجة مباشرة للعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام منذ عام 2012، التي أدت إلى تقليص الطبقة الوسطى بنسبة 11 في المئة سنوياً. وفي المجمل، خلال السنوات الثماني الماضية، قد انخفضت الطبقة الوسطى في إيران 88 في المئة. 

ويمكن التنبؤ أنه مع استمرار الأوضاع الحالية في البلاد، ستختفي الطبقة الوسطى بالكامل بنهاية الحكومة الـ14 (حكومة مسعود بزشكيان).

العقوبات

وقال أشرفي إن هذه الإحصائية كانت نتيجة لأبحاث أجريت لإعادة الأوضاع في إيران بعيداً من العقوبات. وبحسب هذه الأبحاث تبين أنه "لم تنخفض الطبقة الوسطى في إيران مقارنة بالأوضاع التي كانت سائدة قبل العقوبات في عام 2012 فحسب، بل انخفضت أكثر مما كان عليه الوضع في الفترة من 2012 إلى 2019".  

تراجع وتيرة تآكل الطبقة الوسطى خلال الاتفاق النووي الإيراني المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في عامي 2015 و2016 وتصاعدها مرة أخرى مع فشل خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2017، يظهر بوضوح تأثير العقوبات في الأوضاع الاقتصادية في إيران. 

"حبر على ورق"

ويأتي هذا في الوقت الذي كان قد أكد فيه بعض المسؤولين الإيرانيين مراراً وفي أكثر من مناسبة أن العقوبات مجرد حبر على ورق ولا تأثير لها في حياة الناس. 

واعتبر المتخصص في الشأن الاقتصادي مسعود نيلي أنه في العقد الأخير تراجعت حصة المجتمع الإيراني من الدخل، مؤكداً أن هذه القضية موازية لتراجع مؤشرات التوزيع في المجتمع وأحد أهم عوامل ضعف الطبقة الوسطى في البلاد.  

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023، قال نيلي في اجتماع عقد تحت عنوان "صنع السياسات القائمة على الأدلة" حول موضوع "تآكل الطبقة الوسطى" في إيران إن "توزيع الدخل يتجه نحو أن يصبح غير مناسب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالإشارة إلى الإحصاءات التي تؤكد أن 93 في المئة من أفراد المجتمع الإيراني مؤهلون للحصول على الدعم الحكومي (يارانه)، يؤكد المتخصصون في الشأن الاقتصادي أنه بحسب هذه الإحصاءات فإن هناك 35 في المئة من المجتمع في حالة فقر مدقع، و57 في المئة على عتبة خط الفقر، وثمانية في المئة يعتبرون من الأغنياء، إذ تظهر هذه الأرقام بوضوح التصدع الطبقي العميق والاختلاف في مستويات الدخل بين الإيرانيين. 

الارتباط بالدولار

ومن خلال دراسة حصة كل إيراني من اقتصاد البلاد، يتبين لنا أن دخل الفرد بالدولار في عام 2022 كان أقل بكثير مقارنة بعامي 2013 و2014. 

ويمكن ملاحظة دور العقوبات على مستوى دخل الإيرانيين، إذ وصل دخل الفرد في عام 2017 إلى 5.5 ألف دولار، لكنه تراجع ووصل إلى أدنى مستوياته في 2018 (3 آلاف دولار) وفي 2019 (3.3 ألف دولار) وفي 2020 (2.8 ألف دولار).  

الرسم البياني يتطابق بشكل واضح مع قيمة دخل الفرد بالدولار من الناتج المحلي الإجمالي الوطني بما في ذلك الأشهر الستة الأولى من كل عام. وفي الإحصاءات المعلنة في الأشهر الستة الأولى من عام 2022 تم تسجيل 2606 دولارات. 

وانخفض هذا الرقم إلى 2082 دولاراً في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، إلا أن الجزئية المهمة في هذه الإحصائية هي انخفاض هذا الرقم مقارنة بعام 2013 إلى 2292 دولاراً. 

وفي فترة الـ10 سنوات هذه فإن أعلى رقم سجل كان عام 2017 إذ وصل نحو 2760 دولاراً. وأقل رقم سجل عام 2020 إذ وصل 1313 دولاراً. وهذا يدل أن تذبذب قيمة الدولار للناتج القومي الإجمالي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالتغير في مستوى دخل كل إيراني على أساس قيمة الدولار. 

وبحسب المحللين فإن زيادة معدل الضريبة التي اعتمدتها الحكومة الـ13 (حكومة إبراهيم رئيسي) يمكن أن يكون لها آثار مدمرة في حياة الطبقة الوسطى في إيران.  

في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024، زادت إيرادات الضرائب بنسبة 50 في المئة مقارنة بقانون موازنة عام 2023، التي ينبغي أن تشكل نحو 45 في المئة من موازنة الدولة. 

الإعفاءات الضريبية

هذه السياسة الضريبية تستهدف على وجه التحديد النقابات والشركات والورش الاقتصادية والتجارية التي تعود إلى الطبقة المتوسطة. كما أنها نتيجة لمحاولة الحكومة التعويض عن عدم القدرة على إعادة الموارد المالية من بيع النفط بسبب العقوبات الدولية المفروضة على الاقتصاد الإيراني.

ونظراً إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها إيران، انتقد الرئيس مسعود بزشكيان خلال الانتخابات الرئاسية السياسات الضريبية التي تضغط على الطبقة الوسطى والفئات الضعيفة في البلاد، ووعد بزيادة الإعفاءات الضريبية. لكن يبدو أنه نظراً إلى الواقع الاقتصادي والاختلالات الحاصلة في الطاقة والمصارف وصعوبة إحياء المفاوضات النووية وإشكالية رفع العقوبات بسبب التوترات الإقليمية، لا توجد إمكانية للوفاء بهذا الوعد.  

السياسة الاقتصادية والتقشف المالي الذي انتهجته الحكومة الـ13، التي وصفت بـ"العملية الجراحية" للاقتصاد الإيراني، أدت إلى القضاء على الطبقة الوسطى في البلاد. وعملياً، استمرار هذه السياسة هو السبيل الوحيد أمام الحكومة الـ14. 

الوضع الديموغرافي

وبحسب علماء الاجتماع فإن تنفيذ البرامج الاقتصادية لخطة التنمية السابعة يعتمد على الضرائب والتي ستضر حتماً بالطبقة الوسطى. كما لها عواقب اجتماعية لا يمكن إصلاحها في المجالين الاجتماعي والثقافي لمستقبل إيران. 

ويرى المتخصص في الشأن الاقتصادي وحيد شقاقي أن تداعيات الضغوط على الطبقة الوسطى هي أزمة بحد ذاتها، ويؤكد أنه إذا ما تحركت الطبقة الوسطى بهذه السرعة نحو التآكل، فسنشهد تغيراً في الوضع الديموغرافي في البلاد وسيزداد الفقر يوماً بعد يوم.

وبالنظر إلى دور العقوبات في إضعاف الطبقة الوسطى وآفاق السياسة الخارجية للنظام وطبيعة البرنامج النووي ودعم الميليشيات والوكلاء في المنطقة، لا توجد رؤية واضحة لرفع العقوبات المفروضة على إيران، لذا لا يمكن إنكار هذه الجزئية أنه حتى مع رفع العقوبات فإن الطبقة الوسطى التي انتقلت إلى الطبقة الفقيرة في المجتمع تحتاج إلى بضع سنوات حتى تستعيد مكانتها الاقتصادية من جديد، وهذا يتطلب تحقيق نمو اقتصادي متواصل بنسبة ثمانية في المئة والسيطرة على التضخم في آن واحد. في الوقت نفسه، يرى بعض الاقتصاديين أنه من المستحيل تحقيق ذلك خلال فترة السنوات الخمس من خطة التنمية السابعة التي أقرها النظام.   

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من تقارير