Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما السبب الذي يجعل من الإسبان أفضل لاعبي كرة قدم في العالم؟

مع فوز المنتخب الإسباني بلقبه الرابع القياسي في بطولة أمم أوروبا نظرة في مسيرة التغيير التي انتهت منذ 20 عاماً والتي قادت "لا روخا" للسيطرة على كرة القدم للجيل المقبل

ألفارو موراتا يرفع كأس بطولة أمم أوروبا عالياً (غيتي ايماجز)

ملخص

 توج المنتخب الإسباني بطلاً لأمم أوروبا للمرة الرابعة، ليكمل فيها مسيرة أبطال غيروا نهج اللعبة في منتخبهم كي يصلوا إلى النجومية في كل مرة.

فلنلقِ نظرة إلى الإحصاءات التالية، فمنذ مايو (أيار) 2001 لعبت الفرق الإسبانية (على مستوى المنتخب والنوادي) ضد فرق غير إسبانية في 22 مباراة نهائية، (دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي وكأس العالم وبطولة أمم أوروبا 'اليورو') وفازت بالمباريات الـ 22 جميعها.

ومن بين الفرق غير الإسبانية الـ 22 التي تعرضت للهزيمة أندية إنجليزية على غرار "فولهام" و"ليفربول" و"مانشستر يونايتد" في ثلاث مناسبات مختلفة، وقد يكون الإنجليز شعروا بالاعتزاز والفخر لأنهم تمكنوا من بلوغ المباريات النهائية، ولكن الجانب الإسباني هو الذي فاز في نهاية المطاف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والواقع أن إسبانيا ليست جيدة في لعبة كرة القدم وحسب، بل بوسعها دائماً أن تربح، إذ يعرف الإسبان ماذا يفعلون، وبغض النظر عن الألمان أو الأرجنتينيين أو البرازيليين، أصبحت إسبانيا "ماكينة" الفوز الأكثر شراسة في تاريخ كرة القدم.

ولا بد من وجود سبب لذلك، فقد كان إرنست همنغواي مخطئاً للغاية في شأن هذا البلد، فهو ليس مجرد بلد مهووس بمصارعة الثيران، ولم تكن لعبة الغولف هي التي جعلت القلوب في إيبيريا تخفق بشدة حتى عندما كان سيفي باليستيروس في أبهى صوره.

ولم تكن هيمنة فرناندو ألونسو على حلبة السباق كافية بالنسبة إلى إسبانيا كي تقع في حب الـ "فورمولا وان"، ولا استطاع تألق رافاييل نادال في كرة المضرب أن يحشد الأمة للاصطفاف خلف هذه اللعبة أيضاً، حتى عندما كان ميغيل إندوراين يفوز بألقاب عدة في سباق فرنسا الدولي للدراجات الهوائية (تور دو فرانس)، لم يجتمع الشعب لمشاهدته.

ولكن كرة القدم مختلفة، فإسبانيا مهووسة باللعبة لدرجة أنها استحوذت على كل الاهتمام على المستوى الوطني وتقدمت على كل شيء آخر، ومجرد مشاهدة نشرات الأخبار المسائية تعطي فكرة عن مدى أهمية تلك اللعبة بالنسبة إليهم، فكل ليلة وضمن نشرة مدتها ساعة، يخصص ما لا يقل عن 20 دقيقة لأخبار كرة القدم.

في إسبانيا تحظى كرة القدم بوقت بث ومساحات أعمدة في الصحف أكثر من أي شيء آخر، وثمة صحف وطنية تُعنى بكرة القدم دون سواها، وإن كنتم تعتقدون أن الإنجليز يتحولون إلى مجانين مهووسين باللعبة، ففي إسبانيا يأخذونها إلى مستوى مختلف تماماً، وهذا أمر غريب لأن أداء المنتخب الوطني الإسباني لم يكن جيداً جداً على مر عقود.

ففي حين أن "ريال مدريد" سيطر على ساحة النوادي الأوروبية، فقد استطاع لذلك سبيلاً بفضل مجموعة من النجوم الأجانب، وصحيح أن البلاد توجت بلقب كأس أمم أوروبا عام 1964، ولكن ذلك الإنجاز لم يلق دعماً تماماً كما حصل مع فوز إنجلترا ببطولة العالم لكرة القدم بعد عامين.

وللمفارقة أن سمعتهم الدولية أصبحت مقرونة بالإخفاقات المتسلسلة بعد أن تغلبت عليهم إيرلندا الشمالية في بطولة كأس العالم التي أُقيمت على أرضهم عام 1982، وفشلوا أيضاً في التأهل لـ "اليورو" عام 1992، وخسروا أمام كوريا الجنوبية في كأس العالم 2002.

20 عاماً من عدم الجدوى، وكان لا بد من إحداث تغيير جذري، وشكلت تلك النقطة المحورية الانطلاق، ولعل الاتحاد الإسباني لكرة القدم تعرض للسخرية العام الماضي بعد كارثة كأس العالم مع المدرب لويس روبياليس، ولكن بالعودة للتسعينيات كان الاتحاد هو الهيئة التي تتمتع بأكثر كم من المشاعر الثورية وبُعد النظر في كرة القدم العالمية، وبهدف تعزيز الفريق الوطني حرض الاتحاد على ثورة شعبية في جميع أنحاء البلاد، وكان كل شيء متعلق بالتدريب، وبعد استعارة منهجية أكاديمية لاماسيا الشهيرة في برشلونة، تم تعليم مئات المدربين كيفية تطوير المواهب وتم منح الأولوية للتطوير التقني، وجرى التشجيع على أسلوب واحد في أنحاء البلاد كافة: المدافعون وحب الاستحواذ، والتمرير ثم التمرير ثم التمرير.

وفيما كنا في إنجلترا نصر بشكل أحمق على "رمي الكرة في الخلاط" (ركل كرة طويلة في منطقة جزاء الخصم)، وكان المدربون يصرخون للمدافعين "أبعدوا الكرة"، في إسبانيا كان الأمر برمته يدور حول الاحتفاظ بالكرة.

عيّن الاتحاد الإسباني لكرة القدم مدربين يفوق عددهم ثلاثة أضعاف المدربين الذين عينهم اتحادنا، وكان التدريب كناية عن انضباط أكاديمي، إذ لا يتعين عليك أن تلعب اللعبة كي تقوم بتدريبها، وفي مؤشر على مدى جودة ذلك النظام في الدوري الإنجليزي الممتاز، تدرب ثلاثة من الأندية الأربعة التي تأهلت لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي على يد أولئك الذين تلقوا تدريبهم في النظام الإسباني، وهم بيب غوارديولا في "مانشتسر سيتي" وميكل أرتيتا في "أرسنال" وأوناي إيمري في "أستون فيلا".

تدريجاً بدأ النظام يأتي بثماره على أرض الملعب، وبدأت فرق الفئة العمرية للمنتخب الوطني التي دُربت بالطريقة المتعطشة للكرة نفسها في السيطرة، ومع اعتماد الاحتفاظ بكرة القدم والسهولة للعين مع قدرة تقدمية، أصبح الجميع مرتاحاً مع الكرة، وتعلم هؤلاء اللاعبون الشباب كيفية الفوز بالبطولات.

ومع التقدم أكثر عبر ذلك النظام والتعمق فيه، طوّر اللاعبون مهاراتهم وفي الخلفية أبقوا على تدريباتهم السابقة، وفازت إسبانيا ببطولات تحت سن 15 و16 و18 و21 سنة، وفي كل فئة مُررت المعرفة المرتبطة بكيفية الفوز إلى الجيل التالي لتنميتها وتطويرها.

ولكن على رغم ذلك بقيت المشكلة موجودة على أعلى مستوى، وهي مشكلة مرتبطة بالسياسة أكثر من القدرة على الفوز، فمن نواح عدة كان ذلك مرتبطاً بترسبات من أيام فرانكو.، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الباسك والكاتالونيين في برشلونة لم يكن المنتخب الوطني أولوية، على عكس ذلك تماماً، فلماذا يوجب عليهم دعم الفريق الذي كان لفترة طويلة الرمز المطلق للنظام القمعي؟

وعندما كانت إسبانيا تلعب مباراة، وفيما تتزين شوارع مدريد وفالنسيا وإشبيلية بالأعلام الحمراء والصفراء، لم تكن اللامبالاة وحدها تسود في بلباو وسان سيبستيان وبرشلونة، بل شعور بالعداء الواضح والفادح، وسرعان ما تمكن اللاعبون الشبان الذين تقدموا عبر النظام من تغيير ذلك، وبعد أن بدأوا بالاختلاط وبدأ الكاتالونيون والباسك والمدريديون بالفوز في مسابقات الفئات العمرية، أصبحت فكرة الجانب الإسباني الموحد بالترسخ، ولكن نقطة التحول الفعلية كانت في كأس العالم 2006.

فعندما شُكل الفريق لم يستدع المدرب لويس أراغونيس لاعب "ريال مدريد" القوي البنية راوول، بل اختار بدلاً منه سيسك فابريغاس، الشاب المتخرج حديثاً في "أكاديمية لاماسيا"، وبدا حينها أن الشقوق والكسور القديمة ضمن المنتخب ستبرز مرة أخرى مجدداً، فقام المدريديون بنبذ النجم الكاتالوني الجديد، فيما دعم الكاتالونيون رجلهم ضد من يعتبرونه العدو الداخلي.

ولكن المزاج العام تبدل فجأة عندما خرج قائد برشلونة تشافي هيرنانديز ولاعب ريال مدريد إيكر كاسياس للتأكيد علناً أن حزبية النادي يجب ألا تلعب أي دور في المباريات الدولية، فاندحرت كل الخلافات واجتمع الجميع وتوحدوا.

بعد ذلك لم يعد هنالك من مجال للعودة للوراء، فالفريق الشاب المتألق الذي تعلم نظام "التمرير والتمرير والتمرير" مراراً وتكراراً، والذي فاز معاً في الفئات العمرية كافة، التزم فجأة وفازت إسبانيا بـ "اليورو" عام 2008 و"كأس العالم" عام 2010 و"اليورو" مجدداً عام 2012 في فترة من الهيمنة الدولية غير المسبوقة.

وخلافاً لما يحصل في إنجلترا فقد شكّل ذلك الجيل الذهبي الذي يقتنص الميداليات والكؤوس، ولكن كان مقدراً لذلك ألا يدوم، فالفرنسيون الذين وضعوا نظام تدريب يحاكي النموذج الإسباني بدأوا بالتقدم، وكذلك الألمان، وحتى الإنجليز الذين اعتمدوا على التألق اليومي للدوري الإنجليزي الممتاز تبنّوا أسلوب تدريب سلط الضوء على القدرات الفنية فوق القوة البدنية، وكان مدرب المنتخب الإنجليزي غاريث ساوثجيت في قلب الحدث، إذ أشرف على ثورة شهدت فوز الفرق الإنجليزية بألقاب تحت سن 17و21 سنة.

مما لا شك فيه أن إسبانيا حظيت بمشكلاتها عندما تقاعد جيل النجوم أمثال تشافي وكاسياس، فخسرت في ركلات الترجيح أمام المغرب في "كأس العالم 2022"، ولكن النظام بقي سليماً وها هو اليوم يقدم المجموعة التالية من اللاعبين الفائزين، على غرار لامين يامال، الطفل المعجزة الذي احتفل بعيد ميلاده الـ 17 قبل يومين من إشعال مباراة نصف نهائي بطولة أمم أوروبا بهدف رائع، وعلى خطى تشافي دُرّب فابريغاس ويامال حتماً في "أكاديمية لاماسيا"، فتعلم النظام نفسه، والأساليب نفسها وعقلية الفوز نفسها.

هذا هو الفريق الذي واجهته إنجلترا، لاعبون تعلموا منذ اللحظة الأولى التي يستحوذون فيها على الكرة، كيفية الفوز، وذلك راسخ في العقلية والشخصية الوطنية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة