Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"خيال صحرا" يعود بجورج خباز للحب الأول

اتخذ الفنان اللبناني قراراً بالابتعاد من خشبة المسرح خلال الأزمة الاقتصادية وما بعد انفجار مرفأ بيروت احتراماً لوجع الناس ومعاناتهم في تلك المرحلة

برز اسم جورج خباز في الأعمال المسرحية التي قدمها، لكن أعماله التلفزيونية حققت نجاحاً خلال الأعوام الأخيرة (من وسائل التواصل الاجتماعي)

ملخص

 فرضت جائحة كورونا على المسرحي اللبناني جورج خباز الابتعاد لأعوام من المسرح الذي عشقه، لكنه اليوم يعود قلقاً بعمل مختلف لا يشبه ما قدمه سابقاً.

فرضت جائحة كورونا، ومن بعدها الظروف التي مرّ بها لبنان، على الفنان جورج خباز الابتعاد القسري من المسرح الذي عشقه، فعلى رغم أنه فنان شامل يجمع بين الكتابة والإخراج والمسرح والتلفزيون والسينما، فإن المسرح ظل شغفه وحبه الأول الذي كون فيه هوية خاصة تبلورت أكثر فأكثر مع كل عمل جديد له خلال العقدين الماضيين.

وعندما أرغمته الظروف على الابتعاد من المساحة التي أبدع فيها اتجه إلى الأعمال الدرامية كبدائل، وقدم أعمالاً رسخت حضوره في عالم الشاشة الصغيرة أيضاً.

وبعد أعوام من الغياب يعود خباز في عمل مسرحي بأسلوب مختلف لا يشبه ما سبق أن قدمه، إنما في الوقت نفسه يمكن لمن سيشاهد هذا العمل المرتقب بعنوان "خيال صحرا"، والذي يشكل فيه ثنائياً مع الممثل عادل كرم، أن يكشف تلقائياً وببساطة أسلوب خباز فيه.

ظروف فرضت الغياب القسري

من عام 2005 اعتاد جورج خباز سنوياً على تقديم عمل مسرحي جديد تجتمع فيه الكوميديا بالأسلوب الساخر والموسيقى والغناء، وفي جعبته اليوم أكثر من 20 عملاً على خشبة المسرح، وعلى رغم أزمات لبنان المتعددة من أمنية واقتصادية وسياسية فقد ظل حاضراً تلبية لرغبة الجمهور المتعطش إلى المسرح.

لكن عام 2020 كان مختلفاً مع الانتشار الكبير لجائحة كورونا التي ألزمت الناس بيوتها في إقفالات قسرية غيرت كثيراً من مجريات الحياة كما اعتدنا عليها.

ومع الإقفال القسري الذي فرضته الجائحة فقد توقفت كل الأعمال الفنية في لبنان، ومن ضمنها بطبيعة الحال المسرح، فكان قرار جورج خباز أن يتوقف حينها، وكانت عودته صعبة واستلزمت أعواماً عدة.

يعتبر المسرحي اللبناني خشبة المسرح الملاذ والثورة والأداة التي يستخدمها لإخراج ما بداخله، لكن تعددت الظروف الصعبة وتوالت لتحول دون عودته له، ما بين الأزمة المالية وخسارة الناس أموالهم في المصارف، ثم انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020.

التقينا خباز لنتحدث معه عن كثير من المسائل عن عودته القريبة عن عمله الجديد، وعن رأيه في المسرح اللبناني اليوم وربما الأعمال الفنية كلها.

في حديثه مع "اندبندنت عربية" يتوقف عند أزمة تعبير ولّدتها الأزمات المتتالية، فحالت دون هذه العودة لأن الظروف الصعبة كافة أثرت في الناس إلى حد كبير.

"بدا لي كل شيء صغير أمام حجم الحدث الحاصل وقت الانفجار، فكيف لي أن أتغاضى عن وجع الناس وأخفي الحقيقة، وأتكلم بمرح وكأن شيئاً لم يكن؟ كان هناك غصة تمنع التعبير"،

يقول خباز، "لم يكن ذلك ممكناً حتى إذا نقلت تفاصيل من الواقع وتخللت العمل رسائل معينة فيها شيء من وجع الناس، في ذاك الوقت لم تكن الظروف ملائمة لتقديم العمل المسرحي بينما الناس يعانون، وكأنني من عالم آخر أو أنني بعيد من معاناتهم، ولذلك اتخذت قراراً قسرياً بالابتعاد موقتاً من المسرح حتى ألملم نفسي وأجد الوقت المناسب للعودة".

ويكشف لنا المسرحي اللبناني أن فترة الابتعاد القسري التي عاشها خلال الأعوام الماضية ولدت عملاً فنياً جديداً سيقدم على المسرح بعنوان "خيال صحرا"، ليحين اليوم الوقت المناسب لتقديمها.

من المسرح إلى التلفزيون

لم يبتعد خباز في تلك الفترة من مجال التمثيل، بل كان التلفزيون والسينما من البدائل الفنية التي لجأ إليها بانتظار عودته لمجال "أدمن عليه"، فكانت له أعمال مثل "أصحاب ولا أعز" و"براندو الشرق" و"النار بالنار"، إضافة إلى فيلم "يونان" الذي صوره في ألمانيا.

وصحيح أن فيلم "أصحاب ولا أعز" أثار جدلاً لدى عرضه على "نيتفلكس" وتعرض لانتقادات كثيرة، إلا أن النقاد توقفوا مطولاً عند أداء خباز الذي قدم مشاعر متداخلة ومتضاربة للرجل الذي تعرض للخيانة، وهنا يلفت خباز إلى أنه وعلى رغم شهرته الكبيرة في المسرح إلا أن بداياته الفنية كانت في التلفزيون، وقد عرف النجاح الأول مع المسلسل التلفزيوني "عبده وعبده" قبل أن ينتقل إلى المسرح الذي أحب وعشق تفاصيله.

ويعلق على هذا الانتقال قائلاً "صحيح أن كثيراً من الناس عرفوني من خلال التلفزيون أولاً، لكنه كان وسيلة انتشار نقلت الناس إلى المسرح لاحقاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نسأله إن كان التلفزيون قد شكل وسيلة الانتشار الأساس له نحو العالم العربي، فيجيب رافضاً ومؤكداً أنه بفضل المسرح ونشر أعماله على "يوتيوب" حقق الشهرة العربية، لكن وعلى رغم السعادة التي شعر بها، وبخاصة بعد تحقيق ملايين المشاهدات ومعظمها من الدول العربية، يشدد خباز على أن الشهرة ليست هدفاً له في أي عمل جديد يقدمه، بل إن هدفه الأساس تقديم عمل لائق ومحترم يرضي رغبة المشاهد الذي قصده.

أما عند انتقاله من المسرح إلى التلفزيون فيصف نفسه بـ "شبه جاهل"، وإن كانت الأرضية جاهزة حتى تحصل هذه النقلة في مرحلة معينة.

حركة صحية في المسرح اللبناني

لا ينكر خباز أنه ثمة حركة صحية في المسرح حالياً، لكن "ما يراه أكثر هو مسرحيون فيما لا يرى مسرحاً، وثمة حاجة إلى عجلة صحية في المسرح ضمن صناعة متكاملة يتمكن العاملون معها أن يعتاشوا في هذا المجال، وهذا ما ليس متوافراً حالياً".

نتوقف معه عند التجارب الموجودة حالياً في المسرح اللبناني فيصفها بالرائعة، لكنها برأيه غير كافية لتكوين صناعة في هذا المجال، باعتبار أنها معدودة ومحدودة لناحية الوقت الذي تعرض فيه، ويقول "في تجربتي المسرحية كنا نعرض عملاً طوال ستة أشهر، وكنت قادراً مع فريق العمل كاملاً والمؤلف من 35 شخصاً على العيش بكرامة قبل أن يحصل هذا التوقف القسري"، في إشارة إلى المردود المالي من الأعمال المسرحية.

عودة مختلفة يؤكدها خباز عند الحديث عن عمله المرتقب والذي يأتي كما ذكرنا بعد أعوام من الابتعاد القسري من المسرح، وقد وجد أن الوقت بات مناسباً في الوقت الراهن لإنتاج عمل جديد وتقديمه بعد أن تأقلم المواطن مع الوضع الجديد والحياة استمرت، وإن كانت الأزمات مستمرة أيضاً، ويقول إنه "منذ الآن والإقبال واعد على العمل المسرحي الجديد، بما أن معظم البطاقات باتت محجوزة لشهر كامل من العرض".

إلا أن هذه العودة لا تشبه الأعمال التي عودنا عليها الفنان، ففي هذه المرة يقتصر العمل على ثنائي يشكله مع الإعلامي والممثل اللبناني عادل كرم، إذ تجمعهما صداقة طويلة، من دون أن تكون هناك توليفة أو قصة تتخللها أحداث في العمل، فهو الذي خاص غمار كل أنواع المسرح، من الكلاسيكي إلى الشعبي والدرامي والسياسي، وأراد هذه المرة الغوص في تجربة مختلفة وجديدة.

واختلاف هذا العمل بمضمونه وتفاصيله ليس لأسباب تتعلق بالإنتاج والكُلف والأمور اللوجيستية، كما يعتقد بعضهم، بخاصة أن هذا العمل فيه كُلف كبرى غير متوقعة، ويقول خباز إنه "بوجود شاشات على المسرح وموسيقى أوركسترالية رومانية، يؤمن المسرحي اللبناني بأنه لا بد من أن يختبر أنواع التجارب المسرحية كافة، ولهذا الهدف أتت تجربة المونودراما في العمل الجديد لتؤكد أن هذا النوع من الأعمال صعب جداً لجهة الكتابة والنص، وإن كان سهل التنفيذ لجهة الإنتاج".

عمل مسرحي مشترك

أما اختيار مشاركة هذا العمل مع كرم فتعود لأن الفنان يجد لديه قدرات كبرى في المسرح لم تُكشف بعد، ولم يتعرف إليها المشاهد حتى اللحظة، إذ اجتمعا سابقاً في فيلم "أصحاب ولا أعز"، لكنه يدرك أن كرم يتمتع بإمكانات هائلة كمسرحي، وهو لم يأخذ حقه بعد في هذا المجال، ويضيف خباز أن "المشاهد سيتمكن من اكتشاف قدراته الفعلية من خلال هذا العمل، بما أنه المجال الذي ينتمي إليه فعلاً، ولذلك سيكون أداؤه مفاجئاً فعلاً".

صحيح أن مسيرة خباز طويلة في مجال الفن وتتعدى 20 عاماً، إلا أن القلق يراوده قبل انطلاق كل عمل جديد له، كما كان يحصل سنوياً من البدايات، والقلق ازداد بعد اليوم بما أنه يعود للمسرح بعد غياب طويل.

أما قلقه هذا فيعود لهاجس تقديم العمل الذي يرضي طموح ورغبات من قصده لمشاهدة عمله، وإلا فيكون هناك استخفاف بالجمهور ورغبته.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون