Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المجتمع الأميركي بحاجة إلى تهديد يوحده فهل أهدته إيران الحجة؟

رأب الصدع المجتمعي الذي يزداد انقساماً واستقطاباً ربما يستدعي ضرورة التركيز على التهديدات الخارجية

ملخص

على رغم حقيقة رغبة إيران في الانتقام من ترمب، لكن تزامن تقارير وسائل الإعلام الأميركية في شأن الخطة الإيرانية مع محاولة الاغتيال الفاشلة لترمب يمكن تفسيرها في إطار مساع أميركية داخلية للاستعانة بتهديد خارجي تتحد حوله الأمة وسط مخاوف من أن تؤدي الحادثة إلى موجة من العنف السياسي بالداخل. 

لم تمض أيام على محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على يد شاب أميركي يدعى توماس ماثيو كروكس خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا، حتى كشفت وسائل إعلام أميركية أن جهاز الخدمة السرية عزز في الأسابيع الأخيرة إجراءات حماية دونالد ترمب بعدما اكتشف "تهديدات" تتعلق بخطة إيرانية لقتل المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. 

وفق ما تداولته وسائل الإعلام الأميركي نقلاً عن مسؤولين أمنيين، فإن السلطات الأميركية تلقت معلومات من "مصدر بشري" في شأن مخطط إيراني ضد ترمب، ومن ثم كثفت إجراءات الأمن قبل تعرضه لمحاولة الاغتيال الفاشلة، فيما أكدوا أنه لم تتضح أية صلة بين محاولة الاغتيال التي تعرض لها ترمب السبت الماضي والخطة الإيرانية.

وقال مسؤول في الأمن القومي إنه عند علمه بالتهديد المتزايد، اتصل مباشرة بجهاز الخدمة السرية للولايات المتحدة على مستوى رفيع للتأكد تماماً من أنهم مستمرون في تتبع أحدث التقارير، وأضاف "شارك جهاز الخدمة السرية هذه المعلومات مع التفاصيل، وأبلغت حملة ترمب بالتهديد". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تثير تصريحات المسؤولين الأميركيين في شأن المخطط الإيراني عدداً من علامات الاستفهام حول توقيت الكشف عن المؤامرة الإيرانية، وفي الوقت نفسه في شأن فشل جهاز الخدمة السرية المسؤول عن حماية كبار الشخصيات السياسية الأميركية في منع الشاب الأميركي من التسلل والصعود إلى مبنى قريب من مكان ترمب لتنفيذ عمليته ببندقية أي آر-15. 

تهديدات إيرانية

ثمة توعد إيراني سابق لترمب وأعضاء من إدارته السابقة منذ عملية قتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية استهدفته خلال زيارته بغداد بالعراق في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020.

وشملت قائمة التهديد الإيراني بالانتقام وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو وجون بولتون الذي عمل مستشاراً للأمن القومي في إدارة ترمب، ومع ذلك نفت إيران بصورة قاطعة ما وصفتها بـ"الاتهامات المغرضة" الواردة في الإعلام الأميركي في شأن التخطيط لاغتيال ترمب، وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إن الحديث عن خطة سابقة لقتل المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية "اتهامات لا أساس لها من الصحة ومغرضة". 

وفي أغسطس (آب) عام 2022، وجهت وزارة العدل الأميركية اتهامات ضد أعضاء من الحرس الثوري الإيراني لمحاولة تنسيق عملية اغتيال لبولتون، قال محققون أميركيون إنها تتعلق على الأرجح بالانتقام لمقتل سليماني، ولبعض الوقت خصصت حماية أمنية لمستشار الأمن القومي السابق روبرت أوبراين، وبينما أوقفت الحماية الصيف الماضي، فإن أوبراين استعان بشركة أمن خاصة. 

من جانبها قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون في تصريحات لشبكة أن بي سي نيوز الأميركية، إن سلطات إنفاذ القانون التي تحقق في محاولة الاغتيال الفاشلة لترمب "لم تتعرف على أية صلة بين مطلق النار وأي شريك أو متآمر أجنبي أو محلي". وأوضحت "كما ذكرنا مرات عدة سابقة، نحن نتتبع التهديدات الإيرانية ضد مسؤولي إدارة الرئيس السابق منذ أعوام... هذه التهديدات تنبع من رغبة إيران في الانتقام لمقتل قاسم سليماني، نحن نعتبر هذه مسألة تتعلق بالأمن القومي والداخلي ذات أولوية قصوى".

العنف السياسي الداخلي

على رغم حقيقة رغبة إيران في الانتقام من ترمب، فإن تزامن تقارير وسائل الإعلام الأميركية في شأن الخطة الإيرانية مع محاولة الاغتيال الفاشلة لترمب يمكن تفسيرها في إطار مساع أميركية داخلية للاستعانة بتهديد خارجي تتحد حوله الأمة وسط مخاوف من أن تؤدي الحادثة إلى موجة من العنف السياسي بالداخل. 

فالإثنين الماضي أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالية ووزارة الأمن الداخلي بالولايات المتحدة نشرة أظهرت مخاوف من هجمات انتقامية من قبل جماعات متطرفة بالداخل رداً على محاولة اغتيال ترمب، وفي حين لم تحدد وكالات الأمن الأميركية أهدافاً، لكن النشرة المؤلفة من أربع صفحات تشير إلى أن المتطرفين نفذوا أو خططوا في الماضي لهجمات ضد "معارضين سياسيين أو ما يعتقد أنهم ذوو توجهات أيديولوجية"، وذكرت أن الهجوم الذي استهدف ترمب "يعزز تقييمنا بأن الأهداف المتعلقة بالانتخابات هي تحت التهديد المتزايد بالهجوم أو أنواع أخرى من الحوادث التخريبية". 

ووفق صحيفة بوليتكو الأميركية فإنه استعداداً لانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، كثفت وكالات إنفاذ القانون على المستوى الفيدرالي والولايات جهودها لمنع العنف السياسي وهجمات الذئاب المنفردة ضد المسؤولين المنتخبين والمسؤولين الحكوميين والمرشحين وجهات إنفاذ القانون ووسائل الإعلام، وتعهدت وزارة العدل باتخاذ إجراءات صارمة ضد التهديدات الموجهة ضد العاملين في الانتخابات ومرافق الانتخابات. وتشير وسائل الإعلام إلى أن التهديدات عبر الطيف السياسي تزايدت أخيراً، فقد أرسل أنصار ترمب تهديدات بالقتل ومظاريف مليئة بالمسحوق الأبيض إلى المدعي العام لمنطقة مانهاتن ألفين براغ، الذي قاد مكتبه المحاكمة الخاصة بقضية الصمت الانتخابي المرفوعة من الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز ضد الرئيس السابق.

توحيد الأمة ضد عدو خارجي

الحاجة إلى رأب الصدع داخل المجتمع الأميركي الذي يزداد انقساماً واستقطاباً، ربما تستدعي ضرورة التركيز على التهديدات الخارجية، فحتى المعارضين لترمب من الساسة ووسائل الإعلام دانوا الهجوم بشدة ووصفوا محاولة اغتياله باعتبارها هجوماً على الديمقراطية ولكل أميركي الحق في اختيار قائده، وبدت مخاوف متزايدة في شأن تأثير الهجوم في مستقبل البلاد والمجتمع الأميركي. 

وقال الزميل لدى مركز السياسة العالمية في واشنطن سينا توسي، إن تقارير الإعلام الأميركي في شأن التهديد الإيراني تأتي بعد فشل جهاز الخدمة السرية ووكالات الاستخبارات الأميركية في منع محاولة اغتيال ترمب في وقت يشهد استقطاباً شديداً وانقساماً على مستوى وطني قبيل انتخابات مثيرة للجدل، وأضاف "في السياسة الأميركية، كثيراً ما تمثل إيران ككبش فداء وبعبع، يستخدمها الساسة والمؤسسات لتحقيق أجنداتهم... وهذا لا يعني أن التهديدات والإجراءات الإيرانية مختلقة، لكنه يثير تساؤلات معقولة حول قرار نشر هذه التقييمات (الاستخباراتية) الآن".

ويواجه جهاز الخدمة السرية الأميركي انتقادات واتهامات بالفشل في القيام بمهماته بعدما استطاع مرتكب الهجوم التسلل إلى مبنى مقابل وإطلاق النار الذي أودى بحياة شخص وأصاب اثنين آخرين بجروح بالغة، إضافة إلى إصابة في أذن ترمب، وعقب الحادثة تعالت الأصوات المطالبة رئيسة الجهاز كيمبرلي شيتل، بالاستقالة، ودعوات باستجوابها ومحاسبة المسؤولين عن الخرق الأمني الذي كاد يودي بحياة الرئيس السابق. 

وقد أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن أمراً بإجراء مراجعة مستقلة لكيفية تمكن المهاجم من الوجود قرب ترمب، كما يواجه جهاز الخدمة السرية تحقيقاً داخل الكونغرس. 

المزيد من تقارير