Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اعتزال نيكلسون غير الرسمي: أين اختفى أكثر نجوم هوليوود جاذبية؟

أداء جاك نيكلسون في فيلمي "الحي الصيني" و"الطيران فوق عش الواق واق" يعد من الكنوز السينمائية الراسخة التي لا يمكن أن تتلاشى مع الزمن. لكن بعد مرور نصف قرن أدى هذا النجم دور الاختفاء، فأين هو اليوم؟

تصادف هذا العام الذكرى الـ50 لإصدار فيلم "الحي الصيني" عام 1974 للمخرج رومان بولانسكي، وهو فيلم تشويق تدور أحداثه في لوس أنجليس في ثلاثينيات القرن الماضي ويتميز بأحد أشهر أداءت جاك نيكلسون (غيتي)

ملخص

الساحة الفنية تفتقد لوجود جاك نيكلسون الساحر، وهو الممثل المحترف واللطيف والمحبوب الذي اختار العزلة ليقضي أيامه كما يحب.

أين جاك؟ يصادف هذا العام مرور 50 عاماً على إصدار فيلم "الحي الصيني" Chinatown للمخرج رومان بولانسكي (1974)، وهو فيلم تشويق يأخذنا إلى لوس أنجليس في ثلاثينيات القرن الماضي إذ قدم جاك نيكلسون أداء لا ينسى بدور المحقق الساخر جيك غيتس. كذلك يصادف هذا العام مرور نصف قرن على تجسيده شخصية آر بي ماكميرفي المتمرد، المسجون في مصحة نفسية ويجد نفسه في معركة إرادات مع الممرضة النفسية راتشد، في فيلم "طيران فوق عش الواق واق" One Flew Over the Cuckoo’s Nest للمخرج ميلوش فورمان (1975). هذان الفيلمان وحدهما من الكلاسيكيات السينمائية التي لا يمكن محوها من ذاكرة السينما.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن على رغم هاتين المناسبتين المهمتين فإن جاك نيكلسون - الذي يبلغ من العمر اليوم 87 سنة - غير موجود في الساحة على الإطلاق. وفي مرحلة ما، كان ممكن رؤيته في كل مكان، في النوادي الليلية وفي البرامج الحوارية وفي مباريات كرة السلة وفي عروض الأفلام الأولى. لكن هذا لا يحدث اليوم. واختفى النجم الكبير عن الأضواء ومرت 14 عاماً منذ آخر فيلم له، الكوميديا الرومانسية التي نسيت بسرعة "كيف تعرف" How Do You Know. وقال المنتج الموسيقي لو آدلر أحد أصدقاء نيكلسون في مدونة "دبليو تي أف" الصوتية إن الممثل يفضل الآن قضاء وقته "جالساً تحت شجرة يقرأ كتاباً".

يمكن القول إن هذا التقاعد وإن كان غير رسمي مستحق بجدارة. ويستطيع جاك نيكلسون وبحق ادعاء أنه أعظم النجوم وأكثرهم جاذبية وتنوعاً في عصره. ويخبرني المنتج الحائز جائزة الأوسكار جيرمي توماس "لقد كان الملك ولا يزال الملك حقاً... إنه ملك الشعب..."

توماس، الذي عمل مع نيكلسون في فيلم النوار "دماء ونبيذ" Blood and Wine الصادر عام 1966 وتدور أحداثه في ميامي ويشاركه بطولته مايكل كين، ويعد نيكلسون أهم نجم في هوليوود جاء بعد كلارك غيبل ويصفه بالمحترف المتكامل.

ويقول "يختبئ خلف هذا المظهر الخارجي رجل جاد للغاية وممثل جاد جداً يفكر كثيراً في الدور ويعمل بجد على تحديد من سيكون في الفيلم... إنه ممثل محبوب جداً ويمكن تصديقه على الشاشة، وهناك علاقة خاصة بينه والكاميرا".

وعلى مر السنين، كانت حياة جاك نيكلسون تحت المجهر بصورة مرهقة. لقد كان موضوعاً لعدد من السير الذاتية وكلها تحكي القصة نفسها عن الطفل الذكي الآتي من نيوجيرسي ذي الأصول الإيرلندية، الذي اكتشف في الثلاثينيات من عمره أن المرأة التي كان يعتقد طوال حياته أنها أخته، هي في الحقيقة والدته. المهرج السابق في الفصل الدراسي الذي نشأ في عائلة نسائية ولم يعرف هوية والده.

بدأ نيكلسون كممثل ثانوي في أفلام روجر كورمان ذات الموازنة المنخفضة، لكنه تحول فجأة إلى نجم رئيس بعد دوره كمحام حقوقي سكير في فيلم "السائق البسيط" Easy Rider (1969). ومنذ ذلك الحين ظل متربعاً على قمة نجومية هوليوود طوال العقود الأربعة التالية.

وتمتلك غالبية الممثلين لقطة أو اثنتين متميزتين في مسيرتهم الفنية، لكن حياة جاك نيكلسون مليئة بهذه اللحظات المتفردة. وعلى سبيل المثال لقطته الشهيرة في دور كاتب مجنون يحمل فأساً ويحاول اقتحام باب شيلي دوفال في فيلم "البريق" The Shining لستانلي كوبريك (1980) أصبحت صورة كوميدية "ميم" شائعة الانتشار على الإنترنت. ومشهد قطع أنفه في "الحي الصيني" تحول إلى جزء من أساطير السينما. وبالنسبة إلى رواد المطاعم الذين يواجهون صعوبة في طلب طعامهم، فإنهم يتذكرون باستمرار مشهده الشهير في فيلم "خمس قطع سهلة" Five Easy Pieces (1970) عندما تقول نادلة للشخصية التي يجسدها إنه لا يستطيع طلب الخبز المحمص كطبق جانبي، فيطلب شطيرة دجاج ويقول لها أن "تحتفظ" بالزبدة والمايونيز والخس والدجاج.

وعلى مر السنين أبدع نيكلسون في تجسيد شخصيات متنوعة، بدءاً من الرجل البسيط العامل إلى الغرباء الحساسين ومن المتبجحين الفظين إلى العسكريين المتشددين، ومن المجرمين ورجال الشرطة إلى السياسيين ومدمني الكحول والقتلة المجانين وكل ما يخطر بالبال من الجوكر إلى رئيس الولايات المتحدة. وكما وصفه توماس "إنه ممثل رائع، وتخصصه هو الاختيار الدقيق للأدوار".

دائماً ما يشيد الأشخاص الذين عملوا مع نيكلسون به. وفي فيلم "البريق" كان ينظف أسنانه قبل كل مشهد جديد، معتبراً أنه من غير اللائق أن "ينفث نفسه المشبع برائحة الطعام في وجوه زملائه". وعندما كان في لقاء مع الصحافيين في مهرجان كان للترويج لفيلم "ساعي البريد يقرع الباب مرتين دائماً" The Postman Always Rings Twice (1981) وهو الفيلم الذي شاركته بطولته جيسيكا لانج، تمت رؤيته وهو يدخل الفندق في الصباح الباكر مما أثار دهشة المروجين للفيلم.

وقال لي خبير العلاقات العامة دينيس ديفيدسون الذي كان ينظم الحملة الصحافية "وصلت إلى فندق ماجستيك في تمام الساعة 7:30 صباحاً لحضور اجتماع فريق العمل، ورأيته يعود سيراً على قدميه... قلت لنفسي يا إلهي لقد قضى الليلة كلها خارجاً ولديه فطور مع 20 صحافياً إيطالياً، ستكون كارثة!". لكن في الحقيقة، حضر نيكلسون في الموعد المحدد وسحر الصحافيين الإيطاليين. لم يكن قضى الليل في السهر، بل كان يعشق التجول صباحاً في أزقة البلدة القديمة في كان. وهذه الحكاية على رغم بساطتها تبرز احترافية نيكلسون وتؤكد أنه لم يكن أبداً ذلك الشاب المشاغب الذي صورته وسائل الإعلام الشعبية في ذلك الوقت.

وشارك مات ديمون قصة مثيرة عن العمل مع نيكلسون في فيلم "المغادرون" The Departed لمارتن سكورسيزي (2006). ولعب نيكلسون دور زعيم العصابة فرانسيس كوستيلو. في أحد المشاهد، وكان مطلوباً من كوستيلو إعدام رجل راكع في المستنقعات. واستذكر ديمون كيف أضاف نيكلسون لمسات شريرة على المشهد مما زاد من رهبة الموقف. وبدلاً من الاكتفاء بركوع الرجل في المستنقعات اقترح نيكلسون وجود امرأة أيضاً وطلب مشاركة مساعده (الذي لعب دوره راي وينستون) في المشهد. ثم طلب أن تستمر الكاميرا في التصوير وأضفى تفاصيل إضافية صغيرة في حد ذاتها، لكنها زادت من وحشية المشهد. وعلى سبيل المثال كانت فكرة نيكلسون أن تقول شخصيته "يا إلهي، لقد سقطت سقطة مضحكة". وكانت هذه جملة عابرة لكنها مرعبة، أظهرت مدى اعتياد الشخصية على القتل.

لم يكن نيكلسون ممثلاً فحسب، بل كان كاتباً أيضاً. وشارك في كتابة وإنتاج مسرحية "رأس" Head الموسيقية الناجحة لفرقة مونكيز (1968)، مع صديقه والمتعاون معه بصورة متكررة، المخرج والكاتب بوب رافلسون. وكانت لديه نظرة كاتب عندما يتعلق الأمر بأدواره الشخصية، وكان دائم البحث عن طرق لإضافة مزيد من العمق والتأثير إلى أدائه (جعله هذا أيضاً خبيراً في سرقة الأضواء في المشاهد).

لكن من الصعب القول إن نيكلسون يتجه نحو النسيان. فغالب أفلامه الكبرى ما زالت تشاهد. وستعود النسخة الطويلة من فيلم "البريق" إلى الشاشة الكبيرة في وقت لاحق من هذا الصيف، إضافة إلى فيلم "الراكب" The Passenger (1975)، فيلم المخرج مايكلانجيلو أنتونيوني الذي يعده واحداً من أفلامه المفضلة. كما تتم بانتظام إعادة إحياء فيلم "باتمان" Batman للمخرج تيم بيرتن (الذي قدم فيه نيكلسون أداءه المثير للإعجاب لشخصية الجوكر) إضافة إلى "الحي الصيني" و"خمس قطع سهلة" و"التفصيل الأخير" The Last Detail.

ومع ذلك قرار نيكلسون بقضاء سنواته الأخيرة في عزلة شبيهة بعزلة الملياردير الأميركي هوارد هيوز أدى إلى تراجع وجوده في الذاكرة العامة. ولم تعد هناك صور يلتقطها مصورو المشاهير له وهو يلهو في النوادي الليلية أو يشجع فريق لوس أنجليس ليكرز لكرة السلة. ومرت أعوام منذ سمعنا صوته آخر مرة عندما كان يغازل جيني ماري في برنامج "ساعة للمرأة" ("متغطرس ومتقلب المزاج وعلى رغم تقدمه في السن فإنه جذاب للغاية"، هكذا وصفته ماري بعد مقابلتها له عام 1998 حول فيلمه الرومانسي الفائز بجائزة الأوسكار "أحسن ما يمكن").

ويبدو وكأن نيكلسون هو نسخة صناعة السينما من أحد رؤساء المافيا الذين يختفون عن الأنظار ويختبئون في قرية صقلية نائية، أو مثل الشخصية التي لعبها في فيلم "الراكب" إذ يتخلى عن هويته القديمة ويحاول أن يصبح شخصاً آخر.

ويصر جيريمي توماس الذي لا يزال على اتصال مع نيكلسون "جاك هو أكبر نجم عملت معه على الإطلاق، وأحد أسهلهم أيضاً... كما أنه محبوب للغاية. ويحب الجميع جاك. ويشعر الجميع بالسعادة عندما يرون جاك في المباراة أو يشاهدونه في أي مكان آخر. وكان دائماً موجودًا ويبتسم دائماً. ولم يكن يحاول التهرب مثل نجوم السينما الآخرين. كان موجوداً هناك، إنه شخص رائع حقاً... أتحدث بصيغة الماضي لكنه لا يزال حاضراً بصورة كبيرة ويستمتع بالحياة. ولكن ليست لديه رغبة في العمل بتاتاً..."

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما