Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إليزابيث تايلور... "كليوباترا" هوليوود لا تحب الشهرة

قبيل صدور وثائقي جديد يسلط الضوء على حياة ومسيرة إحدى أكبر نجوم هوليوود، في ما يلي مقال عن ممثلة استثنائية تجاوزت بفنها وتنوع أدوارها ضجيج الصحف الصفراء

صورة ملتقطة عام 1975 للممثلة الأميركية المولودة في بريطانيا إليزابيث تايلور (غيتي)

ملخص

وثائقي جديد يكشف عن أسرار إليزابيث تايلور: أسطورة هوليوود التي تفوقت على عصرها.

إليزابيث من؟ عندما ذكرت المخرجة الأميركية نانيت بيرشتاين اسم إليزابيث تايلور، التي تعد بلا شك أكبر نجمة سينمائية في النصف الثاني من القرن الـ20، أمام أبناء إخوتها، بدت الحيرة على وجوههم. تقول بيرشتاين: "سألوني: ’ما المشروع الذين تعملين عليه الآن؟‘ فقلت: ’إنني أعد فيلماً عن إليزابيث تايلور‘. فقالوا: ’من هي؟‘ عندها شعرت بالدهشة وقلت لنفسي: ’واو، حقاً؟!‘ وهم أشخاص مثقفون!". مع العرض الأول خلال مهرجان "كان" هذا الأسبوع للوثائقي الجديد الخاص بها ’إليزابيث تايلور: الأشرطة المفقودة‘ Elizabeth Taylor: The Lost Tapes الذي ستطرحه شبكة "أتش بي أو"، تتساءل بيرشتاين ما إذا كانت الأجيال الجديدة قد نسيت إليزابيث تايلور بالفعل.

أما بالنسبة لإليزابيث تايلور نفسها، فربما تكون مرحبة بهذا التجاهل. ففي نهاية المطاف هي فنانة لم تستمتع قط بشهرتها. النجمة الحائزة جائزتي "أوسكار" وبطلة فيلمي ’من يخاف من فرجينيا وولف؟‘ Who’s Afraid of Virginia Woolf? و’كليوباترا‘ Cleopatra، قالت ذات مرة للصحافي ريتشارد ميريمان: "لا أحب الشهرة. لا أحب الشعور بالانتماء للجمهور. أحب أن أكون ممثلة أو أحاول أن أكون ممثلة". هذا الحوار هو جزء من 40 ساعة من المقابلات الصوتية التي تمت إعادة اكتشافها حديثاً وتعود لمنتصف ستينيات القرن الماضي، وتشكل العمود الفقري للوثائقي الجديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت تايلور تنتمي إلى هوليوود منذ البداية. بدأت كنجمة طفلة، وأصبحت محبوبة الجماهير في أفلام عائلية مثل ’عودة لاسي‘ Lassie Come Home و’فيلفت الوطنية‘ National Velvet في الأربعينيات. استمرت شهرتها حتى وفاتها في عام 2011. في فترة من الزمن، كان الجميع يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء عن إليزابيث تايلور: زيجاتها الثماني (وأزواجها السبعة)، إدمانها على الكحول، أفلامها، علاقتها العاطفية المشتعلة مع ريتشارد بيرتن وعشقها المجنون للمجوهرات، نشاطها في مكافحة الإيدز وأعمالها الخيرية، صداقتها مع مايكل جاكسون. كانت حياتها عبارة عن دراما مستمرة أمام أعين الجمهور، وكأنها مسلسل شعبي شاهدنا كل حلقة من حلقاته. على مدار مسيرتها المهنية التي استمرت 60 عاماً، تعرضت للانتقادات والتهكم والإذلال، سواء بسبب مظهرها أو سلوكها، وتعرضت للسخرية من قبل الكوميديين، وعوملت باحترام أقل بكثير من زملائها من الرجال. وعلى رغم كل ذلك، لم يشكك أحد في أنها كانت بحق إحدى أعظم نجوم هوليوود.

ما لا يدركه كثر هو جرأة تايلور وتفردها في اختياراتها السينمائية. إلى جانب أدوارها المعروفة، كان لديها عديد من الأعمال غير التقليدية والمفاجئة. حتى أفلامها في هوليوود كانت تتميز بطابع متفرد معين. كان القلق والغيرة الجنسية من بين سماتها البارزة، ونادراً ما تجدها في أدوار تقليدية مملة على نمط دوريس داي. تقول بيرشتاين: "لقد جسدت عديداً من الشخصيات القوية وخاطرت كثيراً... لم تتجنب الأدوار الجريئة... وكان عديد من أفلامها يعكس جوانب من حياتها".

تعترف بيرشتاين بدهشتها من "عدم الثقة" المستمرة التي عاشتها تايلور. تقول: "كانت تلك الممثلة الرائعة، النجمة السينمائية الهائلة التي فازت بجائزتي ’أوسكار‘ وتم ترشيحها مرات عدة أخرى. ومع ذلك، كانت قلقة دائماً من أنها لا تحظى بالاحترام كممثلة، من أنه ينظر إليها كرمز جنسي ونجمة سينمائية. في رأيها، ليست النجمة السينمائية ممثلة حقيقية".

لم تكن تايلور يوماً من النوع الخجول. معروف عنها أنها، في سن الرابعة عشرة، قالت للرئيس الشرس لاستوديوهات ’إم جي إم‘ لويس بي ماير "اذهب إلى الجحيم" عندما حاول إسناد دور لها في فيلم موسيقي ضد إرادتها. لم تلتق به أو تتحدث معه مرة أخرى بعد ذلك. وكما قالت في لقاء مع ديفيد فروست، فقد رفضت أيضاً الاعتذار على رغم تعرضها لضغوط شديدة للقيام بذلك. كان ماير مشهوراً بتدمير المسيرات المهنية مثل شهرته بصناعتها، وبطريقة ما، نجت تايلور من غضبه وازدهرت من دونه.

ظلت تايلور جريئة للغاية. في شريط صوتي، يمكن سماعها وهي تتحدث بصراحة عن نقاط الضعف في فيلم ’باترفيلد 8‘ Butterfield 8 الدرامي الصادر عام 1960 وأكسبها ’الأوسكار‘ الأول. لعبت في هذا الفيلم دور عارضة الأزياء المتسلطة غلوريا واندرس. قالت لميريمان: "كرهت الفيلم كثيراً... كانت الحوارات فظيعة للغاية. كان عملاً سيئاً تماماً أشعرني بالغضب". وأقرت بصراحة أنه لولا اقترابها من الموت بسبب الالتهاب الرئوي وخضوعها لعملية تنظيف قصبات هوائية طارئة قبل حفل الأوسكار بوقت قصير، لما منحتها الهيئة الجائزة. تنهي حوارها بالقول: "لا بد أن هناك شيئاً من الشفقة - أعتقد أن الفيلم مثير للإحراج للغاية".

كانت تايلور جديرة أكثر بجائزة "الأوسكار" الثانية. جاءت هذه المكافأة نتيجة أدائها المدهش والمبهر لشخصية مارثا، الزوجة الغاضبة والمدمنة على الكحول، التي تمزق زوجها الأستاذ في التاريخ، جورج، في فيلم ’من يخاف من فرجينيا وولف؟‘ للمخرج مايك نيكولز الصادر عام 1966. فتح هذا الدور آفاقاً جديدة أمامها. إذا كانت قد حصلت على جائزة "أوسكار" لتقمص شخصية متعجرفة لهذا الحد مثل مارثا، فليس هناك ما يمنعها من المشاركة في مشاريع مجنونة وغريبة بالقدر نفسه.

يمكنك بسهولة كتابة موسم كامل من عمل دارمي يستعرض غرائب تايلور وخفاياها في الفترة الأخيرة من مسيرتها الفنية - مغامراتها في عالم السينما الفنية المبهمة مع المخرج جوزيف لوزي، دورها غير المتوقع في شخصية المرأة الويلزية الشبحية روزي بروبرت التي أسرت قلب الكابتن كات الذي جسده بيتر أوتول في النسخة السينمائية الصادرة عام 1971 من مسرحية ’تحت غابة ميلك‘ Under Milk Wood، أو المعالجات المختلفة لمسرحيات تينيسي ويليامز. كان كثير من هذه الأفلام فاشلاً تجارياً وكانت المشاركة فيها بمثابة انتحار مهني بالنسبة لممثلين آخرين. ومع ذلك، لم يبد أن فشلها قد لوث صورة تايلور الفنية على الإطلاق.

على رغم إطلالتها الساحرة، تعكس تايلور نقصاً ملحوظاً في الغرور. من المفيد مشاهدتها وهي تؤدي دور الآنسة ليونورا، العاملة في الجنس، في الفيلم الدرامي النفسي الذي تدور أحداثه في لندن ’الحفلة السرية‘ Secret Ceremony الصادر عام 1968 للمخرج جوزيف لوزي. في بداية الفيلم، تقترب منها الفتاة الهزيلة كينسي (تؤديها ميا فارو) على حافلة بطابقين في لندن. تدعو ليونورا إلى قصر العائلة وتقدم لها وجبة إفطار سخية مكونة من لحم الخنزير المقدد والنقانق والبيض. نرى تايلور وهي تأكل بنهم ثم تتوقف للحظة قبل إطلاق أعلى تجشؤ يمكن للمرء سماعه.

أنصحكم أيضاً بمشاهدة تايلور في فيلم الإثارة الإيطالي الغريب الصادر عام 1974 ’مقعد السائق‘ The Driver’s Seat (صدر تحت عنوان ’آيدنتيكت‘ Identikit في المملكة المتحدة)، وهو معالجة سينمائية لرواية قصيرة لـمورييل سبارك تم إصدارها في بريطانيا السنة الماضية فحسب. يقدم المعهد البريطاني للفيلم الذي يقوم بتوزيع العمل وصفاً محقاً بأنه "أكثر الأفلام غموضاً وغرابة والمساء فهمها على نطاق واسع في مسيرة تايلور الرائعة".

بعد مرور عقد على لعب دور كليوباترا في الفيلم السينمائي الأسطوري الصادر عام 1963 للمخرج جوزيف إم. مانكوفيتش، ظهرت تايلور في دور ليز، امرأة متوسطة العمر مضطربة نفسياً تعيش سلسلة من التجارب السوريالية في روما. يبدأ العمل بمشهد يظهرها وهي تمر بنوبة عصبية في متجر كبير حيث تحاول موظفة بيعها فستاناً "مقاوماً للبقع". تطاردها الشرطة الدولية، وعلى رغم كونها شخصية متسلطة، فإنها في الوقت نفسه تعاني درجة عالية من الشك، إذ إن أدق لحظات حياتها اليومية - مثل رحلات التسوق وعبور الأمن في المطار - تصبح لحظات مشحونة بالدراما.

تسأل ليز باستمرار: "لماذا يخاف الجميع مني؟"، وتبدو كأنها في حالة دهشة دائمة. يقترب منها رجل إنجليزي مجنون يلعب دوره إيان بانن ويتحرش بها (يقول: "يجب أن أبلغ النشوة الجنسية مرة واحدة كل يوم وفقاً لنظام الماكروبايوتك الغذائي الذي أتبعه"). ينتهي الفيلم بطريقة مريعة ومربكة، إذ يبدو أنها تحاول التحريض على قتلها في مقبرة.

تتقن تايلور دوريها في ’مقعد السائق‘ و’الحفلة السرية‘ بالقدر نفسه تماماً كما في أي من أفلامها الهوليوودية الرائجة الأخرى. من المثير للاهتمام تخيل نوع الأعمال التي كانت ستقوم بها تايلور لو كانت ما زالت حية اليوم: ربما شيء يشبه دور ديمي مور كنجمة تتقدم في السن تستبدل جسدها بنسخة أصغر سناً في فيلم ’المادة‘ The Substance الغريب للمخرجة كورالي فارجا المفضل حالياً في مهرجان كان، أو في إحدى الأعمال الدرامية الظلامية والخارجة عن السائد للمخرج اليوناني الفائز بجائزة "الأوسكار" يورغوس لانثيموس.

كذلك كانت تطرح تساؤلات ما لا نهاية لها حول مهارة تايلور التمثيلية منذ زمن. كانت تمتلك حضوراً جذاباً يتجاوز الأدوار التي تؤديها ويتحدى أي اتهامات بالانزلاق إلى الأداء المفرط. وكما قال المخرج البريطاني نيك روغ، الذي أشرف على عملها في نسخة عام 1989 من فيلم ’طائر الشباب الحلو‘ Sweet Bird of Youth: "إنها خارج نطاق الانتقاد... إنها تمتلك تلك العينين البنفسجيتين اللتين تحكيان قصصاً". سيبرهن فيلم بيرشتاين للمشاهدين الذين يعتقدون أنهم يعرفون قصة تايلور أنهم على خطأ. قد يقنع أيضاً أولئك الذين لم يسمعوا بها من قبل، مثل أبناء إخوة المخرجة، باستكشاف حياتها وعملها. في نهاية المطاف، هي شخصية كانت حداثية أكثر بكثير من الممثلين الآخرين في عصرها. تصفها بيرشتاين بأنها "واحدة من أوائل المشاهير الحديثين، ومن الممكن مقارنتها بتايلور سويفت في هذا الزمن". إنها محقة: من قصص الحب إلى البطلات غير التقليديات، احتوت مسيرة تايلور المتفردة على كل شيء.

عرض وثائقي ’إليزابيث تايلور: الأشرطة المفقودة‘ ضمن فئة الكلاسيكيات في مهرجان "كان" السينمائي في الفترة من 14 إلى 25 مايو (أيار)، وسيتم طرحه للمشاهدة عند الطلب عبر شبكة "أتش بي أو" في 3 أغسطس (آب). يتوفر فيلم ’مقعد السائق‘ على تطبيق المعهد البريطاني للفيلم BFI Player.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما