Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطاب "اليوم التالي" إقليمياً

نتنياهو 2024 يكمل رؤية نتنياهو 2015 أمام الكونغرس في مرحلة أميركية انتقالية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو   (أ ف ب)

ملخص

 تزوّد نتنياهو قبل وصوله إلى العاصمة الأميركية بقرار الكنيست الذي يرفض قطعياً قيام دولة فلسطينية، وسيكون بإمكانه أن يعلن من على منصة الـ "كابيتول" أن سياسته تجد تتمتها في عدمية المواقف الإيرانية والتابعة حول قتال وحروب لا تنتهي، لكنها تسمح بإبادة عشرات آلاف الفلسطينيين.

لم يستقبل جو بايدن بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض منذ عودته للحكم في إسرائيل، والتقاه في الأمم المتحدة لمناسبة انعقاد جمعيتها العمومية ووعده بلقاء في البيت الأبيض مطلع عام 2024.

كان بايدن مستاء من رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي فضّل عليه سلفه دونالد ترمب، ولم ينس له خطابه في الكونغرس عام 2015 ضد الاتفاق النووي مع إيران، حين قاطع الرئيس باراك أوباما ذلك الخطاب وبايدن كان نائبه يومها.

سقطت محاذير الرئيس الأميركي فور اندلاع "طوفان الأقصى" ولم تسقط ملاحظاته على رئيس وزراء الدولة الحليفة الأولى، وتبخر انحياز بايدن إلى جانب معارضي نتنياهو في هجومه على القضاء الإسرائيلي، وحط بسرعة في إسرائيل ليخوض معها حرب غزة ومعركة تأديب صانعي "الطوفان" المحليين والإقليميين.

تغيرت أشياء كثيرة بين خريف 2023 وصيف 2024، وها هو نتنياهو يذهب اليوم إلى واشنطن، لا بدعوة من سيد البيت الأبيض وإنما من الكونغرس، حيث يلقي كلمة أمام مجلسيه تأمل إدارة بايدن أن تكون أقل حدة من خطاب عام 2015، وتزعم في كل حال أنها اطلعت على خطوطها العامة قبل أن يعرضها المسؤول الإسرائيلي على بايدن شخصياً عشية تلاوتها أمام المشرعين الاميركيين.

 ماذا يمكن أن يقول نتنياهو في هذه الكلمة التي طال انتظاره لها، وأمكنه فعلها ثلاث مرات، وهذه هي الرابعة، في ظروف مختلفة تماماً عما كان عليه الوضع قبل أقل من عام؟

تفوق نتنياهو على رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في كسب امتياز الحديث إلى الكونغرس، فتشرشل فعلها ثلاث مرات، وها هو نتنياهو يفعلها للمرة الرابعة.

يذهب رئيس الوزراء الاسرائيلي إلى واشنطن وأميركا في خضم حملة الانتخابات الرئاسية، فيما حليفه الأميركي في معركة غزة لا يعيش أفضل أيامه، والحملة لدفعه إلى الانسحاب من السباق تبلغ ذروتها، وبايدن ربما لن يكون مرشحاً في الخريف المقبل، وترمب سيكون رئيساً على الأرجح، وفي الأول من أغسطس (آب) المقبل ستبدأ عطلة الكونغرس ليذهب كل إلى ولايته خائضاً في معركته الانتخابية الخاصة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ستكون أميركا لدى وصول نتنياهو على فالق الانتقال بين سياستين ونهجين، لكنه سيكون واثقاً أن إسرائيل هي المحظية الأولى مهما تغيرت الأسماء والشخصيات، ولذلك يذهب محملاً ببرنامج لا يقطع مع الإدارة الحالية ويستجيب أكثر لرؤى يفترض أن تتبناها إدارة برئاسة ترمب، كما يعتقد ويتوقع كثيرون، على رغم أن المفاجآت لا يمكن استبعادها.

ولم يقفل نتنياهو قبل ذهابه إلى الكونغرس الباب أمام المفاوضات في شأن الصفقة التي يريدها بايدن في غزة، لكنه يتلاعب في نقاطها ومحطاتها ومواعيدها، ولم يذهب إلى حرب شاملة ضد "حزب الله" على حدوده الشمالية استجابة لضغط واشنطن، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام حرب مدمرة يخوضها بالقطعة في كل يوم.

 وفي سوريا امتحن علاقته بالروس مراراً في غارات بانياس والجولان، وحمل أخيراً في جعبته المسيّرة الإيرانية التي ضربت حي السفارة الأميركية في تل أبيب والتي أطلقها "الحوثيون"، لكن إسرائيل ركزت على مصدرها الإيراني لتشن هجوماً على الحديدة فاقت نتائجه التدميرية حصيلة جهود الأساطيل الأميركية والأوروبية على مدى ثمانية أشهر في مقارعة "الحوثيين".

ولن يكون نتنياهو هذه المرة مضطراً إلى الحديث المطول عن إيران النووية، فايران موجودة في قلب المعركة، وهو سيقول إنه يخوض المعركة ضدها وبالنيابة عن أميركا وحلفائها، مركزاً وأذرعاً، وهو إذ أراد استعادة خطابه وخريطته الجديدة للشرق الأوسط التي عرضها في سبتمبر (أيلول) 2024 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فللقول إن إيران نسفتها في "طوفان الأقصى" وحروب الإسناد والمشاغلة.

وسيكون استعراض نتنياهو أمام الكونغرس رسالة إلى إدارتين، واحدة تستعد للرحيل لكنها باقية حتى مطلع العام المقبل، وأخيرة تستعد وتأمل بتولي السلطة ابتداء من الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

 وإزاء الاعتماد الإسرائيلي الكامل سياسياً وعسكرياً ومادياً على الولايات المتحدة، سيسعى نتنياهو خلال مرحلة الانتقال الرمادية إلى نيل أقصى ما يطمح إليه في غزة والضفة ولبنان، وربما في إيران نفسها، لكن ليس قبل أن يتولى مسعود بزكشيان مهماته رئيساً نهاية الشهر الجاري.

كتب رون بن يشاي في "يديعوت أحرونوت" قبل أيام من مثول "بيبي" أمام الكونغرس، أن "نتنياهو وخصومات يخوضون مفاوضات حول اليوم التالي وليس حول المخطوفين"، وعملياً سيحمل نتنياهو إلى أميركا رؤيته لهذا اليوم التالي إقليمياً، وسيحاول جعل طموح تسوية الدولتين عنصراً منسياً، وسيفعّل صاعق التفجير الكامن بين رؤيتين إيرانية وإسرائيلية، لا تريان مكاناً لأي نوع من أنواع التسويات.

وفي كل حال فقد تزود نتنياهو قبل وصوله إلى العاصمة الأميركية بقرار الكنيست الذي يرفض قطعياً قيام دولة فلسطينية وعارضه تسعة من أصل 10 نواب عرب، وسيكون بإمكانه أن يعلن من على منصة الـ "كابيتول" أن سياسته تجد تتمتها في عدمية المواقف الإيرانية والتابعة حول قتال وحروب لا تنتهي، لكنها تسمح بإبادة عشرات آلاف الفلسطينيين وربما اللبنانيين والعرب، وتهجير من يبقى منهم.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء