Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يحمل الخطاب الرابع لنتنياهو أمام الكونغرس؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي ذهب إلى واشنطن وسط أجواء سياسية ملبدة وتحديات عدة تنتظره

هناك دعوات لمقاطعة خطاب نتنياهو بسبب حرب غزة (أ ب)

ملخص

 مسألة واحدة يمكنها أن تجعل خطاب نتنياهو تاريخياً، وهي الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن الإسرائيليين لدى "حماس"، وهو أمر ربما لا يغفله سياسي مخضرم مثل نتنياهو يفهم جيداً المسرح السياسي. 

يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي الأسبوع الجاري، إذ يزور واشنطن وسط ظروف سياسية ملبدة على الجانبين، فالرئيس الأميركي جو بايدن الذي يعد داعماً قوياً لإسرائيل يستعد للرحيل من البيت الأبيض، بعدما أعلن انسحابه من السباق الرئاسي لمصلحة نائبته كامالا هاريس، فيما يواجه نتنياهو معارضة داخل إسرائيل واحتجاجات في الولايات المتحدة بسبب حرب غزة.  

وخطاب نتنياهو أمام الكونغرس غداً الأربعاء يجعله المسؤول الأجنبي الوحيد في العالم الذي يتحدث في الـ "كابيتول" للمرة الرابعة، متجاوزاً الزعيم البريطاني وينستون تشرشل، لكنه في الوقت نفسه يطرح تحديات للسياسي الإسرائيلي الذي يسعى إلى تأكيد علاقة بلاده مع الولايات المتحدة باعتبارها الحليف الرئيس لها في الشرق الأوسط، بعد أشهر من التوترات حول إدارته لحرب غزة، وفي الوقت نفسه يرغب في حشد الدعم لإسرائيل مع فتح جبهة أخرى محتملة للصراع من قبل "حزب الله" في لبنان، إضافة إلى هجمات الحوثيين في اليمن.

ويقول مراقبون إن نتنياهو يلقى خطابه أمام الكونغرس بينما يركز على جهات عدة، ومنها شركاؤه الحاكمون القوميون المتطرفون الذين يشكلون مفتاح بقائه السياسي، وإدارة بايدن التي يعتمد عليها نتنياهو للحصول على الدعم الدبلوماسي والعسكري، والحزب الجمهوري الذي يتزعمه دونالد ترمب، والذي يمكن أن يعرض على نتنياهو إعادة ضبط العلاقات إذا أعيد انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

مقاطعة الخطاب وغياب هاريس

وإضافة إلى حال عدم اليقين السياسي التي يفرضها المشهد الانتخابي في واشنطن، وقرار بايدن الذي وضع خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بعيداً من أذهان كثير من الديمقراطيين، فإن نتنياهو يواجه حرجاً داخل الكونغرس مع امتناع عدد من أعضاء الحزب الديمقراطي عن حضور خطابه، إذ من المقرر أن يقاطع أو يحتج بطريقة ما نحو 100 عضو من أعضاء التجمع التقدمي في مجلسي النواب والشيوخ، كما أعرب 500 كاتب وباحث وشخصية عامة إسرائيلية في خطاب للكونغرس عن استيائهم من الدعوة الموجهة إلى نتنياهو، قائلين إنه سيستخدم المنصة لدفع سياسات مضللة تتماشى مع شركائه في الحكم من اليمينيين المتطرفين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانتقد السيناتور الديمقراطي الرفيع بيرني ساندرز، وهو من بين أشد المعارضين للحرب الإسرائيلية في غزة، في وقت سابق من هذا الشهر قادة الكونغرس لدعوتهم نتنياهو، بينما قُتل أكثر من 38 ألف فلسطيني في الحرب التي بدأت في السايع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عندما شن مسلحون من حركة "حماس" هجمات على مستوطنات جنوب إسرائيل وقتلوا نحو 1200 شخص واحتجزوا 250 رهينة. 

والشهر الماضي جدد ساندرز تعهده بعدم المشاركة في اللقاء، واصفاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ "مجرم حرب"، كما ستغيب كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي عن الخطاب بسبب تضارب في جدول أعمالها. 

ووفق صحيفة "نيويورك تايمز" قال أحد مساعدي هاريس إن غيابها لا ينبغي تفسيره على أنه تغيير في التزامها بأمن إسرائيل، بل كان مجرد تضارب مع حدث مقرر مسبقاً في إنديانابوليس، بينما ستلتقي نتنياهو اليوم الثلاثاء في البيت الأبيض.

وعادة يجلس نائب الرئيس، بصفته رئيس مجلس الشيوخ، على منصة مجلس النواب إلى جانب رئيس المجلس خلال الاجتماعات المشتركة لاستقبال زعيم أجنبي، ويظهر خلف الضيف مباشرة في عرض ضمني للدعم والترحيب. 

لكن في هذا الأسبوع سيلجأ الديمقراطيون بدلاً من ذلك إلى رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور الديمقراطي بنيامين كاردين للجلوس إلى جانب رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون خلف نتنياهو، وفقاً لشخصين مطلعين على الخطط، وتحدثا إلى الصحيفة شرط عدم الكشف عن هويتهما.

ويعد كاردين من المؤيدين بقوة لإسرائيل، وقد ظل داعماً بقوة للدولة اليهودية، حتى في الوقت الذي اشتبكت إدارة بايدن وكثير من الديمقراطيين في الكونغرس علناً مع نتنياهو في شأن سياساته وتكتيكاته في الحرب ضد "حماس".

ووفق وسائل إعلام أميركية فقد طُلب من السيناتور باتي موراي التي تتولى الرئاسة موقتاً في غياب هاريس، أن تتولى الرئاسة لكنها رفضت، وقال متحدث باسم السيناتور الديمقراطية إنها لا تخطط لحضور الخطاب على الإطلاق.

والخطاب هو الأول لرئيس الوزراء أمام الكونغرس منذ عام 2015 عندما قاطعه 58 عضواً ديمقراطياً بسبب مخاوف حيال معارضته الاتفاق النووي الإيراني الذي كان قيد التفاوض في ذلك الوقت بين طهران والرئيس الأسبق باراك أوباما. 

تحالف صارم

ومع ذلك يعتقد بعض الديمقراطيين أنه من الخطأ تجاهل تصريحات حليف رئيس للولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال أشار زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى "خلافات واضحة وعميقة مع حكومة نتنياهو"، لكنه قال في وقت لاحق إن "التحالف الصارم بين الولايات المتحدة وإسرائيل قاده في نهاية المطاف إلى دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي للتحدث."

 

وقال النائب الديمقراطي جريغ لاندسمان إن "زيارة رئيس الوزراء وخطابه يمنحان الكونغرس الفرصة لإظهار مدى جدية الدعم الحزبي لشريكتنا إسرائيل، وإظهار تصميمنا على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".  

ويبدو واضحاً أن القيادة الجمهورية في مجلس النواب أرادت إظهار الدعم للحكومة الإسرائيلية ونتنياهو، في خطوة تأتي بعدما أوقفت إدارة بايدن شحنة أسلحة إلى إسرائيل، كما دعا شومر، وهو ديمقراطي من نيويورك، إلى إجراء انتخابات إسرائيلية على أمل هزيمة نتنياهو، كما كثف أعضاء الكونغرس الديمقراطيون الآخرون انتقاداتهم لتصرفات إسرائيل في قطاع غزة. 

واشتبكت إدارة بايدن مع نتنياهو في شأن القصف الإسرائيلي لغزة والفشل في ضمان إيصال المساعدات إلى المدنيين الفلسطينيين، والافتقار الواضح إلى خطة للحكم بعد الحرب، وقد واجهت إسرائيل انتقادات واسعة من حلفاءها الغربيين بسبب حرب غزة حيث يكافح الفلسطينيون من أجل الوصول إلى الضروريات الأساس من الغذاء والماء، ولا تعتبرهم الأمم المتحدة آمنين في أي مكان داخل القطاع من الضربات الجوية وغيرها من أعمال القتال، فيما تعمل إدارة بايدن على التوصل إلى اتفاق يوصل إلى وقف إطلاق النار وتحرير ما يقارب 120 رهينة لا يزالون محتجزين لدى "حماس".

ما الذي يجعل خطاب نتنياهو تاريخياً؟ 

يطرح المراقبون في تل أبيب وواشنطن تساؤلات عدة في شأن خطاب نتنياهو، فهل يستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه المناسبة فقط لطرح جدلية إسرائيل في ما يتعلق بالحرب في غزة، وهو الأمر الذي يستطيع أن يفعله وقد فعله في مقابلات تلفزيونية؟ 

وهل سيركز، كما فعل عام 2015، على إيران ومخططاتها الخبيثة في المنطقة؟ أم هل سيعرب عن تقديره للدعم المعنوي والدبلوماسي والعسكري الأميركي خلال الحرب؟ أم أنه سيناقش توسيع "اتفاقات أبراهام" لتشمل السعودية ودولاً أخرى؟

من المتوقع أن يشمل خطاب نتنياهو كل هذه الأمور، لكن مسألة واحدة يمكنها أن تجعل هذا الخطاب تاريخياً وهي الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن الإسرائيليين لدى "حماس"، وهو أمر ربما لا يغفله سياسي مخضرم مثل نتنياهو يفهم جيداً المسرح السياسي والمبادرات الكبرى، وفي هذا الصدد تلفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى خطاب نتنياهو عام 2018 عندما كشف عن الأرشيف النووي الإيراني، وفي خطابه أمام الأمم المتحدة عام 2012 عندما حمل رسماً لقنبلة يشرح فيها تطور البرنامج النووي الإيراني.

ومع ذلك فإن مسألة تأمين اتفاق لإطلاق الرهائن الإسرائيليين التي تثير غضباً شعبياً واسعاً داخل إسرائيل، لا تتعلق بنتنياهو وحده، فلابد من التفاهم مع "حماس" في هذا الصدد، إذ تقول الصحيفة إنه ليس من الواضح بشكل كاف للعامة ما الذي وافقت أو لم توافق عليه "حماس"؟

وبعد مرور ما يزيد على تسعة أشهر من الحرب في غزة لا يزال الجدل الداخلي الإسرائيلي محتدماً حول ما قد يضطر "حماس" إلى تحرير الرهائن، وهل هو المزيد من القوة العسكرية أم التوصل إلى اتفاق؟ فقد كان الإسرائيليون يناقشون هذا الأمر في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أي قبل التوغل البري في غزة، وفي نهاية نوفمبر 2023 بعد انهيار صفقة الرهائن الأولى، وفي أوائل الربيع عندما ناقش القادة الإسرائيليين وتجادلوا علناً مع واشنطن حول ما إذا كان من الواجب على جيش الدفاع الإسرائيلي أن يذهب إلى رفح لفرض قدر أعظم من الضغوط العسكرية على "حماس".

هدفان من الخطاب

ويقول زميل مجلس العلاقات الخارجية الأميركي ستيفن كوك إن "نتنياهو لديه هدفان من زياته إلى واشنطن وخطابه أمام الكونغرس، وهما إظهار أنه لم يتسبب في تقويض علاقة بلاده بالولايات المتحدة مثلما يتهمه منتقدوه في الداخل، كما سيسعى إلى تحويل النقاش بعيداً من الصراع في غزة نحو التهديد الذي تشكله إيران ووكلاؤها، ليس فقط لإسرائيل ولكن للولايات المتحدة أيضاً".

ويوضح كوك أن هذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى نتنياهو وإسرائيل، إذ تعتزم قوات الدفاع الإسرائيلية إنهاء العمليات الرئيسة في غزة وتحويل انتباهها إلى جنوب لبنان، موطن "حزب الله" المدعوم من إيران، فمن الواضح أن نتنياهو يريد الحصول على الدعم العسكري والدبلوماسي من الولايات المتحدة إذا قرر الإسرائيليون تصعيد صراعهم الحدودي المستمر مع الجماعة المسلحة، ولا يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تتسامح مع وجود "حزب الله" على الحدود واضطرارها إلى إجلاء 80 ألف ساكن في بلداتها الشمالية. وفي الوقت نفسه لا تزال إدارة بايدن مترددة في المشاركة بصورة أكبر مع تزايد المخاوف من احتمال نشوب صراع إقليمي أوسع، كما تهدف زيارة نتنياهو والدعم المحتمل الذي سيتلقاه من أعضاء الكونغرس إلى ممارسة الضغط على بايدن.

المزيد من تقارير