Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حرب الأهلية" لليسار الأميركي

أبعد دخول جماعات "الووك" إلى قيادة الحزب الديمقراطي قطاعات تقليدية داعمة له

كامالا هاريس في مدرسة ويست أليس الثانوية المركزية خلال أول تجمع انتخابي لها في ميلووكي، بولاية ويسكونسن، في 23 يوليو الحالي (أ ف ب)

ملخص

اقتضى العرف أساساً أن يصبح الرئيس القائم مرشحاً للولاية الثانية، ويتحول موقع نائب الرئيس إلى مرشح لنيابة الرئاسة، إلا أن المناظرة الفاشلة لبايدن وبعدها محاولة الاغتيال ضد ترمب، والتعثر الدائم للرئيس الأميركي، دفع بالجناح المعترض على بايدن تجاه تنفيذ أخطر عملية سياسية في موضوع الرئاسيات الأميركية، وهي دفع الرئيس إلى الانسحاب من السباق مباشرة قبل المؤتمر العام للحزب والتوطئة لترشيح بديل.

شهد التطور السياسي الحزبي في الداخل الأميركي، بعد محاولة اغتيال دونالد ترمب، حدثاً ثانياً مهماً ومؤثراً وكان بشقين، الأول كان المفاجأة المتمثلة في مشاركة رئيس الاتحادات الفيدرالية العمالية في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، والثاني الانقلاب "الأوبامي" ضد بايدن، والتطوران باتا يصقلان المرحلة المقبلة.
كما كتبنا الأسبوع الماضي من ويسكونسن أن الرئيس الأعلى للاتحادات القومية للعمال في أميركا ظهر وألقى خطاباً عنيفاً ضد قيادة الحزب الديمقراطي، وهذه الاتحادات العمالية كانت تقليدياً تقف مع الحزب الديمقراطي منذ أكثر من 100 عام، ومشاركة رئيسها في هذا المؤتمر إنما أحدثت نتائج كبيرة وغير منتظرة، فهذه الاتحادات هي من اليسار التقليدي وقريبة من التيارات الاجتماعية الديمقراطية أو الاشتراكية الديمقراطية، بما فيها بعض الشيوعيين التقليديين، وقد لجأت إليها قيادة الحزب الديمقراطي لأعوام طويلة، إلا أن إدخال القيادة السياسية للحزب الديمقراطي، جماعات الووك (Woke)  وتمكينها من قيادته وتفضيلها على القواعد التقليدية الشعبية، نتج منه انتفاضة عمالية صاعدة ضد القيادة "البورجوازية" للحزب.

وكانت هذه الاتحادات العمالية قد دعمت الرئيس السابق باراك أوباما لأعوام، واستمرت في دعم الرئيس جو بايدن لأنه أحد أبرز التقدميين، ولكن صعود التيار الليبرالي المسمى "يسار"، وهو في الواقع من النخبة المالية العليا في الحزب الديمقراطي، أغضب تيارات العمل لأنها وجدت نفسها في موقع يدافع عن تلك القيادات من ناحية، ومن ناحية أخرى لا تستفيد منها.
وهنا تدخل الرئيس السابق ترمب وفريق عمله وبدأ العمل على بعض الفئات التي كانت تؤيد الحزب الديمقراطي ولكنها بدأت تشهد تخليه عنها، وشعرت أن بايدن وحملته يهتمون بالفئات الغنية أو "الووكية"، "المتبرجزة" المغيّبة لقرارهم السياسي، ونتيجة ذلك بدأت هذه الفئات تتحرك باتجاه التيار الشعبوي الذي يحتضنه ترمب، وخرجت هذه القوى عن هذه القيادات السياسية ولكن مع البقاء داخل الحزب الديمقراطي، مما يعني أن هناك جناحاً يسارياً تقليدياً في موقع متناقض مع قيادة الحزب الديمقراطي، ولا سيما المجموعات التي تسمي نفسها "الووك"، وظهرت هذه القوى حول ترمب، ولا سيما في مهرجان الحزب، بموازاة تصاعد أصوات من الجاليات الأفريقية - الأميركية والـ "هسبانك"، وكأنها باتت جزءاً من تحالفه الذي بات أوسع من الحزب الجمهوري.

ومن ناحية أخرى، وبهدف تركيز الاهتمام على الفئات "القومية"، ولا سيما تلك التي خدمت في القوات المسلحة الأميركية، كان اختيار ترمب للسناتور جي دي فانس ليكون نائباً له، وهو شاب من الفئات الفقيرة أساساً وعمل بجهد للوصول إلى موقع اجتماعي مميز، مع استمرار علاقاته بالفئات الاجتماعية المسحوقة.
وكان ترمب رشح فانس لأن له ميزة ثانية، وهي أنه خدم في السلك العسكري الأميركي وفي "المارينز"، وهي قوة شعبية ومحبوبة عبر القطاعات العسكرية في الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن كل هذه الاختيارات التي قام بها بعد الإفلات من قبضة الدعاوى القضائية ضده باتت تشكل تحدياً للحزب الديمقراطي، وأيضاً بسبب تمكنه من اجتياز هذه المرحلة الصعبة، ولا سيما أن محاولة الاغتيال قد أوجدت جداراً معنوياً ونفسياً له من قبل العاطفة الجارفة للرأي العام الأميركي الذي بات لا يحبذ كثيراً الهجمات الشخصية ضده بعد تعرضه لمحاولة اغتيال.
ولكن المشكلة الأكبر التي يمر بها الحزب الديمقراطي هم انقسام قيادته حيال موضوع الترشيح الرئاسي، فقد
اقتضى العرف أساساً أن يصبح الرئيس القائم مرشحاً للولاية الثانية، ويتحول موقع نائب الرئيس إلى مرشح لنيابة الرئاسة، إلا أن المناظرة الفاشلة لبايدن وبعدها محاولة الاغتيال ضد ترمب، والتعثر الدائم للرئيس الأميركي، دفع بالجناح المعترض على بايدن تجاه تنفيذ أخطر عملية سياسية في موضوع الرئاسيات الأميركية، وهي دفع الرئيس إلى الانسحاب من السباق مباشرة قبل المؤتمر العام للحزب، والتوطئة لترشيح بديل.

وأعلن بايدن تأييده ترشيح نائبته كامالا هاريس، بينما أوباما كان يفضل لائحة أخرى تضم زوجته ميشال، وفي النهاية سيتفقون ربما على المرشحين النهائيين، ولكن الخطر الأكبر هو انقسام الحزب الديمقراطي ومعه "اليسار الأميركي."
قد لا يصل كثيرون إلى النتائج التحليلية ذاتها لهذه المقالة، ولكن يبدو لنا أن كثافة الأموال التي أنتجتها بعض الاتفاقات، مثل الاتفاق النووي الإيراني و"صفقة الدوحة" وتمويل حرب أوكرانيا، أحدثت دوخة ثراء في واشنطن وأوصلت البلاد والحزب الحاكم إلى صراع وضياع يخشى حكماء "اليسار" أن يكلف الحزب خسارة الرئاسة ومجلسي الكونغرس، ما لم يخرج إلى الساحة قائداً موحداً.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء