Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مجدل شمس" تاريخ من النور والنار في الجولان

تشتهر بزراعة أجود أنواع التفاح والكرز ولا يأبه سكانها بالتهديدات والإغراءات الإسرائيلية المتواصلة

يشارك دروز في تجمع بقرية مجدل شمس ضد قانون الضم الإسرائيلي (أرشيفية - أ ف ب)

ملخص

 العلاقة بين إسرائيل ودروز أهالي قرية مجدل شمس شابها كثير من الصراع والتوتر، ولم يرضخ القاطنون فيها منذ احتلال مرتفعات الجولان لسلطة الأمر الواقع.

تحتفظ الذاكرة السورية بصور تاريخية لم تنقطع للجولان وقراها، وفي القلب منها مجدل شمس التي تغنى بها ولها الفنان سميح شقير، وآثر أبناؤها من الدروز التمسك بأرض الأجداد وصون أمانة لونها الأخضر المطعم بخصوبة تربتها.

مجدل شمس الواقعة في هضبة الجولان المحتلة قرية متربعة على سفوح جبل حرمون يقطنها 12 ألف نسمة غالبيتهم من طائفة الدروز الموحدين، وتمتد على مساحة 12 كيلومتراً مربعاً في الهضبة السورية التي تقدر مساحتها الإجمالية بـ 1860 كيلومتراً مربعاً، وجميع هذه الأراضي ترضخ للسيطرة الإسرائيلية منذ عام 1967 ضمن ما يعرف بـ "نكسة حزيران" أو "حرب الأيام الست".

وتعود تسمية مجدل شمس بهذا الاسم لملك صور "حيرام" الذي أمر ببناء معبد للشمس بعد أن كان في رحلة صيد على جبل حرمون في العهد الفينيقي، وبحسب المصادر التاريخية فإن مصدر تسمية هو اللغة الآرامية وتعني بالعربية "برج الشمس"، كما وجدت في القرية آثار لمعبد فينيقي لتقديس الشمس ومعصرة زيتون.

 

 

والقرية الجولانية المميزة بمناخ وطبيعة خلابة تشتهر بإنتاج أجود أنواع التفاح والكرز، ويعمل سكانها في زراعة الخضراوات، لم تأبه بكل التهديد والوعيد والإغراءات من قبل الحكومة الإسرائيلية لضمها بعدما ظلت حتى عام 1982 تخضع للحكم العسكري.

وبعد الفشل في كل تلك الخطوات أقر الكنيست قراراً بفرض الجنسية الإسرائيلية بالقوة على سكان مجدل شمس وقرى الجولان المحتل، ولكن السكان واجهوا ذلك بقوة عرفت وقتها بـ"انتفاضة الهوية"، وعمت إضرابات واسعة احتجاجاً على ذلك القرار، واستعمل جيش الاحتلال الأسلحة لقمع المتظاهرين.

وتواصلت المواجهات بين دروز القرية وقوة الاحتلال وعاش الأهالي سجالات وصلت حد الاشتباك بالأيدي مع أفراد ومسؤولين حكوميين أو طواقم الأمن، وهذا ما حدث في عام 2010 حين احتج الأهالي على تفتيش الشرطة الإسرائيلية أحد البيوت وهاجموا رجال الشرطة واحتجزوهم.

 

 

ولعل المشهد الذي كان يبث في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي حول تجمهر أهالي الجولان والسوريين في الداخل والذين تفصلهم الأسلاك الشائكة، لا يمكن نسيانه إلى الآن، علاوة على إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر عبر عقود من الزمن على وصول زوجات من وإلى الجولان حيث تعلو الأهازيج عبر مكبرات الصوت وعبارات التمسك بالهوية السورية الوطنية من قبل أبنائه.

وتشير التقارير الإعلامية الصادرة عن مؤسسات في إسرائيل إلى أن دروز مجدل شمس، وإجمالاً دروز الجولان، حافظوا على علاقة وثيقة مع وطنهم الأم سوريا. ويعيش الدروز البالغ عددهم 21 ألف شخص في أربع بلدات داخل الجولان، منهم 4300 يعدون مواطنين إسرائيليين، بما في ذلك بعض الذين ورثوا وضعهم القانوني من آبائهم الذين قبلوا الجنسية سابقاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والعلاقة بين إسرائيل ودروز أهالي القرية شابها كثير من الصراع والتوتر، حيث لم يرضخ قاطنوها منذ احتلال إسرائيل مرتفعات الجولان لسلطة الأمر الواقع، وتشير صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إلى أنه في عام 2018 لم يصوت سوى 272 شخصاً من دروز الجولان في مجدل شمس خلال الانتخابات المحلية من أصل 12 ألف نسمة.

في أثناء ذلك اعترفت الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان، وجاء ذلك بمرسوم رئاسي وقعه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في الـ 25 من مارس (آذار) 2019 وسط إدانات دولية وعربية لمخالفته القانون الدولي.

وأحكمت إسرائيل قبضتها الأمنية على الجولان ومارست أشكال الاعتقال لرافضي الانصياع لأوامرها، وزُج بكثير من الأسرى والمعتقلين الرافضين لحمل الجنسية الإسرائيلية، وعلى رأسهم صدقي المقت الذي بات أبرز المعتقلين وعميد الأسرى.

وتروي شقيقته نهال المقت معاناة الأسرى في السجون والمعتقلات قبل أن تنجح وساطة روسية في تحريرها أيضاً من السجون الإسرائيلية.

وكانت روسيا أتمت صفقة تحرير أسيرين سوريين من قرية "مجدل شمس" هما ذياب قهموز ونهال المقت في فبراير (شباط) عام 2021، وكشفت نهال آنذاك في حديث إلى "اندبندنت عربية" عن تفاصيل ما حدث معها قبل ساعات من الإفراج عنها، موضحة أنها اُستدعيت من قبل إدارة السجن وأبلغتها نيتها إرسالها إلى الداخل السوري، إلا أنها أصرت على رفض الأمر.

كما روت في تصريح سابق أن غاية إسرائيل إبعاد كل الأسرى خارج قرى الجولان وبلداتها، "ولكن تمسكنا كان كبيراً وننتظر التحرير لحظة بلحظة، والجيل الجديد متمسك بأرضه".

وتقول ابنة قرية مجدل شمس الأسيرة المحررة المقت إن ظروفاً قاسية يعيشها الأسير وسط ضغوط نفسية تمارس عليه أيضاً، منها حرمانه من أن يرى الضوء والشمس أو الاطلاع على أية معلومة، كما تتحكم إدارة السجون بوسائل الإعلام التي يتابعها إضافة إلى الإهمال الطبي.

 

 

وعن وضع الأسيرات تقول إنهن يحرمن من رؤية أطفالهن أو لمسهن، مضيفة أن "زوار السجون عليهم أن يبقوا منتظرين تحت أشعة الشمس والأمطار للسماح لهم بالجلوس مع الأسرى داخل ممرات ضيقة لا تتسع لشخصين، ويخرج المعتقل مقيد اليدين والقدمين، ومدة الزيارة لا تتعدى 45 دقيقة".

وتحكي المقت عن ظروف للاحتجاز والاعتقال في غاية الصعوبة، مشيرة إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تسجل كل المحادثات التي تدور بين الأسير والزوار، مما يمثل انتهاكاً لخصوصية الأسير، علاوة على المعاناة من أوضاع صحية قد تكون خطرة على المعتقلين.

في غضون ذلك تظاهر مئات من دروز مجدل شمس ضد اعتراف واشنطن بالسيادة الإسرائيلية على منطقة الجولان، كما احتشد متظاهرون في الداخل السوري على الحدود حينها، وخلال سبتمبر (أيلول) 2019 منعت الشرطة الإسرائيلية وفداً درزياً من قطع الحدود إلى الداخل السوري للقاء شخصيات حكومية، كما شهدت مجدل شمس عام 2023 تظاهرات أمام المجلس المحلي ضد الخريطة الهيكلية الجديدة التي صادرت مساحات واسعة من أراضي وقف القرية لمصلحة دائرة أملاك الغائبين، وأوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشروعاً لإقامة مزرعة تعمل بطاقة الرياح بعد احتجاجات اندلعت من قبل دروز المنطقة التي رأت أن هذه المشاريع تؤثر في مشاريعهم الزراعية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات