ملخص
قالت المسؤولة إن المجلس الأوروبي اعتمد عملية المساعدة المالية الكلية لمصر بسبب حاجات القاهرة التمويلية العاجلة، على وجه الخصوص خلال النصف الثاني من عام 2024.
كشف مصدر رفيع داخل المفوضية الأوروبية لـ"اندبندنت عربية" أنه سيتم صرف ما يصل إلى مليار يورو لمصر بحلول نهاية العام الحالي، وذلك بعد إجراء تقييم بشأن الامتثال للمعايير المتفق عليها بين القاهرة وبروكسل في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تم توقيعها في مارس (آذار) الماضي والتي تنطوي على دعم مالي بقيمة 7.4 مليار دولار لمصر.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية فيرلي نويتس إنه من المتوقع أيضاً اعتماد "المساعدة المالية الكلية" الثانية لمصر من قبل المجلس والبرلمان الأوروبي بما يصل إلى 4 مليارات يورو من القروض الميسرة قبل نهاية العام الحالي.
ينطوي الاتفاق المعروف بـ"الشراكة الاستراتيجية الشاملة" على صرف الأموال الأوروبية لمصر على شرائح بين عامي 2024 و2027 وتُقسّم إلى قروض بقيمة 5 مليارات يورو واستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو في مجالات تتعدد بين الرقمنة والتحول في مجال الطاقة، وخُصصت منح بقيمة 600 مليون يورو تشمل تحديد نحو 200 مليون يورو لإدارة مسألة الهجرة، بينما توجه الأموال الأخرى نحو الاستثمار والمشاريع الثنائية والمساعدة المالية الكلية
التقييم الإيجابي أولاً
ووفق المتحدثة الأوروبية فإن ثمة معايير متفقاً عليها تحتاج القاهرة للامتثال لها قبل صرف الدفعات التمويلية، إذ اتفقت مصر والاتحاد الأوروبي على مجموعة من الإجراءات بناء على أجندة الإصلاح المحلية في مصر والتي تستند إلى ثلاثة ركائز هي؛ الاستقرار الاقتصادي الكلي وتحسين القدرة التنافسية وبيئة الأعمال والاستثمار ودعم التحول الأخضر. وتقول المسؤولة الأوروبية إن هذه الإجراءات تم اختيارها "لأهميتها في المساعدة في وضع البلاد على مسار اقتصادي أكثر استدامة... ولضمان جدواها في غضون أفق زمني قصير الأجل لعملية التسهيلات المالية المتعددة الأطراف. في هذا السياق، ستمهد العديد من هذه التدابير الطريق أيضاً لمزيد من الإصلاحات الشاملة والطموحة في الأمد المتوسط".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أثار المنتقدون لاتفاق "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" مخاوف بشأن المساعدات المالية الكلية التي تنطوي على قروض ميسرة والتسرع في صرف نحو مليار دولار، وكذلك بشأن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان.
وأوضحت المسؤولة الأوروبية في حديثها أن صرف الأموال المنصوص عليها في الاتفاق يستوجب تقييماً إيجابياً لكل من إجراءات الإصلاح الاقتصادي المفصلة في مذكرة التفاهم والخطوات الملموسة والموثوقة التي سيتم اتخاذها في المجالات السياسية المشار إليها في قرار المجلس الأوروبي. وأضافت أن مبلغاً بقيمة4 مليارات يورو من المساعدات المالية الكلية سيتم صرفه على ثلاثة أقساط على مدى عامين ونصف العام، مستدركاً أن عملية صرف الأموال تخضع لكل من برنامج صندوق النقد الدولي الجاري والتقدم الذي تحرزه مصر على صعيد الإصلاحات الاقتصادية.
حاجات عاجلة لمصر
وقالت المسؤولة الأوروبية إن المجلس الأوروبي اعتمد عملية المساعدة المالية الكلية قصيرة الأجل (ما يصل إلى مليار يورو) في 12 أبريل (نيسان) الماضي، بسبب حاجات مصر التمويلية العاجلة على وجه الخصوص خلال النصف الثاني من عام 2024. وتم توقيع مذكرة التفاهم الخاصة بتمويل يبلغ مليار يورو، على هامش مؤتمر الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي ومصر في 29 يونيو (حزيران) 2024 في القاهرة، لافتاً إلى أنه قبل صرف هذا التمويل نهاية هذا العام، سيتم إجراء تقييم بشأن الامتثال للمعايير المتفق عليها.
وتابعت أن مصر تعاني ضغوطاً كبيرة على ميزان المدفوعات، مع تعرضها بشكل كبير جداً للآثار الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا، والحرب بين إسرائيل و"حماس"، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، و"التي كان لها تأثير مدمر بشكل خاص على عائدات قناة السويس". "ويأخذ دعم الاتحاد الأوروبي لمصر في الاعتبار هذه الظروف المحددة وما يقابلها من حاجات التمويل الخارجية الكبيرة غير الملباة، ضمن نهج يعتمد كالمعتاد على تقاسم الأعباء الدولية مع الشركاء الرئيسيين الآخرين المتعددي الأطراف والثنائيين".
وأكدت المسؤولة الأوروبية أن الشراكة الاستراتيجية والشاملة "تعزز التعاون الجيد بالفعل بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجموعة واسعة من المجالات، بدءاً من العلاقات السياسية وحتى استقرار الاقتصاد الكلي والاستثمار المستدام والتجارة، ومن الطاقة والمياه وتغير المناخ إلى تنمية رأس المال البشري والهجرة والتنقل، على سبيل المثال لا الحصر. كما يعترف بأهمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر، وجهود مصر للحفاظ على الاستقرار في سياق إقليمي مليء بالتحديات".
دعم شامل في مسألة الهجرة
وتستهدف الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر التعاون بين الطرفين في مجالات عدة، وبصورة رئيسة منع الهجرة غير النظامية عبر البحر إلى أوروبا، وفي الوقت نفسه تعزيز الاقتصاد المصري المتعثر وسط منطقة مضطربة تدفع بتدفقات من اللاجئين، لا سيما بعدما طرأت تحديات إضافية متعلقة باستقبال لاجئين من السودان وغزة، جنباً إلى جنب مع اللاجئين والمهاجرين من نقاط صراع أخرى في المنطقة.
وقالت المسؤولة الأوروبية إن الشراكة الاستراتيجية والشاملة متعددة الأوجه، وتغطي ستة ركائز وليس فقط الهجرة. عندما يتعلق الأمر بالهجرة على وجه التحديد، فإن دعم الاتحاد الأوروبي يكون شاملاً، بما يتماشى مع حوار الهجرة بين الاتحاد الأوروبي ومصر المنصوص عليه في أولويات الشراكة، ويغطي مجالات الحماية وإدارة اللجوء والهجرة، والهجرة القانونية والتنقل، ومنع ومكافحة الهجرة غير النظامية. بما في ذلك من خلال دعم إدارة الحدود ومكافحة التهريب والاتجار، فضلاً عن العودة وإعادة الإدماج.
وأوضحت أن المناقشات حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع مصر بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، عندما أبلغت المفوضية المجلس الأوروبي بنية تطوير مثل هذه الشراكة. وقدمت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين فكرة الشراكة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارتها إلى القاهرة في 18 نوفمبر 2023. وجرت مناقشات أخرى بين مسؤولي الاتحاد الأوروبي ونظرائهم المصريين وكذلك مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للاتفاق على الإعلان المشترك الذي تم التوقيع عليه في 17 مارس 2024 لإطلاق الشراكة الاستراتيجية والشاملة. وتعتمد هذه الشراكة على اتفاقية الشراكة المبرمة في عام 2004 وأولويات الشراكة المتفق عليها في عام 2022.