Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موازنة السعودية 2024 تضع خريطة طريق المشاريع الكبرى

محللون: تباطؤ وتيرة انكماش الاقتصاد خلال الربع الثاني يعود بصورة أساس إلى تحسن العوائد غير النفطية في إشارة لتنويع مصادر الدخل

أظهر التقرير الفصلي للموازنة ارتفاع حجم المصاريف خلال الربع الثاني من عام 2024 بـ15 في المئة على أساس سنوي (اندبندنت عربية)

ملخص

سجل الإنفاق على بند الإعانات قفزة بنحو 68 في المئة ليصل إلى 12.97 مليار ريال (3.46 مليار دولار)، مقابل 7.71 مليار ريال (2.05 مليار دولار) خلال الربع المقارن للعام الماضي

أكد محللون اقتصاديون أن أرقام موازنة السعودية خلال الربع الثاني من عام 2024 تؤكد التوجه نحو مزيد من الإنفاق التوسعي، لتسريع وتيرة إنجاز المشاريع الكبرى ضمن رؤية 2030.

وأشار المحللون في تصريحات متفرقة لـ"اندبندنت عربية" إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من العام الحالي بأبطأ وتيرة منذ عام، مستفيداً من نمو الأنشطة غير النفطية بأعلى معدل منذ عام إضافة إلى تحسن أداء القطاع النفطي. 

وأظهر التقرير الفصلي للموازنة السعودية ارتفاع حجم المصاريف الفعلية خلال الربع الثاني من عام 2024 بـ15 في المئة على أساس سنوي وبزيادة 21 في المئة على أساس فصلي.

وبحسب التقرير الصادر عن وزارة المالية بلغ الإنفاق العام نحو 368.93 مليار ريال (98.4 مليار دولار) خلال الربع الثاني من عام 2024 مقابل 320.09 مليار ريال (85.39 مليار دولار) أثناء الفترة نفسها من عام 2023، بينما وصل خلال الربع الأول للعام الحالي إلى نحو 305.82 مليار ريال (81.58 مليار دولار).

وأشار التقرير إلى أن تعويضات العاملين استحوذت على الإنفاق العام، بعدما سجلت زيادة ستة في المئة إلى 139.84 مليار ريال (37.3 مليار دولار)، مقارنة بـ131.88 مليار ريال (35.2 مليار دولار) خلال الربع الثاني من عام 2023.

وسجل الإنفاق على بند الإعانات قفزة بنحو 68 في المئة ليصل إلى 12.97 مليار ريال (3.46 مليار دولار)، مقابل 7.71 مليار ريال (2.05 مليار دولار) خلال الربع المقارن للعام الماضي.

وارتفع الإنفاق على بند الأصول غير المالية 49 في المئة إلى 64.96 مليار ريال (17.3 مليار دولار)، مقابل 43.48 مليار ريال (11.5 مليار دولار) خلال الربع نفسه من عام 2023، فيما سجل الإنفاق على بند النفقات التمويلية ارتفاعاً بـ24 في المئة بوصوله إلى نحو 10.78 مليار ريال (2.87 مليار دولار).

وفي المقابل تراجع الإنفاق على المنح 50 في المئة ليصل إلى 1.38 مليار ريال (368 مليون دولار)، مقارنة بـ2.73 مليار ريال (728 مليون دولار) خلال الربع المماثل من العام السابق.

وعلى صعيد الإنفاق العام خلال النصف الأول من العام الحالي ارتفعت المصاريف ضمن الموازنة السعودية 12 في المئة إلى 674.75 مليار ريال (180 مليار دولار)، مقابل 603.94 مليار ريال (603.94 مليار دولار) خلال النصف الأول من 2023.

ووفقاً لتقديرات سابقة من وزارة المالية السعودية يبلغ حجم النفقات المتوقعة في الموازنة للعام الحالي 2.251 تريليون ريال (مليار دولار)، والإيرادات 1.172 تريليون ريال (312 مليار دولار)، ويقدر العجز بقيمة 79 مليار ريال (21 مليار دولار)، أي ما يعادل 1.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

أسباب العجز

وفي هذا الصدد يعلق الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية على بوخمسين بالقول إن "استمرار عجز الموازنة السعودية يأتي لأسباب عدة، منها ما كان متوقعاً مسبقاً في الموازنة التقديرية، فضلاً عن ارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وحول العالم على حد سواء وكذلك تباطؤ الاقتصاد الصيني، مما أثر في حجم الطلب على النفط بصورة مباشرة. وهذه العوامل كلها مجتمعة ضغطت بصورة مباشرة على أسواق النفط العالمية وسببت مزيداً من تقليص الواردات السعودية من النفط للأسواق العالمية إلى جانب تأثير تمديد الخفض الأخير والذي حتماً انعكس سلباً على حجم الإيرادات الحكومية".

وأضاف بوخمسين أن "ذلك يأتي في وقت شهدت السعودية استمرار زيادة الإنفاق الحكومي الاستثماري على مشاريع البنية التحتية وكذلك المشاريع الكبرى التابعة لـ"رؤية 2030" بما في ذلك مشروعات "نيوم" والبحر الأحمر، وفي العاصمة الرياض ومختلف مناطق الدولة إلى جانب زيادة الإنفاق التشغيلي والإنفاق على القطاعات الخدمية. وهذا كله شكل ضغطاً على الموازنة العامة مما أدى إلى استمرار العجز كما حدث فعلياً. وفي الوقت ذاته تستمر السياسة المالية السعودية في العمل على تحقيق التوازن بين أهداف النمو الاقتصادي والمحافظة على الاستدامة المالية وتنمية الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في العمل على رفع كفاءة الإنفاق وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقرير وزارة المالية، ارتفع إجمال إيرادات الموازنة السعودية 12 في المئة خلال الربع الثاني من عام 2024 إلى 353.5 مليار ريال (94.3 مليار دولار)، مقابل 314.82 مليار ريال (83.98 مليار دولار) خلال الربع المماثل من العام السابق.

ونمت الإيرادات غير النفطية خلال الربع الثاني من العام الحالي أربعة في المئة على أساس سنوي إلى 140.6 مليار ريال (37.5 مليار دولار)، في حين صعدت الإيرادات النفطية 18 في المئة إلى 212.99 مليار ريال (56.8 مليار دولار) خلال الربع الثاني من العام.

الإنفاق التوسعي

وأرجع بوخمسين زيادة الإنفاق إلى استمرار توجه الحكومة في تبني الإنفاق التوسعي لأنشطة اقتصادية ذات عائد اقتصادي، مع تسريع تنفيذ المشاريع والبرامج ذات العائدين الاجتماعي والاقتصادي.

وتابع "هناك التزامات حكومية ثابتة لتغطية مصاريف إنفاقية للبنود الرسمية المعلنة في موازنة الدولة التقديرية إلى جانب ضرورة تغطية كلف القروض وسداد القروض المجدولة، هذا كله في ظل انخفاض الإيرادات الحكومية شكل ضغطاً حقيقياً انعكس كنتيجة لارتفاع مستوى الإنفاق الحكومي خلال هذا الربع، إذ ارتفعت المصاريف الحكومية من 320 مليار ريال (85.36 مليار دولار) خلال الربع الثاني من عام 2023 إلى 368 مليار ريال (98.2 مليار دولار) خلال الربع الثاني من عام 2024، إذ صرف مبلغ 138 مليار ريال (36.8 مليار دولار) في بند الصحة والتنمية الاجتماعية وصرف 112 مليار ريال (29.8 مليار دولار) في البنود العامة وصرف 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) لبند التعليم وبند النقل والخدمات اللوجيستية".

وقال بوخمسين "لو راجعنا نسب التغير في هذه البنود سنجد معظمها جاء مرتفعاً بسبب التوسع في الإنفاق على هذه البنود عما هو مرصود، مما برر الزيادة في ارتفاع بند المصاريف بصورة عامة".

وتوقع بوخمسين "زيادة إيرادات النفط بدءاً من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل إذ تنتهي فترة الالتزام بالخفض، وإذا ما لم يحدث أي تغيير في الخطط المعلنة ستستعيد الرياض جزءاً من حصتها التسويقية، وبناء على ما اتفق عليه في الاجتماع الأخير لـ"أوبك+" سترفع السعودية إنتاجها من الخام تدريجاً ليصبح 9.061 مليون برميل يومياً، مقارنة بمستويات الإنتاج خلال الفترة من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول) من العام ذاته بين مستويات 8.978 مليون برميل يومياً، وسيكون هناك زيادة تدريجية لاحقاً إلى نهاية عام 2025، مما يبشر بحدوث زيادات جيدة في حجم الإيرادات النفطية الحكومية بما سيعزز من قدرة الحكومة الإنفاقية من جانب، وكذلك يمكنها من الالتزام بخطط سداد القروض وتقليص حجم العجز الكلي القائم حالياً".

السير بخطي تنموية وإنفاقية معتدلة

إلى ذلك، قال أستاذ المالية والاستثمار بكلية الاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود، محمد مكني إن "الموازنة السعودية خلال الربع الثاني 2024 تظهر استمرار سير الدولة بخطى تنموية وإنفاقية معتدلة نحو استكمال مشروعات رؤية 2030"، مشيراً إلى أن "نسب الدين بالنسبة إلى الإنفاق تبقى عند معدلات جيدة، وتؤكد أن السعودية تبقى في مأمن اقتصادي إضافة إلى أنها من الدول الأقل من حيث نسبة الدين للناتج المحلي مقارنة بدول مجموعة الـ20".

وأكد أن "زيادة الإنفاق تشير إلى أن السعودية أيضاً تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مستهدفاتها لاستكمال المشاريع على رغم الموجة التضخمية التي يمر بها العالم وظهور بعض العراقيل الاقتصادية بالدول الكبرى".

نقطة مضيئة

وأشار مكني إلى أن الموازنة الجديدة تظهر أيضاً أن القطاع غير النفطي لا يزال نقطة مضيئة للاقتصاد السعودي إذ يسير وفق المستهدف بعد زيادة 27 في المئة مقارنة مع الربع الأول من العام نفسه مسجلاً 140 مليار ريال (37.4 مليار دولار).

وتركز الرياض على القطاع غير النفطي لدعم النمو الاقتصادي في ظل قطعها شوطاً كبيراً في التنوع الاقتصادي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الهادف إلى تقليص الاعتماد على النفط.

وشكل القطاع غير النفطي 50 في المئة من الاقتصاد السعودي خلال عام 2023 للمرة الأولى، بعد نموه 4.4 في المئة.

وتشير بيانات هيئة الإحصاء السعودية إلى انكماش القطاع النفطي خلال الربع الثاني من العام الحالي 8.5 في المئة على أساس سنوي، وهي أيضاً أقل وتيرة انكماش منذ عام، ليواصل بذلك سلسلة التراجع التي بدأها منذ النصف الثاني من العام الماضي.

وتتوقع وزارة المالية السعودية نمو الاقتصاد 4.4 في المئة خلال العام الحالي، متسارعاً إلى 5.7 في المئة خلال عام 2025، فيما توقع وزير المالية السعودي محمد الجدعان نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمتوسط ستة في المئة خلال الأعوام المقبلة.

انحسار الانكماش

من جهته، قال المحلل الاقتصادي علي الحازمي إن "الموازنة تظهر تباطؤ وتيرة انكماش الاقتصاد خلال الربع الثاني، والذي يعود بصورة أساس إلى نمو القطاعات غير النفطية خلال هذا الربع 4.4 في المئة وهو أفضل معدل نمو فصلي منذ عام كامل ومسجلاً أعلى مستوى له منذ أواخر 2020".

وأضاف الحازمي أن "التوسع في الإنفاق الحكومي يعد أمراً جيداً وطبيعياً"، مشيراً إلى أن "الموازنة أوضحت أن هناك تواؤماً بمعادلة النمو الاقتصادي وذلك بين الإنفاق الحكومي والاستثماري والاستهلاكي مما يؤكد أن الأمور تسير بصورة مرنة".

وأشار الحازمي إلى أن معدل الدين العام لا يمثل 27 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وهو ما يؤكد أن البيانات المالية للموازنة صحية، في ظل ما يشهده العالم من تقلبات اقتصادية.

ولفت إلى أن العجز المتوقع في موازنة 2024 والمقدر بنحو 79 مليار ريال (21 مليار دولار) وتحقيقه سيكون معلقاً بقرارات تحالف "أوبك+" في شأن خفض الإنتاج، والذي نرجح أنه لا عودة لزيادته إلا خلال أكتوبر من العام الحالي.