Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اغتيال هنية في قلب طهران... ماذا ستفعل إيران؟

يشعر النظام الإيراني بمرارة بسبب الخنجر الذي غرسته إسرائيل في جسد إسماعيل هنية

خامنئي وهنية في لقاء سابق (اندبندنت فارسية)

ملخص

رد النظام حتى الآن على اغتيال شخصياته المهمة كان بالصواريخ. إذ رد على اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في مطار بغداد بهجوم صاروخي على قاعدة عين الأسد في العراق، وإطلاق نار مباشر على طائرة ركاب أوكرانية صباح الأربعاء الثامن من يناير(كانون الثاني) 2020. ولم يُقتل أحد في القاعدة الأميركية في "عين الأسد"، بينما ضحايا هذه العملية هم ركاب الطائرة الأوكرانية وطاقمها.

قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، فجر أول من أمس الأربعاء، في مقر إقامته شمال طهران. وكان قد جاء إلى طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان، وتم استقباله بحفاوة الثلاثاء الماضي. والتقى هنية برئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ورئيس الجمهورية والمرشد الإيراني علي خامنئي، وكانت لقاءات اليوم الأخير في حياته.

لماذا هنية مهم؟

بعد اغتيال أبي البرنامج النووي الإيراني محسن فخري زادة، على طريق "آبسرد دماوند" في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وعلى رغم التصاعد الحاد في التوتر بين إسرائيل وإيران، لم ترد أي تقارير رسمية عن تنفيذ خطط اغتيال إسرائيلية رفيعة المستوى في إيران. واقتصر مستوى الاغتيالات الإسرائيلية في إيران خلال العقدين الماضيين على الشخصيات العلمية أو الفنية في البرنامج النووي الإيراني، ولم تمتد الاغتيالات إلى المسؤولين السياسيين وكبار العسكريين الإيرانيين. وحتى في خطة اغتيال قاسم سليماني في بغداد، وفقاً لما قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، إن إسرائيل انسحبت في اللحظات الأخيرة من تنفيذ العملية.

وأما الآن، في أكثر المقار أماناً والخاصة في إيران بالعاصمة طهران، يتم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الذي كان ضيفاً على النظام، بطريقة دقيقة باستخدام صاروخ موجه أو مسيرة عالية الدقة، مما يمكن أن يشكل كابوساً لجميع المسؤولين في النظام الإيراني. 

هل اغتيل إبراهيم رئيسي أيضاً؟

وربما طريقة اغتيال إسماعيل هنية في طهران ستسلط الضوء على قضية الرئيس إبراهيم رئيسي في الساعات والأيام المقبلة، وما إذا كان مقتل رئيسي وتحطم مروحيته جزءاً من عملية الانتقام الإسرائيلية رداً على الهجوم الصاروخي الذي عُرف بـ "الوعد الصادق" أم لا. ولا تزال هناك كثير من الشكوك حول تحطم مروحية إبراهيم رئيسي. ويعتقد المسؤولون الإيرانيون أن سقوط مروحية رئيسي كان بسبب خلل فني، لكنهم حتى في هذه الرواية لم يتمكنوا من تقديم تفسير مقنع لجمهورهم.    

الهجوم الصاروخي رداً على الاغتيال الدقيق

رد النظام حتى الآن على اغتيال شخصياته المهمة كان بالصواريخ. إذ رد على اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في مطار بغداد بهجوم صاروخي على قاعدة عين الأسد في العراق، وإطلاق نار مباشر على طائرة ركاب أوكرانية صباح الأربعاء في الثامن من يناير(كانون الثاني) 2020. ولم يُقتل أحد في القاعدة الأميركية في "عين الأسد"، بينما ضحايا هذه العملية هم ركاب الطائرة الأوكرانية وطاقمها.

وردت طهران على عملية اغتيال أهم قيادات الحرس الثوري في سوريا ولبنان التي حدثت في أبريل (نيسان) الماضي، إثر الهجوم الإسرائيلي على قنصلية إيران في دمشق، بالصواريخ. هذا الهجوم الذي عُرف بـ "الوعد الصادق" حدث في منتصف ليل الـ14 من أبريل (نيسان) الماضي، إذ أطلقت إيران مئات الصواريخ والمسيرات الانتحارية باتجاه إسرائيل، إلا أنه لم يُقتل أحد في هذه العملية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد تمت عملية اغتيال محسن فخري زادة على بعد بضعة كيلومترات من طهران بطريقة لم تتمكن إيران من الرد عليها. وبعد موجة اغتيالات الموساد في قلب إيران التي بدأت منذ عقدين تقريباً، ظهرت تقارير عدة تتحدث عن خطط لاغتيال مواطنين إسرائيليين أو مسؤولين استخباراتيين من الدرجة الثانية في دول جنوب شرقي آسيا (تايلاند)، ومحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في الهند، وإيجاد خلايا اغتيال في قبرص واليونان، وخطط لتنفيذ اغتيال شخصيات إسرائيلية في دول أميركا اللاتينية. واللافت في الأمر أن كل هذه الخطط اكتشفتها أجهزة الاستخبارات قبل أن تؤتي ثمارها.

إن ما حدث في الماضي أظهر أن النظام الإيراني لم يكن قادراً على الرد بصورة متساوية أو متوازنة على الاغتيالات. إن عزلة الأجهزة الأمنية الإيرانية وقدراتها العملياتية المحدودة تشكل السبب الرئيس في عدم قدرتها على الرد. وجل ما تقوم به هذه الأجهزة هو اعتقال الأشخاص وإعدامهم بتهم واهية لا أساس لها من الصحة مثل "التعاون مع العدو".

وصعوبة موقف النظام الإيراني تكمن في أن أية عملية صاروخية غير دقيقة قد تؤدي إلى عواقب من الصعب السيطرة عليها، لا يمكن الإعلان عنها بأنها كانت رداً على "الاغتيال الدقيق". إضافة إلى ذلك، وباستثناء حالتَي قائد "فيلق القدس" في بغداد والقادة الميدانيين التابعين لـ"فيلق القدس" في دمشق، لم يكن هناك أي رد صاروخي على الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل. كما أن الهجمات التي شنتها الميليشيات التابعة لإيران على القواعد الأميركية أو الموانئ الإسرائيلية كانت ضمن سياق متفق عليه، أو طلبت إيران من هذه الميليشيات ألا تؤدي هذه الهجمات إلى قتل أميركيين أو إسرائيليين.

ماذا سيحدث؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال. اغتيال مسؤول أجنبي كان ضيفاً في أهم حفل رسمي للنظام الإيراني، هو أمر فريد من نوعه. إذ اغتيل في مقر إقامة شديد الحراسة من قبل القادة العسكريين. لقد كان هناك فشل كبير لدى النظام الإيراني وأجهزته الاستخباراتية. إنه فشل غير مسبوق، بل عجز بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لا بد من أن هذا السؤال قد أثير بين المسؤولين الإيرانيين، بأن مثل هذا الاغتيال يمكن أن يحدث في أماكن محمية أخرى مثل مقر إقامة المرشد علي خامنئي. في ظل هذا الوضع، فإن قادة "فيلق القدس" وغيرهم من المسؤولين السياسيين، الذين يخضعون للمستوى الثاني من الحماية التي توفرها الأجهزة الأمنية، يجدون أنفسهم عرضة لخطر الاغتيال.  

وعليه، يشعر النظام الإيراني بمرارة بسبب الخنجر الذي غرسته إسرائيل في جسد إسماعيل هنية فجر الأربعاء الماضي. هذا الوضع معقد وفريد من نوعه ويمكن أن تكون عواقبه معقدة. 

الآن، وبعدما أدرك المسؤولون الإيرانيون أن بينهم والموت خطوة واحدة ولا يملكون القدرة على مواجهته، أمامهم ثلاثة خيارات، إما أن يخضعوا لصوت العقل ويتجهوا نحو عمليات ضبط التوتر مع أميركا وإسرائيل، أو سينتحرون وينفذون عمليات عمياء لا يمكن السيطرة على نتائجها، أو يختاروا الصمت والسكوت. وفي كل الأحوال ستؤدي هذه الخيارات إلى تعقيد الوضع في المستقبل.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل