ملخص
أثارت بيانات القطاع الصناعي من أميركا لشهر يوليو الماضي بعض التشاؤم في الأسواق وتسببت قرارات الوظائف الأخيرة في موجة من الذعر في الأسواق المالية التي بدأت تخشى تباطؤاً للاقتصاد قد ينتهي به في الركود.
واجه "الفيدرالي الأميركي" خطر التضخم المرتفع في عام 2023، البالغ أعلى مستوى له في 40 عاماً، بعدما تحرك التضخم مستوى 2.4 في المئة في أغسطس (آب) 2021 وبلغ مستوى 7.1 في المئة في فبراير (شباط) 2023 خلال 18 شهراً.
وفي مواجهة هذا الخطر رفع "الفيدرالي" سعر الفائدة 11 مرة من مستوى قريب من الصفر حتى مستوى 5.50 في المئة وهو المستوى الأعلى خلال 23 عاماً، ونتيجة هذا التحرك تراجع التضخم إلى ثلاثة في المئة في يونيو (حزيران) الماضي.
وعلى رغم انحسار مخاوف التضخم وتحسن الأرقام الاقتصادية، ظل "الفيدرالي" مستمراً في الحذر والتوجس من معاودة التضخم الارتفاع، محتفظاً بسعر الفائدة على ارتفاعه على المدى الطويل، في انتظار مزيد من البيانات الاقتصادية لتحقيق التوازن بين استقرار الأسعار والإشغال الكامل في سوق العمل.
وبين أرقام التضخم المتراجعة وبيانات سوق العمل القوية، اختار "الفيدرالي" تأخير بداية تسيير السياسة النقدية مع مراقبته المستمرة البيانات الاقتصادية على رغم تحذيرات كثير من الاقتصاديين في شأن عواقب التأخير في التحرك، إذ مضى في سياسته بالمراقبة وعدم تغيير مستوى الفائدة.
وبدأ عام 2024 وأعضاء "الفيدرالي" يتوقعون خفض الفائدة ثلاث مرات طوال العام، وفي اجتماعهم في مارس (آذار) الماضي توقع 10 من الأعضاء خفض سعر الفائدة ثلاث مرات خلال العام، وفي اجتماع مايو (أيار) الماضي صرح رئيس "الفيدرالي" جيروم باول أن التضخم لا يحرز تقدماً نحو هدف الاثنين في المئة، في تصريحات سبقت تصريحات مماثلة لأعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة في الشهر الذي يليه، إذ تقلصت توقعات الخفض في اجتماع يونيو الماضي إلى مرة واحدة في النصف الثاني من العام، وفي المقابل كانت السوق تشكك في هذا الاتجاه من قبل "الفيدرالي". وأظهرت توقعات أداة "فيد وتش" أن "الفيدرالي" سيبدأ في خفض سعر الفائدة في اجتماع الـ18 من سبتمبر (أيلول) المقبل، وهذا التوقع سبق الاجتماع الأخير لـ"الفيدرالي" الأميركي في الـ31 من يوليو (تموز) الماضي، حين ثبت الفائدة عند مستوى 5.50 في المئة كما كان متوقعاً.
وفي تصريحات جيروم باول، قال إن خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل سيكون على الطاولة، وحان الوقت للحد من تقييد السياسة النقدية، موضحاً أن موعد خفض الفائدة اقترب، وأن خفضاً بـ50 نقطة أساس ليس شيئاً نفكر فيه الآن.
بيانات ضعيفة من سوق العمل الأميركية
وفي المؤتمر الصحافي الذي تحدث فيه جيروم باول الأسبوع الماضي، ذكر أن الأخطار السلبية على سوق العمل منخفضة، وأن سوق العمل في وضعها الحالي هي مصدر ضغوط تضخمية كبيرة، وبعد يوم واحد من هذه التصريحات أصدرت وزارة العمل الأميركية بيان الوظائف الشهري، ويكشف استحداث السوق 114 ألف وظيفة جديدة في يوليو الماضي، وكان الرقم مخيباً لتوقعات السوق ويعد الأضعف منذ مارس 2021.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت مراجعة الأرقام السابقة شطب 29 ألف وظيفة من أرقام شهري مايو ويونيو الماضيين، مما أضاف مزيداً من القلق في شأن سوق العمل عكس ما كان يتحدث به جيروم باول قبل يوم من صدور هذه الأرقام المنقحة، وبعد هذه البيانات عدلت الأسواق من توقعاتها للفائدة في سبتمبر المقبل.
القرار المتأخر أسوأ من القرار الخاطئ
وأثارت بيانات القطاع الصناعي من أميركا لشهر يوليو الماضي بعض التشاؤم في الأسواق وتسببت قرارات الوظائف الأخيرة في موجة من الذعر في الأسواق المالية التي بدأت تخشى تباطؤاً للاقتصاد قد ينتهي به في الركود، إذ انخفض مؤشر "داو جونز الصناعي" بأكثر من 850 نقطة الجمعة الماضي، وانخفض مؤشر "ستاندرد أند بورز" بـ1.8 في المئة، وبلغ انخفاض مؤشر "ناسداك" 2.4 في المئة، فيما الأسواق بدأت تستشعر مخاوف كبيرة قادمة، ويبدو أن التأخير في تحرك "الفيدرالي" الأميركي بدأت آثاره تُظهر في سوق العمل هذه الوتيرة من الضعف، وفي حال استمرارها ستدفع "الفيدرالي" إلى تسريع وتيرة خفض الفائدة، مما قد يتسبب في صدمات للأسواق والاقتصاد وهذا ما يخشاه الاقتصاديون.