Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دماء "مذبحة سبايكر" لم تجف حتى الآن

مرجعية شيعية تهاجم الفريق الأممي المعني بالتحقيق في قتل "داعش" طلاب القوة الجوية العراقية

لا تزال أعداد ضحايا تنظيم داعش في معسكر سبايكر متضاربة إلى الآن (رويترز)

ملخص

 فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة جرى تكليفه بالمساءلة في الجرائم المرتكبة من جانب "داعش"، وفيما يتابع هذا الملف منذ 10 أعوام إلا أنه واجه أخيراً انتقادات شديدة.

لم يقفل بعد ملف ضحايا "معسكر سبايكر" في تكريت شمال بغداد، على رغم مرور 10 أعوام على أكبر مجزرة ارتكبها تنظيم "داعش"، وتسببت بمقتل أكثر من 2000 منتسب من طلاب القوة الجوية العراقية حديثة التأسيس في تكريت، مسقط رأس رئيس النظام السابق صدام حسين.

وخلفت الحادثة خلفت تداعيات كثيرة، إذ تعد من كبرى الجرائم التي ارتكبت بحق شبان عراقيين بعمر العشرينيات، جلهم من الشيعة الذين اختاروهم ليكونوا نواة لبناء القوة الجوية العراقية الجديدة بعد حل الجيش العراقي وفصائله على خلفية الغزو عام 2003.

تداعيات مستمرة

وفي مقدم تلك التداعيات تضارب أعداد الضحايا التي تراوح ما بين 1700 و2153 متدرباً منتسباً، ثم أساليب الإعدامات التي استخدمها تنظيم "داعش" الإرهابي، والمحاكمات التي طاولت العشرات من مرتكبي تلك المجزرة التي وصفت بأنها محاكمات سريعة، إضافة إلى تناثر رفات الضحايا في مقابر جماعية أو رميهم في نهر دجلة.

لكن يبقى الأمر الأكثر خطورة هو البعد الطائفي الذي رجح بعضهم أنه السبب الرئيس في تصفية مئات الضحايا العزل، في ظل وجودهم اللافت في بيئة معادية ترتبط بسقوط مدن المناطق الغربية مثل الموصل والأنبار من دون تحذير القوات النظامية المتمركزة هناك، أو تأخر ذلك التحذير الذي عجل بأسرهم واقتيادهم إلى القتل.

 

 

ولعل ما سبق كشف عن عدم قدرة قيادة المنطقة العسكرية المسؤولة عن الموقع على إخلاء هؤلاء الضحايا، بل إن هناك حديثاً وتحقيقات كشفت عن إصرار بعض الضباط المتواطئين مع "داعش" على انتزاع أسلحة المنتسبين وتركهم عزلاً يواجهون تنظيماً متوحشاً قتلتهم بلا رحمة، بحسب روايات بعض الناجين من المجزرة.

انتقادات المرجعية المرة

فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة "يونيتاد" والمكلف بالمساءلة حول الجرائم المرتكبة من جانب "داعش"، يتابع هذا الملف منذ 10 أعوام، إلا أنه واجه أخيراً انتقادات شديدة من قبل معتمد المرجعية الشيعية في كربلاء أحمد الصافي، فعلى رغم اعتماد "يونيتاد" تقرير المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف حول "مجزرة سبايكر"، فإن الصافي اتهم الأمم المتحدة بأنها تتعرض لضغوط أثناء عملها في العراق ولا تستطيع تجريم "داعش" أو محاسبة الدول التي تقف وراءه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتساءل خلال استقباله رئيسة الفريق آنا بييرو يوبيس والوفد المرافق لها، هل يمكن للأمم المتحدة الآن أن تجرم وتحاسب الدول التي تقف وراء "داعش" وتستقبل المطلوبين من مجرمي التنظيم؟ مضيفاً "أنتم لا تستطيعون تجريم 'داعش' لأنها ليست دولة، والسؤال من هم 'داعش'؟ فمعروف أن بعض قيادات التنظيم موجودة في بعض دول العالم، وبعضهم عبارة عن عصابات للجريمة المنظمة، وهم محميون من تلك الدول ولا تستطيع الأمم المتحدة أن تأتي بهم لمحاكمتهم عن جرائمهم"؟

وقال "إن 'داعش' كأفراد سيطروا على بعض مناطق إنتاج النفط، فمن كان يشتري منهم النفط؟ وهناك دول معروفة اشترته منهم وأمّنت لهم التسويق والتمويل، فهل تستطيع الأمم المتحدة وفريقها الدولي للتحقيق محاسبة هذه الدول؟ إن 'جريمة سبايكر' حقيقة تاريخية بسيطة، ولكن من يتحمل المسؤولية عن جرائم التنظيم؟".

ضغوط واتهامات

معتمد المرجعية الشيعية في كربلاء أحمد الصافي اعتبر أن "الأمم المتحدة تعاني ضغوطاً عدة، ومهمتها حددت مسبقاً من بعض الجهات ولا يمكنها تجاوزها، ولا يزال جزء من الحقيقة خفياً عن العالم، والضحايا لا يزالون مجرد ضحايا، وهناك تزاحم في الأولويات لدى المنظمة الدولية التي تذهب الآن إلى دول تعاني الجفاف والأمراض، لكننا لم نجد في العراق أي جهد متعلق بالضحايا منذ عام 2003 وحتى الآن".

وختم حديثه بأن "أرقام ضحايا 'سبايكر' الواردة في تقريركم فيها نقص كبير، لأن عدداً من الضحايا لم يدفنوا وإنما ألقوا في النهر، وهناك من دفنوا خارج القصور الرئاسية في تكريت، والأرقام الرسمية تتحدث عن أكثر من 2000 جندي كانوا في 'معسكر سبايكر' ولم ينج منهم إلا بضعة أشخاص، في حين اقتصر تقرير اللجنة الأممية على ضحايا القصور من دون تحديد لمصير وقبور ضحايا بالمئات سلموا إلى أطراف أخرى".

مواجهة غير مسبوقة

وللمرة الأولى التي تصعد به المرجعية لجهتها بعد أن أدركت بأن ملف "ضحايا سبايكر" لم يخرج من إطار كونه مفتوحاً، لكن الأهم هو الاحتجاجات المتواصلة لذوي الضحايا الذين صبروا بما يكفي لمعرفة مصائر أبنائهم من دون جدوى، ومعرفة من وراء قتلهم بلا رحمة، بعد تسريبات عدة لنواب ومسؤولين حكوميين اتهموا أطرافاً وأسماء من أهالي تكريت وعشائر اشتركت مكرهة مع "داعش" وتحت ضغطه في نحر مئات الطلاب على جرف نهر دجلة شمال بغداد.

 

 

ورواية النحر هذه أكدها عدد من الناجين من المجزرة بمساعدة عائلات سنيّة رفضت تسليمهم، على رغم إعلان أمراء تنظيم "داعش" حرق أية عائلة تؤوي من سمتهم "الروافض"، إذ تمكنت بعض الأسر من حماية الذين لجأوا إليها من الطلاب الفارين.

رواية مغايرة عن "سبايكر"

وزير الدفاع العراقي السابق جمعة عناد أثار رواية جديدة عن "ضحايا سبايكر" بقوله إن "بعض أفراد الفرقة الرابعة هربوا قبل يومين من الحادثة، ونسبوا أنفسهم لـ 'معسكر سبايكر'، ونتيجة لعدم علمهم بطبيعة المنطقة فقد هربوا باتجاه ناحية العلم التي لم تسقط آنذاك بيد التنظيم، ونجح الأهالي في إخفائهم ومساعدتهم ومنحهم وثائق مزورة للعبور تجاه المناطق التي لم تسقط".

وأوضح أن "الجثث التي عثروا عليها لا تتجاوز الـ 200، ولو ألقيت في النهر لكان سد سامراء صدها وعثرنا عليها، ولكن الأرقام المذكورة غير دقيقة، وأستطيع أن أجزم أن تحقيقات الدولة العراقية لم تكن مهنية أو مضبوطة، فكثيرون نسبوا أنفسهم إلى 'جماعة سبايكر' ولا سيما المتسربين من الفرقة الرابعة، لدوافع لا أعرفها".

وأكد عناد أن القادة المتسببين في هذه العملية والمسؤولين عنها لم تطبق بحقهم القوانين العسكرية ولم يحاسبوا بجدية، كما لم يطبق عليهم قانون العقوبات العسكري في أوقات النفير نتيجة تأثيرات سياسية، فمرت العملية من دون محاسبة، ومن المحتمل أن تصل عقوبتها إلى الإعدام حال ثبوت تقصيرهم في مواجهة العدو".

أسوأ مذبحة لـ "داعش"

وتعد "مذبحة سبايكر" من أسوأ ما نفذه تنظيم "داعش"، كما أثارت أيضاً تساؤلات لم تنقطع حول الطريقة التي تعاملت بها الحكومة العراقية وقتها مع المتهمين في ارتكاب الواقعة، إذ تقول جماعات حقوقية إن المتهمين في المحاكمة السابقة لم تمنح لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم.

 

 

وأشارت إلى أن القضاء العراقي أكد أن الأحكام صدرت بموجب المادة الرابعة (أ) من قانون مكافحة الإرهاب، والتي تنص على الحكم بإعدام كل من تثبت مشاركته في اقتراف أو تحريض أو تخطيط أو تمويل الأعمال الإرهابية، موضحة أن المتهمين الـ 47 الذين ألقت الحكومة القبض عليهم، وكلهم عراقيون ولا يوجد بينهم عربي أو أجنبي، كانوا حاضرين في المحكمة عند النطق بالحكم، ووجهت لهم تهمة "المشاركة في أعمال القتل فيما ساعدهم في ذلك الآخرون".

وعلى رغم ذلك فإن القضية لم تغلق بعد، والملاحقات متواصلة بحق من اشترك أو حرض على قتل "طلاب سبايكر"، مقرونة بإدانات للقادة والضباط الذين لم يحموا جنودهم وقت المواجهة مع العدو.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير