Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"النوشو" وسيلة خفية لتوثيق معاناة نساء الصين

نص سري كانت تعرفه قلة في جنوب البلاد منذ قرون واستخدم للهروب من سيطرة الآباء والأزواج

تتحدث لو سيروي، 24 عاماً، والتي تعمل في مجال التسويق، عن الـ "نوشو"، وهو نص سري عمره قرون، تعلمته من مجموعات نسوية عبر الإنترنت (أ ب)

ملخص

يقدر العلماء أن النص يعود إلى قرون عدة، عندما كانت القراءة والكتابة نشاطين حصريين للرجال، فطورت النساء نصهن الخاص للتواصل مع بعضهن بعضاً

الم تكن تشين يولو تتخيل أن مقاطعتها هونان تمتلك ثقافة تفتخر بها، ناهيك بأن تصبح سفيرة لها، لكن اليوم هذه الشابة البالغة من العمر 23 سنة تعد نفسها سفيرة لنص "نوشو"، وهو نص كانت تعرفه قلة قليلة من النساء في جنوب الصين.

بدأ "نوشو" كنص سري تتداوله النساء اللاتي حرمن من التعليم الرسمي، أما الآن فالشابات أمثال تشين ينشرنه خارج حدود غرف النساء في المنازل الريفية بمقاطعة جيانغيونغ في هونان، وهي المنطقة التي تشكل لهجتها الفريدة المكون اللفظي للنص.

في الوقت الحاضر يمكن العثور على "نوشو" في المكتبات المستقلة في جميع أنحاء البلاد وفي إعلانات المترو وأكشاك المعارض الحرفية والوشوم والفنون وحتى في الأدوات اليومية مثل مشابك الشعر.

نشأ "نوشو" على أيدي نساء في قرية صغيرة في جيانغيونغ بالمقاطعة الجنوبية التي ولد فيها ماو تسي تونغ [مؤسس جمهورية الصين الشعبية]، ولكن ليس هناك اتفاق على تاريخ نشأته. يقدر العلماء أن النص يعود إلى قرون عدة، عندما كانت القراءة والكتابة نشاطين حصريين للرجال، فطورت النساء نصهن الخاص للتواصل مع بعضهن بعضاً. ويتميز النص بأحرفه المنحنية بلطف والمكتوبة بزاوية مائلة، مما يجعله يأخذ مساحة أقل بكثير من النص الصيني الحديث ذي الزوايا الحادة.

 

تقول شو يان، البالغة من العمر 55 سنة ومؤلفة كتاب تعليمي عن نص "نوشو"، "لن تسمحوا لي بالذهاب إلى المدرسة. حسناً، فهمت. إذا ما هو مخرجي؟ سأجد طرقاً لتعليم نفسي بنفسي".

كانت النساء يعشن تحت سيطرة آبائهن أو أزواجهن ويستخدمن "نوشو"، الذي يعرف أحياناً بـ"نص الدموع" سراً لتدوين أحزانهن: زيجات غير سعيدة وصراعات أسرية وشوق للأخوات والبنات اللاتي تزوجن ولم يستطعن العودة في ظل المجتمع القمعي.

شو هي أيضاً مؤسسة "رسالة اليوم الثالث"، وهو استوديو في بكين مخصص لنص "نوشو"، اسمه مستوحى من ممارسة قديمة تتبعها مستخدمات النص. تقدم رسالة اليوم الثالث ككتاب مخيط باليد يهدي للمرأة في جيانغيونغ في اليوم الثالث بعد زواجها، عندما يسمح لها بزيارة منزل طفولتها الذي غادرته.

أصبح هذا النص وسيلة فريدة لسرد قصص حياة النساء، غالباً في صورة قصائد مغناة تتألف من سبعة أحرف. نشأ من هذا النص عالم سري منح نساء جيانغيونغ صوتاً شكلن من خلاله الصداقات ووجدن فيه العزاء.

لا يزال صدى هذا العالم السري يتردد اليوم كمصدر قوة للنساء الشابات غير الراضيات عن القيود الذكورية.

 

تشين، التي درست التصوير الفوتوغرافي في مدرسة فنية بشنغهاي، قالت إن أساتذتها الذكور كانوا غالباً يشكون في قدرتها على مواكبة المصورين الذكور بسبب بنيتها الجسدية الضعيفة. وقالت إن هذا الموقف يتغلغل "في كل جانب من جوانب الحياة، لا يوجد مكان لا يمسه".

كانت محبطة، لكنها لم ترَ مجالاً كبيراً للتصدي لهذا الوضع، حتى تعلمت عن "نوشو"، وتقول: "شعرت أنني تلقيت قوة كبيرة، وأعتقد أن عديداً من النساء يحتجن إلى هذه القوة".

أرادت تشين أن تصنع فيلماً وثائقياً عن النسوية، وتعرفت على نص "نوشو" أثناء بحثها عبر الإنترنت. عندما اكتشفت أن هذا النص ينتمي إلى جيانغيونغ، التي تبعد بضع ساعات فقط عن مسقط رأسها، شعرت على الفور أنها وجدت موضوع مشروع تخرجها.

كلما تعمقت في دراسة هذا النص اكتشفت جوانبه المزدوجة، فبينما كان يحمل في طياته آلاماً عميقة، كان في الوقت عينه مصدراً هائلاً للقوة. في فيلمها الوثائقي تتبع تشين مسيرة هي يانشين، الوريثة الرسمية لنص "نوشو" التي تجاوزت الـ80 من عمرها. تسأل تشين هي: "هل تعتقدين أن نوشو له فائدة؟"، فتجيبها هي قائلة: "'نوشو' لا نفع له".

 

تتحدر هي من جيانغيونغ وتروي أنها أجبرت على الزواج من رجل لم تكن ترغب في العيش معه، أساء إليها جسدياً ومزق صوراً من لقاءات وورش عمل "نوشو" التي حضرتها. لم تشعر هي أن النص قد حسن حياتها المادية، وفقاً لرواية تشين التي نشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

مع ذلك، هي كانت الشخص الذي شجع تشين على تعلم النص. تقول تشين إن الورثة الرسميين لنص "نوشو" يجب أن يكونوا من جيانغيونغ ويجب أن يتقنوا النص، لكن لم يكن هناك ما يمنعها من نشر حبها له بين الآخرين.

بدأت تشين عام 2022 بنشر ممارسة "نوشو" على نطاق أوسع. أسست مجموعة على الإنترنت مخصصة لـ"نوشو"، وبدأت في تعليم ورش كتابة، وأقامت معارض فنية لـ"نوشو" في مدن مختلفة عبر الصين. معظم المشاركات في ورش الكتابة الخاصة بها هن من النساء حتى إن بعضهن يحضرن أمهاتهن. تدير تشين أيضاً حساباً على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لـ"نوشو" وثقافته خارج حدود هونان.

 

لو سيروي، التي تبلغ من العمر 24 سنة وتعمل مسوقة، اكتشفت نص "نوشو" من خلال مجموعات نسوية على الإنترنت، وانضمت إلى مجموعة تشين الخاصة بـ"نوشو" على تطبيق "وي تشات".

تقول لو: "في البداية كنت أعرف فقط أنه إرث نسائي، مقتصر على النساء فحسب... لكن مع تعمقي في التعرف عليه أكثر، أدركت أنه يشكل نوعاً من المقاومة للقوة الذكورية التقليدية".

بالنسبة إلى لو فإن "نوشو" يعني "تمرداً قوياً" ورابط أخوة بين النساء، وترى أن ترابط النساء أمر مهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ذات مرة، واجهت لو وكيل تأجير في بكين، كان في حالة سكر في منتصف الليل وطرق بابها محاولاً دخول منزلها. تقول لو إنها أمسكت بعصا عند الباب وخرجت لمواجهته. بعد ذلك، لجأت إلى مجتمع نسوي صغير عبر الإنترنت، حيث باحت بما حدث وتلقت الدعم والنصائح حول كيفية التعامل مع الموقف. تعترف بأن هذه المجتمعات قد قدمت لها دعماً في مواجهة العنف القائم على الجنس والتمييز ومشكلات العلاقات بين الأم وابنتها وغيرها من التحديات.

لو التي رأت في "نوشو" تجسيداً آخر للأخوة بين النساء، اشترت كتاباً تعليمياً وبدأت بممارسة النص في وقت فراغها. وعلى رغم أنها ليست سفيرة رسمية لنص "نوشو"، فإنها بدأت في تنظيم ورش عمل حوله في المكتبات والحانات في بكين. خلال تنظيم هذه الفعاليات، اكتشفت لو أن عدداً قليلاً فقط من الناس قد سمعوا عن "نوشو"، لكن ردود الفعل كانت دائماً إيجابية. تقول لو: "إنه تجسيد لقوة النساء التي تتجاوز الزمان والمكان".

© The Independent

المزيد من منوعات