Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صورة بريطانيا الحقيقية ظهرت من خلال مقاومتها الغوغاء العنصريين

بينما احتشدت تظاهرات مضادة في جميع أنحاء البلاد للتنديد بالعنف الذي طغى على شوارعنا بدا اليمين المتطرف أضعف من أي وقت مضى

أشخاص يحتشدون في تظاهرة ضد احتجاج مناهض للهجرة في لندن (رويترز)

ملخص

نجحت الاحتجاجات المضادة الكثيرة العدد في إذلال المتظاهرين اليمينيين المتطرفين في المملكة المتحدة وتهميشهم ومعها صمد الاتجاه الوسطي العاقل والمتسامح والديمقراطي التفكير

لا يبدو أن بريطانيا انزلقت إلى حرب أهلية، أليس كذلك سيد ماسك؟ استعدت الأمة بأكملها تقريباً لمساء الأربعاء [السابع من أغسطس (آب) الماضي] لأسوأ اضطراب مدني منذ عقد أو أكثر. ومن الإنصاف القول أيضاً إن البعض كان يأمل أيضاً لأسباب خبيثة في حدوث فوضى ودمار وحتى وفيات.

كانت الإشاعات تتحدث عن 100 تظاهرة لليمين المتطرف ونحو 30 تظاهرة مضادة، بما يحمله هذا من معاناة وضغوط جديدة على الشرطة مع ما يتبع ذلك من عنف حتمي وأسى، كما كان يحدث من قبل. كنا نتوقع أن يلحق الدمار بالبلدات والمدن وتتحطم معها سمعتها. العلاقات المجتمعية محطمة والمسلمون يرتعدون خوفاً والغوغاء ينهالون على كل من هو ذو بشرة ملونة بالضرب. إنه حكم الغوغاء.

لكن لم يحدث المتوقع أو أي شيء من هذا القبيل. في الواقع، كانت هزيمة ساحقة لليمين المتطرف بأفضل طريقة ممكنة - هزيمة سلمية إذ أغلبهم أناس يحتقرون ما يدافع عنه هؤلاء الغوغاء، ناهيك بأن مزاعمهم كانت واهية ومن دون أي منطق على الإطلاق. لقد كان لافتاً إقبال المواطنين المناهضين للفاشية، وعديد من الناس الذين لا يذهبون عادة إلى أي مكان قرب أية تظاهرة سياسية ويعدون أنفسهم في الواقع مجرد أشخاص محترمين تروعهم الإسلاموفوبيا وصور العنصرية الأخرى، كانت حقاً لحظة تاريخية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن بريطانيا ليست في واقع الأمر ما رأيناه خلال الأسبوع الماضي، وصمد الاتجاه الوسطي العاقل والمتسامح والديمقراطي التفكير. وجرى الحفاظ على سيادة القانون. ولم تمنح المجتمعات المسلمة المحاصرة التي تحاول الدفاع عن منازلها ومساجدها دعاة اليمين المتطرف ما أرادوه. لقد امتثلوا لطلبات قادة الجالية الحكماء - "لا تمنحوهم [فيديوهات] تيك توك"، ومقاطع فيديو أخرى خارج السياق لاستخدامها في الدعاية سعياً إلى إثبات معادلة زائفة بين المهاجمين العنصريين والأشخاص الملتزمين بالقانون الذين تصادف أن لون بشرتهم وعقيدتهم مختلفين.

لقد كانت إذا لم يكن الأمر خيالياً للغاية واحدة من أروع ساعات الأمة. فقد كانت لحظة انضمت فيها إنجلترا وإيرلندا الشمالية وهما الجزءان من المملكة اللذان شهدا حصة الأسد من الاعتداءات العنيفة، إلى اسكتلندا وويلز الخاليتين من المشكلات، ومرت الليلة من دون أن يتعرض أحد لأذى خطر.

تم إذلال الفاشيين بصراحة، إذ غالباً ما كانوا مجموعة صغيرة محاصرة في دوار مهجور أو في زاوية من شارع رئيس، محمية من قبل رجال الشرطة الشجعان ومحاطة بمواطنين بريطانيين آخرين يظهرون "نحن كثرة وأنتم قلة". وهم كذلك بالفعل، وشرذمة مجرمة أيضاً. يقول مفوض شرطة العاصمة مارك رولي إن 70 في المئة من المعتقلين لديهم سجلات جنائية.

وعلى حد تعبيره "إنهم ليسوا رجال الشارع العاديين. إنهم بلطجية ومجرمون، وليسوا وطنيين أو متظاهرين وسيدفعون ثمن أفعالهم".

لقد كانت ليلة سيئة بالنسبة إلى أمثال تومي روبنسون وإيلون ماسك وكذلك أي شخص آخر يسعى إلى إيجاد دليل على أن المجتمع البريطاني المتعدد الثقافات على وشك التفكك في صراع بين الأعراق. لم يحدث ذلك. نحن لا نريد الصراع - نحن نريد أن نعيش في سلام مع جيراننا.

كيف حدث ذلك؟ لا شك أن العقوبات المشددة التي فرضت على مرتكبي أعمال الفوضى والحرق والنهب كانت بمثابة رادع للبعض. لقد كان مساء يوم من أيام الأسبوع (وليس عطلة نهاية الأسبوع)، وهو ليس الوقت المثالي المعتاد لمثيري الشغب لإحداث الفوضى. ولكن الأهم من ذلك كله كان بسبب سعي جمهور غفير من الناس إلى استعادة السيطرة على الشوارع، كما أظهرت اللقطات الجوية من والثامستو Walthamstow بصورة واضحة للغاية. وجرى إقصاء اليمين المتطرف من قبل أناس أرادوا منعهم من التسبب في المتاعب من خلال احتلال نقاط تجمعهم. لم يكن هناك مجال للعنصرية حرفياً.

لقد خرج اليمين المتطرف من هذه الأحداث أضعف، وليس أقوى، إذ انكشفت قضيتهم على حقيقتها العدمية، وتبين أن قادتهم يقفون على الجانب الخطأ من الرأي العام والتاريخ. قد نجرؤ حتى على الأمل في أن بعض الشياطين التي أطلق لها العنان في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال عام 2016 قد روضت، وبدأت بعض الجروح الآن في الالتئام.

على أية حال، بعد كل ما عانته أجزاء من البلاد منذ بدء الاضطرابات عقب محاولة الأشرار استغلال المعاناة التي لا تحتمل لتلك العائلات في ساوثبورت، فقد حان الوقت لنقول كفى.

© The Independent

المزيد من تحلیل