Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منعطف في حياة ماسك جعله يعلن الحرب على تيار "اليقظة"

يحذر خبراء من أن مالك منصة "إكس" يجنح إلى الفكر الراديكالي المتشدد متوسلاً منصته الإلكترونية

شعار شركة التواصل الاجتماعي "إكس" على شاشة هاتف ذكي (غيتي)

ملخص

تغيرت آراء إيلون ماسك بصورة ملحوظة بعد خلافه مع ابنته المتحولة جنسياً، مما دفعه إلى تبني مزيد من الأيديولوجيات اليمينية المتطرفة وإعلان الحرب على تيار "اليقظة"

قبل أسبوع من الاحتفال بعيد الميلاد عام 2021 كتب إيلون ماسك في تغريدة "تتبع مسار فيروس _[تيار]اليقظة_العقلي" Traceroute woke_mind_virus. وقد أشارت التغريدة إلى معادلة برمجية إلكترونية تستخدم في مساعي تحديد مصدر معلومات معينة، وفي هذه الحال ثقافة اليقظة [ثقافة التنبه إلى التحيز والتمييز العنصري والظلم الاجتماعي] لدى التقدميين الناشطين في مجال العدالة الاجتماعية. في ظن الملياردير الأميركي، تسبب هذا الفيروس في القطيعة القائمة بينه وابنته المتحولة جنسياً.

خلال الأعوام الثلاثة التي تلت التغريدة المذكورة آنفاً انتقل إيلون ماسك من نشر "ميمات" أو "ميمز" ساخرة [صور أو مقاطع فيديو تحمل رسالة موجهة إلى مستخدمين يفهمونها بسبب معرفتهم أو عضويتهم في مجموعة معينة] حول العملات المشفرة المتموضعة في الهامش وتعزيز تكنولوجيات الطاقة النظيفة، إلى نشر تغريدات حول نظريات المؤامرة المتطرفة وإعلان أنه "لا مناص من الحرب الأهلية" داخل المملكة المتحدة في أعقاب الاضطرابات المدنية الأخيرة التي تشهدها البلاد. ربما يسعنا أن نعزو هذا التحول الذي طرأ عليه، بمعنى انتقاله من شخص معتدل غير سياسي إلى محرض يميني متطرف إلى حادثة واحدة مر بها، وربما حتى إلى تغريدة واحدة.

وفق كاتب سيرة ماسك [الصحافي وكاتب السير الذاتية] والتر إيزاكسون، كان للتحول [الجنسي] الذي اختار ابنه أن يخضع له وقع عميق على رؤية ماسك للعالم، إذ انحدر نتيجة رفضه كأب نحو مؤامرات متطرفة ومشى على مسار جعل منه شخصية رائدة في الحرب الثقافية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عندما بلغت 18 سنة خلال أبريل (نيسان) 2022 غيرت ابنته اسمها قانونياً من خافيير ماسك إلى فيفيان جينا ويلسون [غير ابنه جنسه إلى أنثى]، معلنة للمحكمة "لم أعد أعيش مع والدي البيولوجي أو أرغب في أن أكون مرتبطة به بأية طريقة، أو صورة أو هيئة". أخبرت صديقة ماسك الحميمية آنذاك كلير باوتشر المعروفة باسمها الفني غرايمز، إيزاكسون بأنها "لم تره [ماسك] قط مفطور القلب إلى هذا الحد حيال أي أمر".

وماسك الذي سبق أن تبرع بمبلغ مالي لحملة الحزب الديمقراطي لانتخاب [الرئيس الأميركي السابق] باراك أوباما، تراه الآن يتحدث عن علاقة الحزب بـ"أجندة اليقظة" التي قلبت ولده ضده [كما يزعم]. وقال متحدثاً إلى إيزاكسون "إن فيروس اليقظة العقلي هذا يكمن في الحزب الديمقراطي بصورة أساس". وأعلن موقفه السياسي المتغير في تغريدة نشرها خلال مايو (أيار) 2022.

وكتب "في الماضي، أعطيت صوتي للحزب الديمقراطي لأنهم كانوا (غالباً) يمثلون حزب اللطفاء. ولكنهم أصبحوا حزب الانقسام والكراهية، بناء عليه لم يعد في مقدوري دعمهم مرة أخرى وسأصوت لمصلحة الجمهوريين. والآن، شاهدوا حملتهم القذرة القائمة على الخداع تتكشف ضدي".

آنذاك، كان ماسك ما زال يكن "ازدراء عميقاً" لدونالد ترمب ولكن تعليقاته المناهضة لسياسات اليقظة اجتذبت محرضين ينتمون إلى اليمين من أمثال عالم النفس الكندي جوردان بيترسون، في حين أبعد نفسه أيضاً عن الأصدقاء التقدميين وحتى الشركاء. وعندما أرسل "ميمات" اليمين المتطرف ونظريات المؤامرة إلى غرايمز عام 2022، ورد أنها أجابت "هل جئت بهذا من ’فور تشان‘ 4chan [أحد أكثر المواقع سيئة السمعة على الإنترنت] أو منصة من هذا القبيل؟ لقد بدأت فعلاً تبدو كأنك تنتمي إلى اليمين المتطرف".

منذ انفصالها عن رجل الأعمال انحازت غرايمز علانية إلى ابنة ماسك وتنشغل الآن في معركة قانونية على حصانة أطفالهما الآخرين [علماً أنها أنجبت من ماسك ثلاثة أطفال]. واضح أن الصراع الخارجي الذي يعيشه ماسك يرتبط مباشرة بالتعقيدات التي تشوب العلاقات داخل أسرته.

في مقابلة أجراها معه [عالم النفس الكندي جوردن] بيترسون الشهر الماضي تحدث ماسك علانية عن الأسباب التي دفعته إلى القطيعة مع ابنته للمرة الأولى، والدافع الذي غرسته هذه القطيعة في نفسه وحمله على هذا التحول الذي مر به على الصعيدين السياسي والأخلاقي. قال "في الأساس... لقد مات ابني. قتل بسبب فيروس اليقظة الذي يتغلغل في العقل. لذا أخذت عهداً على نفسي بعد ذلك بتدمير فيروس اليقظة العقلي. ونحن نحرز بعض التقدم في هذا المسعى".

بالنسبة إلى ماسك كان ذلك سقوطاً سريعاً من وسطي معتدل إلى يميني متطرف محرض. وجاءت تغريدته حول العثور على أصل "فيروس اليقظة العقلي" بعد ثلاثة أشهر فقط من نشر تغريدة أعلن فيها "أفضل البقاء بعيداً من السياسة".

منذ استحواذه على "تويتر" وإطلاق الاسم "إكس" عليه يجنح ماسك الآن إلى التطرف متوسلاً منصته للتواصل الاجتماعي. ويبدو أن خوارزميته الذكية المصممة للحفاظ على انخراط المستخدمين في الموقع، لا تنفك تقدم له محتوى متطرفاً أقله استناداً إلى عدد "الإعجابات" وإعادة نشر التغريدات.

كثيراً ما قدم ماسك نفسه على أنه مناصر لحرية التعبير، إذ استهل حيازته المنصة بحملة رفع حظر جماعية عن حسابات تعرضت للمنع سابقاً بسبب نشرها آراء متطرفة (يذكر أن مجرد كتابة المصطلح "متوافق جنسياً" cisgender [مصطلح للأشخاص الذين تتوافق هويتهم الجندرية مع الجنس المعين لهم عند ولادتهم] تكفي لحظر الحساب موقتاً، إذ يعدها ماسك إهانة [لاعتباره توصيفاً غير لائق للمغايرين جنسياً مثله]).

أحد هؤلاء الذين لقيت عودتهم ترحيباً كبيراً المجرم المدان والناشط البريطاني المناهض للإسلام تومي روبنسون. على رغم أنه يملك أقل من مليون متابع على "إكس". فقد حظيت منشوراته بأكثر من مليار مشاهدة، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى استجابة ماسك المفعمة بالحماسة لمشاركات روبنسون المناهضة للهجرة، والتي عززت ادعاءاته الكاذبة لمتابعيه البالغ عددهم 193 مليوناً.

ويعتقد البعض أن تفاعل ماسك مع حسابات على هذه الشاكلة وإثارة المخاوف من طريق انتقاد رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر في شأن ما يسمى "الشرطة ذات المستويين" [تستخدم هذه العبارة لوصف الانطباع بأن رجال الشرطة يتصدون لبعض الاحتجاجات والتظاهرات بقسوة أكبر من غيرها]، يهدف إلى زيادة عدد المستخدمين الذين يزورون موقعه المتعثر [ما يسمى حركة مرور الويب] وشد الأنظار إليه. ولكن آخرين يشيرون إلى أن انخراطه هذا ليس سوى نتيجة مباشرة للوقت الطويل الذي يمضيه متصفحاً ومغرداً ومشاركاً على "إكس".

"إذا تأملت سلوكه على مدى فترة زمنية محددة ستجد أنه كان شخصاً يتحدث عن حلول لأزمة تغير المناخ، ويجتهد من أجل مسائل وقضايا مهمة، ثم فجأة تراه انجرف إلى حجرة تمثل صدى نظريات المؤامرة وإنكار العلم لأسباب متطرفة وعنصرية"، قال ساندر فان دير ليندن بروفيسور في علم النفس الاجتماعي والمعلومات المضللة في "جامعة كامبريدج"، في تصريح أدلى به إلى "اندبندنت" هذا الأسبوع.

وأضاف "كيف تجد نفسك منغمساً في بيئة على هذه الشاكلة؟ التغير الذي طرأ بين الأمس واليوم يكمن في أنه [ماسك] يمضي وقتاً طويلاً في استخدام منصة ’إكس‘".

© The Independent

المزيد من تقارير