ملخص
فيما أبقت إسرائيل منطقة الشمال برمتها من حيفا حتى تل أبيب مركز الدولة في أقصى درجة الاحتياط والطوارئ خشية رد "حزب الله"، خفضت حدة القلق من رد إيراني على عملية اغتيال هنية في طهران.
أدخلت حرب غزة، المنطقة في اليوم الـ10 بعد الـ300 من نشوبها إلى بداية أسبوع مفصلي على المستويين السياسي والأمني بانتظار الخميس المقبل، أي الموعد المقرر لعقد جلسة مفاوضات صفقة الأسرى وسط تشاؤم إسرائيلي من نجاحها.
أمنياً، وبينما صفارات الإنذار تدوي في بلدات الشمال تجاه لبنان منذ صباح اليوم الأحد، أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي جولة تفقدية مع القيادة الشمالية للجيش وأشرف على التدريبات والاستعدادات. وفي جلسة تقييم للوضع بحث هليفي سبل التعامل مع ما سمّاه حرب الاستنزاف مع "حزب الله" وسط قلق وعدم اليقين من الرد المتوقع على عملية الضاحية الجنوبية لبيروت.
أما سياسياً، فتشتد أنظار المنطقة والعالم نحو الخميس المقبل، حين تعقد جلسة مفاوضات بمشاركة الوسطاء وبحضور رئيس الـ"سي آي أي" ويليام بيرنز وعن الوفد الإسرائيلي رئيس الموساد ديفيد برنياع، إذ إن الجهود حثيثة لإنجاح مفاوضات صفقة الأسرى وسط تعنت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشروطه التي حذر مسؤولون إسرائيليون وأعضاء الوفد من أنها ستشكل عرقلة كبيرة أمام الصفقة، فيما انتقدت جهات سياسية توقيت تنفيذ عملية مدرسة "التابعين" في غزة.
وقال مسؤول في طاقم المفاوضات إن نتنياهو يتخذ قرارات وإجراءات استثنائية في كل مرة نقترب من التوصل إلى اتفاق حول الصفقة في محاولة منه لعرقلتها.
إيران ووقف القتال في غزة
وفيما أبقت إسرائيل منطقة الشمال برمتها من حيفا حتى تل أبيب مركز الدولة في أقصى درجة الاحتياط والطوارئ خشية رد "حزب الله"، خفّضت حدة القلق والإرباك من رد إيراني على عملية اغتيال إسماعيل هنية في طهران.
وناقشت تل أبيب مدى نجاح مقترح جديد تسعى جهات عدة إلى التوصل إليه يضمن وقف الحرب في غزة وعدم اتساعها لحرب إقليمية، على أن يطرح في جلسات مفاوضات الصفقة الخميس المقبل.
ووفق ما نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن جهوداً تُبذل لبلورة مقترح حتى الخميس المقبل تجري بموجبه محاولة إقناع إيران بالامتناع عن الرد على تصفية هنية مقابل وقف إسرائيل القتال في غزة والانسحاب من محور فيلادلفيا على طول الحدود المصرية.
رفح... هل تكون بداية نحو فيلادلفيا؟
وإلى حين الوصول إلى الخميس المقبل تعمل هذه الأيام طواقم عمل إسرائيلية إلى جانب نظيراتها من قبل الوسطاء (مصر وقطر وأميركا) للتفاهم حول القضايا الشائكة في اتفاق صفقة الأسرى ولإعداد مقترحات للتفاهم حول البنود التي ما زالت الهوة عميقة بين طرفي النزاع في شأنها، وتقديمها إلى جلسات المفاوضات في محاولة للمضي بأسرع وقت نحو تفاهمات، على أمل أن ينعكس ذلك أيضاً على الوضع الأمني ويمنع اتساع الحرب إلى إقليمية.
في هذه الأيام، ووفق ما كشف عنه في إسرائيل، تعقد جلسات ومحادثات بين مصر والسلطة الفلسطينية لإيجاد حل لمعبر رفح أولاً، وهنا تقترح القاهرة أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة المعبر على أن تكون هذه بداية لتوليها مسؤوليات أخرى في القطاع. كما أن ممثلاً عن مصر موجود في رام الله حالياً لإجراء محادثات مع مسؤولين من السلطة الفلسطينية بينهم رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية حسين الشيخ.
وسبق أن رفض نتنياهو اقتراحاً مماثلاً ضمن موقفه المعارض لأي وجود للسلطة الفلسطينية الحالية في قطاع غزة، وحتى الخميس المقبل لم يتضح أي اقتراح آخر سيعرض على جلسة المفاوضات.
ومن خلال ما تداولته طواقم العمل الإسرائيلية وما كشف عنه مطلعون على عمل الوفد الإسرائيلي إلى المفاوضات، يبدو أن هناك هوة كبيرة بين تل أبيب وحركة "حماس" في ما يتعلق ببنود عدة ضمن الصفقة وبينها:
محور فيلادلفيا
يشكل البند الذي يتطرق إلى المحور عقبة كبيرة ويستبعد الإسرائيليون موافقة نتنياهو التنازل عنه، إذ تصر تل أبيب على سيطرتها عليه ومنح الوفد صلاحية التنازل إلى سيطرة جزئية للجيش الإسرائيلي عليه مقابل طلب "حماس" انسحاب القوات بالكامل منه.
عودة الغزيين إلى الشمال
بالنسبة إلى هذا البند، أبدت إسرائيل بعض الليونة بتنازلها عن تفتيش العابرين من قبل الجيش الإسرائيلي، واتفق على آلية محددة ستُطرح في جلسات المفاوضات لكن "حماس" من جهتها تطالب بعودة مفتوحة لسكان القطاع إلى الشمال، كحق لهم.
الأسرى الإسرائيليون المشمولون بالصفقة
تطالب إسرائيل بالحصول على قائمة الأسماء قبل البدء باليوم الأول من الإفراج عنهم وأن يكون لها الحق في أن تحدد من هم الأسرى الذين يتناسبون وتعريف الصفقة لهم بالوضع الإنساني. وتهدف إسرائيل من هذا المطلب إلى زيادة عدد الأسرى الذين تشملهم المرحلة الأولى. أما "حماس" من جهتها فترفض تسليم قوائم بأسماء الأسرى مسبقاً وتريد أن تتسلمها تل أبيب تدريجاً، أي أن تحصل على أسماء من سيُفرج عنهم قبل يوم من الإفراج.
الأسرى الفلسطينيون
في هذا الجانب، وبحسب الإسرائيليين هناك إشكالية كبيرة وهوة في الموقف، إذ تطالب إسرائيل ليس فقط بإبقاء حق الفيتو لها بالنسبة إلى عدد وهوية الأسرى الفلسطينيين الأمنيين في سجونها الذين يقضون أحكام المؤبد، مثل القيادي في حركة "فتح" مروان البرغوثي الذي تطالب "حماس" بالإفراج عنه، بل إنها تطلب نفي الأسرى الذين تصفهم بـ"ثقيلي الوزن" إلى خارج قطاع غزة أو الضفة.
إنهاء الحرب
أما البند الذي توليه إسرائيل أهمية كبرى ويرى أمنيون أن تمسك نتنياهو فيه سيؤدي إلى فشل الصفقة واستمرار الحرب، فهو متعلق بإنهاء القتال في غزة.
فتريد إسرائيل من جهتها تجديد القتال فور إنهاء المرحلة الأولى من الصفقة أي "المرحلة الإنسانية"، فيما تصر "حماس" على ما ورد في المقترح الذي عرضه الرئيس الأميركي جو بايدن باستمرار المفاوضات حتى يتم حل جميع القضايا من دون تجديد القتال.
في هذا الجانب، أكد أكثر من مسؤول أمني ومطلع على سير المفاوضات أن بإمكان تل أبيب التفاهم حول هذا البند، إذ إن الولايات المتحدة قدمت ضمانة بالسماح لإسرائيل بالعودة إلى القتال إذا ما تم خرق الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه.
الصفقة قضائياً في مواجهة نتنياهو
أمام قناعة واسعة في إسرائيل بأن نتنياهو سيبذل قصارى جهده لمنع التقدم في اتفاق، بدأت جهات قانونية وناشطة في مجال حقوق الإنسان بالتعاون مع عائلات الأسرى استخدام القضاء لمنع رئيس الوزراء من الحسم في مصير الصفقة وحده.
فقانونياً الحكومة الإسرائيلية هي المخولة اتخاذ القرارات حول الشؤون الخارجية والأمن، وليس رئيسها، ووفق ذلك لا يمكن لنتنياهو اتخاذ قرار وحده حول الصفقة أو شن الحرب أو وقف إطلاق النار.
ويقول المتخصص في الشأن القانوني إيال غروس، "القرارات التي تتعلق بوقف إطلاق النار، بما في ذلك الصفقة حول تحرير المخطوفين، هي من صلاحية الحكومة وليس من صلاحية رئيسها، أما القرار الذي يتم اتخاذه لاعتبارات غريبة مثل مصالح سياسية، فهو قرار مرفوض وغير قانوني. وإضافة إلى ذلك فإن أي وضع تتخذ فيه قرارات تتعلق بأمور الحرب وصفقات الرهائن من قبل رئيس الحكومة فقط يصبح خطراً وغير قانوني أيضاً".
ويوضح أنه "كان على الجمهور معرفة من الذي صوّت في الحكومة مع الصفقة ومن وقف ضدها"، مضيفاً أن "قرار عدم عقد الصفقة، مثل قرارات الاغتيالات التي يمكن أن تقود إسرائيل إلى حرب واسعة. وقرار كهذا لا يمكن اتخاذه من قبل شخص واحد فقط. وما دام أن هذا هو الوضع القائم في الحكومة الإسرائيلية، فإن مثل هذه القرارات يتم اتخاذها من دون صلاحية، وهو ما أوضحته رسالة المستشارة القانونية إلى الحكومة حول هذا الموضوع".