Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أصدقاء الذكاء الاصطناعي سيجمعون بيننا ولكن ليس كما رغب المخترعون

قلادة ذكية واجهت سيلاً من الانتقادات تمثل الجهاز الأحدث في سلسلة منتجات تكنولوجية بدا كما لو أنها مصممة لحمل الناس على الجدال في ما بينهم

 (رويترز) جهاز "فريند"، الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، سيكون صديقاً افتراضياً عبر ارتدائه بقلادة حول العنق

ملخص

يهدف جهاز "فريند"، الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، إلى أن يكون صديقاً افتراضياً عبر ارتدائه بقلادة حول العنق، وواجه انتقادات واسعة لكونه مثالاً آخر لتكنولوجيا مبتكرة يرفضها كثيرون على رغم تزايد الجدل حولها.

بدت الدعاية الترويجية المتخمة بأجواء مسلسل الخيال العلمي "بلاك ميرور" Black Mirror (المرآة السوداء) التي تحدثت عن وصول "فريند" (الصديق) هذا الأسبوع مبرراً قائماً لانتقاد المنتج في نواح عدة. يصور الإعلان جهازاً يرتديه المستخدمون في قلادة حول العنق، فيعيرهم سمعه بصورة مستمرة ثم يبعث رسائل إليهم عبر هواتفهم [الموصولة به]، بهدف أن يصبح صديقاً حقيقياً لهم.

في نهاية الإعلان نرى إحدى المستخدمات التي تملك "فريند" تتحدث إلى شاب يبدو أنه شريكها المستقبلي، الذي بدوره يبادلها الحديث قائلاً لها إن الجهاز الذكي "يبقى برفقتك [برفقة صديقته] أينما ذهبت". وعندما تبدأ الكيمياء الغريبة بين الاثنين تتبدى بوضوح وتزداد تشويقاً، ترفع صديقة "فريند" يدها كي تلمس الجهاز الذكي، ولكن يبدو أنها فكرت في خطوتها أكثر، وقررت أن تعيش هذه اللحظة [مع شريكها] وتستمتع بها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حاول بعضهم استخدام هذه النهاية [أن الفتاة آثرت الاستمتاع مع صديقها الحقيقي وليس مع "فريند"] ذريعة ضد آفي شيفمان البالغ من العمر 21 سنة، الذي ترك الدراسة في "جامعة هارفارد" وطور "فريند"، بيد أن الشاب أشار إلى أن [نهاية الإعلان] تمثل الهدف الأساس للجهاز، ألا وهو الجمع بين الناس.

لم يعر شيفمان كل أنواع الانتقادات أي اهتمام، مثلاً أنفق من قيمة الاستثمار البالغ 2.5 مليون دولار (ما يساوي 1.9 مليون جنيه استرليني) 1.8 مليون دولار على شراء ما يسمى في مجال الإنترنت "الدومين" (نطاق) "فريند دوت كوم" Friend.com، جالباً لنفسه كماً مهولاً من السخرية. وتعرض لهجوم من منافسه، ويدعي نيك شيفتشينكو، الذي صنع جهازاً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي قابلاً للارتداء اختار له أيضاً الاسم "فريند"، وأصدر مقطع فيديو لموسيقى "الراب" يتحدث فيه عن وجهة نظره.

ولكن في غمرة كل تلك الانتقادات، يسير أحد الأمور على ما يرام [بالنسبة إلى شيفمان]. فقد حصد فيديو الإعلان حتى الآن 23 مليون مشاهدة على تغريدة شيفمان وحدها.

وأياً كان رأي العالم في "فريند"، علماً أنه سلبي في معظمه كما يظهر، يبقى الجهاز، كما يبدو، المنتج الأحدث ضمن ما ربما يكون المنتجات التكنولوجية التي تطبع العقد الحالي: الإبداع الذي يبغضه العالم.

ربما كانت هذه المنتجات موجودة دائماً، وربما تكون نظارات "غوغل" توطئة للمنتجات التكنولوجية التي تلقى سخرية واستهزاء اليوم. ولكن السنوات الأخيرة شهدت فورة من هذه التطويرات: تكنولوجيا "إن أف تي" NFTs أو "الرموز غير القابلة للاستبدال" [عبارة عن تحويل الأعمال الفنية وغيرها من مقتنيات ذات قيمة تجارية إلى أصول إلكترونية رقمية فريدة يمكن التحقق منها وتداولها عبر تقنية سلسلة الوحدات المجمعة المعروفة باسم "بلوكشين Blockchain]، والعملات الرقمية [الافتراضية] المشفرة، ونظارات واقية ذكية، ونظارات ذكية، وتطول اللائحة.

ولكن ليست هذه بالضرورة وحدها المنتجات العديمة الفائدة أو التي تستأهل كل الغضب الموجه ضدها، ولكن السمة الأبرز التي تميزها تتلخص في أن شريحة واسعة من العالم لا تستسيغها ولا ترغب في اقتنائها، بل وربما تزعم أن وجودها في حد ذاته ينطوي على شر وضرر وسوء.

ومع ذلك ما زلنا نشهد إصدارات تكنولوجية على هذه الشاكلة، قبل أن تنفجر فقاعة تكنولوجيا "إن إف بي"، كان عدد من المشاهير يروجون لها على شاشات التلفزيون، ونشأ حولها مجتمع استضاف مناسبات من الحياة الواقعية. أحياناً، بدا أن الكره تجاهها يحفزها: تعزيز الفكرة القائلة إن الناس لا يعرفون ما الذي يحتاجون إليه، وأحياناً أخرى يشير مؤيدو تلك المنتجات التكنولوجية المثيرة للجدل إلى أن السبب تحديداً يكمن في أن الناس لا يحبون الابتكارات التي من المهم دعمها.

وفي الوقت نفسه، تباطأ معدل الاختراعات التي تنطوي على فائدة فعلية. في الواقع حتى إصدار روبوت الدردشة "شات جي بي تي" ChatGPT وغيره من برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي المثيرة للاهتمام، ربما كانت وسائل التواصل الاجتماعي المنتج التكنولوجي الأخير الذي أثار إعجاب العالم، وانطلق "تيك توك"، الذي يعتبر المنصة الأصغر سناً بين شبكات التواصل الاجتماعي التقليدية، قبل سبع سنوات مضت.

لعل السبب أن الذكاء الاصطناعي كسر، بعض الشيء، ذلك الهدوء النسبي، مما دفع كثيرين، سواء أكانوا مبتكرين حقيقيين أم مخادعين انتهازيين، إلى الإقبال بكثافة على هذا المجال. لقد شهدنا أنواع المحاولات كافة لتحويل التكنولوجيا المثيرة للاهتمام إلى منتج قابل للبيع، وفي الوقت الحالي لا يبدو أن معظمها بلغ هذه المرحلة بعد.

"فريند" ليس المحاولة الأولى لدمج أدوات الذكاء الاصطناعي الموجودة في المتناول في جهاز مخصص. قبل "فريند"، صدر "رابيت آر 1" Rabbit R [جهاز بحجم كف اليد يمكنه أن يتعلم كيفية استخدام التطبيقات نيابة عنا وهو قادر على الإجابة عن الأسئلة وطلب سيارة أجرة مثلاً] و"بين هيومان" Pin (دبوس هيومان) من شركة الذكاء الاصطناعي "هيومان" [يمكن التحدث إليه وطرح الأسئلة وفي مقدوره مثلاً ترجمة اللغات وتحويل أسعار العملات]، وكلاهما روج لنفسه كنوع جديد تماماً من الأجهزة في عصر الذكاء الاصطناعي.

ليس "فريند" أيضاً الجهاز الأول الذي يواجه المتاعب، في البداية لقي "رابيت" و"هيومان" على حد سواء إشادة مصحوبة بالحماسة في شأن حقيقة أنهما ربما يرسمان شكل المستقبل حقاً، ولكن ما إن وقعت أيدي النقاد عليهما، حتى بدا جلياً أن المستقبل لم يأت بعد. بدت فكرتهما مثالية فأثارت الحماسة، ولكن حقيقتها الفعلية لم تتحقق.

ربما يؤول "فريند" إلى المصير عينه. على رغم أن شيفمان عرض رسائل صديقه (فريند) بشكل مطول على حسابه على "تويتر"، غير أنه لن يكون متاحاً للعالم حتى الربع الأول من عام 2025، ولم تشر الحملة الإعلامية الأخيرة إلى أية فترة تجريب أو دليل مفيد على أنه يعمل فعلاً أو ما إذا كان يبني حقاً علاقات صداقة بينه وبين المستخدمين.

في الواقع تحدث شيفمان أحياناً عن الجهاز كما لو أنه مشروع فني أكثر من كونه منتجاً تكنولوجياً، ربما ليس إطلاقه ضرورياً لتبيان فكرته، التي تقول إننا نشعر بالوحدة، وإن الذكاء الاصطناعي ربما يكون وسيلة مفيدة تضع حداً لهذه الوحدة، وأيضاً (ربما عن غير قصد) يكون العالم متشائماً جداً تجاه أية محاولات تسعى إلى ذلك في الواقع.

يبدو أنه نشأ مجال كامل من التكنولوجيا يتمحور في الواقع حول الدخول في نقاشات حولها بقدر ما تحاول إقناع الناس بدفع النقود فعلاً في مقابل الحصول على المنتج. كانت هذه بالتأكيد العبقرية العظيمة التي اتسمت بها "الرموز غير القابلة للاستبدال": كان من النادر أن يشتريها أي شخص، ولكنها بقيت لفترة وجيزة واسعة الانتشار، ومرد ذلك في معظمه إلى حقيقة أنها بدت، أكثر من أي شيء آخر نقطة جذب للجدل والخلاف حول الطريقة التي يسير بها العالم.

على هذا النحو، ربما يكون "فريند" أسهم فعلاً في حل معضلة الوحدة: فقد جمع معاً جزءاً كبيراً من العالم هذا الأسبوع ليضحكوا سوياً ساخرين منه.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من علوم