ملخص
المسجد الأقصى هو في صلب النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، ويطلق عليه اليهود اسم "جبل الهيكل" ويعدونه أقدس الأماكن الدينية عندهم.
قال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير المنتمي إلى اليمين المتطرف اليوم الثلاثاء إنه ينبغي السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى مما أطلق تحدياً جديداً للقواعد السارية في أحد أكثر المواقع حساسية في الشرق الأوسط.
وسارع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى نفي حدوث أي تغيير في القواعد التي تحظر على اليهود الصلاة في الموقع، الذي يحظى بقدسية لدى اليهود أيضاً، ووبخ بن غفير. وقال مكتب نتنياهو في بيان، جاء بعد يوم من إصدار رئيس الوزراء توبيخاً منفصلاً لوزير الدفاع يوآف غالانت في شأن خلافات سياسية "لا توجد سياسة خاصة لأي وزير في شأن جبل الهيكل، لا وزير الأمن الوطني ولا أي وزير آخر".
وجاءت التصريحات، أثناء زيارة للحرم القدسي لإحياء يوم الحداد اليهودي على تدمير المعابد القديمة، في وقت حساس بصورة خاصة، إذ تواجه الحرب في قطاع غزة خطر التحول إلى حرب شاملة قد تشهد دخول إيران وحلفائها الإقليميين في الصراع.
وتدير مؤسسة دينية أردنية المسجد الأقصى، وبموجب قواعد تعود إلى عقود من الزمن، يسمح لليهود بالزيارة، ولكن لا يجوز لهم الصلاة هناك.
وقال بن غفير وهو يمر بصف من الزوار اليهود الساجدين على الأرض، بينما يغني آخرون ويصفقون بأيديهم في أجواء احتفالية "سياستنا هي السماح بالصلاة".
ردود فعل غاضبة
بدوره قال وقف القدس، المؤسسة التي تدير الموقع، إن نحو 2250 يهودياً دخلوا الموقع اليوم. وندد نبيل أبو ردينة المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية بزيارة بن غفير ووصفها بأنها "استفزاز".
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن أبو ردينة قوله "نطالب الإدارة الأميركية بالتدخل بصورة فورية لإجبار حكومة الاحتلال على وقف هذه الاستفزازات في حق الأماكن الدينية المقدسة، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني في مدينة القدس، ووقف العدوان على شعبنا في قطاع غزة، والاعتداءات في الضفة الغربية إذا ما أرادت منع انفجار المنطقة بصورة لا يمكن السيطرة عليها".
من جانبها، دانت الخارجية السعودية بأشد العبارات، "الاقتحامات السافرة والمتكررة من قبل مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي وعدد من المستوطنين للمسجد الأقصى". وأكدت الوزارة في بيان لها، "أهمية احترام المقدسات الدينية، مجددة التحذير من تبعات استمرار هذه الانتهاكات للقانون الدولي والوضع التاريخي لمدينة القدس، واستفزاز ملايين المسلمين حول العالم، خصوصاً في ظل الكارثة الإنسانية التي يشهدها الشعب الفلسطيني".
وطالبت المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه وقف الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
كما دانت الخارجية الأردنية "اقتحام المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي". واعتبرت الوزارة في بيان أن مشاركة وزيرين في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء من الكنيست في دخول باحة الأقصى "خرق فاضح للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها".
بدورها، دانت الخارجية المصرية، اقتحام وزيرين إسرائيليين وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي ومئات المستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين لباحات المسجد الأقصى ورفع العلم الإسرائيلي داخله، وذلك تحت حماية من الشرطة الإسرائيلية، وتزامناً مع منع المصلين الفلسطينيين من دخول المسجد.
وشددت مصر على "أن تلك التصرفات غير المسئولة والمستفزة تمثل خرقاً للقانون الدولي والوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس، ويعكس استمرار تكرارها ووتيرتها سياسة ممنهجة يتم تنفيذها على الارض، وهو ما يستدعي العمل على وقف مظاهرها بصورة فورية، والالتزام بالحفاظ على الوضع القانوني القائم".
من جانبها، قالت الخارجية الأميركية إن واشنطن ملتزمة بشدة بالوضع الراهن للأماكن المقدسة وأي تحرك أحادي سيكون غير مقبول، مضيفة "أداء وزير الأمن القومي الإسرائيلي الصلاة في المسجد الأقصى غير مقبول".
واعتبرت الأمم المتحدة أن أداء بن غفير الصلاة في الحرم القدسي "استفزاز لا يجدي". وفي السياق نفسه، ندد الاتحاد الأوروبي بـ"استفزازات" وزير الأمن القومي الإسرائيلي. وكتب منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على منصة "إكس"، "الاتحاد الأوروبي يدين استفزازات الوزير الإسرائيلي بن غفير الذي دعا خلال زيارته للأماكن المقدسة إلى انتهاك الوضع القائم".
اشتباك بن غفير والوزراء
وتكرر اشتباك رئيس أحد الأحزاب القومية الدينية في ائتلاف نتنياهو اليميني بن غفير، مراراً مع وزراء آخرين في شأن دعواته للسماح بالصلاة في الحرم القدسي التي كانت الشرارة لصراعات متكررة مع الفلسطينيين على مر الأعوام.
وانتقد رئيس حزب يهدوت هتوراه (التوراة اليهودي المتحد)، أحد الأحزاب الدينية في الحكومة، موشيه جافني، زيارة بن غفير. وقال في بيان "الضرر الذي يلحق بالشعب اليهودي لا يحتمل، كما أنه يسبب كراهية لا داعي لها في يوم تدمير الهيكل".
انقسامات بالحكومة
كشف الخلاف بين الوزراء مرة أخرى عن الانقسامات التي كانت سمة من سمات ائتلاف نتنياهو منذ توليه السلطة في نهاية عام 2022. ووبخ نتنياهو أمس الإثنين غالانت بعدما نقلت الصحافة الإسرائيلية عن الوزير قوله إنه يرفض هدف نتنياهو المتكرر المتمثل في "النصر الكامل" في الحرب مع حركة "حماس" في قطاع غزة، التي دخلت الآن شهرها الـ11، باعتباره "هراء".
واشتبك بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهو رئيس حزب قومي ديني آخر، مراراً مع غالانت في شأن قضايا تتنوع من إدارة الحرب في القطاع إلى السياسة المتعلقة بالضفة الغربية المحتلة والتحركات الرامية إلى الحد من سلطة القضاء.
ومع ذلك، أبقت الحسابات الانتخابية الائتلاف متماسكاً حتى الآن، في حين لا يزال غالانت مصمماً على البقاء في الحكومة للعمل باعتباره ثقلاً موازناً للكتلة الدينية القومية. وكرر بن غفير اليوم دعوته إلى تحقيق النصر بصورة نهائية في غزة، قائلاً إن "هدف الحرب يجب أن يكون هزيمة ’حماس‘ وتركيعها".
والمسجد الأقصى هو في صلب النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، ويطلق عليه اليهود اسم "جبل الهيكل" ويعدونه أقدس الأماكن الدينية عندهم. وتسيطر القوات الإسرائيلية على مداخل الموقع الذي تتولى إدارته دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن.
وبموجب الوضع القائم بعد احتلال إسرائيل القدس الشرقية في 1967، يمكن لغير المسلمين زيارة المسجد الأقصى في أوقات محددة من دون الصلاة، وهي قاعدة يخرقها أكثر فأكثر اليهود المتشددون.
ويعد الفلسطينيون ووزارة الأوقاف الأردنية زيارات اليهود القوميين إلى المسجد الأقصى استفزازاً لمشاعر المسلمين.
وذكرى خراب الهيكل التي توافق التاسع من أغسطس (آب)، وفق التقويم العبري، هي يوم للصوم والحداد على تدمير هيكل سليمان أو الهيكل الأول.
قيود على الفلسطينيين
وقال مسؤول في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "2250 يهودياً متطرفاً أدوا الصلوات والرقصات الاستفزازية ورفعوا العلم الإسرائيلي خلال الاقتحامات".
وأشار إلى أن الوزير "بن غفير بصفته وزيراً للأمن القومي أشرف على عمليات التهويد وأسهم في تغيير الواقع داخل المسجد الأقصى بدلاً من الحفاظ على المعاهدات الدولية".
وبحسب المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فرضت الشرطة الإسرائيلية "قيوداً" على دخول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى، ولم تسمح إلا "لعدد قليل بالدخول".
وأظهرت مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها ما نشرته دائرة الأوقاف الإسلامية، بن غفير وهو يتجول في باحات المسجد الأقصى.
وفي مقطع فيديو مصور نشره عبر حسابه على منصة "إكس"، تعهد بن غفير بـ"النصر". وقال "يجب أن ننتصر في هذه المعركة، يجب أن ننتصر وألا نذهب إلى محادثات في الدوحة أو القاهرة"، في إشارة إلى الدعوة إلى مفاوضات تعقد في الـ15 من أغسطس. الجاري وأضاف "يجب أن نهزم حماس، يجب أن نركعهم".
وأكد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان أصدره "عدم وجود أي سياسة خاصة لأي وزير على جبل الهيكل، ولا حتى لوزير الأمن الوطني". وأضاف "ما حدث هذا الصباح على جبل الهيكل استثناء للوضع المعمول له".
واندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر شن "حماس" هجوماً غير مسبوق داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصاً، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة الصحافة الفرنسية تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 111 منهم في غزة، وتوفي 39 منهم، حسب الجيش الإسرائيلي.
وبلغت حصيلة الضحايا في القطاع منذ بدء الحرب 39897 قتيلاً، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لـ"حماس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مقتل معتقل محرر
في الأثناء، أعلن نادي الأسير الفلسطيني اليوم أن طارق زياد عبدالرحيم داوود المنتمي إلى حركة "حماس" الذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي قرب مدينة قلقيلية أمس الإثنين، كان بين المفرج عنهم خلال الهدنة في قطاع غزة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أفادت أمس بمقتل طارق داوود (18 سنة) "برصاص الاحتلال قرب بلدة عزون شرق مدينة قلقيلية" في شمال الضفة الغربية.
وأصدرت "حماس" بياناً نعت فيه طارق داوود، "قائد كتائب القسام في محافظة قلقيلية الذي ارتقى في عملية اغتيال جبانة نفذتها قوات الاحتلال الفاشي في بلدة عزون".
وأكد الجيش الإسرائيلي قتله، لأنه أطلق النار على إسرائيلي.
وقال نادي الأسير إن طارق داوود كان بين الفلسطينيين الذين أطلق سراحهم خلال الهدنة بين حركة "حماس" والجيش الإسرائيلي في نوفمبر الماضي، التي شملت إطلاق سراح عشرات الرهائن الذين كانوا محتجزين في قطاع غزة ومئات المعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيلية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن داوود "أطلق النار على مدني إسرائيلي كان موجوداً في قلقيلية".
وأصيب في المواجهة فلسطينيان آخران، ويتلقى الإسرائيلي المصاب العلاج في المستشفى.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية إنه كان في ورشة لتصليح السيارات، في حين يحظر على الإسرائيليين دخول البلدات والمدن الفلسطينية.
وقتل ما لا يقل عن 618 فلسطينياً برصاص القوات الإسرائيلية ومستوطنين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023، وفقاً لتعداد وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى أرقام فلسطينية رسمية.
وقتل ما لا يقل عن 18 إسرائيلياً، بينهم جنود، في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها، وفقاً لأرقام إسرائيلية رسمية.