Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ورقة هوليوود الرابحة في صندوق البيت الأبيض

لمراكز صنع القرار الخفية دور كبير داخل صناعة السينما الأميركية ونجومها الأعلى صوتاً في تأييد أو معارضة المرشحين الرئاسيين

يلتف أبرز نجوم هوليوود حول كامالا هاريس في مواجهتها الانتخابية مع دونالد ترمب (اندبندنت عربية)

ملخص

لعبت هوليوود أدواراً متعددة في زمن الحرب الباردة، وقدمت السوفياتي بوصفه المتوحش وغير الآدمي، ولم تقصر في إظهار جنسيات بعينها في دور الإرهابي، ويوماً تلو الآخر تتبدل أدوارها وتتغير طباعها، وقبل هذا وذاك كان لها ولنجومها الحضور الثابت في الانتخابات الأميركية ودعم هذا المرشح أو ذاك

ذات مرة من خمسينيات القرن الـ20 تحدث الزعيم الهندي جواهر لال نهرو، عن علاقة العالم بالولايات المتحدة الأميركية فقال "نحن محاصرون في منافسة بين قوتين أميركيتين، واحدة شريرة غامضة تستعمل للتطويع والإخضاع، وهي وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي"، والثانية براقة وخداعة تستعمل للغواية والإغراء وهي هوليوود عاصمة السينما، ومشكلتنا هي أنه إذا فازت وكالة الاستخبارات المركزية أصبحت حرياتنا مهددة، وإذا فازت هوليوود تصبح ثقافتنا مهددة".

فهل كان نهرو على حق؟

مؤكد ذلك كذلك، غير أنه ربما هناك ما فاته في هذا السياق، وهو أن الدور الذي تقوم به هوليوود، ليس ثقافياً بصورة مجردة، لكنه يحمل كثيراً من الرسائل البينية التي قد تخفى عن العوام، لكنها تظل ظاهرة في عيون الخبراء الذين لهم دالة على التحليل السياسي بأبعاده المختلفة والفن واحد من تلك الأبعاد.

لم يعد سراً القول إن هناك أدواراً خفية مرسومة لهوليوود، تتسق ورؤية أميركا سيدة العالم التي ينبغي لها أن تهيمن على الجميع، وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية.

لعبت هوليوود أدواراً متعددة في زمن الحرب الباردة، وقدمت السوفياتي بوصفه المتوحش وغير الآدمي، ولم تقصر في إظهار جنسيات بعينها في دور الإرهابي، ويوماً تلو الآخر تتبدل أدوارها وتتغير طباعها، وفقاً للمنظور السياسي الأميركي المراد تقديمه للعالم.

هل الأمر إذاً أنفع وأرفع لصناع الاستراتيجيات الأميركية من مجرد أفلام تعرض على الشاشات، وشباك تذاكر يحصد الملايين وربما المليارات؟

غالب الظن أن ذلك كذلك، ولعل ما ألقى الضوء على علاقة هوليوود والسياسة الأميركية عامة، والبيت الأبيض ومقام الرئاسة الأميركية بخاصة، في هذه الآونة، موقف نجوم هوليوود من الانتخابات الرئاسية القلقة والمضطربة هذه الدورة، إذ تغيرت مواقف نجوم هوليوود الذين دعموا الرئيس جو بايدن طويلاً، ومضوا في طريق كامالا هاريس، ومن غير أن يعني ذلك أنه ليس هناك من لا يدعم المرشح الجمهوري ترمب بينهم.

من أين لنا أن نبدأ هذا الحديث المطول عن هذه العلاقة المثيرة؟

علاقة رؤساء أميركا ونجوم هوليوود

قبل أن تحط الحرب العالمية الثانية أوزارها بقليل وبالتحديد في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1944، أحيا النجم الغنائي الأميركي فرانك سيناترا حفلاً غنائياً أمام حشد من 40 ألف شخص في ملعب فينواي بارك في بوسطن، ولكنهم لم يأتوا لسماعه، كما لم يأتوا لسماع فرانك سيناترا المنتج والمخرج والممثل الأميركي الشهير أورسون ويلز، الذي ألقى عقب أغنية سيناترا خطاباً حماسياً انتقد فيه المرشح الجمهوري توماس ديوي.

كان الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت، هو نجم الحفل في ذاك المساء، إذ أعقب ويلز بخطاب حملته الانتخابية الذي استغرق 45 دقيقة، والذي جعل الجمهور يقف على أقدامه، بينما سيناترا المشهور جداً في ذلك الوقت كان يتابع الحفل بإعجاب وحسد، وقد تمتم قائلاً: "يا له من رجل رائع، إنه يحشد الجماهير بكل قوة".

لا شك أن الدعم الذي قدمه سيناترا لروزفلت في مقابل المجد الذي حققه الرئيس العتيد لم يكن شذوذاً تاريخياً، ذلك أن العلاقات المتبادلة بين الرؤساء والفنانين تشكل "سراً مكشوفاً"، وهي الموضوع المثير للاهتمام الذي يتناوله كتاب "المشاهير الكبار" الذي كتبه الأميركي آلان شرودر، والذي يعد دراسة معقدة للروابط العميقة بين هوليوود والمكتب البيضاوي.

يكتب شرودر: "هذه المجتمعات التي كانت متباينة في السابق تجد نفسها مجتمعة في أخوية الشهرة، فرعين من الشجرة نفسها التي كانت متشابكة بصورة مطردة على مدى الـ100 عام الماضية".

ينسب شرودر إلى روزفلت الفضل في كونه أول من أدرك أن "المسؤولين المنتخبين في المجتمع الديمقراطي قد يكسبون كثيراً من خلال تبني خيار الشعب" على المسرح والشاشة، ومع ذلك يمكن تتبع الانجذاب المتبادل إلى ما يعود إلى ستينيات القرن الـ19، عندما فض أبراهام لنكولن اجتماعاً لمجلس الوزراء لاستقبال "توم ثومب" القزم الذي أذهل العالم.

وعلى مدى القرن التالي، أصبحت مشاهد المشاهير في البيت الأبيض أمراً شائعاً على نحو متزايد، فقد استضاف وودرو ويلسون ماري بيكفورد وتشارلي شابلن، واستقبل وارن هاردينغ ليليان غيش باحتضان هوليوودي، وزارت الممثلة الكوميدية ماري دريسلر البيت الأبيض مرات عديدة بدءاً من إدارة كليفلاند، حتى إنها ادعت أنها "تعرف جيداً أين تجد صندوق الثلج".

هل تطور مشهد العلاقات الثنائية بين البيت الأبيض وشبكة هوليوود، ليضحى علاقة ما روائية أبعد كثيراً من مجرد علاقات عامة وترويج لمرشحين؟

أبعاد ما روائية بين واشنطن وهوليوود

تبدو واشنطن في واقع الحال مصدراً ثرياً لصناعة السينما في هوليوود، فما يدور وراء الكواليس، وفي الغرف المغلقة، ناهيك بالحواضن والمجمعات الاستخباراتية، عادة ما يفوق ما يقدم على شاشات السينما الأميركية من أفلام ومسلسلات.

ولعل التساؤل المثير: إلى أي مدى تعتمد هاتان المحطتان من مراكز النفوذ الأميركي على بعضهما بعضاً؟

في تقرير لمجلة "ناشيونال أنترست" الأميركية الشهيرة، ما يميط اللثام عن الوثائق المخفية التي تكشف أبعاد هذه العلاقة، التي تقطع بأنهما يعتمدان على بعضهما بعضاً بصورة فائقة الأهمية.

التقرير المشار إليه يظهر أن العلاقة بين الأمن القومي الأميركي وهوليوود أعمق وأكثر ترابطاً مما اعترف به أي شخص على الإطلاق علناً.

بحسب إحصاءات رسمية، فقد وجد أكثر من 1100 عنوان فيلم تلقى دعماً من البنتاغون، 900 منها منذ عام 2005، من "الرحلة 93"، إلى "سائقو الشاحنات على الطرق الجليدية"، و"زوجات الجيش"، كما قامت الوكالات الفيدرالية في الولايات المتحدة برعاية آلاف المساعدات من وقت الترفيه، بما في ذلك حلقات فردية من مسلسل "24 Hours"، الذي يتناول شؤون الإرهاب التي تعترض الحياة اليومية في الداخل الأميركي.

العلاقة ليست حديثة العهد، ولم يكن منطلقها أبداً الـ11 من سبتمبر (أيلول) من عام 2001، ذلك أنه من المعروف أن البنتاغون كان لديه مكتب اتصال للترفيه منذ عام 1948، كما أنشأت وكالة الاستخبارات المركزية منصباً مشابهاً في عام 1996، وعلى رغم أنه كان معروفاً أن هذه المكاتب تطلب أحياناً تغييرات في السيناريوهات مقابل المشورة، والإذن باستخدام المواقع والمعدات مثل حاملات الطائرات، فإن كلاً منها كان يبدو أنه يلعب دوراً سلبياً وغير سياسي إلى حد كبير. تظهر الملفات التي حصلت عليها المجلة بصورة أساسية من خلال قانون حرية المعلومات الأميركي، أنه بين عامي 1911 و2017 تلقى أكثر من 800 فيلم روائي طويل دعماً من وزارة الدفاع الأميركية.

من جانبها أسهمت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في إنتاج 60 فيلماً وعرضاً تلفزيونياً منذ تأسيسها عام 1947، وعلى رغم أن هذا الرقم أقل كثيراً من الرقم الذي أسهمت به وزارة الدفاع الأميركية، فإن دورها كان مهماً على رغم ذلك.

 لقد بذلت وكالة الاستخبارات المركزية جهوداً كبيرة لثني الناس عن تصوير وجودها طوال أربعينيات وخمسينيات القرن الـ20، وهذا يعني أنها كانت غائبة تماماً عن الثقافة السينمائية والتلفزيونية حتى ظهور صورة عابرة للوحة محجوبة جزئياً في فيلم "شمالاً إلى الشمال الغربي"، للمخرج ألفريد هيتشكوك عام 1959.

وسرعان ما عانت وكالة الاستخبارات المركزية من تآكل الدعم الشعبي لها، في حين صورت هوليوود الوكالة في دور الشرير في أفلام جنونية مثل "ثلاثة أيام من الكوندور" و"منظر بار الاكس"، في السبعينيات وحتى الثمانينيات.

غير أنه من الواضح جداً أن القابضين على جمر الرئاسة الأميركية ومجمع الاستخبارات الأميركية قد أدركوا تماماً أهمية شاشات هوليوود في تخليق رأي عام عالمي وليس محلياً فحسب، ومن هنا كان التعاون الكبير في توجيه المشاهدين حول الكرة الأرضية ليدركوا بشاعة السوفيات، في زمن الحرب الباردة، ولاحقاً تم توجيه الاتهامات للعالم الإسلامي منذ عام 1991 وبلغت الذروة بعد 2001، وفيما بينهما ظلت الاتصالات مفتوحة وأبواب البيت الأبيض مشرعة لنجوم هوليوود، أولئك الذين تعالت أصواتهم أخيراً، وتغيرت مواقفهم لا سيما من المرشح الديمقراطي السابق، الرئيس الحالي جو بايدن... ما الذي جرى؟

هوليوود تنقلب على بايدن الديمقراطي

ليس سراً القول إن هوليوود تميل عادة إلى الحزب الديمقراطي، لا سيما أن هناك روابط متعددة بين توجهات الديمقراطيين الأيديولوجية، وميول كثر داخل هوليوود من عمال ويسار وطبقات شعبية.

في انتخابات 2020 دعم غالبية نجوم هوليوود المرشح الديمقراطي جو بايدن، وفضلوه على نظيره الجمهوري دونالد ترمب، غير أن المشهد تغير أخيراً، والمزاج في هوليوود تحول تماماً، فقد وجد غالبية نجوم هوليوود أنفسهم مترددين في دعم الرئيس علناً، ومدركين أن أياً من المرشحين، بايدن وترمب، لا يتمتع بشعبية خاصة.

والثابت أنه حتى قبل أن يقع بايدن في فخ المناظرة الأخيرة، بدأت نجوم هوليوود تفر من دائرة تأييد بايدن.

كيف انقلبت عاصمة السينما الأميركية والعالمية على الولاء لبايدن الديمقراطي؟

تكتب لارا كورتي، من مجلة "بولتيكو" الأميركية ذائعة الصيت تقول: "بعد شهر من تنظيم حملة تبرعات ضخمة في لوس أنجليس لمصلحة الرئيس الأميركي، دعا نجوم مثل جورج كلوني الرئيس الأميركي للتنحي عن منصبه".

كان مقال كلوني في صحيفة "نيويورك تايمز" هو المثل الأكثر وضوحاً حتى الآن على التحول السريع في صناعة الأفلام مع انضمام أسماء جريئة إلى جوقة الدعوات لبايدن بالتنحي بعد المناظرة الرئاسية الأولى، بما في ذلك المخرج السينمائي روب راينر، ووريثة مبتكر الرسوم المتحركة أبيغيل ديزني، ورئيس "نتفليكس" ريد هاستينجز.

كتب كلوني عبر صفحات الصحيفة الأكثر شهرة يقول: "جو بايدن الذي كنت معه قبل ثلاثة أسابيع في حفل جمع التبرعات لم يكن جو بايدن صاحب الصفقة الكبرى لعام 2010، ولم يكن حتى جو بايدن لعام 2020. لقد كان الرجل نفسه الذي شهدناه جميعاً في المناظرة".

كانت تصريحات جورج كلوني، ضربة قاصمة لبايدن في وسط هوليوود، وأكثر صراحة من أي من التصريحات الحذرة الصادرة عن الديمقراطيين في واشنطن، الذين كانوا وقتها حذرين من إبداء رأي قاطع في ترشح بايدن مرة ثانية.

ولعله من المعروف أن وقود الحملات الانتخابية الرئاسية هو أموال المتبرعين، وفي ظل أحوال بايدن المتردية ذهنياً وجسمانياً، وقبل أن يتنحى، أوقف كثر من نجوم هوليوود وكبار المانحين تبرعاتهم، خوفاً من أن تذهب هدراً في معركة خاسرة، فحتى قبل أن يكتب جورج كلوني مقاله الذي اعتبر مدمراً لبايدن، توقفت الروائية وكاتبة السيناريو إيليت واندمان عن التبرع للمرشحين الليبراليين في جميع صناديق الاقتراع احتجاجاً على بايدن، وقالت لهيئة الإذاعة البريطانية: "لقد تبرعت دائماً، لقد تبرعت بأكثر مما أستطيع تحمله، لكن هذه المرة الأولى التي قررت فيها التوقف عن التبرع، إنني أشعر بالذعر الشديد من خسارة بايدن".

لم يكن موقف كثير من نجوم هوليوود سببه البخل أو التقصير في دعم المرشح الديمقراطي، وإنما "الخوف من أن هزيمة بايدن تعني انتصار ترمب، وهو ما يمثل كابوساً شديد الخطورة".

لقد كان إبقاء دونالد ترمب خارج منصبه لفترة طويلة هو الأولوية القصوى لمعظم عالم الترفيه المنخرط سياسياً في لوس أنجليس، لكنهم وقبل أن ينسحب بايدن رأوا أن ترمب قد يكون له مستقبل قريب، مما يعني وضع الجمهوريين في مقعد السلطة بقيادة ترمب في البيت الأبيض، ومع احتمالات واردة بسيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس، النواب والشيوخ، دفعة واحدة.

هل اختلف المشهد حين تراجع بايدن وانسحب؟

هوليوود ودعم هائل لكامالا هاريس

تبقى هوليوود بمثابة ماكينة صرف للسياسيين الديمقراطيين الذين يأتون إليها من الخارج للتحدث إلى المشاهير في حفلات جمع التبرعات والتقرب من أباطرة الترفيه الأثرياء.

هل كامالا هاريس بعيدة من هذا المجتمع الهوليوودي الوافر الثراء؟

الثابت أنها ستكون أول مرشحة ديمقراطية للرئاسة من ولاية كاليفورنيا، وبينما تصعد إلى قمة بطاقة الحزب الديمقراطي لعام 2024، نكتشف أن علاقاتها بنجوم هوليوود قديمة، ولهذا حدد مجتمع الترفيه موهبتها السياسية في وقت مبكر وطور علاقة ملتهبة معها يمكن أن تكون ذات قيمة في السباق المقبل وما بعده.

لماذا هذا مهم؟ لأنه إذا تم انتخاب هاريس، فستكون الرئيسة الأكثر ارتباطاً بهوليوود منذ رونالد ريغان.

ما يعنيه هذا لصناعة الترفيه نفسها وأولوياتها السياسية غير واضح، ولكن عندما يتعلق الأمر بالحملات الانتخابية والتبرعات، سيكتشف الجميع أن هوليوود هي مغارة علي بابا بالنسبة إلى الديمقراطيين على مر السنين.

لن تكون هذه أول مرة يساعد فيها نجوم هوليوود كامالا هاريس، فخلال حملتها الأولى لمنصب منتخب عام 2003، ترشحت هاريس لمنصب المدعي العام لمنطقة سان فرانسيسكو. وفي سباق متقارب، نجحت في تحقيق الفوز، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعم كريس روك ودانا والدن، الرئيس المشارك لشركة "ديزني إنترتينمنت" الآن. وبعد سنوات عندما ترشحت لمنصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا، أبهرت حشود هوليوود، الذين وقعوا في قبضة شخصية سياسية شابة وديناميكية في أعقاب باراك أوباما.

استمر ارتباط هاريس بهوليوود في النمو، مع تقدم حياتها المهنية، واستقرت في لوس أنجليس مع زوجها، وعندما ترشحت للرئاسة للمرة الأولى في 2019، من بين المرشحين الديمقراطيين الكبار، كان لدى هاريس أكبر عدد من المتبرعين من هوليوود.

والثابت أنه بمجرد أن أعلن بايدن انسحابه من السباق الانتخابي، وتأييده هاريس للترشح، أعرب عدد كبير من نجوم هوليوود من الممثلين بينهم روبرت دي نيرو وجيمي لي كورتيس عن دعمهم الفوري لهذا التحول.

كتب كورتيس في منشور حاز ما يقارب 250 ألف إعجاب: "إنها مدافعة شرسة عن حقوق المرأة والأشخاص الملونين ورسالتها هي رسالة الأمل والوحدة لأميركا في وقت الانقسام الوطني".

بعد يوم واحد من تأييد بايدن لهاريس، رحب بها موظفو حملة بايدن الانتخابية للمرة الأولى في ديلاوير، مقر الرئيس بايدن، بأغنية المغنية الشهيرة بيونسيه الناجحة Freedom التي شارك فيها مغني الراب كندريك لامار.

كما نقلت شبكة "سي أن أن" نبأ مسارعة أيقونة البوب إلى منح فريق هاريس الإذن باستخدام الأغنية طوال الحملة الرئاسية.

واليوم وقبل أيام معدودات من المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، تستحوذ كامالا هاريس على الأضواء بدعم هائل من أكبر الأسماء في هوليوود منذ رئاسة باراك أوباما، إذ يبدي عديد من المشاهير من الدرجة الأولى، الذين كانوا في السابق محبطين من ترمب وبايدن، حماساً كبيراً لظهور هاريس كمرشحة رئاسية، ولهذا حشدت مجموعة مرصعة بالنجوم، بما في ذلك جورج كلوني وكاردي بي وبيونسيه، دعماً لحملتها.

يعلق مصدر مقرب من حملة هاريس لشبكة "سي أن أن" عن الارتفاع المفاجئ في اهتمام هوليوود بالقول: "إن هاتفي ينفجر وليس لدي حتى الوقت للرد على هاتفي".

يعني هذا الدعم أول الأمر تدفقات مالية هائلة وبأريحية كبيرة غير مسبوقة على حملة هاريس وهذا ما بدا واضحاً أخيراً بالفعل، وتالياً الدعم الأدبي في مواجهة ترمب، الذي لا تظهر كثير من الوقائع أنه يتمتع بدعم هوليوودي مماثل.

من يدعم ترمب من مشاهير هوليوود؟

على رغم قضاء دونالد ترمب قدراً كبيراً من الوقت في هوليوود، فإنه لم يحظ قط بدعم كبير من النجوم... هل كانت مشاجراته معهم سابقاً هي السبب الرئيس في ذلك؟

غالب الظن أن طريقة تعامله مع ضيوف برامجه في ما عرف باسم "تلفزيون الواقع"، هي التي تسببت في جنوح كثير من نجوم هوليوود عن مساره.

على سبيل المثال، أثناء قبولها جائزة "سيسيل دي ميل" في حفل توزيع جوائز غولدن غلوب عام 2017 انتقدت النجمة الأميركية الكبيرة ميريل ستريب، ترمب الذي كان رئيساً في ذلك الوقت بسبب سخريته من مراسل معاق.

يومها علقت النجمة الحاصلة على جائزة أوسكار بالقول: "غريزة الإذلال هذه، عندما يجسدها شخص ما على منصة عامة أو شخص قوي، فإنها تتسرب إلى حياة كل شخص لأنها تعطي الإذن لأشخاص آخرين للقيام بالشيء نفسه"، وأضافت "عدم الاحترام يدعو إلى عدم احترام مقابل، ومزيد من العنف يحرض على كثير منه".

لم يعتد ترمب أن تتم مهاجمته ويلزم الصمت، ولهذا بادر بالرد عليها بقوله: "ستريب حبيبة هيلاري"، في إشارة إلى منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وانتقد ستريب واصفاً إياها بأنها "واحدة من أكثر الممثلات المبالغ في تقديرهن في هوليوود".

مثال آخر على وضع ترمب وسط الصحافة الهوليوودية، فعلى رغم ظهوره هو وميلانيا زوجته على غلاف مجلة "فوغ" في عام 2005، للاحتفال بزواجهما، فإن الزوجين كانا على خلاف منقطع مع رئيسة التحرير آنا وينتور لسنوات، المشهورة بصداقاتها وتأثيرها البالغ في نجوم هوليوود.

لكن وعلى رغم هذه الخلافات مع طغمة واسعة من نجوم هوليوود، فلا يزال ترمب لديه مجموعة متنوعة من الأصدقاء هناك، من نجوم الدرجتين الثالثة والرابعة.

من بين هؤلاء أمبر روز، مغنية الراب وعارضة الأزياء ونجمة تلفزيون الواقع، وقد أثارت إعجاب النقاد وأشاد بها البعض باعتبارها أفضل من ألقى خطاباً في الليلة الأولى من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري. عطفاً على دانا وايت وسافانا كريسلي ووالدا ساندرز وكريس جانسون، إضافة إلى روزان بار.

ولعله من الواضح جداً أنهم لا يقارنون بالفنانين المشاهير الكبار الذين يدعمون هاريس، ولهذا قد تكون هوليوود، أحد كعوب أخيل في حملة ترمب الرئاسية، مما يدركه جيداً القائمون على حملته، ويحاولون تعويضه بالعزف على أوتار أخرى، في مقدمها التيار اليميني الديني المسيحي في ولاية كاليفورنيا.

يعزف فريق ترمب على الأمور العقدية، والترويج لما يجري في هوليوود على أنه نوع من الانحلال والتفلت الأخلاقي، الذي يقوده تيار اليسار الديمقراطي، ذاك الذي انحرف وانجرف بالولايات المتحدة.

وعلى رغم أن تأييد المشاهير قد لا يؤثر في ملايين الناخبين الأميركيين أصحاب التوجهات المختلفة، فإن هذا النوع من التأييد يضيف أحياناً بعض القيمة الترفيهية إلى السيرك السياسي، ذاك الذي ينعقد مرة كل أربعة أعوام، وفي هذا المجال حكماً ستكون كامالا هاريس هي صاحبة اليد العليا والتأثير الأكثر فيما وراء شاشات هوليوود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نجوم هوليوود والوصول إلى الرئاسة

فكرة وصول نجوم هوليوود إلى مقعد المكتب البيضاوي، هي حلم داعب كثيراً من الفنانين، وقد نجح أحدهم، على رغم أنه كان من فناني الترسو أو الدرجة الثالثة.

وقدر لرونالد ريغان أن يمضي عبر مسيرته الفنية من مذيع مغمور، إلى وجه سينمائي يلعب أدواراً مساعدة، إلى سياسي جمهوري لامع، ومن ثم حاكماً لولاية كاليفورنيا، أن يصل إلى البيت الأبيض، ليس هذا فحسب، بل إنه يعد صاحب الدور الأكبر والأهم في تفكيك الاتحاد السوفياتي، وقد ظل لثماني سنوات وعبر ولايتين رمزاً جمهورياً ناجحاً.

من بعده جرب آخرون حظوظهم ولو من بعيد، مثل أرنولد شوارزينيغر، لكن الحظ لم يوف لأي منهم.

وتكشف استطلاعات الرأي الأخيرة عن أن الناخبين الأميركيين ما زالوا منقسمين في شأن ما إذا كان ينبغي لمشاهير هوليوود أن يتجاوزوا العتبة السياسية للبيت الأبيض، ففي استطلاع أخير في فبراير (شباط) الماضي، أجرته شبكة "سي بي أس" وجد أن 47 في المئة من المشاركين يعتقدون أن شخصيات هوليوود قادرة على تقديم وجهات نظر جديدة مفيدة في شأن القضايا السياسية، في حين قال 48 في المئة منهم إنهم ينبغي أن يبقوا بعيداً من السياسة.

ومع ذلك، فإنه ما دام لدى المرشحين حاجة ملحة إلى تحريك شجرة أموال الحملات الانتخابية، فإن أهل هوليوود المتحمسين سيلبون رغبتهم على الجانبين.

المزيد من تقارير