Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرارات بوتين القادمة ستكشف مدى الأزمة التي خلفها التوغل الأوكراني

كييف تريد إرغام موسكو على الدخول في مفاوضات سلام

"لطالما كان هناك تنافس بين الأجهزة الأمنية والجيش في روسيا" (رويترز)

ملخص

التوغل الأوكراني كشف عن إخفاقات الجيش الروسي وأوقع بوتين في أزمات متصاعدة قد تهز أركان حكمه جيشه ويشكل تحدياً لسيطرته على الكرملين

بحلول اليوم يكون الهجوم الأوكراني المباغت على الأراضي الروسية مستمراً لأكثر من أسبوع. وكلما طال أمد تقدم قوات كييف، تفاقم القلق السياسي – وكذلك العسكري – لفلاديمير بوتين. لأن عدم قدرة الجيش الروسي على إعادة السيطرة على الأراضي الروسية ومنع تدفق اللاجئين من المنطقة يتحول من كونه إحراجاً ليصبح أزمة.

وصرح مستشار بارز للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ميخايلو بودولياك، للـ"اندبندنت" بأن الشركاء الغربيين كانوا على علم بتوغلهم في منطقة كورسك الروسية - ويعتقد أنه يجب إرغام موسكو على الدخول في مفاوضات سلام.

وقال "عندما تتقدم الحرب إلى أراضي روسيا، فإنهم بالتأكيد خائفون. إنهم مصدومون. وهذا له تأثير كبير في الحالة النفسية لروسيا. كما أنه أداة للتأثير".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كيفية تعامل الرئيس بوتين مع التطورات خلال الأيام القادمة سيحدد ما إذا كان الوضع العسكري وكذلك السياسة في الكرملين سيخرجان عن سيطرته أم لا.

من المدهش أن روسيا وعلى رغم قوتها العسكرية الكبيرة لا تمتلك قوات مدربة تكون على أهبة الاستعداد لسد الثغرات في الجبهات. غير أن مشكلتها الحقيقية هي في المستويات القيادية العليا. إن الجنرالات وضباط الأركان المتمرسين ضروريون لاتخاذ قرارات سريعة وارتجالية في ميدان المعركة.

غالباً ما تلكأَ بوتين في إجراء تغييرات في الموظفين، إذ أبقى الأكثر ولاءً له في مناصبهم حتى عندما فشلوا في الوفاء بمسؤولياتهم. الولاء يتفوق على الكفاءة.

في الأسابيع الأخيرة، أُقيل بعض المسؤولين من مناصبهم وعُينوا في مناصب أخرى - في أوساط أصحاب المناصب المخضرمين في وزارة الدفاع، ليس أقلهم الوزير السابق، سيرغي شويغو. لكن رئيس هيئة الأركان العامة، غينادي غيراسيموف، لا يزال في منصبه بعد عامين ونصف العام من تعثُر خطته لغزو أوكرانيا. وتُظهر الثغرة الحدودية التي استغلها الأوكرانيون أن غيراسيموف لم يخطط لمثل هذا الاحتمال.

ويدل لجوء بوتين إلى الأجهزة الأمنية لتولي مسؤولية منطقة الأزمة على عدم ثقته في جنرالاته. فالمدير الجديد المكلف بالتعامل مع الأزمات، أليكسي ديومين، هو من المخضرمين في عالم الأمن والاستخبارات، وعمل ذات مرة حارساً شخصياً لبوتين.

يبدو أنه شخص يتمتع بثقة الـ"فوجد" – أو الزعيم بالروسية – لدرجة سريانِ إشاعات مفادها أنه قد يكون خليفة محتملاً لبوتين. يتقدم بوتين في السن وقد يرغب في تجنب مصير الحكام المستبدين المخادعين من خلال تعيين خليفة موثوق به لتأمين تقاعده عندما يحين الوقت. إذا تمكن ديومين من السيطرة على الوضع في منطقة كورسك، فقد يلمع نجمه سياسياً.

لكن ذلك سيثير استياء الجنرالات.

لطالما كان هناك تنافس بين الأجهزة الأمنية والجيش في روسيا. لكن الطريقة التي اتبعها مارشالات الجيش الأحمر لتهميش قائد الشرطة السرية الخاصة بستالين، [لافرينتي] بيريا – وأقرب مساعديه – عام 1953 يجب أن تذكرنا بأنه حتى عندما يكون لدى رجال الشرطة السرية سلطة غير محدودة على الأفراد، فإنهم لا يملكون القوة الكافية لمواجهة الدبابات.

يبدو أن الخيارات العسكرية العملية لبوتين هي نشر قوة هائلة، لكن تجميعها يستغرق بعض الوقت. في الوقت الحالي، كانت القوات الجوية الروسية هي الطرف الرئيس المعني بالتصدي للقوات المعادية.

وقد شنت بالفعل غارات جوية كثيفة، لكن الجنود الأوكرانيين المحنكين طوروا مهارات تساعدهم على النجاة والتعامل مع تلك الغارات. إنهم يتكبدون الخسائر بالطبع، ولكن من دون إرسال الجيش الروسي الدبابات والمشاة، لا يمكن للكرملين إعادة تأكيد سيطرته على المنطقة.

حتى الآن، أجلت السلطات الملحية حوالى 180 ألف شخص في منطقة كورسك. ومع تضخم هذا العدد، سيواجه الكرملين مشكلة إيوائهم وإطعامهم، ووضع الأطفال في مدارس موقتة مع بدء العام الدراسي في غضون أسبوعين، وما إلى ذلك.

يسود اعتقاد شائع بأنه طالما أن النخب الرئيسة في موسكو نفسها لا تتخذ موقفاً معارضاً، فإن بوتين لا يواجه أي تهديد لسلطته. ولكن كما أظهر تمرد يفغيني بريغوجين الصيف الماضي، وغياب المقاومة الشعبية للغزو الأوكراني، يمكن اجتياز الطريق إلى موسكو بسرعة كبيرة من دون مقاومة.

لا يمكن لموالي بوتين الصامتين استبعاد ثورة الفلاحين. بمجرد أن يفقد الرئيس القدرة على ضمان الأمن، يمكن أن تنتشر المعارضة الريفية أو معارضة الأطراف– مما يسبب مزيداً من الصداع للسلطات الأمنية التي تعاني أصلاً الإنهاك بفعل الهجوم الأوكراني.

إن الانتكاسة العسكرية والمشكلات الداخلية الناتجة منها تجعل الأمور محرجة لخيارات بوتين الدبلوماسية.

كانت روسيا وأوكرانيا تتحدثان بهدوء عبر وكلاء مثل الصين حول وقف محتمل لإطلاق النار. يريد قادة البلدين أن يُنظر إليهما من قبل شعبيهما على أنهما يتفاوضان من موقع القوة. فقد تحسن موقف الرئيس زيلينسكي بصورة كبيرة، في حين ضعف موقف بوتين.

وأعلن الكرملين رسمياً الآن فشل محادثات السلام التي لم تعترف روسيا أبداً بحصولها. لكن التقارير عن فشلها قد لا تخلو من المبالغة.

وأظهرت صفقة تبادل الجواسيس الأخيرة أن أميركا وحلفاءها، مثل ألمانيا، لا يزال لديهم خطوط تواصل غير رسمية مع موسكو تعود إلى زمن الحرب الباردة.

ومع وصول الشرق الأوسط إلى أزمة من شأنها أن تلقي ظلالها حتى على حرب أوكرانيا، فإن دور بوتين باعتباره وسيطاً محتملاً بين حليفه – إيران وشريك قديم، بنيامين نتنياهو، يمكن أن يمنحه بطاقات للعب في واشنطن بينما يحاول البيت الأبيض تهدئة الوضع هناك.

لكن بوتين لم يعد سيد رقعة الشطرنج الدولية. وكلما توجب عليه تكثيف الحرب الدفاعية مع أوكرانيا، أصبح موقفه أضعف داخلياً وخارجياً. هذا يجعله شريكاً أقل قيمة، لأنه قد لا يكون قادراً على الوفاء بأي اتفاق. إذا أردت شن حربك الخاصة فعليك تكريس كل وقتك لها.

© The Independent

المزيد من آراء